الموضوع: الأصول العملية/ البراءة الشرعية
ذكرنا في الدرس السابق أنّ بعض الآثار لا إشكال فقهياً ولا خلاف في عدم شمول حديث الرفع لها، فلا تكون مرفوعة بحديث الرفع حتّى مع طرو هذه العناوين المذكورة في الحديث، ومثالها الواضح مثال الملاقاة، فأنّ النجاسة لا ترفع بحديث الرفع فيما إذا حصلت الملاقاة نسياناً، أو إكراهاً، أو اضطراراً؛ بل لا مجال لافتراض شمول حديث الرفع، ورفع النجاسة باعتبار حصول الملاقاة عن اضطرارٍ، أو عن نسيانٍ، وإنّما الكلام يقع في أنّ خروج مثل هذه الآثار عن حديث الرفع هل هو خروج بالتخصيص، أو هو خروج بالتخصصّ ؟ وبعبارة أخرى: هل أنّ حديث الرفع لا يشمل مثل هذه الآثار أساساً، فتكون خارجة تخصصّاً ؟ أو أنّه يشملها، ولكن الدليل دلّ على عدم رفعها ؟
هناك رأيان في هذه المسألة:
الرأي الأوّل: أنّها خارجة بالتخصيص، وأنّ المخصص هو عبارة عن الإجماع؛ لأنّ الإجماع قام على عدم رفع النجاسة إذا حصلت الملاقاة بالاضطرار، أو الإكراه، أو النسيان، ويكون هو الموجب لخروج هذه الآثار عن حديث الرفع.
الرأي الثاني: رأي السيّد الخوئي(قدّس سرّه). فهو يرى أنّ خروجها هو خروج تخصصّي موضوعي، بمعنى أنّ الحديث أساساً لا يشمل مثل هذه الآثار حتّى لو لم يكن هناك إجماع، لا يمكن رفع النجاسة الحاصلة بالملاقاة الاضطرارية، أو الإكراهية، أو إذا حصلت بالنسيان.
وذكر في مقام الاستدلال على ذلك:دراسات في علم الأصول: تقرير بحث السيد الخوئي للسيد الشاهرودي، ج 3، ص 245. أنّه يعتبر في شمول الحديث لموردٍ أنْ يكون الحكم المرفوع مترتباً على فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف من قبيل الحدّ، فأنّه مترتّب على شرب الخمر ـــــ مثلاً ـــــ ، فأنّه أثر مترتبٌ على فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف؛ حينئذٍ يكون حديث الرفع شاملاً له، ويرفع هذا الأثر إذا حصل الفعل عن اضطرارٍ، أو عن إكراهٍ، أو نسيانٍ. وأمّا إذا فرضنا أنّ الأمر ليس كذلك، أي أنّ الأثر لا يترتّب على فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف، وإنّما يترتب الأثر على ذات الفعل؛ فحينئذٍ لا يشمله حديث الرفع، ويترتّب على ذلك عدم شمول حديث الرفع لمسألة الملاقاة؛ لأنّ النجاسة ليست أثراً للملاقاة بما هي فعل المكلّف، وإنّما النجاسة أثر لذات الملاقاة، سواء حصلت بفعل المكلّف واختياره، أو حصلت لا بفعله، فالنجاسة ليست أثراً لفعلٍ يصدر من المكلّف بحيث يكون موضوعها فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف، وإنّما أتت النجاسة بالملاقاة كيفما حصلت، وبأي نحوٍ حصلت النجاسة، فأنّها تترتّب شرعاً على هذه الملاقاة، يقول(قدّس سرّه): مثل هذا المورد لا يشمله الحديث؛ لأننّا نشترط في شمول حديث الرفع لموردٍ أنْ يكون الأثر المرفوع مترتّباً على الفعل بما هو فعل المكلّف، فأيّ أثر لا يترتّب على فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف، وإنّما يترتّب على ذات الفعل لا يكون مشمولاً لحديث الرفع، فيكون خارجاً عنه تخصصّاً. ونفس الكلام يمكن أنْ يقال في مثالٍ آخر، وهو مسألة وجوب قضاء الفوائت اضطراراً، كما لو فاتته فريضة اضطراراً، وأثر فوات الفريضة هو وجوب القضاء، فإذا فاتته الفريضة عن اضطرارٍ، أو نسيانٍ؛ فحينئذٍ لا نستطيع أنْ نقول أنّ حديث الرفع يجري في المقام ويرفع عنه وجوب القضاء، فالقضاء واجب سواء فاتته الفريضة اختياراً، أو اضطراراً، أو فاتته متذكّراً، أو نسياناً؛ لأنّ موضوع وجوب القضاء كأثرٍ هو ذات فوت الصلاة، لا الفوت المستند إلى فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف؛ ولذا لا يكون الحديث شاملاً له أيضاً.
ثمّ ذكر في تتمّة كلامه في بعض تقاريره (قدّس سرّه) دراسات في علم الأصول: تقرير بحث السيد الخوئي للسيد الشاهرودي، ج 3، ص 246. أنّ الوجه في اشتراط شمول الحديث لموردٍ أنْ يكون الأثر مترتباً على فعل المكلّف بما هو فعل المكلّف هو أنّ هذه العناوين لا تتعلّق إلاّ بالفعل، فلابدّ أنْ يراد من الموصولات المرفوعة في الحديث فعل المكلّف؛ لأنّ العناوين لا تتعلّق إلاّ بفعل المكلّف.
توضيح الفقرة الأخيرة من كلامه(قدّس سرّه): الظاهر أنّ مقصوده هو أنّ ما يتعلّق به الاضطرار، والإكراه هو فعل المكلّف، وفعل المكلّف الذي يتعلّق به الاضطرار، والإكراه ليس موضوعاً للأثر الشرعي في هذه الموارد؛ بل الموضوع للأثر الشرعي هو ذات الفعل، لا فعل المكلّف بما هو فعل مكلّف؛ وحينئذٍ ما يتعلّق به الاضطرار، والمفروض أنّ الاضطرار هو الذي يكون سبباً في رفعه، لم يتعلّق بالأثر الشرعي، وما يقع موضوعاً للأثر الشرعي لم يتعلّق به الاضطرار، فما وقع موضوعاً للأثر الشرعي هو ذات الملاقاة؛ لأنّ الأثر الشرعي وهو النجاسة يترتّب على ذات الملاقاة، لا بما هي فعل للمكلف.
إذن: ما يقع موضوعاً للأثر الشرعي هو عبارة عن ذات الملاقاة، وما يتعلّق به الاضطرار ليس هو ذات الملاقاة، وإنّما هو عبارة عن فعل المكلّف؛ ولذا لا يكون حديث الرفع شاملاً لمثل هذا، فحديث الرفع يشمل الفعل الذي يتعلّق به الاضطرار، ويقع موضوعاً للأثر الشرعي، فالذي يتعلّق به الاضطرار ويقع موضوعاً للأثر الشرعي يرفعه حديث الرفع، لكن عندما يتعلّق به الاضطرار، وهذا الذي يتعلّق به الاضطرار يقع موضوعاً للأثر الشرعي كما هو الحال في شرب الخمر، حيث أنّ تطبيقه واضح جدّاً في شرب الخمر؛ لأنّ الاضطرار يتعلّق بشرب الخمر، وهو ـــــ شرب الخمر ـــــ وقع موضوعاً بما هو فعل المكلّف للأثر الشرعي، وتعلّق به الاضطرار بما هو فعل المكلّف، هذا يكون مرتفعاً بحديث الرفع. وأمّا الملاقاة وفوت الفريضة، فلا ينطبق عليها هذا المعنى؛ لأنّ الاضطرار لم يتعلّق بذات الملاقاة، وإنّما تعلّق بفعل المكلّف، وفعل المكلّف لم يقع موضوعاً للأثر الشرعي؛ لأنّ موضوع الأثر الشرعي في هذه الأمثلة هو عبارة عن ذات الملاقاة، أو ذات فوت الفريضة، وليس فوت الفريضة بما هو فعلٌ للمكلّف، والاضطرار لا يتعلق به كذلك، وإنّما يتعلّق بفعل المكلّف؛ ولذا لا يكون شاملاً له. هذا كلام السيد الخوئي(قدس سره) وهو أشكل على أستاذه الذي ذهب إلى أنّ الخروج هو من باب التخصيص بالإجماع، فقال(قدس سرّه) أنّ الأمر ليس كذلك، وإنّما الخروج هو خروج تخصصّي.
أُعترض على هذا الكلام باعتراضين:
الاعتراض الأوّل: أنّ هذا الكلام وإن كان لا بأس به، وله وجهٌ وجيهٌ، لكنّه لا يرفع الإشكال من أساسه؛ لأنّ هذا الكلام ينفع في مثل الملاقاة، لكنّه لا ينفع في أمثلة كثيرة أخرى من قبيل وجوب غسل المسّ المترتب شرعاً على مسّ الميّت، فهنا لا يمكن تطبيق هذه الفكرة لإثبات عدم شمول الحديث، ولا إشكال فقهيّاً في أنّ مسّ الميّت إذا صدر من المكلّف اضطراراً، أو نسياناً، فأنّ الأثر لا يرتفع عنه؛ بل يجب عليه الغسل، وهذا معناه أنّ حديث الرفع لا يشمله، لكن فكرة الخروج التخصصّي لا يمكن تطبيقها على مثال مسّ الميّت؛ لأنّ الاضطرار هنا يتعلّق بنفس ما وقع موضوعاً للأثر الشرعي؛ لأنّ موضوع وجوب غسل المسّ هو فعل المكلّف الذي هو مسّ الميّت، وهو بنفسه تعلّق به الاضطرار، أو الإكراه، فهنا لماذا لا يشمله حديث الرفع مع أنّ حاله حال شرب الخمر ؟ الاضطرار تعلّق بفعل المكلّف الذي هو شرب الخمر، وفعل المكلّف وقع موضوعاً للأثر الشرعي الذي هو الحدّ، هنا أيضاً فعل المكلّف الذي هو مسّ الميّت تعلّق به الاضطرار، أو الإكراه ووقع موضوعاً لوجوب الغسل، فلماذا هنا لا يشمله حديث الرفع، بينما هناك يشمله ؟ مع أنّه جعل الميزان في الشمول هو أنْ يتعلّق الاضطرار بنفس ما وقع موضوعاً للأثر الشرعي، وهذا الميزان يمكن تطبيقه في محل الكلام.
(مثال آخر) يمكن أنْ يُذكر في هذا المقام وهو مسألة الإتلاف الموجب للضمان، ولنفترض أنّ اليد كانت يداً أمينة لا يترتّب الضمان فيها على التلف، لكن يترتب الضمان على الإتلاف. موضوع هذا الضمان الذي هو الأثر الشرعي هو الإتلاف الذي هو فعل المكلّف، وهذا هو الذي يتعلّق به الاضطرار. إذن: فعل المكلّف تعلّق به العنوان، ووقع موضوعاً للأثر الشرعي، فالميزان متحققّ هنا، فهل نلتزم بشمول حديث الرفع لذلك ؟ ونقول أنّ هذا المكلّف يده يد أمينة، فإذا أتلف المال اضطراراً، أو نسياناً لا يكون ضامناً له ؟ أو أنّه يكون ضامناً له ؟ الجواب هو أنّه يكون ضامناً له، وهذا معناه أنّ حديث الرفع لا يكون شاملاً له، فلماذا لا يشمله ؟
إذن: هذا الميزان الذي ذكره السيد الخوئي(قدّس سرّه) لشمول حديث الرفع لموردٍ لا يحل المشكلة، فالمشكلة ليست مخصوصة بباب الملاقاة حتّى نقول أنّ الأثر الشرعي مترتّب على ذات الملاقاة، والاضطرار، والإكراه يتعلقان بفعل المكلّف، فيبقى هذا الوجه الذي ذكره السيد الخوئي(قدّس سرّه) ليس تامّاً، ولا يحل المشكلة من جميع الجهات.
نكررّ مرّة أخرى عبارة السيد الخوئي(قدّس سرّه) التي ذكرها، قال:(والوجه في ذلك هو أنّ هذه العناوين لا تتعلّق إلاّ بالفعل، فلابدّ أنْ يراد من الموصولات المذكورة فيه ذلك).دراسات في علم الأصول: تقرير بحث السيد الخوئي للسيد الشاهرودي، ج 3، ص 246. بمعنى أنّ العنوان لا يتعلّق إلاّ بالفعل، فإذا وقع نفس الفعل موضوعاً للأثر الشرعي فأنّ الحديث يشمله، أمّا إذا لم يقع الفعل موضوعاً للأثر الشرعي، وإنّما موضوع الأثر الشرعي هو ذات الفعل، وليس الفعل بما هو فعل المكلّف، فهذا لا يشمله الحديث. هذا الذي يُفهم من كلامه(قدّس سرّه)؛ لذا فأنّه يقول في باب قضاء الصلوات:دراسات في علم الأصول: تقرير بحث السيد الخوئي للسيد الشاهرودي، ج 3، ص 245.(مرّة نقول أنّ موضوع قضاء الصلاة هو عبارة عن فوت الفريضة، ومرّة نقول أنّه عبارة عن ترك الفريضة، فإذا قلنا أنّ موضوعه هو فوت الفريضة؛ فحينئذٍ لا يشمله الحديث؛ لأنّ الاضطرار يتعلّق بفعل المكلّف، بينما موضوع الأثر ليس هو فعل المكلّف، وإنّما هو ذات الفوت؛ فلذا لا يشمله الحديث، بينما إذا قلنا أنّ موضوع وجوب القضاء هو عبارة عن ترك المكلّف للفريضة؛ فحينئذٍ يمكن أنْ نقول بشمول الحديث له، حتّى لو فرضنا أنّه لا يلتزم به فقهيّاً، لكن من ناحيةٍ صناعيّةٍ يمكن أنْ نقول بشمول الحديث له؛ لأنّ العنوان ـــــ الاضطرار ـــــ يتعلّق بنفس الفعل الذي هو ترك المكلّف للفريضة، وهذا بما هو فعل المكلّف وتركٌ للمكلّف يكون الأثر الشرعي مترتباً عليه وهو وجوب القضاء، فيشمله الحديث ويرفع عنه وجوب القضاء. فمقصوده(قدّس سرّه) هو أنّ الميزان هو أنّ الحديث لا يشمل إلاّ مورداً يتعلّق العنوان فيه بما يقع موضوعاً للأثر الشرعي.
إذن: الإشكال الأوّل عليه هو أنّ هذا الميزان لا يحل المشكلة نهائيّاً؛ بل تبقى هناك أمثلة ينطبق عليها الميزان مع أنّه لا إشكال فقهيّاً في عدم شمول حديث الرفع لها.
الاعتراض الثاني: أنّه قال:(أنّ العناوين إنّما تتعلّق بفعل المكلّف)، وهذا أيضاً أُعتُرِض عليه بأنّ هذا قد يصحّ في الاضطرار وفي الإكراه، فالاضطرار يتعلق بفعل المكلّف، ولا معنى لأنْ يتعلّق الاضطرار بذات الملاقاة؛ لأنّها ليست فعلاً للمكلّف، وإنّما يتعلّق بالملاقاة بما هي فعلّ للمكلّف، والإكراه ايضاً من هذا القبيل، لكنّ النسيان ليس من هذا القبيل، فأيّ ضير في افتراض أنّ النسيان يتعلّق لا بفعل المكلّف ؟ لا مشكلة في هذا، لو فرضنا أنّ الملاقاة حصلت بين الثوب والنجاسة، وعلِم بها المكلّف، ثمّ نساها بعد ذلك، فهنا يمكن أنْ نقول بأنّ المكلّف نسي الملاقاة، ويمكن أنْ نقول بأنّ الملاقاة منسيّة من قبل المكلّف، فالنسيان تعلّق بما ليس فعلاً للمكلّف، إذا افترضنا أنّ الملاقاة حصلت بهبوب ريحٍ فلاقى الثوب النجاسة، وتنجّس، وعلِم به المكلّف، فهذه الملاقاة ليست فعلاً للمكلّف، ومع ذلك تعلّق بها النسيان، فيقال أنّ هذه الملاقاة منسيّة، والمكلّف نسي الملاقاة. فإذن: لا يمكن أنْ نقول أنّ العناوين كلّها لا تتعلّق إلاّ بفعل المكلّف؛ بل يمكن افتراض أنّ بعض العناوين تتعلّق بفعل المكلّف، وتتعلّق بغيره.
يمكن أنْ يُفسّر كلام السيد الخوئي(قدّس سرّه) بتفسيرٍ لعلّه يدفع هذه الاعتراضات عنه، وذلك بأنْ نقول: أنّ مقصود السيد الخوئي(قدّس سرّه) بهذا الكلام هو أنّ الحديث يشمل الفعل الذي يُسند إلى المكلّف، كما يشير ظاهر عبارته إلى ذلك، أنّ الحديث يختصّ بما إذا كان الفعل منسوباً، ومستنداً إلى المكلّف، فالاستناد والنسبة هي الميزان في شمول الحديث لموردٍ، أو عدم شموله له، فعندما يكون الفعل مسنداً إلى المكلّف، ويقال هذا فعل المكلّف؛ حينئذٍ يشمله الحديث، أمّا عندما لا يكون الفعل مسنداً، أو منسوباً إلى المكلّف؛ فحينئذٍ لا يشمله الحديث، ويقال أيضاً بأنّ السر في أنّ هذه العناوين توجب رفع تلك الآثار المترتبة على الفعل هو أنّ هذه العناوين عند انطباقها توجب أنْ تكون نسبة الفعل إلى المكلّف نسبة ضعيفة، يعني عندما يصدر الفعل من المكلّف عمداً ويصدر منه خطئاً، نسبة الفعل إلى المكلّف في حالة الخطأ أضعف من نسبته إليه في حالة العمد، فهذه العناوين(اضطرار، نسيان، إكراه، خطأ) توجب ضعف نسبة الفعل إلى المكلّف، وهذا هو السبب الداعي إلى رفع الآثار المترتبة على ذلك الفعل في حالة صدوره بأحد هذه العناوين؛ لأنّ نسبة الفعل إلى المكلّف تكون نسبة ضعيفة، أو معدومة، وهذا معناه أنّ الميزان هو أنّ الحديث يشمل الآثار التي تكون مترتبة على الفعل المنتسب إلى المكلّف، فإذا كانت هناك آثار تترتّب على الفعل المنتسب إلى المكلّف، فحديث الرفع يرفعها من قبيل شرب الخمر، حيث أنّ الأثر الذي هو الحرمة أو الحدّ هو أثر للفعل المنتسب إلى المكلّف، ففي كل موردٍ أمكن تطبيق هذا الميزان فأنّ الحديث يكون شاملاً له، وفي كل موردٍ لا يمكن تطبيق هذا الميزان، فأنّ الحديث لا يكون شاملاً له، وفي باب الملاقاة لا يمكن تطبيق هذا الميزان بشكلٍ واضح؛ لأنّ الأثر ليس أثراً للفعل بما هو منتسب إلى المكلّف؛ لأنّ النجاسة من آثار ذات الملاقاة؛ ولذا لا يشمله الحديث. قد يقال هذا في مقام بيان مقصود السيد الخوئي(قدّس سرّه)، لكن هل هذا يفترق عن ما ذكره سابقاً، أو لا ؟ وهل هذا يرفع الإشكالات والاعتراضات السابقة، أو لا ؟ سيأتي الكلام عنه إنْ شاء الله تعالى.