الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

34/12/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول العملية/ الاحتياط/ الاحتياط الشرعي
 الكلام في المناقشة الثالثة في الاستدلال بأخبار التوقّف والأجوبة التي أوردت على هذه المناقشة، ذكرنا الجواب الأوّل والجواب الثاني. وقد ذكرنا أنّ الجواب الثاني منهما هو محاولة لتصحيح الجواب الأوّل ودفع ما يمكن أنْ يورد عليه.
 والذي يُلاحظ على الجواب الأوّل، والذي يقول فيه صاحبه بأنّه يمكن استكشاف وجوب الاحتياط في محل الكلام، وإنْ كان الأمر بالتوقّف أمراً إرشادياً، وذلك عن طريق استكشاف العلّة من المعلول؛ لأنّ الروايات تشمل محل الكلام بإطلاقها، وتدلّ على وجود الهلكة في الاقتحام في الشبهة في محل الكلام، ووجود الهلكة معلولٌ لوجوب الاحتياط، فنستكشف وجوب الاحتياط بالرغم من أنّ الأمر الوارد في هذه الروايات هو أمر إرشادي.
 الملاحظة على هذا الجواب: أنّ المشكلة في الحقيقة تكمن في أنّه كيف يمكن تصوّر اجتماع أمر إرشادي مع أمرٍ مولويٍ في كلامٍ واحدٍ، المشكلة ليست في أنّه هل يمكن أنْ يستكشَف هذا، أو لا، وإنّما المشكلة إثباتية في أنّه لا يمكن افتراض اجتماع الأمر الإرشادي والأمر المولوي في كلامٍ واحدٍ، هذا غير مقبول. نعم، يمكن تصوّر ذلك في كلامين، ولو لشخصٍ واحد، أنّ الشارع يرشد بأوامر إلى إطاعة أوامر مولويّة قيلت في مقامٍ آخرٍ، فهو يرشد إلى تلك الأوامر، ويُحذّر من مخالفة تلك الأوامر المولويّة. هذا لا بأس به، أمّا في كلامٍ واحد، فهذا غير مقبول، بمعنى أنّ الأمر الإرشادي في الكلام الواحد يرشد ويحذّر من مخالفة الأمر المولوي في نفس ذلك الكلام الواحد، هذا غير مستساغ. الجواب الأوّل يقع فيه هذا المحذور؛ لأنّ الجواب الأوّل يقرّ ويعترف بأنّ الأمر بالتوقّف هو أمر إرشادي، والجواب الأوّل مبني على تسليم أنّ الأمر بالتوقّف هو أمر إرشادي، ويدّعي في نفس الوقت أنّ التعليل بأنّ (الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) يُستكشَف منه الأمر المولوي الطريقي بالاحتياط، بحيث يكون هذا التعليل هو بيانٌ بنحوٍ من الانحاء لوجوب الاحتياط المولوي، يعني أنّ الشارع بدلاً من أنْ يأمر بالاحتياط مباشرةً، يُبيّن وجوب الاحتياط بذكر لازمه، وهو العقوبة على المخالفة، كما هو الحال في الواجبات النفسيّة، فكأنّه يريد أنْ يُبيّن وجوب الاحتياط المولوي لكن بذكر لازمه، هذا هو مدّعى الجواب الأوّل، وهذا معناه أنّ الكلام الواحد اجتمع فيه الأمر المولوي والأمر الإرشادي، يعني أوامر التوقّف ترشد إلى أوامر مولوية موجودة في نفس الكلام، هذا الذي يُتوقّف في قبوله، وحمل الروايات عليه قد يجعلها مخالفة للظاهر، هذا معقول في كلامين لشخصين، أو لشخصٍ واحد، لكن في نفس الكلام أنْ يكون الأمر الإرشادي في كلامٍ واحدٍ صادرٍ من متكلّم واحد هو يُرشد إلى أمرٍ مولوي موجود في نفس ذلك الكلام هو أمر غير مستساغ.
 وأمّا الجواب الثاني: فأنّه يُراد فيه حمل القضيّة على أنّها قضيّة خارجيّة، وهذا خلاف الظاهر، فظاهر القضيّة أنّها قضيّة حقيقيّة وليست خارجيّة، هو يريد أنْ يقول أنّ الخطاب في أوامر التوقّف موجّه إلى المخاطَبين، ولا مانع من افتراض أنّ المخاطبين قد وصل إليهم وجوب الاحتياط، ثمّ نعممّ وجوب الاحتياط لغير المخاطبين بقاعدة الاشتراك، فكأنّه يريد أنْ يقول أنّ القضيّة في المقام قضيّة خارجيّة، والخطاب فيها موجّه إلى أشخاص مُعيّنين وهم المخاطبون بهذا الخطاب. حمل الروايات على أنّها قضيّة خارجيّة، والخطاب فيها موجّه إلى خصوص المخاطَبين بها هو خلاف الظاهر؛ لأنّ ظاهر الأخبار أنّها قضايا حقيقيّة، والخطاب فيها لا يختصّ بخصوص المخاطَبين.
 الجواب الثالث على المناقشة الثالثة: ما ذكره السيّد الشهيد الصدر(قُدّس سرّه) [1] وحاصله: أنّ أصل المناقشة غير تامّة لا مبنى، ولا بناءً:
 أمّا من جهة المبنى؛ فلأنّ أصل المناقشة تبتني على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان، باعتبار أنّ أخبار التوقّف يُدّعى في المناقشة أنّها ظاهرة في وجود الهلكة في مرتبةٍ سابقةٍ على نفس الأخبار وبقطع النظر عنها، فلابدّ من حملها على الشبهات المنجَّزة في مرتبةٍ سابقةٍ مثل الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي، والشبهة قبل الفحص، ولا تشمل محل الكلام؛ لأنّ الشبهة في محل الكلام ليست منجَّزة بقطع النظر عن أخبار التوقّف؛ لأنّ الشبهة بعد الفحص تجري فيها قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وبهذا استطاع في المناقشة أنْ يُخرج محل الكلام عن أخبار التوقّف، فلا يصحّ الاستدلال بأخبار التوقّف على وجوب الاحتياط في محل الكلام.
 وأمّا بناءً على المسلك الآخر الذي يُنكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ويؤمن بمسلك حقّ الطاعة، ومنجّزيّة الاحتمال، الذي يؤمن بذلك كقاعدة عقليّة أوليّة هذه المناقشة لا تصحّ؛ إذ لا فرق بين الشبهة بعد الفحص التي هي محل الكلام، وبين الشبهة قبل الفحص، وبين الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي في أنّ المنجِّز العقلي موجود فيها جميعاً، هذه الشبهة ولو بعد الفحص منجَّزة بحكم العقل بمنجّزيّة الاحتمال، حيث أنّ احتمال التكليف موجود، والعقل يحكم بأنّه منجِّز بقطع النظر عن هذه الأخبار. إذن: لا فرق بين محل الكلام وبين سائر الشبهات بناءً على مسلك حقّ الطاعة في أنّ الواقع تنجَّز على المكلّف بقطع النظر عن هذه الأخبار، فلا معنى لحمل هذه الأخبار على الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، أو الشبهة قبل الفحص وإخراج محل الكلام عنها، وإنّما يصحّ هذا عندما نؤمن بمسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
 وأمّا من جهة البناء؛ فلأنّا لو تنزّلنا وسلّمنا قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وبنينا على ذلك، بالرغم من هذا يمكن أنْ نستفيد من هذه الأخبار وجوب الاحتياط، باعتبار أنّ هذا الكلام هو بيان عرفي مألوف لبيان الحكم المولوي الإلزامي، يعني بيان الحكم الإلزامي بلسان بيان ترتّب العقاب على الفعل، أو الترك، ومثله رائج [2] في مقام بيان الأحكام الواقعيّة، يُبيّن الحكم الواقعي بلسان ترتّب العقاب عل الفعل، فيُستفاد منه الحرمة الواقعيّة، أو يبيّن الوجوب الواقعي بلسان ترتّب العقاب على الترك، وأيّ فرقٍ بين الأحكام الواقعيّة والأحكام الظاهريّة، كما أنّ الحرمة الواقعيّة يمكن أنْ تُبيّن بلسان ترتّب العقاب على الفعل، الحرمة الظاهرية أيضاً يمكن أنْ تُبيّن بلسان ترتّب الهلكة والعقاب على الاقتحام في الشبهة، يُبين وجوب الاحتياط بلسان ترتّب الهلكة على الإقدام على الفعل، فالتوقّف واجب، والاحتياط واجب، وهذا لسان عرفي ومتعارف وليس فيه مشكلة، فإذن: يمكن أنْ نستكشف وجوب الاحتياط من هذا اللّسان، باعتبار أنّ هذا اللّسان لسان أنّ الاقتحام في الشبهة فيه مظنّة للهلاك، هذا اللّسان لغرض بيان الحكم الظاهري لوجوب الاحتياط، وهذا لسان متعارف، فلا مشكلة في أنْ نستفيد من أخبار التوقّف وجوب الاحتياط في محل الكلام.
 المشكلة في هذا الجواب الثاني ـــــ البنائي ـــــ هي نفس المشكلة الإثباتيّة التي أشرنا إليها، وهي أنّه ليست المشكلة في أنّه هل يمكن أنْ يُبيّن الحكم الواقعي، أو الحكم الظاهري بلسان ترتّب العقاب على المخالفة، أو لا يمكن ذلك، المشكلة ليست في هذا حتّى يقال: أيّ ضير في أنْ يُبيّن وجوب الاحتياط كحكم ظاهري بلسان أنّ الاقتحام في الشبهة هو اقتحام في الهلكة، هذا مُسلّم وليس فيه مشكلة، في الحقيقة المشكلة هي أنّه كيف نجمع بين الأمر بالتوقّف الذي سلّمنا أنّه أمر إرشادي وبين وجوب الاحتياط المولوي المُستكشّف من التعليل الوارد لتعليل وجوب التوقّف الإرشادي، وقلنا أنّ هذا الجمع بينهما غير مستساغ وغير مقبول عرفاً، فحمل الروايات على ذلك والاستدلال بها على وجوب الاحتياط بدعوى استكشاف ذلك هو أمر غير مستساغ عرفاً. نعم، يمكن أنْ يكون في كلام آخر، أنْ يُبيّن بلسانٍ إرشادي(أنا أحذّرك من أنْ تفعل الأمر الفلاني من العقاب الذي يترتّب على الفعل) نستكشف حرمة ذلك الفعل، لكن هذه الحرمة غير مذكورة في نفس الكلام، وإنّما مذكورة في كلامٍ آخر، لكن المُدعى في المقام أنّ هذه حرمة، أو وجوب ظاهري موجود في نفس الكلام، وبُيّن بذكر لازمه. هذه هي المشكلة الموجودة في هذا الجواب. هذا بالنسبة إلى المناقشة الثالثة، وممّا تقدّم يظهر أنّ المناقشة الثالثة في الاستدلال بأخبار التوقّف تامّة.
 المناقشة الرابعة: ما ذكره السيّد الشهيد أيضاً(قُدّس سرّه) [3] وحاصله: أنّ المقابلة بين الوقوف والاقتحام في أخبار التوقّف عند الشبهة(فأنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) جُعلت المقابلة بين الوقوف وبين الاقتحام. يقول: أنّ المقابلة بين الوقوف وبين الاقتحام في هذه الروايات لا يُراد بها المقابلة بين اجتناب الشبهة وبين ارتكابها حتّى نستفيد من الروايات أنّ الاجتناب واجب، وأنّ الارتكاب منهيٌ عنه، على خلاف أدلّة البراءة، فهي تقول أنّ الارتكاب جائز وليس عليه نهي، والاجتناب ليس واجباً، بينما هذه الأخبار تقول أنّ الارتكاب منهي عنه، والاجتناب لازم، المقابلة بينهما لا يُراد بها ذلك، وإنّما الوقوف له معنىً آخر غير الاجتناب، كما أنّ الاقتحام له معنىً آخر غير الارتكاب، والظاهر أنّ المراد بالمقابلة هو المقابلة بين التريّث والتمهّل في موارد الشبهة، وبين الإقدام بلا تروٍ ولا تأمّل، باعتبار أنّ الوقوف لا يعني الإحجام فقط، وإنّما هو كناية عن التريّث والتمهّل ودراسة الوضع، والإعراض والإحجام عن الشيء لا يقتضي الوقوف، وإنّما يقتضي ترك الشيء والانصراف عنه، الوقوف يعني أنّه في حالة تمهّل وتريّث ودراسة حتّى يتّضح الموقف، كما أنّ الاقتحام هو عبارة عن الإقدام بلا تدبّرٍ ولا تروّي عرفاً ولغةً، فلا يُراد به مطلق الإقدام، وإنّما الإقدام من دون تروٍ وتمهّل؛ وعندئذٍ تكون هناك مقابلة بين الوقوف بمعنى التريّث والتأمّل ودراسة الموقف وبين الاقتحام الذي يعني الإقدام من دون ذلك.
 إذن: بناءً على هذا، الأخبار تنهى عن الإقدام من دون تريّثٍ، لا أنّها تنهى عن الإقدام مطلقاً، وتأمر بالوقوف بمعنى التريّث والتأمّل ودراسة الموقف. هذا المضمون ـــــ أنّ الإمام عليه السلام ينهى عن الإقدام على الشبهة بلا تريّث، ويأمر بالتريّث والتروّي ــــــ إذا حملناه على النهي عن الإقدام بلا مستندٍ ودليلٍ، فقد يُفهم من النهي عن الاقتحام يعني النهي عن الإقدام بلا مستندٍ ولا دليلٍ، والأمر بالتريّث يعني أنت تريّث وتأمّل وادرس الموقف إلى أنْ تحصل على مستندٍ ودليلٍ يجوّز لك الاقتحام في الشبهة، إذا حُملا على ذلك؛ فحينئذٍ هذا المعنى لا يضر الأصولي أصلاً، باعتبار أنّ هذا اللّسان لا يُعارض أدلّة البراءة العقليّة؛ بل الشرعيّة أيضاً التي يستند إليها الأصولي في إقدامه على الشبهة؛ بل تكون في الحقيقة أخبار البراءة العقليّة والشرعيّة واردة على هذا اللّسان، ورافعة لموضوعه؛ لأنّ هذه الأخبار تنهى عن الإقدام من دون مستندٍ ولا دليلٍ، وأخبار البراءة مستند، والبراءة العقليّة أيضاً مستند ودليل يستند إليه الأصولي في تجويز الإقدام على هذه الشبهة، فتكون رافعة لموضوع هذه الأخبار؛ لأنّها إقدام مستند إلى دليل؛ فحينئذٍ تكون مقدّمة عليها بالورود، وأمّا إذا لم نحمله على هذ، وحملناه على أنّ القضيّة حقيقيّة واقعيّة وجدانيّة بمفاد أنّه يأمر بالتروّي والتمهّل وينهى عن الإقدام من دون تروٍ وتأمّلٍ؛ فحينئذٍ تكون أجنبيّة عن محل الكلام؛ وحينئذٍ لا يُستفاد منها وجوب الاحتياط في محل الكلام.
 نكتفي بهذه المناقشات؛ لأنّ هناك مناقشات أخرى أعرضنا عن ذكرها، وتبيّن من خلال هذا أنّ الطائفة الأولى التي استدلّ بها الأخباريون على وجوب الاحتياط، وهي أخبار التوقّف غير تامّة، على الأقل لورود المناقشة الثالثة عليها، وهذه المناقشة الرابعة التي هي تامّة ظاهراً.
 وأمّا الطائفة الثانية من الأخبار التي استدلّ بها الأخباريون على وجوب الاحتياط: فهي الأخبار الآمرة بالاحتياط في موارد معيّنة بحيث يُفهم منها كما يدّعي المستدلّ وجوب الاحتياط في غير مواردها ممّا يشبه ذلك المورد من حيث كونه شبهة حكميّة بعد الفحص، فكما أوجب الإمام(عليه السلام) الاحتياط في هذه الروايات في موردٍ خاصٍّ، هو يوجب أيضاً ــــــ بعد التعدّي ــــــ الاحتياط في سائر الشبهات الحكميّة بعد الفحص، وهذا هو المطلوب للأخباريين. عمدة هذه الطائفة روايتان:
 الرواية الأولى: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج المعروفة، قال:(سألت أبا الحسن "عليه السلام" عن رجلين أصابا صيداً وهما محرمان، الجزاء بينهما، أو على كل واحدٍ منهما جزاء ؟ فقال: لا؛ بل عليهما أنْ يجزي كل واحدٍ منهما الصيد، قلت: أنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك، فلم أدري ما عليه، فقال "عليه السلام" : إذا أصبتم بمثل هذا، فلم تدروا، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه وتعلموا). [4]
 الاستدلال بالرواية مبني على أنْ تكون الإشارة في قوله(عليه السلام):(إذا أصبتم بمثل هذا، فلم تدروا، فعليكم بالاحتياط) إلى نفس واقعة الصيد التي هي شبهة حكميّة بلا إشكال. وإنْ كانت دائرة بين الأقلّ والأكثر، فهو لا يدري أنّ الواجب عليه جزاء كامل، أو نصف جزاء، لكن كون المورد شبهة حكميّة من نوعٍ معيّن ليس مشكلةً؛ إذ يمكن أنْ نلغي خصوصيّة كونه دائر بين الأقلّ والأكثر، ونستعين على إلغائه بقول الإمام(عليه السلام) (إذا اُصبتم بمثل هذا)، ولم يقل (إذا اُصبتم بهذا)، فجعل موضوع وجوب الاحتياط هو(مثل هذا)، وليس(هذا) أي نفس الواقعة، وهذا يسمح لنا أنْ نلغي واقعة الصيد نفسها، وأنْ نتعدّى إلى كل الشبهات الحكميّة، ونلغي خصوصيّة أنْ تكون الشبهة دائرة بين الأقلّ والأكثر، المثليّة بين واقعة الصيد الدائرة بين الأقل والأكثر وبين غيرها ممّا أوجب الإمام(عليه السلام) فيه الاحتياط هي عبارة عن كونها شبهة حكميّة ؛ لأنّه لم يقل(إذا اُصبتم بهذا) حتّى يقال أنّ واقعة الصيد لها خصوصيّة، أو كونه دائر بين الأقل والأكثر له خصوصيّة، وإنّما قال(إذا اُصبتم بمثل هذا)، فهذا الشيء الذي هو غير واقعة الصيد، وغير دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، الذي هو (مثل هذا)، هذه المثليّة عادةً تكون ـــــــ بحسب ما يُفهم ـــــــ باعتبار أنّ الشبهة شبهة حكميّة.
 وبعبارةٍ أخرى: القدر الجامع والمشترك بين واقعة الصيد المذكورة وبين مثله، الذي عممّ الإمام(عليه السلام) وجوب الاحتياط إليه، القدر المشترك هو كونها شبهة حكميّة، فيُفهم من ذلك وجوب الاحتياط في الشبهات الحكميّة.
 
 


[1] بحوث في علم الأصول، تقرير بحث السيّد محمد باقر الصدر للسيد محمود الشاهرودي، ج 5، ص 93.
[2] بحوث في علم الأصول، تقرير بحث السيّد محمد باقر الصدر للسيد محمود الشاهرودي، ج 5، ص 94.
[3] بحوث في علم الأصول، تقرير بحث السيّد محمد باقر الصدر للسيد محمود الشاهرودي، ج 5، ص 91.
[4] وسائل الشيعة(آل البيت)، الحر العاملي، ج 13، ص 46، أبواب كفارات الصيد، باب 18، ح 6. و ج 27، ص 154، أبواب صفات القاضي، باب 12، ح 1.