الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
38/01/29
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الأصول العمليّة / شرائط جريان الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر
في الدرس السابق ذكرنا الاستدلال على منع شمول الحديث لمحل الكلام.... والاستدلال على ذلك بقرينة الامتنان، باعتبار أنّ القاعدة قاعدة امتنانية، وجريانها في محل الكلام لنفي الصحة وإثبات الفساد هو على خلاف الامتنان، فلا تشمله القاعدة، فيكون وجهاً آخر لمنع شمول القاعدة لمحل الكلام . في الدرس السابق ذكرنا ملاحظة على ذلك، لكن الظاهر أنّ هذه الملاحظة ليست تامّة، بمعنى أنّه على كل حال عندما يُفترض كون الحديث امتنانياً، فإذن: هو يكون موجباً لتقييد الحديث في الحقيقة بما يكون في رفعه امتنان، فإذا فرضنا أنّ رفع الصحة والحكم بالبطلان في محل الكلام ليس امتنانياً، فلا يكون مشمولاً بالقاعدة، فالملاحظة المتقدّمة ليست في محلها . قلنا في بداية هذا التنبيه أنّ الكلام يقع في مسألتين:
المسألة الأولى: مسألة الوضوء .
المسألة الثانية: المعاملة الغبنية. في المعاملة الغبنية ذكرنا أنه اشترط جماعة الجهل بالغبن في جريان القاعدة لإثبات الخيار، أنّ الخيار إنّما يثبت للمغبون إذا كان جاهلاً بالغبن، وأمّا إذا كان عالماً بالغبن، فلا تجري القاعدة فيه، وبالتالي لا يثبت له الخيار، فخيار الغبن يثبت فقط في حالة الجهل بالغبن .
الشيخ الأنصاري(قدس سره) في المكاسب ذكر بأنّ عمدة ما يُستدل به على خيار الغبن هو قاعدة لا ضرر. تقريب الاستدلال بالقاعدة على خيار الغبن في المعاملة الغبنية يكون بدعوى أنّ الحكم بلزوم المعاملة الغبنية هو حكم ضرري؛ لأنه يكون سبباً في حصول الضرر للمغبون؛ فحينئذٍ تشمله قاعدة لا ضرر وتنفيه.
هذا التقريب على تقدير تماميته يقتضي عدم التفريق بين العالم بالغبن والجاهل بالغبن في مسألة ثبوت الخيار، وذلك باعتبار أنّ موضوع القاعدة هو الضرر الواقعي، وهو متحقق ـــــــ بحسب الفرض ـــــــ في صورة العلم بالغبن، وكذا في صورة الجهل بالغبن؛ فحينئذٍ لابدّ أن تجري القاعدة في كلٍ منهما في صورتي العلم بالغبن وصورة الجهل بالغبن؛ لأنّ علم المكلف بالغبن لا يرفع الضرر ولا يرفع الغبن، موضوع القاعدة هو الضرر الواقعي والغبن، علم المكلف لا يرفع الغبن، فإذن: الضرر موجود في كلتا الصورتين، فتجري القاعدة، وإذا كان مقتضى جريان القاعدة هو إثبات الخيار، فلابدّ من ثبوت الخيار في كلتا الصورتين، ومن هنا ينشأ هذا السؤال: لماذا اشترطوا في جريان القاعدة لإثبات الخيار الجهل بالغبن، مع أنّ مقتضى قاعدة لا ضرر ـــــــ إذا صحّ الاستدلال بها على إثبات الخيار ـــــــ هو ثبوت الخيار في كلتا الحالتين ؟ إذن: ما هو الوجه في هذا الاشتراط ؟ بالضبط كما تحدّثنا في الفرع الأول عن الوجوه في اشتراط العلم بالضرر في مسألة الوضوء، وأنّه في حال الجهل بالضرر، وإقدام المكلف على الوضوء جاهلاً بالضرر، هنا لا تجري فيه القاعدة ويمكن تصحيح الوضوء. غاية الأمر هناك كان اشتراط جريان القاعدة بالعلم، أمّا هنا فالاشتراط بجهل المغبون بالغبن.
الجواب عن هذا التساؤل : الشيخ الأنصاري(قدس سره) ذكر جواب، وغيره أيضاً ذكر أجوبة :
أمّا الجواب الذي ذكره الشيخ الأنصاري(قدس سره)[1] وغيره كالمحقق النائيني(قدس سره) هو أنّ هذا التقييد بالجهل في مسألة الغبن ليس في الحقيقة من جهة تقييد الموضوع في قاعدة لا ضرر واعتباره هو الضرر المعلوم حتى يقال في صورة الجهل بالضرر لا تجري قاعدة لا ضرر لعدم تحقق موضوعها؛ لأنّ موضوعها هو الغبن المعلوم . يعني بعبارة أخرى: ليس من جهة منع كون الضرر موضوعاً واقعاً للنفي في حديث لا ضرر؛ بل يبقى الضرر الواقعي الغير المقيد بالعلم والجهل هو الموضوع، فإذا كان الموضوع هو الضرر الواقعي غير المقيد بالعلم والجهل؛ فلماذا لا تجري القاعدة في صورة العلم بالضرر ؟ عدم جريان القاعد في صورة العلم بالضرر معناه أنّ الضرر مقيّد بالجهل، فيكون الموضوع هو الضرر المجهول لا الضرر المعلوم، عكس مسألة الوضوء. يقول: كلا ، الموضوع هو الضرر الواقعي الذي لا يكون العلم قيداً فيه، ولا الجهل قيداً فيه . إذن: لماذا في المقام قيدوا جريان القاعدة وإثبات الخيار بخصوص صورة الجهل بالغبن ؟ يقول: هذا في الحقيقة تقييد من جهة أخرى وليس من باب رفع اليد عن كون الموضوع في القاعدة الضرر الواقعي، كلا، الموضوع هو الضرر الواقعي، وهذا التقييد في كلماتهم إنّما نشأ من جهةٍ أخرى، وهذه الجهة التي ذكرها الشيخ الأنصاري(قدس سره) هي عبارة عن أنّ المغبون إذا كان عالماً بالغبن يكون قد أقدم على الضرر؛ لأنّه عالم بالغبن، عالم بأنّ الثمن ليس ثمناً واقعياً لهذه السلعة، فإن كان هو المشتري، فهو قد بذل ثمناً أكثر بكثير من السعر الواقعي لهذه السلعة التي اشتراها. إذن: هو مغبون، يعلم بذلك وأقدم على المعاملة وعلى الضرر، ومع إقدامه على الضرر لا يكون الضرر مستنداً إلى الحكم الشرعي، وإنّما يكون مستنداً إلى إقدامه على الضرر، ومن هذه الجهة لا تكون القاعدة شاملة له، وليس لأنّ موضوع القاعدة هو الضرر المجهول ـــــــ مثلا ـــــــ ليس لأنّ موضوع القاعدة ليس هو الضرر الواقعي، كلا موضوع القاعدة هو الضرر الواقعي، لكن عندما يكون المغبون عالماً بالغبن. إذن: هو أقدم على الضررّ، فإذا أقدم على الضرر، فالضرر لا يستند إلى الحكم الشرعي، وإنّما يستند إلى إقدامه على الضرر، ومن الواضح أنّ القاعدة إنّما تحري عندما يكون الضرر مستنداً إلى الحكم الشرعي بحيث كان الحكم الشرعي يشكّل آخر جزءٍ من علة تحقق الضرر . في هذه الحالة القاعدة تنفي مثل هذا الحكم الشرعي الذي يستند إليه الضرر ويكون هو آخر جزء من علّة تحقق الضرر. في هذه الحالة القاعدة تنفي مثل هذا الحكم الشرعي الذي يستند إليه الضرر ويكون هو آخر جزء من علة تحقق الضرر، فتجري فيه القاعدة فتنفيه. هذا يكون في حالة الجهل بالغبن، الضرر الذي يقع فيه المغبون يستند إلى الحكم الشرعي باللزوم، فتجري القاعدة وتنفي اللزوم ويثبت بذلك الخبار .
أمّا مع العلم بالغبن، المغبون أقدم على الضرر، الضرر الذي يقع فيه لا يستند إلى الحكم الشرعي باللزوم ، وإنّما يستند إلى إقدامه على الضرر، فلا يكون الحكم حينئذٍ مرفوعا بقاعدة لا ضرر، وبالتالي لا يكون اللّزوم مرتفعاً؛ بل تبقى المعاملة لازمة، وبالتالي لا يثبت الخيار للمغبون . هذا الوجه الأول الذي أشار إليه الشيخ (قدس سره) في المكاسب، وتبنّاه المحقق النائيني (قدس سره)[2] وغيره، أنّ المسألة في محل الكلام في صورة العلم بالغبن مسألة إقدام على الضرر، وهذا يمنع من شمول القاعدة، توجد خصوصية في صورة العلم بالغبن، وهذه الخصوصية هي أن العالم بالغبن يكون ممن أقدم على الضرر، فلا تشمله القاعدة؛ لأنّ القاعدة إنّما تنفي الحكم الذي يستند إليه الضرر، والضرر مع العلم بالغبن لا يستند إلى الحكم وإنما يستند إلى الإقدام . هذا هو الوجه الأول لدفع الإشكال غلى المشهور عندما اشترط الجهل بالغين حتى تجري القاعدة .
هناك عدّة ملاحظات على هذا الوجه الأول:
الملاحظة الأولى: ما ذكره بعض الأعلام من أنّه، صحيح أنّ المشهور اشترط في ثبوت الخيار جهل المغبون بالغبن، ومعناه في حالة العلم بالغبن لا يثبت الخيار، لكنّهم عللّوا هذا الاشتراط بكون شراء المغبون أو بيعه إقداماً على الضرر كما نقلنا عن الشيخ الأنصاري (قدس سره) وغيره، وهذا معناه أنّ المشهور يرى عدم شمول الحديث لمورد الإقدام لا عدم شموله لمورد العلم بالضرر، القيد هو عدم الإقدام على الضرر وليس القيد هو عدم العلم بالضرر. صحيح هو ذكر عدم العلم كشرط في الخيار وجريان القاعدة ، لكنه علّل هذا الاشتراط بالجهل وعدم العلم بأنه في حالة العلم يكون هناك إقدام على الضرر، فكأنّ الشرط الحقيقي في جريان القاعدة هو أن لا يكون المغبون قد أقدم على الضرر . هذا هو الشرط الحقيقي وليس الشرط هو أن لا يكون المغبون عالماً بالضرر مع وضوح أنّ الإقدام على الضرر أعم من العلم به؛ لأنّ الإقدام على الضرر قد يكون مع العلم بالغبن، وقد يكون مع الظن بالضرر، مع احتمال الضرر يقدم على المعاملة حتى لو كانت ضررية لدواعٍ خاصة به، دواعٍ عقلائية قد تدفع الإنسان إلى الإقدام على معاملة يظن بها الضرر، أو يحتمل فيها الضرر؛ لأنّه مضطر لشراء تلك الحاجة، فيُقدم على المعاملة التي يحتمل كونها ضررية، فمسألة الإقدام على الضرر أعم من مسألة العلم بالضرر . ومن هنا يتبين أنّنا لا نحتاج إلى هذا الوجه الأول؛ لأنّ الإشكال أساساً هو غير وارد على المشهور، الإشكال إنّما يرِد على المشهور حينما يقولون بأننا نقيّد الحكم بالخيار بالجهل وعدم العلم بالضرر، والمشهور لا يقول ذلك، وإنّما يقول نحن نقيد الحكم بالخيار بعدم الإقدام على الضرر، سواء كان عالماً به، أو ظاناً به أو كان شاكاً به . فإذن: الإشكال أساساً لا يرد على المشهور حتى نحتاج إلى هذا الوجه .
الملاحظة الثانية: هو ما ذكره جماعة من أنّ الضرر لا يتحقق بمجرّد الإقدام من قبِل العالم بالغبن على المعاملة الغبنية في حالة العلم ولا يترتب على ذلك الضرر، إلاّ إذا حكم الشارع بلزوم هذه المعاملة، وإلاّ لو لم يحكم الشارع بلزوم هذه المعاملة، لا يترتب الضرر على إقدام المكلف على المعاملة الغبنية مع علمه بالغبن ؛ لأنّ المعاملة ليست لازمة. إذن: الضرر لا يترتب على إقدام المغبون العالم بالغبن على المعاملة الغبنية، وإنّما الضرر يترتب على حكم الشارع بلزوم هذه المعاملة بعد تحققها وبعد إقدام المكلف عليها، الشارع عندما يحكم بلزوم المعاملة عليه، يقع المكلف في الضرر . إذن: بالنتيجة ما يترتب عليه الضرر هو الحكم الشرعي، الضرر يستند إلى الحكم الشرعي باللزوم، الجزء الأخير من علّة تحقق الضرر هو الحكم الشرعي، لولا حكم الشارع بلزوم المعاملة لم يقع المكلف في الضرر، الإقدام بمثابة المقدمة الإعدادية لذلك، وليس هو الجزء الأخير من علّة الضرر وتحققه، وإنمّا الجزء الأخير لعلّة تحقق الضرر هو حكم الشارع باللزوم، وهذا معناه أنّ الضرر يستند إلى الحكم الشرعي، فإذا استند إلى الحكم الشرعي تشمله القاعدة وترفعه، فحينئذٍ يثبت الخيار في صورة العلم كما يثبت في صورة الجهل؛ لأنّه في كلٍ منهما الضرر استند إلى الحكم الشرعي. فإذن: هذا الوجه ليس تاماً، هذه ملاحظة على ما ذكره الشيخ الأنصاري(قدس سره)، فإنه غاية ما قال أنّ هذا أقدم على المعاملة الغبنية التي فيها ضرر، هذا الجواب يقول له: نعم أقدم على الضرر، لكن بالنتيجة وقوعه في الضرر لم يستند إلى إقدامه، وإنّما استند إلى الحكم الشرعي، فيكون مرفوعاً بالقاعدة كما هو الحال في صورة الجهل . إذن: لا فرق بين صورة العلم وصورة الجهل، فهذا الوجه الأول الذي ذكره الشيخ الأنصاري(قدس سره) ليس تاماً.
هذه الملاحظة الثانية كاعتراض على الوجه الأول : تارةً يفسّر بأنّه يرجع، حتى يكون اعتراض على الوجه الأول، يرجع إلى إنكار الإقدام على الغبن والضرر، فإذا أرجعنا إلى هذا؛ فحينئذٍ لا يتم الوجه الأول؛ لأنّ الوجه الأول قائم على أساس أنّ العالم بالغبن أقدم على الضرر، فإذا أقدم على الضرر يكون الضرر مستنداً إلى إقدامه لا إلى الحكم الشرعي، هذه الملاحظة إذا أرجعناها إلى ذلك تقول نحن ننكر أن يكون العالم بالغبن قد أقدم على الضرر، إذا أرجعناه إلى هذا المعنى؛ حينئذٍ يكون مرجع هذا الاعتراض الثاني إلى أنّ الضرر يترتب على حكم الشارع باللزوم. الضرر الذي نتكلم عنه هو الضرر الناشئ من حكم الشارع باللزوم، المغبون العالم بالغبن لم يقدم على هذا الضرر حتى نقول أنّه أقدم على الضرر، وإنّما أقدم على أصل المعاملة، وإقدامه على أصل المعاملة لا يترتب عليه أصل الضرر.
إذن: ما أقدم عليه المكلف لا يترتب عليه الضرر، وما يترتب عليه الضرر، وهو الحكم الشرعي باللزوم لم يقدم المكلف عليه، فيرجع هذا الاعتراض إلى منع دعوى أنّ المكلف العالم بالغبن أقدم على الضرر، هو أقدم على أصل المعاملة، وأصل المعاملة لا يترتب عليها الضرر من دون الحكم الشرعي باللزوم، وهذا معناه أنّ المكلّف العالم بالغبن لم يقدم على الضرر، فيكون هذا إشكالاً على الوجه الأول؛ لأنّ الوجه الأول افترض أنّ العالم بالغبن أقدم على الضرر ورتّب النتيجة. والمعترض يقول نمنعها صغروياً، فالمكلف ليس مقدماً على الضرر، وإنّما وقع في الضرر بسبب الحكم الشرعي باللزوم؛ لأنّه كما قلنا مجرّد إقدامه على المعاملة الغبنية لا يوقعه في الضرر ما لم يحكم الشارع باللزوم . هذا توضيح الاعتراض إذا كان المقصود به منع الصغرى، أي منع تحقق الإقدام .
ومنع الإقدام على الضرر في محل الكلام يمكن توضيحه بعبارة أخرى، وهو أن يقال: بأنّ حكم الشارع باللزوم يترتب عليه وقوع المكلف في الضرر، هذه قضية مسلّمة، لكن كأنه يُدّعى في هذا الاعتراض الثاني بأنّ هذا الحكم الشرعي باللزوم الذي يترتب عليه الضرر هو حكم شرعي تأسيسي وليس إمضائي، فالضرر الذي يترتب على هذا الحكم الشرعي التأسيسي لم يُقدم عليه المغبون في مقابل ما إذا قلنا أنّ الحكم الشرعي باللزوم إمضائي؛ لأنّ معناه أنّه إمضاء لما أُنشئ في المعاملة، فإذن: لابدّ أن نفترض أنّ المغبون أنشأ اللزوم في المعاملة، والشارع يمضي هذا الإنشاء، فيكون حكم الشارع باللزوم إمضائياً، هنا نستطيع أن نقول أنّ المكلف أقدم على الضرر؛ لأنّه في المعاملة أنشأ اللزوم، والشارع أمضى هذا اللزوم؛ حينئذٍ يقال أنّ المكلّف بإنشائه اللزوم قد أقدم على الضرر من جهة اللزوم، ودور الشارع فقط دور الإمضاء لا التأسيس . هنا يمكن أن يقال أنّ المغبون أقدم على الضرر؛ لأنّه أنشأ المعاملة، وكان في ضمن إنشائه كون المعاملة لازمة وثابتة حتى في زمان ما بعد فسخه إذا اختار الفسخ، وهذا هو معنى اللزوم، معناه أنه أنشأ اللزوم والشارع حكم باللزوم إمضاءً لما اُنشأ في هذه المعاملة. هنا يمكن أن يقال أنّ المغبون أقدم على الضرر الناشئ من اللزوم، أمّا إذا قلنا أنّ الحكم باللزوم حكم تأسيسي وليس إمضائياً، المغبون لم يقدم على الضرر الناشئ من اللزوم؛ لأنّه لم يُنشأ اللزوم في المعاملة، وإنّما أنشأ المعاملة خالية من ذلك، فإذن: هو لم يُقدم على الضرر الناشئ من اللزوم، فيكون هذا الاعتراض تاماً بناءً على هذا .
إذن: مرجع هذا الاعتراض في الحقيقة عندما نفسّره بمنع الصغرى بمنع إقدام المكلف في محل الكلام على الضرر..... مرجعه إلى أنّه لم يقدم على الضرر؛ لأنّ الضرر إنما ينشأ من حكم الشارع باللزوم، وهو حكم تأسيسي وليس حكماً إمضائياً، فإذا كان حكماً تأسيسياً، المكلف في حدود ما أنشأه هو لم يقدم على الضرر الناشئ من اللزوم، فإذن: لا إقدام على الضرر، وإذا لم يكن هناك إقدام على الضرر؛ فحينئذٍ لا يتم الوجه الأول والذي ادُعي فيه بأنّ المكلف العالم بالغبن يكون قد أقدم على الضرر .