الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
38/02/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الأصول العمليّة / شرائط جريان الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر
كان الكلام في المعاملة الغبنية، وأنه لماذا قيّد المشهور الحكم بالخيار ـــــــ تمسّكاً بدليل لا ضرر ــــــــ بصورة جهل المغبون بالضرر، مع أن مقتضى القواعد الأولية هو عدم هذا التقييد ؟ وأنّ هذا الحكم يثبت والحديث يجري لنفي الضرر، وبالتالي إثبات الخيار مطلقا، يدور مدار وجود الضرر وعدم وجوده، سواء كان المكلف جاهلاً به، أو كان عالماً به، فلماذا قيّدوه بجهل المغبون بالضرر ؟
كان الوجه الأول للجواب هو ما نقلناه عن الشيخ الأنصاري(قدّس سرّه) وغيره، من أنّ هذا لا يعني أنّ الموضوع في القاعدة ليس هو الضرر الواقعي، كلا ، الموضوع هو الضرر الواقعي، لكن هناك خصوصية في حالة الجهل بالغبن والضرر تقتضي جريان القاعدة فيه وعدم جريانها في حالة العلم بالضرر؛ باعتبار أنّه في صورة العلم بالضرر هناك إقدام على الضرر، العالم بالغبن أقدم على الضرر، فإذا أقدم على الضرر؛ حينئذٍ لا يكون الضرر مستنداً إلى الحكم الشرعي حتى تجري فيه القاعدة لنفي الحكم الشرعي، وبالتالي إثبات الخيار، وإنما الضرر يكون مستنداً إلى إقدامه. نعم، في صورة الجهل بالغبن الضرر يستند إلى الحكم الشرعي، فتجري القاعدة لنفي الضرر ونفي اللزوم وإثبات الخيار، فقط في صورة الجهل بالغبن. هذا كان الجواب، الكلام كان يدور حول هذا .
قلنا أنّ الاعتراض على هذا الوجه مرّة يرجع إلى إنكار الصغرى، أي إنكار الإقدام على الضرر، وأنّ العالم بالغبن لم يقدم على الضرر، وأنّ صور العلم كصورة الجهل، في كلٍ منهما المغبون لم يقدم على الضرر. هذا الاعتراض إذا فُسّر بهذا التفسير . وانتهينا من هذا. وتكلمنا حوله. وانتهى الكلام إلى ما إذا كان المقصود بالاعتراض ليس هو إنكار الصغرى، ليس إنكار تحقق الإقدام في صورة العلم بالغبن، وإنما الاعتراض كأنه يريد أن يقول: سلّمنا تحقق الإقدام، لكن نقول بأنّ القاعدة تجري؛ لأنّ الشيخ الأنصاري(قدّس سرّه) يقول مع الإقدام لا تجري القاعدة . صاحب الاعتراض يقول حتى لو سلّمنا أنّ هذا أقدم على الضرر، بالرغم من ذلك ندّعي أنّ قاعدة لا ضرر تجري؛ لأنّ الضرر مع الإقدام يترتب على الحكم الشرعي لا على الإقدام كما قيل في أصل الوجه .
تقريب الاعتراض: بأن يقال أنّ الضرر لا يستند إلى إقدام المكلف على الضرر، لولا حكم الشارع لما تضرر المغبون، حتى لو كان عالماً بالضرر ومقدِماً عليه، لولا حكم الشارع باللزوم لما وقع في الضرر . إذن: بالنتيجة هو وقع في الضرر نتيجة الحكم الشرعي بلزوم المعاملة، مع فرض إقدام المغبون عليها؛ لأنّه عالم بالغبن، ورضاه بهذه المعاملة، لو لم يحكم الشارع باللزوم لما وقع في الضرر، وإنّما يقع المكلّف في الضرر؛ لأنّ الشارع يحكم بلزوم هذه المعاملة؛ وبالتالي حينئذٍ يستند الضرر إلى الحكم الشرعي، فتجري القاعدة لنفي اللزوم وإثبات الخيار، فهذا التوجيه ليس صحيحاً من أنّ العالم بالغبن أقدم ، ومع إقدامه لا تجري القاعدة . الاعتراض يقول: لا ، حتى مع إقدامه تجري القاعدة؛ لأنّه حتى مع إقدامه يستند الضرر إلى الحكم الشرعي لا إلى الإقدام .
حينئذٍ قد يقال في مقام الجواب عن الاعتراض: أنّ دعوى جريان القاعدة في محل الكلام غير تام؛ وذلك لأنّ المفروض في محل كلامنا أنّ المكلّف يعلم بالغبن، وأقدم على المعاملة الغبنية، وعلى الضرر، ورضي بأن يكون ما انتقل إليه أقل بكثير من حيث القيمة السوقية ممّا انتقل عنه؛ حينئذٍ يقال في مقام الجواب عن هذا الاعتراض بأنّه؛ حينئذٍ لا مجال لجريان القاعدة باعتبار أنّ مفاد القاعدة هو نفي الحكم الذي يكون سبباً في الضرر، وهذا الحكم باللزوم من قِبل الشارع لمّا كان حكماً إمضائياً وليس حكماً تأسيسياً، وإنما هو إمضاء لما أنشأه المغبون في المعاملة؛ لأنّ المفروض أنّه أقدم على الضرر، وأنشأ اللزوم بأن أنشأ خروج المال عن ملكه وقطع علاقته بماله في جميع الأزمنة حتى زمان صدور الفسخ منه، وهذا عبارة أخرى عن اللزوم. إذن: هو أنشأ اللزوم في المعاملة، فعندما يحكم الشارع باللزوم، فهذا مجرّد إمضاء لما أنشأه المغبون في تلك المعاملة. هذا الحكم الإمضائي ليس سبباً في وقوع المكلف في الضرر، ليس تسبيباً إلى الضرر حتى تكون القاعدة جارية وشاملة له، وتدل على نفي هذا اللزوم وإثبات الخيار . كلا ، هذه القاعدة كما بقول المشهور لا تجري في المقام، وإذا لم تجرِ في المقام، فإذن: لا يمكن إثبات الخيار للمغبون العالم بالغبن، فنفصّل بين العالم والجاهل، الجاهل بالغبن تجري القاعدة في حقه وتثبت له الخيار، أمّا العالم بالغبن، فلا تجري القاعدة في حقه؛ لأنّ القاعدة لا تنفي الحكم الشرعي بالإلزام حتى تثبت له الخيار، وإنّما هذا الحكم الشرعي باللزوم هو حكم إمضائي ليس هو السبب في تضرر المكلّف، فلا تجري القاعدة، فإذا كانت القاعدة لا تجري؛ حينئذٍ لا يمكن إثبات الخيار له، وبالتالي هذا هو قول المشهور، هذا دفاع عن قول المشهور الذي يُفرّق بين العالم والجاهل، بينما كان الاعتراض يقول لا فرق بينهما، كما لا تجري القاعدة في حالة الجهل بالغبن لا تجري القاعدة في حالة العلم بالغبن؛ لأنّه في صورة العلم بالغبن، الضرر لا يستند إلى الحكم الشرعي؛ بل إلى الإقدام، فلا تجري القاعدة فلا يثبت له الخيار. الاعتراض يريد أن يقول لا فرق بين العالم بالغبن، وبين الجاهل بالغبن، في كلٍ منهما يمكن إثبات الخيار للمغبون، سواء كان عالماً أو كان جاهلاً .
هذا الجواب عن الاعتراض يرتكز كما هو واضح على دعوى أنّ القاعدة لا تجري في حالة العلم بالغبن، وبالتالي لا يمكن إثبات الخيار له، فتصح فتوى المشهور في التفريق بين العالم والجاهل . المعترض يقول لا فرق بينهما، الضرر في المقام يستند إلى الحكم الشرعي، فتجري فيه القاعدة، فكما يثبت الخيار للجاهل يثبت الخيار للعالم .
إذن: النقطة الرئيسية في هذا البحث هي أنّ الضرر هل يستند إلى الحكم الشرعي ، أو لا ؟ هل أنّ حكم الشارع باللزوم هو تسبيب للضرر ، أو ليس تسبيباً للضرر ؟ المعترض يقول هو تسبيب للضرر، فتجري القاعدة وتثبت الخيار للعالم كما تثبته للجاهل، وهذا خلاف رأي المشهور .
الجواب عن هذا الاعتراض والذي يريد أن يؤيد قول المشهور، يقول أنّ القاعدة لا تجري في العالم؛ لأنّ الحكم الشرعي بالإلزام ليس تسبيباً للضرر، فهذه هي النقطة: أنّ الحكم الشرعي بالإلزام هل هو تسبيب للضرر، أو لا ؟ المجيب عن الاعتراض يفترض أنّ الحكم الشرعي باللزوم هو حكم إمضائي، وإذا كان حكماً إمضائياً لا يكون هو السبب في الضرر؛ لأنّ المغبون أنشأ اللزوم في المعاملة وأقدم على الضرر، ودور الشارع فقط هو دور الإمضاء . في هذه الحالة لا يكون الضرر الذي يقع فيه المكلف مستنداً إلى الحكم الشرعي باللزوم؛ ولذا لا تجري القاعدة، ولا يمكن إثبات الخيار للعالم، فيُفرّق بين العالم وبين الجاهل .
هذا الجواب بصيغته الثانية: واضح أنه يفترض الإقدام على الضرر، وإنشاء اللزوم حتى يكون الحكم الشرعي باللزوم حكماً إمضائياً، ومثل هذا الحكم الشرعي الإمضائي لا يكون تسبيباً للضرر، فلا يشمله الحديث، فهو يعتمد على هذا . أمّا إذا منعنا من ذلك، وقلنا أنّ المغبون العالم بالغبن لا يُقدم على الضرر الناشئ من اللزوم، ومنعنا الإطلاق الذي تمسك به لإثبات إنشاء اللزوم، وقلنا أنّ المغبون ليس في مقام البيان من هذه الناحية، ما ينشأه هو التمليك وقطع علاقته بالمال، أمّا أنّه قطع علاقته بالمال في جميع الأزمنة حتى زمان صدور الفسخ منه بحيث ينعقد إطلاق لكلامه، ويقال بأنه أنشأ اللزوم حتى يكون الحكم الشرعي باللزوم إمضائياً، فهذا لم نستوضحه سابقاً، وهذا الوجه يعتمد على ذلك، يعتمد على افتراض إقدام المغبون العالم على الضرر وإنشائه للزوم وكون الحكم الشرعي باللزوم إمضائياً، فإذا تحقق هذا، يقول مع كون الحكم الشرعي إمضائياً؛ حينئذٍ لا يكون الضرر مستنداً إلى الحكم الشرعي، فلا تشمله القاعدة؛ لأنّ مفاد القاعدة نفي التسبيب إلى الضرر، يعني نفي الحكم الذي يكون سبباً للإضرار بالمكلف، وهذا الحكم الشرعي الإمضائي ليس تسبيباً إلى الضرر؛ بل هو كما قيل في أصل الوجه بأنّ الضرر يستند في هذه الحالة إلى إقدامه، وإنشائه اللزوم في المعاملة لا إلى حكم الشارع باللزوم الذي هو حكم إمضائي. أمّا إذا منعنا من ذلك وقلنا بأنّ المكلف لا يُنشأ اللزوم، ولا يُقدِم على الضرر من جهة اللزوم . أقدم على المعاملة الغبنية وهو يعلم أنها معاملة غبنية، لكن ليس معنى ذلك أنه أقدم على الضرر من جهة اللزوم، وبالتالي لا يكون الحكم الشرعي باللزوم حكماً إمضائياً، وإنّما يكون حكماً تأسيسياً، إذا قلنا بذلك؛ حينئذٍ بالإمكان أن يقال أنّ الضرر الذي وقع فيه المكلف نشأ من حكم الشارع باللزوم، هذا الحكم التأسيسي، فتجري فيه القاعدة، وإذا جرت فيه القاعدة لنفي هذا الحكم باللزوم يثبت الخيار للعالم بناءً على هذا الكلام كما يثبت للجاهل. وهذا إشكال على فتوى المشهور. فإذن: هو يعتمد على افتراض هذه الأمور ، أمّا مع إنكارها، لا يكون هذا الكلام تامّاً. هذا من جهة .
من جهة أخرى: لو سلّمنا أنّ المغبون العالم أقدم على الضرر وأنشأ اللزوم، وأنّ الحكم الشرعي باللزوم حكم إمضائي، لكن ليس واضحاً أنّ هذا الحكم الشرعي الإمضائي ليس تسبيباً للضرر حتى نقول أنّ القاعدة لا تشمله ولا تثبت الخيار.
بعبارة أخرى: لولا إمضاء الشارع لتلك المعاملة لا يقع المكلف في الضرر، بالرغم من أته أقدم على الضرر وأنشأ اللزوم، إذا لم يمضِ الشارع هذه المعاملة لا يقع المكلف في الضرر، إنما يقع في الضرر لأن الشارع أمضى هذه المعاملة، ومعنى إمضائه للمعاملة يعني حكم باللزوم بالنتيجة، يعني أنّ الشارع حكم بلزوم هذه المعاملة، ولزوم المعاملة بحكم الشارع هو الذي يوقعه في الضرر، وإلا إذا لم يحكم الشارع باللزوم لا تأسيساً ولا إمضاءً، المكلف لا يقع في الضرر، وهذا هو مقصود المعترض، المعترض يريد أن بقول: لولا الحكم الشرعي باللزوم لا يقع المكلف في الضرر، وإن أقدم على الضرر .فإذن: الضرر يستند إلى الحكم الشرعي باللزوم كما هو الحال في صورة الجهل، في صورة الجهل لولا حكم الشارع بصحة المعاملة ولزومها، المغبون لا يقع في الضرر؛ لأنّ حال هذه المعاملة حال أي شيءٍ آخر يقوم به من المعاملات التي لا يترتب عليها الأثر شرعاً؛ لأنّ الشارع لم يحكم بلزومها لا تأسيساً ولا إمضاءً، إنما يقع في الضرر لأنّ الشارع حكم بلزومها حتى ولو إمضاءً، فيقع في الضرر، فبالتالي يكون الضرر مستنداً إلى الحكم الشرعي حتى لو كان إمضائياً، وهذا يعني جريان القاعدة؛ لأنّ الضرر يستند إلى الحكم الشرعي، ويكون الحكم الشرعي تسبيباً للضرر، فتشمله القاعدة؛ لأنّ هذا هو مفادها، وتنفي الحكم باللزوم ويثبت له الخيار، ويكون حاله حال الجاهل بالغبن، وهذا خلاف فتوى المشهور الذي يُفرّق بينهما . هذا ما يمكن أن يقال في الوجه الأول، وانتهينا منه .
الوجه الثاني: لتوجيه التفصيل الذي ذهب إليه المشهور بين العالم بالغبن والجاهل بالغبن، بالرغم من أنّ مقتضى الدليل الأولي لقاعدة لا ضرر هو عدم التفريق بينهما، يعني بعبارة أخرى: مع الاحتفاظ بأنّ موضوع القاعدة هو الضرر الواقعي الأعم من حالة الجهل وجالة العلم له . الوجه الثاني أن يقال في تقييد المشهور بحالة الجهل هو دعوى بناء العقلاء في معاملاتهم على حفظ مالية أموالهم مع التبدّل في أشخاصها، بمعنى أنه عندما ينقل حاجة إلى الطرف المقابل لابدّ أن تكون مالية هذا المال محفوظة، بمعنى أنّ ما ينتقل إليه في مقابل ما انتقل عنه لابدّ أن تكون مالية المال الذي انتقل عنه محفوظة في ما انتقل إليه، ومن الواضح أنّ الغبن معناه عدم انحفاظ المالية، وهذا يعتبر شرطاً ضمنياً ارتكازياً في كل معاملة غير مبنية على التسامح والمحاباة بالنسبة إلى البائع والمشتري ، فإذا فرضنا أنّه تخلّف هذا الشرط الضمني الارتكازي بأن كانت المعاملة غبنية، بمعنى أنّ ما انتقل إليه من المال لم تحفظ فيه مالية المال الذي انتقل عنه بأن كانت قيمته السوقية أقل بكثير من قيمة ما انتقل عنه، في هذه الحالة؛ حينئذٍ يثبت الخيار لعدم تحقق هذا الشرط الضمني الارتكازي، فيثبت الخيار للمغبون. في حالة علم المغبون بالغبن وإقدامه على الغبن، كأنّه قد أسقط هذا الشرط الضمني؛ ولذا تكون المعاملة خالية من ذلك الشرط؛ وحينئذٍ يُحكم عليها باللزوم وعدم الخيار؛ لأنّ الخيار على أساس وجود شرط ضمني بإنحفاظ مالية المال، فإذا لم تنحفظ مالية المال يثبت الخيار للشخص . هذا في حالة الجهل بالغبن معقول . أمّا في حالة علم المغبون بالضرر والغبن وإقدامه على المعاملة الغبنية ورضاه بها، كأنّه قد أسقط هذا الشرط، فإذا أسقط هذا الشرط؛ فحينئذٍ تكون المعاملة لازمة ولا يثبت فيها الخيار، فيتوجّه تفصيل المشهور بين الجهل بالغبن وبين العلم بالغبن، فالجاهل بالغبن يثبت له الخيار؛ لأنّه لم يسقط هذا الشرط الضمني؛ لأنّه لا يعلم بالضرر ولم يقدِم عليه، أمّا العالم بالضرر فكأنه أسقط هذا الشرط الضمني .
هذا التقريب للوجه الثاني ببيان أنّ هناك شرطاً ضمنياً ارتكازياً، وأنّ العالم بالغبن يكون قد اسقط هذا الشرط؛ ولذا تكون المعاملة بالنسبة إليه لازمة ليس فيها خيار. هذا التقريب أحسن من تقريبٍ آخر قد يُذكر في هذا المقام، وهو أن يقال: أنّ البيع وغيره من المعاملات مشتملة على شرطٍ ضمني ارتكازي، وهو انحفاظ مالية المال، لكن يُدّعى أنّ العرف يرى أنّ فوات هذا الشرط يكون موجباً لضمانه، في التقريب السابق كنا نقول: هذا شرط ضمني ارتكازي، فإذا تخلّف يثبت الخيار للمغبون، لكن هذا في حالة الجهل، أما في حالة العلم، فهو قد أسقط الشرط، فلا يثبت له الخيار، هذا التقريب يقول: أنّ العرف يرى أنّ تخلّف هذا الخيار وفوات هذا الشرط كما في المعاملة الغبنية يكون موجباً لضمان هذا الشرط، لابدّ أن يكون هناك ضمان لهذا الشرط، وأنّ العرف يرى ـــــــ مرة أخرى ـــــــ أنّ ضمان الشرط الفائت يكون بإعطاء الخيار للمغبون، فيعطى حق الفسخ للمغبون.
هذا التقريب يمكن الخدشة فيه: باعتبار أنّه ليس واضحاً أنّ ضمان الشرط يكون بإعطاء الخيار للمغبون حتى يثبت له الخيار، وإنّما يحتمل أن يكون ضمانه بالأرش من دون أن نعطيه الخيار في فسخ المعاملة، هذا الشرط فات، إذا مسألة ضمان الشرط، فضمان الشرط لا يتعيّن بأن يكون بإعطاء الخيار للمغبون؛ بل يمكن أن يضمن الشرط بإلزام الغابن بأن يدفع الأرش للمغبون، ويكون في هذا ضماناً لهذا الشرط الفائت .
التقريب الأول ليس فيه هكذا شيء، هو مباشرة بلا توسط مسألة الضمان، يقول بأنّ هذا الشرط ضمني ارتكازي موجود في كل معاملة، وهذا الشرط إذا تخلّف، يثبت خيار تخلّف الشرط للمغبون بلا توسيط مسألة الضمان.