الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 372): لو كسر الأنف ففسد فالمشهور بين الأصحاب أنّ فيه دية كاملة، وهو لا يخلو عن إشكال، والأقرب فيه الرجوع إلى الحكومة (1)

(مسألة 373): إذا كسر الأنف فجبر على غير عيب ولا عثم فالمشهور أنّ ديته مائة دينار (2)، وهو لا يخلو عن إشكال (3) بل لا يبعد الرجوع فيه إلى الحكومة ، وكذلك الحال فيما إذا جبر على عيب وعثم (4)

(مسألة 374): إذا نفذت في الأنف نافذة، فإن انسدّت وبرأت ففيه خمس دية روثة الأنف (5)، وما أُصيب منه فبحساب ذلك، وإن لم تنسدّ فديته ثلث ديته، وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم فديتها عشر دية روثة الأنف، وإن كانت في إحدى المنخرين إلى المنخر الأُخرى أو في‌ الخيشوم إلى المنخر الأُخرى فديتها ستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار

1-قلنا بأن هذه المسألة تارة نفسر الافساد بما يؤدي الى سقوط الانف كما احتمله بعضهم كما نسبه في مفتاح الكرامة الى الروض فيدل على ما ذهب اليه المشهور من أن فيه الدية الكاملة صحيحة هشام بن سالم حتى لو قلنا باختصاصها بالقطع بالغاء خصوصية القطع وانما تمام خصوصيته انه يؤدي الى انهاء وزوال العضو ولذا فلا اشكال عندهم في ثبوت دية اليد من دون فرق بين قطعها وبين خلعها لأن ما يفهم من الدليل أن خصوصية القطع انه يؤدي الى زوال العضو وانهائه وزواله، ففي محل الكلام قد زال العضو بالكسر المؤدي الى سقوطه لا بالقطع فيثبت فيه الدية الكاملة

واما اذا قلنا بأن المقصود هو الفساد مع افتراض بقاء الانف على حاله فنستدل على قول المشهور بنفس الرواية بالغاء خصوصية القطع بما هو موجب لزوال العضو وسقوطه، وانما باعتباره موجباً لتعطيل العضو وعدم الانتفاع به

وبهذا يمكن الاستدلال على ثبوت تمام الدية في كسر الانف المؤدي الى فساده وعدم الانتفاع به

ومن هنا يظهر بأن الاستدلال على قول المشهور -على كلا التقديرين- لا يختص بصحيحة هشام بن سالم بل يمكن الاستدلال بكل الادلة التي تدل على أن في الانف الدية حتى من يصرح بالقطع

وما نراه ان الامر الاول اي الغاء خصوصية القطع بما هو قطع بالسكين ممكن فالحكم رتب على القطع بما هو مؤدي الى زوال العضو وسقوطه وهذا موجود في الفساد المؤدي الى سقوط العضو

ولكن اذا كان الفساد غير مؤد الى سقوط العضو فالظاهر أن الجزم بالغاء خصوصية القطع بما هو مؤدي الى سقوط العضو بدعوى أن خصوصية القطع من جهة كونه موجبا لتعطيل العضو وفساده فقط لا جزم بها لاننا نحتمل أن القطع بما هو مؤدي الى زوال العضو هو الدخيل في الحكم الشرعي

ويظهر مما ذكرناه أن الصحيح هو ما ذكره السيد الماتن من انه لم يظهر دليل واضح على ثبوت مقدر في فرض المسألة، نعم اذا اريد بالفساد الفساد المؤدي الى سقوط العضو فهذا يثبت فيه تمام الدية

2-هذا هو المعروف والمشهور بل ادعى عليه الاجماع في الغنية، وعدم الخلاف في الرياض واختاره معظم الاصحاب في كتبهم الفقهية الاستدلالية كما في المقنعة والنهاية والسرائر والوسيلة والشرايع والنافع والتحرير والارشاد واللمعة والروضة وغيرها والدليل عليه هو معتبرة ظريف حيث ورد فيها ((وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار))[1] والاستدلال بها في محل الكلام بدعوى أن المفهوم منها أن المئة دينار تثبت في كل ما كان في كسره الدية اذا كسر وجبر على غير عيب ولا عثم ومنه محل الكلام لأن كسر الانف فيه دية كاملة

3- باعتبار أن الدليل لا يساعد على ذلك لأن الرواية مختصة بكسر الظهر ولا يستفاد منها الحكم الكلي مضافاً الى اننا استشكلنا في ثبوت الدية الكاملة في كسر الانف مع فساده

فلا بد أن يرجع الى الحكومة كما هو مقتضى القاعدة في كل ما لا مقدر له شرعاً

4-لانه لا مقدر له شرعاً

5- المراد بروثة الانف أرنبة الانف أي طرفه الذي يسيل منه الرعاف وديتها خمسمائة دينار وخمسها مئة والدليل على الحكم المذكور في المسألة هو معتبرة ظريف ((فان قطع روثة الانف ـ وهي طرفه ـ فديته خمسمائة دينار ، وإن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وإن كانت نافذة فبرأت والتأمت فديتها خمس دية روثة الانف مائة دينار)) [2] وهذا هو الموجود في الكافي والفقيه والتهذيب ونقلها صاحب الوسائل بعبارة (خمس دية الانف مئتا دينار) ولكن كل من نقل الرواية ذكر ان فيه خمس دية روثة الانف مئة دينار

ولكن الظاهر من كثير من الفقهاء انهم ذهبوا الى أن فيه مئتا دينار كما في المقنعة والنهاية للشيخ والمراسم والكافي للحلبي والغنية والاصباح والشرايع والنافع، قال في الشرايع (اذا جبرت وصلحت فخمس الدية مئتا دينار) بل ادعى في الغنية الاجماع عليه، ومن العجيب انه نقل عن جماعة انهم استدلوا لهذا القول بمعتبرة ظريف مع انها في كل الكتب الاربعة وغيرها ان فيه خمس دية روثة الانف مئة دينار

ومن هنا قد يقال بأن الموجود في الرواية مئة دينار ولكن الفقهاء نقلوا رواية واستدلوا بها في مواضع عديدة وهذا يوجب الاعراض عن هذه الرواية وسقوطها عن الاعتبار، ومن جهة اخرى يوجد مخالف وهو ابن الجنيد والشيخ في الخلاف فهو يقول أن فيها مئة دينار ومخالفة ابن الجنيد والشيخ الطوسي تمنع من تحقق الاعراض بشكل واضح، مضافاً الى ان اقدم من نقل عنه الالتزام بهذا القول هو الشيخ المفيد في المقنعة وهذا يعني اننا لا نعرف رأي القدماء الذين يوجب اعراضهم سقوط الرواية عن الاعتبار في المسألة

فتبقى الرواية على اعتبارها ومقتضى العمل بها أن نقول انه تثبت في المقام مئة دينار دية ما اذا نفذت في الانف نافذة وانسدت وبرأت.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص304، أبواب دیات الاعضاء، باب13، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص293، أبواب دیات الاعضاء، باب4، ح1، ط آل البيت.