الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 377): إذا نفذت في الخدّ نافذة يرى‌َ منها جوف الفم فديتها مائتا دينار، فإن دووي وبرئ والتأم وبه أثر بيّن وشتر فاحش فديته خمسون ديناراً زائدة على المائتين المذكورتين، وإن لم يبق به أثر بيّن وشتر فلم يجب الزائد، فإن كانت النافذة في الخدّين كليهما من دون أن يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار، فإن كانت موضحة في شي‌ء من الوجه فديتها خمسون ديناراً، فإن كان لها شين فدية شينه ربع دية موضحته، فإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتّى نفذت إلى الحنك ففيها ديتان: دية النافذة وهي مائة دينار، ودية الموضحة وهي خمسون ديناراً، فإن كان جرحاً ولم يوضح ثمّ برئ وكان في أحد الخدّين فديته عشرة دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديتها ثمانون ديناراً، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما زاد على ذلك فديته ثلاثون ديناراً، ودية الشجّة الموضحة أربعون ديناراً إذا كانت في الجسد (1)

(مسألة 378): دية الشجاج في الرأس والوجه سواء (2)

1-ودليله نفس الرواية ((وديه الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الجسد)) هذا بحسب نقل التهذيب والفقيه ولكن الموجود في الكافي (اذا كانت في الخد) وهكذا في الوسائل نقلاً عن الكافي، ولكن الظاهر أن الصحيح هو ما في التهذيب والفقيه لأنه ذكر في موضعين من الرواية أن موضحة الوجه خمسون ديناراً، الأول: ((فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون دينارا))، والموضع الثاني ((فان كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها)) والظاهر أن هاتين الفقرتين يمكن جعلهما قرينة على صحة ما في التهذيب والفقيه من أن الأربعين هي دية موضحة الجسد

تقدم في بداية بحث الشجاج بأن ديات الشجاج في ادلتها مرتبة على عناوين معينة كالحارصة والدامية والموضحة والسمحاق وهكذا، وليست مترتبة على عنوان الشجة، فلم يرد عنوان الشجة في معظم الأدلة، نعم عرفت هذه العناوين بانها الشجة، والشجة عند أغلب اللغويين هي الجرح في الرأكما في العين والصحاح والقاموس ونهاية ابن الاثير وتاج العروس ومجمع البحرين- فلا شمول فيها للوجه، ومن هنا يظهر ما في كلام السيد الماتن من استدلاله على تعميم ديات الشجاج للوجه والرأس بإطلاق الشجة فإنها شاملة للوجه أيضاً ومما ذكرناه يظهر أن ما ذكره لا يمكن قبوله، ومن هنا فالتعميم للوجه بحاجة الى دليل آخر

والذي يمكن أن يقال للتعميم هو ما ذكره الفقهاء من الاستدلال للتعميم بالروايات

رواية الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال : ((الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في الدية لان الوجه من الرأس ، وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس))[1]

ورواية السكوني ((ان الموضحة في الوجه والراس سواء))[2] فهي وإن كانت ناظرة الى الموضحة الا انه يمكن تجاوز هذا بأن يقال بأن الموضحة لا خصوصية لها في هذا الحكم

الا أن كلتا الروايتين غير تامة سنداً فإن الحسن بن صالح بن حي من البترية ولا دليل على وثاقته

واما الرواية الثانية فينقلها في التهذيب عن النوفلي وطريقه الى النوفلي ضعيف بابن بطة وابي المفضل الشيباني

ومن هنا فالاستدلال بهذه الروايات يواجه هذه المشكلة

ويمكن أن يستدل على التعميم بدعوى أن الرأس يشمل الوجه عرفاً ولغة، وهذا هو اصح الوجوه لإثبات التعميم

وتوجد رواية لابي بصير، قد يقال بانها منافية لما ذكرناه عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : ((في السمحاق ، وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم ، وفيها إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين ))[3]

ولكن في الرواية ارسال فقد نقلها في الكافي عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن بعض أصحابه، مضافاً الى انها حكمت بأن دية السمحاق خمسمائة درهم وهذا منافي لكل الروايات المتقدمة في السمحاق والتي حكمت بأن دية السمحاق أربعة من الإبل وهي تمثل خمسي عشر الدية إذا كانت من الإبل فيكون مقدارها من الدراهم اربعمائة درهم فتكون هذه الرواية منافية ومخالفة للروايات السابقة المتقدمة في السمحاق

ومن هنا لا يمكن جعل هذه الرواية معارضة لما تقدم


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص385، أبواب دیات الشجاج، باب5، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص385، أبواب دیات الشجاج، باب5، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص380، أبواب دیات الشجاج، باب2، ح9، ط آل البيت.