الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 374): إذا نفذت في الأنف نافذة، فإن انسدّت وبرأت ففيه خمس دية روثة الأنف (1)، وما أُصيب منه فبحساب ذلك (2)، وإن لم تنسدّ فديته ثلث ديته (3)، وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم فديتها عشر دية روثة الأنف (4)، وإن كانت في إحدى المنخرين إلى المنخر الأُخرى أو في‌ الخيشوم إلى المنخر الأُخرى فديتها ستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار (5)

1-فسرت النافذة في الانف بانها الرمية او الطعنة التي تخرق المنخرين والحاجز، ومستند الحكم هو رواية ظريف ((وإن كانت نافذة فبرأت والتأمت فديتها خمس دية روثة الانف مائة دينار)) وقلنا بان هناك خلاف في نقل الرواية فهذا هو الموجود في الكافي والفقيه والتهذيب، ولكن الموجود في الرواية بحسب نقل الوسائل عن الكافي (خمس دية الانف مئتا دينار) ولم يشيروا في النسخة المحققة من الكافي التي اعتمدت على نسخ خطية الى وجود نسخة اخرى، وفي جامع احاديث الشيعة لم يشر الى وجود نسخة اخرى وكذلك في مرآة العقول، ويمكن تجاوز هذه القضية بافتراض الاشتباه من قبل صاحب الوسائل ولكن المشكلة في ان كثيراً من الفقهاء قد افتوا بمضمون الرواية التي ينقلها صاحب الوسائل

ومن هنا يبرز احتمال أن مستند هؤلاء العلماء هو رواية الكافي بحسب النسخة التي ينقل عنها الوسائل، ولكن هذا إن كان موجوداً في الكافي فهو غير موجود في الفقيه وفي التهذيب فإن نسخهما مطبقة على المئة دينار فلماذا غض الاصحاب النظر عن هذه الكتب واعتمدوا على نسخة الكافي، ثم هل وصل اليهم نقل الكليني للرواية بنسخة المئة دينار كما هو موجود في النسخ الخطية فيكون التعارض في نسخ الكافي غير التعارض بينه وبين التهذيب والفقيه

وعلى كل حال يصعب تفسير هذه الظاهرة وانه كيف افتى هؤلاء بهذا الحكم، وتجاوز هذا ليس بتلك السهولة فالمسألة ليست واضحة فإن حسن الظن بهؤلاء العلماء وتتبعهم ودقتهم يمنعنا من القول باشتباه الجميع في فهم الرواية فلا بد ان يكون هناك شيء وصل اليهم يدل على هذا الحكم الذي افتوا به ومن جهة اخرى لا يوجد عندنا مستند لما حكموا به الا ما ينقله صاحب الوسائل عن الكافي

وفي النتيجة ستكون نسخ الكافي متعددة ففي بعض النسخ مئة دينار وفي بعضها مئتا دينار فإن بنينا على أن هذا تعارض داخلي في نسخ الكافي ويوجب عدم الاعتماد على نقل الكافي فحينئذ يمكن الرجوع الى غير الكافي وهو نقل الفقيه والتهذيب فيثبت الحكم الذي ذكره السيد الماتن واما اذا بنينا على أن التعارض يكون بين الجميع بمعنى أن النسخة التي ينقلها صاحب الوسائل عن الكافي يعارضها ما ينقله الشيخ الصدوق في الفقيه والشيخ الطوسي في التهذيب ايضاً فالتعارض بين الجميع واذا وصلت النوبة الى التساقط فالجميع يسقط فحينئذ تصل النوبة الى الاصول العملية ولا اشكال في أن مقتضاها في المقام هو الاقتصار على الأقل ونفي الزائد بالبراءة

ويبدو أن النتيجة هي ما ذكره السيد الماتن على كل التقادير

2-فالدية الثابتة للكل تقسم على الاجزاء فاذا فرضنا ان الاصابة كانت في نصف الانف ففيها خمسون ديناراً

3-ودليله نفس معتبرة ظريف ((فان قطع روثة الانف ـ وهي طرفه ـ فديته خمسمائة دينار ، وإن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار))[1]

ويدل عليه ايضاً رواية مسمع ((قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في الناقلة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو)) [2] والموجود في التهذيب في النافذة فيصح الاستدلال بها في المقام ولا بد من تقييدها بما اذا لم تنسد، لكنها ضعيفة السند فانها رواية مسمع بن عبد الملك التي تقدم انها ضعيفة بسهل بن زياد والاصم ومحمد بن الحسن بن شمون

مضافاً الى أن الموجود في الكافي الناقلة كما نقلها في الوسائل

4-ودليله نفس الرواية ((وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم ـ وهو الحاجز بين المنخرين ـ فديتها عشر دية روثة الانف خمسون ديناراً لانه النصف)) وظاهر الرواية انه يفترض فيما لو التأمت وبرأت لأنه عللها بأنه النصف أي ان المنخر الواحد الى الخيشوم يمثل نصف الانف وحيث ان النافذة في تمام الانف لو التأمت فيها مئة دينار فاذا كانت في نصف الانف ففيها خمسون وهذا معناه انه يفترض انها التأمت وبرأت

5-وهو موجود في الرواية ايضاً ((وان كانت نافذة في إحدى المنخرين أو الخيشوم إلى المنخر الآخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار)) وظاهرها انه يفترض صورتين: أن تنفذ في احدى المنخرين او تنفذ في الخيشوم الى المنخر الآخر

ويحتمل أن يكون المقصود إن كانت نافذة من إحدى المنخرين الى المنخر الآخر او نافذة في الخيشوم الى المنخر الآخر

 

فيفترض نفوذ النافذة الى المنخر الاخر على كلا التقديرين لكنه تارة يفترض نفوذها من المنخر الاول الى المنخر الآخر او من الخيشوم الى المنخر الآخر

وليس واضحاً ما يقوله في الرواية فاذا فسرناها بهذا التفسير فقد تتنافى مع ما تقدم في المورد الذي قال أن فيها مئة فاذا اخترقت كلا المنخرين والحاجز ففيها مئة اذا التأمت، وفي محل الكلام اذا كانت نافذة في كلا المنخرين فلا بد أن تكون نافذة في الحاجز فلا يكون فرق بين الموردين

الا اذا افترضنا انه يمكن أن تكون نافذة في المنخرين من دون أن تكون نافذة في الخيشوم فيكون فرق بين الموردين.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص293، أبواب ديات الأعضاء، باب4، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص380، أبواب الشجاج، باب2، ح7، ط آل البيت.