الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

38/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصول العمليّة / الأصول العملية/ الاستصحاب

 

الدليل الثالث الذي استدل به على حجية الاستصحاب: الإجماع.

نُقل عن العلامة(قدّس سرّه) في كتابه(مبادئ الأصول) دعوى أنّ الاستصحاب حجّة (لإجماع الفقهاء على أنه متى حصل حكم، ثمّ وقع شك في أنه طرأ ما يزيله أم لا، وجب الحكم على ما كان أولاً). ثمّ قال: (ولولا القول بالاستصحاب لكان ترجيحاً لأحد طرفي الممكن من غير مرجح).[1]

لا يبُعد أن يكون مقصوده بإجماع الفقهاء في عبارته هو أنّ الفقهاء في المسائل الفرعية الشرعية يثبتون الحكم استناداً إلى الاستصحاب، يعني يستندون إلى الاستصحاب لإثبات الحكم الشرعي، فهو وجد الفقهاء يستندون إلى الاستصحاب، فيستكشف من هذا أنهم يرون حجّية الاستصحاب، وإلاّ بعيد أن يكون المقصود هو الإجماع القولي، هذا مستبعد، يعني أنه يصرّح بأنّ الإجماع حجّة عندما يتعرّض لمسألة الاستصحاب أنه يرى حجيته، الفقيه الآخر أيضاً يصرّح بكونه حجّة ....وهكذا، هذا مستبعد جداً؛ لأنّه ليس هناك تعرّض للاستصحاب بهذا الشكل بحيث نستفيد إجماع الفقهاء على القول بحجية الاستصحاب. مضافاً إلى أنه يبدو أنّ المسألة خلافية، يعني ليس أمراً متفقاً عليه، هناك من القدماء من يخالف في حجية الاستصحاب. المحكي عن السيد المرتضى(قدّس سرّه) والمعروف عنه أنه لا يرى حجية الاستصحاب، الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) أيضاً نُسب إليه القول بعدم حجية الاستصحاب، الكثير ذهبوا إلى عدم حجية الاستصحاب. يُضاف إلى هذا كلّه أنه ليس واضحاً أنّ المقصود بالاستصحاب في كلمات هؤلاء ما هو المقصود به، لو فرضنا أننا عثرنا على جملة من الفقهاء يصرّحون بحجية الاستصحاب، ليس أنهم يستندون إليه في مقام العمل، وإنّما يصرّحون بأنّ الاستصحاب حجّة، ليس واضحاً جداً ما هو المقصود بهذا الاستصحاب في كلمات القدماء، الاستصحاب كما ذكروا يُطلق على عدّة معاني، منها: استصحاب حال العقل، والمراد به قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ومنها: أنّ عدم الدليل دليل العدم أيضاً يُسمى بالاستصحاب، وهي قاعدة اجتهادية لا علاقة لها بالاستصحاب الذي نبحث عنه، وإنّما هي قاعدة اجتهادية قد تفيد الوثوق بالعدم. وهناك استصحاب آخر وهو الذي يُطلق عليه استصحاب إطلاق النص الذي يرجع إلى قاعدة المقتضي والمانع، بمعنى التعويل على المقتضي عندما يكون هناك اقتضاء وعدم الاعتناء باحتمال المانع، هذا أيضاً يُطلق عليه استصحاب. ومنها: الاستصحاب الذي نتحدث عنه والذي يُسمّى باستصحاب الحال في كلماتهم، أو استصحاب حال الشارع وأمثال هذه العبارات. الذي أريد أن أقوله هو: ليس واضحاً في كلمات من صرّح بحجية الاستصحاب من القدماء أنّ مقصودهم بالاستصحاب هو الاستصحاب بالمعنى الذي نتكلم عنه، لعله يقصد استصحاب حال العقل، أو استصحاب إطلاق النص، أو أنّ عدم الدليل دليل العدم، أو قاعدة المقتضي والمانع، فلا يمكن أن نفهم من ذلك الإجماع على حجية الاستصحاب بالمعنى الذي نتكلم عنه والذي تنطبق عليه التعاريف السابقة للاستصحاب.

مضافاً إلى ذلك: على تقدير وجود الإجماع، احتمال المدركية في هذا الإجماع وارد، أن يستندون في هذا الإجماع إلى الأخبار، أو إلى بناء العقلاء، فيكون إجماعاً مدركياً ولا اعتبار بالإجماع المدركي. وإلاّ من المستبعد أن يكون الإجماع المُدّعى في كلام العلاّمة(قدّس سرّه) أو كلام غيره هو الإجماع القولي، والظاهر أنّ المقصود به هو الاستناد إلى الاستصحاب في المسائل الشرعية، أي إجماع الفقهاء على أنّه إذا كان حكم وشُك في ما يزيله يحكمون ببقائه، الظاهر أنه يريد بذلك الاستناد إلى الاستصحاب في المسائل الشرعية، فهو إجماع عملي وليس قولي، هذا ممكن أن يكون المقصود به ذلك. لكن الكلام يبقى في أنّ هذا لا يخرج عن كونه عملاً، والعمل مجمل من حيث الوجه الذي يقع عليه كما هو الحال في كل عملٍ، ما نجده هو أنّ الفقهاء في المسائل الشرعية يحكمون ببقاء الحالة السابقة، لكن ما هو الوجه في حكمهم بالحالة السابقة ؟ هل يستندون في ذلك إلى الاستصحاب بالمعنى الذي نتكلّم عنه ؟ أي مرجعية الحالة السابقة ؟ أو يستندون إلى قاعدة المقتضي والمانع ؟ يوجد احتمال أنهم يستندون إلى هذه القاعدة، فيقول أنّ هذا حكم ثبت بإطلاق دليل، احتمال ما يزيله لا يُعتنى به، فيوجد يقين في المقتضي وشك في المانع، فيبنون على بقاء الحكم استناداً إلى قاعدة المقتضي والمانع، وليس إلى الاستصحاب بحيث أنه مجرّد حكم ببقاء ما كان ولا يُعلم وجه هذا الحكم، هل مستنده الاستصحاب حتى يكون إجماعاً عملياً على حجية الاستصحاب، أو مستنده شيء آخر كقاعدة المقتضي والمانع ؟ واحتمال أن يكون مستند بعضهم على الأقل هو قاعدة المقتضي والمانع ليس بعيداً؛ بل يظهر من بعض المحققين أنّ الشيء الثابت في المقام هو قاعدة المقتضي والمانع لا الاستصحاب بالمعنى المتنازع فيه فعلاً، فيبقى هذا مجملاً من هذه الناحية؛ ولذا لا يمكن الاعتماد عليه لإثبات حجية الاستصحاب إذا سلّمنا أنّ الفقهاء يعتمدون على الاستصحاب في المسائل الشرعية حتى يكون إجماعاً عملياً.

إلى هنا يتم الكلام عن ثلاثة من الأدلة التي استدل بها على حجية الاستصحاب، وهي الغلبة والظن، وبناء العقلاء، والإجماع، وتبيّن أنّ الاستدلال ببناء العقلاء لا بأس به في الجملة.

الدليل الرابع: الأخبار، وهي العمدة، وهي عدّة صحاح لزرارة وأخبار أخرى أيضاً:

الرواية الأولى: صحيحة زرارة الأولى، الشيخ صاحب الوسائل(قدّس سرّه) يروي الرواية عن التهذيب، يقول: محمد بن الحسن، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، قال: (قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء ؟ ــــــــ هنا يوجد خلاف في أنّ السؤال عن شبهة موضوعية، أو عن شبهة مفهومية ؟ هو شاك في تحقق الخفقة والخفقتين، يعلم بأنّ الخفقة والخفقتين توجب نقض الوضوء، لكن يشك في تحققها بذلك، فيه كلام يأتي التعرّض إليه ـــــــ قال: يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن، فإن نامت العين والأذن والقلب وجب الوضوء، قلت: وإن حُرك إلى جنبه شيء ولم يعلم به ؟ قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجيء من ذلك أمر بيّن، وإلا فأنه على يقين من وضوئه، ولا تنقض اليقين أبداً بالشك، وإنما تنقضه بيقينٍ آخر).[2] الفقرة الأخيرة هي فقرة الاستدلال على حجية الاستصحاب في الرواية. هذه الرواية فيها كلام طويل، فيها كلام في السند وفيها كلام في الدلالة:

أمّا في السند، فالرواية كما قالوا صحيحة بلا إشكال، ويُعبّر عنها بصحيحة زرارة، لكن ظاهر الوسائل عندما ينقل الرواية عن التهذيب كأنّ الشيخ في التهذيب ينقلها عن كتاب الحسين بن سعيد كما هي عادته إذا بدأ السند بالشخص فأنه ينقل الرواية من كتاب الشخص الذي يبدأ السند به، والرواية بحسب الوسائل يقول: محمد بن الحسن، بإسناده عن الحسين بن سعيد. العادة في هكذا عبارة أنّ الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) في هذه الرواية عندما ذكرها في التهذيب بدأ السند بالحسين بن سعيد، وحيث أنّ طريق الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) إلى الحسين بن سعيد صحيح بلا إشكال، والحسين بن سعيد صحيح، وحمّاد، عن حريز، عن زرارة، فتكون الرواية صحيحة ومعتبرة بلا إشكال.

لكن يظهر من التهذيب شيء آخر، في التهذيب لا يبدأ السند بالحسين بن سعيد، وإنما يقول: (وبهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة).[3] هذا السند المقصود به السند الذي ذكره قبل ذلك في الرواية السابقة، وإذا رجعنا إلى الحديث رقم 10 الذي هو قبل هذا الحديث، يقول: (وبهذا السند، عن الحسين بن سعيد). إذن: يوجد سند قبله، وإذا رجعنا إلى الحديث رقم 9 أيضاً يقول: (وبهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد)، لكن عندما نصل إلى الحديث رقم 8 يقول: ( ما أخبرني به الشيخ "أيّده الله" عن احمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن احمد بن محمد بن عيسى، وعن الحسين بن الحسن بن أبان، جميعاً عن الحسين بن سعيد.....الى آخر السند المذكور في تلك الرواية). فعندما يقول في الحديث التاسع عن الحسين بن سعيد، معناه نفس السند السابق المذكور في الرواية رقم 8 الذي ينتهي إلى الحسين بن سعيد، ما بعد الحسين بن سعيد يختلف الحديث الثامن عن الحديث التاسع، في الحديث الثامن: الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكناني. وفي الحديث التاسع: الحسين بن سعيد، عن ابن ابي عمير، عن ابن أبي أذينة، عن ابن بكير. وفي حديثنا: الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة. ما قبل الحسين بن سعيد هو هذا السند المذكور في الحديث الثامن الذي هو: الشيخ المفيد، عن احمد بن محمد بن الحسن، عن ابيه، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن احمد بن محمد بن عيسى، وعن الحسين بن الحسن بن أبان، جميعاً، عن الحسين بن سعيد. وبهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة. المقصود به هذا السند، ومن هنا لابدّ من ملاحظة هذا السند حتى نجد أنّ صحيحة زرارة الأولى، هل هي صحيحة سنداً، أو لا ؟ لا أن نلاحظ طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد، ومن هنا على بعض المباني قد يُتأمّل في صحة الرواية؛ لأنّ المذكور في هذا السند: (الشيخ المفيد)، لا إشكال فيه. (احمد بن محمد بن الحسن)، المقصود به هو احمد بن محمد، بن الحسن بن الوليد، (عن أبيه)، المقصود به هو محمد بن الحسن بن الوليد. واحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، واحمد بن محمد بن يحيى العطّار هذان شخصان لم يوثّقا في الكتب الرجالية، لم يُنص على وثاقتهما، لكنهما من شيوخ الإجازة؛ ولأنّهما لم يُنص على وثاقتهما ذهب جماعة إلى عدم ثبوت وثاقتهما بدليل ك السيد الخوئي(قدّس سرّه) حيث قال في احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد: بالرغم من الوجوه التي ذُكرت لإثبات وثاقته، لكنه لم تثبت وثاقته، وكان ينبغي على السيد الخوئي(قدّس سرّه) أن لا يصف الرواية بالصحة بناءً على هذا؛ لأنّ احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عنده لم تثبت وثاقته. وباقي السند ليس فيه مشكلة: (الشيخ المفيد) ،(احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد) هو محل الكلام. (عن ابيه محمد بن الحسن بن الوليد) من أجلاّء الأصحاب. (محمد بن الحسن الصفّار) لا إشكال في وثاقته. (احمد بن محمد بن عيسى) لا إشكال في وثاقته. (الحسين بن الحسن بن أبان) هذا حتى إذا لم نثبت وثاقته لا مشكلة في ذلك؛ لأنه عطفه على احمد بن محمد بن عيسى، فلا تضر عدم وثاقته في صحة السند. جميعاً عن(الحسين بن سعيد) فليس في هذا السند من يُتوقف في السند لأجله إلاّ احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد. وقلنا ليس هناك نص على وثاقته في كتب الرجال؛ بل لم يُعنون في كتب الرجال؛ لأنه ليس من أصحاب الكتب، وإنّما هو من شيوخ الإجازة؛ ولذا لم يعنون؛ بل حتى الشيخ لم يذكره في رجاله، فضلاً عن الفهرست، لكنّ الظاهر أنّ وثاقته واضحة عند أصحاب الفن حتى أنّ أحدهم يقول : لم أسمع أحداً طعن في احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد. يُنقل عن الشهيد الأول(قدّس سرّه) أنه يقول ما مضمونه أنّ هذا الرجل ثقة ولا أعرف وجه وثاقته. الشهيد الثاني(قدّس سرّه) اعتبره من الثقات، وقال عنه في الدراية: ولا أعرف مأخذه. فالقضية واضحة ومشهورة لديهم؛ بل هي مسلّمة. على كل حال، الذي يمكن أن يُطرح للبحث هو: هل يمكن تصحيح سند الرواية بالرغم من وجود احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد إذا لم نبنِ على ثبوت وثاقته ؟

ذكر بعض الأعلام(السيد المرجع حفظه الله تعالى) وجهاً فنياً لتصحيح هذه الرواية بالرغم من عدم ثبوت وثاقة احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد. حاصل هذا الوجه هو: أنّ الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) ذكر في المشيخة أنني في كتاب التهذيب في البداية كنت أذكر الروايات بأسانيدها، في الجزء الأول والجزء الثاني، بعد ذلك من باب الاختصار عدلت عن هذه الطريقة إلى طريقةٍ أخرى، وهي أن أبدأ السند بصاحب الكتاب الذي أخذت الرواية منه اختصاراً، فجرت عادته في باقي أجزاء التهذيب على ذلك. يقول: بضمّ هذا الكلام بعضه إلى بعض يُفهم من هذا أنّ في الروايات التي يسندها وليس الروايات التي يبدأ فيها بصاحب الكتاب، هو أيضاً يأخذ هذه الرواية المسندة من كتابٍ لأحد من وقع في ذلك السند؛ ولذا عندما عدل عن هذه الطريقة حذف الإسناد وذكر الشخص الذي أخذ الرواية من كتابه، يُفهم من هذا أنّه في الروايات المسندة هو أيضاً أخذ الرواية من كتاب لأحد من ذُكر في ذلك السند. إذا تمّ هذا، نأتي إلى هذه الرواية وهي رواية مسندة حسب ما ذكرنا؛ فحينئذٍ بناءً على هذا الكلام نقول لابدّ أنه أخذ الرواية من كتاب أحد من ذُكر في هذا السند، وعندما نلاحظ هذا السند لابدّ أن نعزل جماعة ليس لهم كتب حتى نقول أنه أخذ الرواية من كتابه، وأول ما يواجهنا هو الشيخ المفيد(قدّس سرّه) الذي ليس له كتاب أخبار يجمع فيه الأحاديث، وهكذا الحال بالنسبة إلى احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، ليس له كتاب؛ ولذا لم يُذكر في الكتب المصنّفة لإحصاء أسماء أصحاب الكتب، فهذا أيضاً نستبعده، فيبقى محمد بن الحسن بن الوليد، ومحمد بن الحسن بن الصفّار، واحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن سعيد، وحمّاد، وحريز، وزرارة. هؤلاء كلّهم أصحاب كتب، بناءً على النكتة السابقة لابدّ أن يكون الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) قد أخذ الرواية من كتاب أحد هؤلاء، فإذا أثبتنا وراجعنا طريق الشيخ إلى هؤلاء وثبت بأنّ طريقه إليهم صحيح كما هو كذلك، فالشيخ الطوسي(قدّس سرّه) يملك طريقاً صحيحاً إلى محمد بن الحسن بن الوليد، ويملك طريقاً صحيحاً إلى احمد بن محمد بن عيسى، ويملك طريقاً صحيحاً إلى الحسين بن سعيد، ويملك طريقاً صحيحاً إلى حريز، وإلى حمّاد، وإلى زرارة. نحن لا نريد أن نقول أنه أخذ الرواية من كتاب الحسين بن سعيد ونشخّصه كما فعل صاحب الوسائل حيث افترض أنه أخذ الرواية من كتاب الحسين بن سعيد، أما نحن فنفترض أنه أخذ الرواية من كتاب واحدٍ منهم على الإجمال، وذلك لا يؤثر في صحّة الرواية؛ لأنّ الشيخ الطوسي(قدّس سرّه) يملك طريقاً صحيحاً إلى كتاب كل واحدٍ من هؤلاء، فإذا أخذ الرواية من الصفّار، فله طريق صحيح إليه، وكذلك إذا أخذها من كتاب الحسين بن سعيد، أو كتاب زرارة، أو حمّاد ....الخ، وبهذا يمكن إثبات صحة هذه الرواية. وهذا طريق فنّي جيد ولا بأس به.

هناك جهة أخرى في الرواية أيضاً مذكورة في كلماتهم، وهي أنّ الرواية مضمرة حيث يقول: (قلت له) وليس فيها تصريح باسم الإمام(عليه السلام) فيدخل في بحث الإضمار، وأنّ الإضمار هل يضر، أو لا يضر ؟ خصوصاً من مثل زرارة، فهل يكون الإضمار هنا مانعاً من الاعتماد على الرواية، أو لا ؟

الصحيح هو: أنه لا يضر ممن هو أدنى مستوى من زرارة، فكيف بمن مثل زرارة ؟! الظاهر أنّ الإضمار ليس بضائرٍ ولا وجه للتوقف في الرواية من جهة كونها مضمرة. ويأتي الكلام في الدلالة إن شاء الله تعالى.

 

 


[1] مبادئ الأصول، العلاّمة الحلّي، ج1، ص258.
[2] وسائل الشيعة، العلاّمة الشيخ حر العاملي، ج1، ص245، أبواب نواقض الوضوء، باب1، ح1، ط آل البيت.
[3] تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي، ج1، ص8، ح11.