الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 376): في احمرار الوجه باللطمة دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير و في اسوداده ستّة دنانير، وإن كانت هذه الأُمور في البدن فديتها نصف‌ ما كانت في الوجه (1)

(مسألة 377): إذا نفذت في الخدّ نافذة يرى‌َ منها جوف الفم فديتها مائتا دينار (2)، فإن دووي وبرئ والتأم وبه أثر بيّن وشتر فاحش فديته خمسون ديناراً زائدة على المائتين المذكورتين (3)، وإن لم يبق به أثر بيّن وشتر فلم يجب الزائد، فإن كانت النافذة في الخدّين كليهما من دون أن يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار (4)، فإن كانت موضحة في شي‌ء من الوجه فديتها خمسون ديناراً، فإن كان لها شين فدية شينه ربع دية موضحته (5)، فإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتّى نفذت إلى الحنك ففيها ديتان: دية النافذة وهي مائة دينار، ودية الموضحة وهي خمسون ديناراً (6)، فإن كان جرحاً ولم يوضح ثمّ برئ وكان في أحد الخدّين فديته عشرة دنانير (7)، فإن كان في الوجه صدع فديتها ثمانون ديناراً، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما زاد على ذلك فديته ثلاثون ديناراً (8)، ودية الشجّة الموضحة أربعون ديناراً إذا كانت في الجسد (9)

تقدم ان الرواية واردة في احمرار الوجه ويقع البحث هل نقتصر على الوجه او نتعدى الى غيره؟

ومحل الكلام في التعدي الى البدن، وحكم السيد الماتن بأن في البدن نصف ما في الوجه وهذا معناه عدم التعدي

والدليل هو نفس معتبرة إسحاق بن عمار المتقدمة بحسب نقل الشيخ الصدوق حيث قال فيها ((وفي البدن نصف ذلك)) الا أن هذه الزيادة غير موجودة في الكافي والتهذيب ولكن هذا لا يؤثر لأن الشيخ الكليني في الكافي لا ينفي الزيادة حتى يكون نقله معارضاً لما في الفقيه وانما هو ساكت عن الزيادة

وبعبارة أخرى ان غاية ما يشهد به الشيخ الكليني والشيخ الطوسي هو عدم وجود الزيادة في ما وصل اليهما من الرواية ولا يشهدان بعدم وجود الزيادة في الرواية واقعاً فهما لا يكذبان شهادة الشيخ الصدوق وانما يقولان لم تصل الينا هذه الزيادة ومن هنا نقول لا يوجد تعارض بين النقلين فلا مانع من الأخذ بالزيادة والاستدلال بها في محل الكلام وعليه يثبت في احمرار البدن ثلاثة ارباع الدينار وفي اخضراره دينار ونصف وفي اسوداده على الخلاف المتقدم في اسوداد الوجه فمن يقول فيه ثلاثة دنانير يثبت عنده أن في اسوداد البدن دينار ونصف ومن يقول ان فيه ستة دنانير يثبت عنده ثلاثة دنانير في اسوداد البدن

واما التعدي الى الرأس، فالوارد في الرواية هو الوجه والوجه غير الرأس، وذكروا أن الملاحظ أن الوجه والرأس يتساويان في ديات الشجاج وجعل هذا التساوي قرينة على التساوي في محل الكلام

وهذا الكلام غير مقبول باعتبار ان المساواة في باب الشجاج استفيدت مما دل على الحاق الوجه بالرأس فإن الشجاج أساساً في الرأس ففي كلمات بعض اللغويين اختصاص الشجاج بالجرح في الرأس والحق الوجه بالرأس بأدلة من قبيل رواية السكوني ((ان الموضحة في الوجه والراس سواء))[1] وقلنا بأن الموضحة لا خصوصية لها قاذا ثبت الحكم في الموضحة يثبت في باقي المراتب

ورواية الحسن بن صالح الثوري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال : ((الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في الدية))[2]

فمن هذه الروايات يستفاد الحاق الوجه بالرأس في ديات الشجاج

واما في المقام فالأحكام واردة في الوجه فلا يمكن الاستدلال على الحاق الرأس بالوجه بالروايات الدالة على إلحاق الوجه بالرأس، هذا بقطع النظر عن أن هذه الروايات مختصة بباب الشجاج

على كل حال فمقتضى القاعدة هو عدم ثبوت هذه الاحكام في الرأس لأن الوجه غير الرأس

كما انه لا وجه لإلحاق الرأس بالبدن بأن يقال بأن فيه نصف ما في الوجه لأن الرأس غير البدن ولذا يقسم جسم الانسان الى رأس وأطراف وبدن، وعلى هذا فيثبت في الرأس الحكومة

2-الدليل عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: ((وفي الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار))[3] والدليل واضح في ما يقوله السيد الماتن، ولكن هذا بحسب الموجود في الكافي بينما الموجود في التهذيب والفقيه مئة دينار والظاهر أن الاصح هو ما في الكافي باعتبار ان هذه الرواية بعد ذلك تقول ((ان دووي فبرأ والتأم وبه أثر بين وشتر فاحش فديته خمسون ديناراً ، فان كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار وذلك نصف الدية التي يرى منها الفم)) فيكون دية التي يرى منها الفم مئتا دينار، وهذه العبارة موجودة حتى في نقل الفقيه والتهذيب

وهو مذكور في نفس الرواية ولا بد من التقيد بان الخمسين دينار زائدة على المئتين، لأن المئتين ثبتت في التجويف الذي أحدثة بحيث يرى منه جوف الفم والخمسين في التشويه

وان لم يحدث التشويه فإن الخمسين لا تجب

وهو موجود في نفس الرواية

وهذا مذكور في نفس الرواية ((فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون ديناراً، فان كان لها شين فدية شينه ربع دية موضحته)) هذا بحسب نقل التهذيب بينما الموجود في الكافي (فدية شينه مع دية موضحته) أي أن دية الشين تجب بالاضافة الى دية الموضحة، والظاهر أن الاقرب ما في التهذيب باعتبار أن الرواية في مقام تحديد ما يجب بحساب الدنانير

وهذا دلت عليه نفس الرواية قال عليه السلام ((فان كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها))

ظاهر ما يقوله اشتراط أن يكون في أحد الخدين حتى يحكم بأن ديته عشرة دنانير والظاهر أن هذا هو الصحيح لأن الرواية تتحدث عن أحد الخدين

نعم الموجود في الفقيه والتهذيب ((ثم برأ فكان في الخدين اثر فديته عشرة دنانير)) فالعشرة دنانير تترتب على وجود أثر في الخدين، بينما الموجود في الكافي ((فان كان جرحا ولم يوضح ثم برأ وكان في الخدين فديته عشرة دنانير)) فلا يشترط وجود اثر في الخدين، والاقرب أن ما في التهذيب والفقيه هو الصحيح إذ لا معنى لاشتراط أن يكون في الخدين بينما الكلام عن الخد الواحد فلا بد أن يكون المقصود إن كان في الخدين أثر، فالاثر الذي احدثته هذه الجناية فيه عشر دنانير

لأن الرواية تقول ((فان كان في الوجه صدع فديته ثمانون ديناراً ، فان سقطت منه جذمة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما فوق ذلك فديته ثلاثون ديناراً))

يدل على ذلك نفس الرواية ((وديه الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الجسد)) هذا هو الموجود في التهذيب والفقيه ولكن الموجود في الكافي (اذا كانت في الخد)

 


[1] وسائل الشيعة: 29/386 الباب الخامس من ابواب ديات الشجاج ح2.
[2] وسائل الشيعة: 29/385، الباب الخامس من ابواب ديات الشجاج ح1.
[3] وسائل الشيعة: 29/295، الباب السادس من ابواب ديات الاعضاء ح1.