الموضوع: الأصول العمليّة / تنبيهات العلم الإجمالي/ خروج
بعض الأطراف عن محل الابتلاء.
انتهى الكلام إلى الجواب عن
ما ذكره المحقق
العراقي(قدّس سرّه)لإدخال المورد في باب الشك في
القدرة، وبالتالي إثبات منجّزية العلم الإجمالي في محل الكلام من دون التمسّك
بإطلاق دليل التكليف، الجواب عنه ذكرناه في الدرس السابق، حاصل الجواب هو أنّ
التنجّز الذي يحكم به العقل في موارد الشك في القدرة يُراد به لزوم التصدّي
للامتثال والإتيان بما يُشك في القدرة عليه ما لم ينكشف عدم القدرة، هذا المعنى
للتنجّز إنّما يتصوّر في حالات الشكّ في القدرة على الامتثال كما في مثال الغُسل
المتقدّم، إذا شكّ في قدرته على الإتيان بالغُسل، هذا ممّا يحكم العقل بوجوب
التصدّي لامتثاله، فيحكم العقل بوجوب التصدّي لما يشك في قدرته عليه؛ لأنّه يشك في
قدرته على امتثاله، فيجب عليه التصدّي لما يشك في قدرته عليه الذي هو الامتثال
بحسب الفرض، فإمّا أن يأتي به، أو أن يتبيّن له عدم القدرة عليه، وهذا هو معنى
التنجّز الذي يحكم به العقل. وأمّا عند الشك في القدرة على العصيان لا على
الامتثال كما في محل الكلام لما بيّناه في الدرس السابق بأنّ الشك في المقام في
محل الكلام ليس في القدرة على الامتثال؛ لأنّ المكلّف قادر على الامتثال؛ لأنّه
قادر على الترك والترك هو عبارة عن الامتثال، فلاشك في القدرة على الامتثال في محل
الكلام، وإنّما هو يشك في قدرته على الفعل، وعلى شرب ذلك الإناء الذي هو في مكان
يُشك في كونه خارجاً عن محل الابتلاء، أو داخلاً في محل الابتلاء، فالشك في القدرة
على العصيان وليس الشك في القدرة على الامتثال، هو بإمكانه أن يمتثل هذا النهي
حتّى في الفرد المشكوك بأن يترك شرب الإناء، وإنّما هو يشك في قدرته على العصيان،
يعني في قدرته على الشرب وعلى الفعل الذي يتحقق به العصيان، في مثل هذا، التنجّز
الذي يحكم به العقل بالمعنى السابق لا معنى لافتراضه في المقام، بأن يقال
ـــــــــــ مثلاً ـــــــــــــ أنّ العقل يحكم بلزوم التصدّي لما يشك في قدرته
عليه، والمفروض أنّ ما يشك في قدرته عليه هو العصيان والمخالفة، ولا معنى لأن نقول
بأنّ العقل يحكم بلزوم التصدّي للعصيان، بينما هناك كان هناك معنى لأن يقال أنّ
العقل يحكم بلزوم التصدّي للامتثال عند الشك في القدرة على الامتثال، أمّا عند
الشك في القدرة على العصيان لا معنى لأن يقال أنّ العقل يحكم بلزوم التصدّي
للعصيان حتّى يتبيّن له عدم القدرة، هذا المعنى غير متصوّر عند الشكّ في القدرة
على العصيان، ومن هنا لا يصح إثبات المنجّزية في محل الكلام استناداً إلى أن
ّالمشكوك من موارد الشك في القدرة. يعني ما ذكره المحقق العراقي(قدّس سرّه) من
أننا نعلم بتكليف فعلي على تقديرٍ، ومنجّزٍ على تقديرٍ آخر، فيكون هناك علم
بالتنجّز على كل تقدير، وهذا علم إجمالي ينجّز كلا الطرفين. هذا الكلام لا يصح
إلاّ في موارد الشك في القدرة على الامتثال، أمّا في موارد الشك في القدرة على
العصيان كما في محل الكلام، هنا لا معنى لحكم العقل بالتنجز، وبالتالي لا يكون
هناك علم إجمالي بالتنجّز على كل تقدير، فلا يتم هذا الكلام.
الذي يمكن أن يقال في هذا
المجال:
أنّه لماذا لا نفسّر التنجّز الذي يحكم به العقل في موارد الشك في القدرة تفسيراً
آخراً غير مسألة لزوم التصدّي لما يشك في قدرته عليه حتّى نقول إن الشك هو في
القدرة على الامتثال فالتصدّي له معقول، ولا يكون معقولاً ومقبولاً عندما يكون
الشك في القدرة على العصيان ؟ كلا، لماذا لا نفسّر التنجّز الذي يحكم به العقل في
موارد الشك في القدرة بتفسيرٍ آخر يمكن تطبيقه على كلا الموردين ؟ يعني يكون
معقولاً في كلا الفرضين، وذلك بأن نفسّر التنجّز الذي يحكم به العقل بأنّه عبارة
عن قبح تفويت غرض المولى في موارد العلم بوجود غرضه وتحققه، عندما يعلم المكلّف
بوجود غرضٍ للمولى العقل يحكم بقبح تفويت هذا الغرض، هذا هو مفاد الحكم العقلي
ومعنى التنجّز الذي يحكم به العقل، أنّك أيّها المكلّف عندما تعلم بوجود غرضٍ
للمولى لا يجوز لك تفويت هذا الغرض لمجرّد الشك في قدرتك على تحصيله؛ بل يجب عليك
تحصيل ذلك الغرض بالرغم من الشك في قدرتك على تحصيله، هذا هو مفاد الحكم العقلي.
هذا التفويت الذي يحكم العقل بقبحه في موارد الشك في القدرة كما يتحقق في الواجبات
كما في مثال الغُسل وغيره من الأمثلة الكثيرة، عندما يشكّ المكلّف في قدرته على
حفر قبرٍ للميّت لدفنه، لا إشكال أنّه لا يجوز أن يعتمد على شكّه في قدرته لترك
ذلك التكليف؛ بل يجب عليه التصدّي للامتثال، هذا كما يتحقق في الواجبات، والتفويت
المحكوم عقلاً بقبحه يكون بترك التصدّي للفعل، إذا ترك التصدّي للغُسل مع شكّه في
قدرته عليه، أو ترك التصدّي لدفن الميت مع شكّه في قدرته عليه يقال بأنّ هذا فوّت
على المولى غرضه، وهذا قبيح بنظر العقل، فالعقل يحكم بقبح تفويت الغرض على المولى،
أو بقبح تفويت غرض المولى المعلوم وجوده. أمّا في المحرّمات من قبيل شرب الخمر
وشرب النجس وأمثال هذه الأمور المحرّمة عند الشكّ في القدرة على الفعل هنا تفويت
الغرض الذي يحكم العقل بقبحه يكون بالتصدّي لفعله بعكس ما في الواجبات، التفويت
هناك يكون بترك التصدّي للفعل، هذا يحكم العقل بقبحه؛ لأنّه تفويت للغرض المعلوم،
بينما في باب المحرّمات تفويت الغرض على المولى يكون بالتصدّي للفعل، إذا تصدّى
للفعل في باب المحرّمات يكون قد فوّت على المولى غرضه، في باب المحرّمات التفويت
القبيح عقلاً الذي يحكم العقل بقبحه يكون بالتصدّي للفعل، فإذا تصدّى للفعل يكون
قد فوّت على المولى غرضه. التصدّي للفعل في محل الكلام في المحرّمات يكون بالإتيان
بمقدّماته المؤدّية إليه، إذا جاء بالمقدّمات المؤدّية إلى ذلك الفعل، يقال بأنّ
هذا فوّت على المولى غرضه، والسرّ في ذلك هو أنّ العقل يحكم على المكلّف بلزوم سدّ
باب وجود الحرام حتّى يحقق للمولى غرضه، وإلاّ إذا جاء بالمقدّمات المؤدّية إلى
ذلك الفعل يكون قد فوّت على المولى غرضه، ويكون قد خالف الحكم العقلي؛ لأنّ العقل
يحكم بلزوم سدّ باب وجود الحرام، وأن لا يأتي بالمقدّمات التي تؤدّي إلى تحقق ذلك
الحرام؛ فحينئذٍ يكون هذا التكليف منجّزاً بهذا المقدار، بمعنى أنّ هذا المكلّف
الذي يشكّ في قدرته على فعل الحرام يجب عليه أن لا يأتي بالمقدّمات المؤدّية إلى
ذلك الحرام؛ لاحتمال أن تكون تلك المقدّمات مُفضية إلى ذلك الحرام، والمفروض أنّ
هذا يوجب تفويت الغرض على المولى، وعبّرنا عنه بالاحتمال؛ لأنّ المقدّمات وإن كانت
مؤدّية إلى الحرام، لكن كون ذاك حراماً، هذا مشكوك في محل الكلام؛ لأننا نحتمل أنّ
الغرض موجود في هذا الطرف كما نحتمل أنّ الغرض موجود في الطرف المشكوك، فليس لدينا
علم تفصيلي بأنّ الحرام موجود في الطرف المشكوك، وإنّما عندنا علم إجمالي بوجود
الغرض في أحد الطرفين، هذا الطرف المشكوك يُحتمل أن يكون ممّا فيه الغرض، الإتيان
بالمقدّمات المؤدّية إلى الفعل، أي إلى الحرام وهو شرب ذلك الإناء يلزم منه تفويت
الغرض على المولى على تقدير أن يكون هو الحرام الواقعي، على تقدير أن يكون الحرام
الواقعي موجوداً في الفرد المشكوك؛ حينئذٍ الإتيان بالمقدّمات المؤدّية إلى ذلك
الحرام يكون تفويتاً لغرض المولى، العقل يحكم بالمنجّزية بهذا المقدار في محل
الكلام.
وبعبارةٍ أخرى:
نستطيع أن نقول بأنّ المكلّف وإن لم يكن شاكّاً في القدرة على الامتثال في محل
الكلام كما ذُكر؛ لأنّ المفروض في محل الكلام هو الشكّ في العصيان لا الشك في
القدرة على الامتثال، وإنّما الشك في القدرة على العصيان، صحيح، المكلّف ليس
شاكّاً في القدرة على امتثال النهي المحتمل في ذاك الطرف؛ لأنّه عالم بالقدرة على
امتثاله؛ لأنّ امتثاله يكون بالترك وهو قادر على الترك، وإنّما شكّه في الفعل على
ما تقدّم، لكن بعد فعل مقدّمات الحرام المؤدّية إليه يكون المكلّف شاكّاً في
القدرة على الامتثال، يعني شاكّاً في قدرته على الترك؛ لاحتمال أن تكون ما أدّت
إليه المقدّمات المؤدّيّة إلى الحرام، احتمال أن يكون حراماً وبعد الإتيان
بالمقدّمات لا يكون المكلّف قادراً على تركه، بعد الإتيان بهذه المقدّمات المؤدّية
إلى ذلك الشرب المكلّف يشك في قدرته على الامتثال، ويشكّ في قدرته على الترك؛
لأنّه إن كان الحرام ليس موجوداً فيه، فلا مشكلة، لكن على تقدير أن يكون الحرام
موجوداً في الفرد المشكوك وقد جاء بالمقدّمات المؤدّية إليه، لا يكون قادراً على
الترك، يعني لا يكون قادراً على الامتثال. صحيح، قبل الإتيان بالمقدّمات هو قادر
على الامتثال وليس شاكّاً في القدرة على الامتثال، وإنّما هو شاك في القدرة على العصيان،
لكن بعد الإتيان بمقدّمات ذلك الفعل المؤدّية إليه، فإذا جاء بها وأدّت إليه وكان
حراماً، لا يكون قادراً على امتثال ذلك الحرام؛ لأنّه جاء بما يُفضي إلى ذلك الفعل
الذي من المفروض أنّه حرام، فلا يكون قادراً على الامتثال.
إذن: هو على أحد
التقديرين يكون قادراً على الامتثال، وعلى التقدير الآخر لا يكون قادراً على الامتثال،
إذن: في الواقع بعد الإتيان بالمقدّمات المؤدّية إلى الفعل هو يكون شاكّاً في
القدرة على الامتثال؛ وحينئذٍ يكون حاله حال الواجبات في الفرض السابق. الذي نريد
أن نقوله هو أنّه لا مانع ولا محذور في افتراض أنّ العقل يحكم بالتنجّز بمعنى أنّه
في موارد الشك في القدرة العقل يحكم بقبح تفويت غرض المولى ولزوم التصدّي لتحصيل
غرض المولى، وأنّ الشك في القدرة ليس عذراً ولا مؤمّناً، هذا كلّه مع افتراض ما
ذكرناه ونقلناه عن المحقق العراقي(قدّس سرّه) سابقاً من أنّ الملاك لا يسقط
بالعجز، وإنّما الذي يسقط هو التكليف وتوجيه الخطاب، في موارد الشك في الدخول في
محل الابتلاء والخروج عن محل الابتلاء على تقدير أن يكون هو الحرام الملاك موجود، والغرض
موجود ومحفوظ، العقل عند الشك في القدرة يحكم بقبح تفويت الملاك ولزوم التصدّي
لتحصيله. هذا المعنى من التنجّز كما ينطبق ويتحقق في الواجبات يمكن افتراض تحققه
في المحرّمات، وذلك بأن يحكم العقل بأنّك لا يجوز لك الإتيان بالمقدّمات المؤدّية
إلى ذلك الفعل؛ لأنّ الإتيان بالمقدّمات المؤدّية إلى ذلك الفعل يعتبر بنظر العقل
تفويت لغرض المولى، وتفويت غرض المولى قبيح، ليكن حكم العقل منجّزاً لهذا المقدار في
محل الكلام؛ وحينئذٍ يصح للمحقق العراقي(قدّس سرّه) أن يقول بأننا نعلم بتكليفٍ
فعليٍ على تقدير، وتكليفٍ منجّزٍ على تقديرٍ آخر، على تقدير أن يكون الحكم موجوداً
في الطرف الداخل في محل الابتلاء، فهو فعلي، وعلى تقدير أن يكون في الطرف المشكوك،
هنا لا علم لنا بفعليته؛ لأنّ الدخول في محل الابتلاء شرط في التكليف
ـــــــــــــ بحسب الفرض ـــــــــــــ لكنّه ليس شرطاً في الملاك، والعقل يحكم
بقبح تفويت هذا الملاك، ويقول للمكلّف لا يجوز أن تأتي بالمقدّمات المؤدّية إلى
ذلك الفعل الذي تحتمل كونه حراماً؛ لأنّ هذا تفويت لغرض المولى، وهذا قبيح بحكم
العقل، فيحكم بالتنجّز. هذا ما يرتبط بهذا البحث.
هناك كلام للسيد الخوئي(قدّس
سرّه)،
الظاهر أنّه ناظر إلى كلام المحقق العراقي(قدّس سرّه) المتقدّم، لكنّه يذكره في
الشبهة المصداقية التي يأتي الكلام فيها، كلامنا إلى الآن في الشبهة المفهومية.
يذكر كلاماً في الشبهة المصداقية كأنّه ناظر إلى كلام المحقق العراقي(قدّس سرّه)،
ويُشكل عليه بإشكالٍ سيأتي التعرّض له، وهو أنّ مسألة الشك في القدرة إنّما يكون
مورداً لحكم العقل بالاشتغال والاحتياط ولا تجري فيه البراءة، هذا كلّه في موارد
إحراز وجود الغرض والشك في القدرة على تحصيله؛ عندئذٍ يحكم العقل بالاحتياط
والاشتغال ولا مجال للبراءة، يقول: هذا غير متحققٍ في محل الكلام؛ لأننا لا نحرز
وجود الغرض في هذا الطرف ولا في هذا الطرف، هو يأتي بهذا الكلام لبيان أنّه لا
مانع من إجراء البراءة ـــــــــــــ كما سيأتي بحثه في الشبهة المصداقية
ـــــــــــ في الطرف المقدور الداخل في محل الابتلاء، وليس هذا مورداً لحكم العقل
بالاحتياط والاشتغال؛ لأنّ العقل إنّما يحكم بالاحتياط والاشتغال عند إحراز وجود
الغرض، ونحن لا نحرز وجود الغرض في الطرف المقدور الداخل في محل الابتلاء؛ لاحتمال
أن يكون الغرض موجوداً في الطرف الآخر؛ ولذا يقول هذا ليس من موارد حكم العقل
بالاشتغال والاحتياط عند الشك في القدرة؛ لأنّه يُشرط فيه إحراز وجود الغرض، وفي
هذا الطرف المقدور الداخل في محل الابتلاء نحن لا نحرز وجود الغرض؛ فلذا لا مانع
من إجراء البراءة. نستطيع أن نطبّق نفس هذا الكلام في الطرف المشكوك الذي هو محل
كلامنا، المحقق العراقي(قدّس سرّه) ناظر إلى الطرف المشكوك، ويقول: بأننا نعلم
بتكليفٍ فعلي على أحد التقديرين، ومنجّز على التقدير الآخر، يعني على تقدير أن
يكون التكليف موجوداً في الطرف المشكوك، فطبّقَه على الطرف المشكوك، فيمكن أن
يُنقل هذا الكلام إلى الطرف المشكوك، فيقال أنّ الالتزام بحكم العقل بالاشتغال
والاحتياط عند الشك في القدرة إنّما يصح إذا كنّا نحرز وجود الغرض في هذا الطرف،
ونحن لا نحرز وجود الغرض في الطرف المشكوك؛ فحينئذٍ لا يكون هذا من موارد حكم
العقل بالاشتغال والاحتياط باعتبار الشك في القدرة؛ لأنّه يُشترط فيه أن يكون هناك
إحراز للغرض والملاك، ونحن لا نحرز ذلك، فإذن: نمنع ممّا ذكره المحقق العراقي(قدّس
سرّه) من إجراء قاعدة الاشتغال والالتزام بأنّ العقل يحكم بالتنجّز في الطرف
المشكوك باعتبار الشك في القدرة، نمنع من ذلك؛ لأنّه لا علم لنا بوجود الغرض في
الطرف المشكوك، فلا يكون من موارد حكم العقل بالتنجّز، وهذا إشكال على المحقق
العراقي(قدّس سرّه)، بالتالي لا يكون العلم الإجمالي منجّزاً؛ لأنّه علم بتكليفٍ
فعليٍ على تقدير وليس فعلياً وليس منجّزاً على التقدير الآخر، أمّا كونه غير فعلي؛
فلأنّه ليس هناك علم بدخوله في محل الابتلاء، ويُشترط في فعلية التكليف الدخول في
محل الابتلاء، وأمّا كونه غير منجزٍ؛ فلأنّ العقل لا يحكم بمنجّزيته حتّى بلحاظ
الغرض؛ لأننا لا نحرز وجود الغرض في الطرف المشكوك، فبالتالي ينهار ما ذكره المحقق
العراقي(قدّس سرّه).
هذا الإيراد الذي سيأتي
التعرّض له
يمكن أن يقال في دفعه: أنّ المحقق العراقي(قدّس سرّه) يفترض إحراز وجود الغرض، لكن
على نحو العلم الإجمالي، يفترض أننا نعلم بتحقق الغرض في أحد الطرفين، هذا الطرف
بخصوصه ليس لدينا علم بوجود الغرض فيه، وكذلك الطرف الآخر، لكننّا نعلم إجمالاً
بوجود الغرض، صحيح ليس لدينا علم إجمالي بتحقق التكليف على كل تقدير من جهة أنّ
التكليف الفعلي مشروط بالدخول في محل الابتلاء، ونحن نشكّ في دخول أحد الطرفين في
محل الابتلاء، أو خروجه عن محل الابتلاء، وقلنا أنّ النتيجة تتبع أخس المقدّمتين
فلا يكون هناك علم بتكليفٍ فعلي على كل تقدير، لكن بالنسبة إلى الغرض هناك علم
بثبوت الغرض على كل تقدير، بمعنى أنّه على تقدير أن يكون التكليف في هذا الطرف
فالغرض موجود، وإن كان في ذاك الطرف فالغرض أيضاً موجود وإن سقط التكليف، حتّى إذا
سقط التكليف على تقدير خروجه عن محل الابتلاء، لكن الغرض باقٍ، لكن الخروج عن محل
الابتلاء الذي هو العجز العرفي لا يستلزم زوال الغرض، وإنّما يستلزم عدم التكليف
وعدم توجيه الخطاب. إذن: هو يفترض إحراز وجود الغرض، لكن ليس إحرازاً تفصيلياً،
وإنّما هو إحراز إجمالي. إذن: المكلّف عالم بوجود الغرض في أحد الطرفين، إمّا
الطرف الداخل في محل الابتلاء، أو الطرف الذي يُشك فيه، وكأنّ المحقق العراقي(قدّس
سرّه) يريد أن يطبّق حكم العقل بالتنجيز حتّى في هذا الفرض، يقول العقل يحكم
بالاشتغال والاحتياط عند الشك في القدرة حتّى مع العلم الإجمالي بتحقق الغرض،
فضلاً عن العلم التفصيلي بتحقق الغرض. نعم لو لم يكن هناك علم إجمالي ولا تفصيلي
بتحقق الغرض، هنا لا يحكم العقل بالاشتغال والاحتياط.
فإذن:
نحن نعلم بتحقق الغرض، إمّا في هذا الطرف، أو في هذا الطرف، يأتي المكلّف يريد أن
يفوّت على المولى غرضه على تقدير أن يكون التكليف موجوداً في هذا الطرف، العقل
يحكم بالتنجيز ويقول لا يجوز تفويت غرض المولى، بعد العلم بالتكليف، كما أنّ العقل
بعد العلم بالتكليف يقول لابدّ من الاحتياط مع أنّه لا يعلم أنّ التكليف موجود في
هذا الطرف، أو في هذا الطرف، وهذا هو العلم الإجمالي العادي، لكن لأنّه يعلم
إجمالاً بوجود التكليف العقل يحكم بالاشتغال وبالاحتياط، نفس هذا الكلام هو يريد
أن يطبقه على العلم الإجمالي بالغرض، يعلم إجمالاً بوجود غرضٍ للمولى، المكلّف
تردد بأنّ الغرض موجود في هذا الطرف، أو في هذا الطرف، العقل أيضاً يحكم بالاشتغال
وبالاحتياط. فلا نستطيع أن نقول كما ذكر السيد الخوئي(قدّس سرّه) من أنّه هنا لا
علم بالغرض ولا إحراز للغرض بحيث يقارنه بالشبهات البدوية، يقول في الشبهات
البدوية لا يحكم العقل بالتنجّز، احتمال أن يفوت الغرض لا يؤثّر، ففي كل شبهة
بدوية يوجد احتمال أن يفوت غرض المولى، المهم إحراز فوات الغرض، في محل كلامنا
يفوت الغرض، في ما إذا فرضنا أننا لم نحكم بالتنجيز؛ حينئذٍ سوف يفوت الغرض بهذا
المعنى الذي ذكرناه. وهذا سيأتي التعرّض له في الشبهة المصداقية.
إلى هنا يتمّ الكلام في
المقام الأوّل،
يعني في الشبهة المفهومية، والظاهر ــــــــــ والله العالم ـــــــــ أنّه لم يقم
دليل لإثبات المنجّزية في محل الكلام.