الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 365): لو جنى شخص بموضحة فجنى آخر بجعلها هاشمة وثالث منقلة ورابع مأمومة، فعلى الأوّل خمس من الإبل (1)، وقيل: على الثاني خمس من الإبل أي ما به التفاوت بين الموضحة والهاشمة وعلى الثالث ما به التفاوت بين الهاشمة والمنقلة، وعلى الرابع ثمان عشرة من الإبل و فيه‌ إشكال، والأظهر أنّ على الثاني تمام دية الهاشمة، وعلى الثالث تمام دية المنقلة، وعلى الرابع تمام دية المأمومة

(مسألة 366): الجائفة وهي التي تصل الجوف بطعنة أو رمية فيها ثلث دية النفس: ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ولا تختصّ بما يدخل جوف الدماغ، بل يعمّ الداخل في الصدر والبطن أيضاً و يكفي فيها ثلاث وثلاثون من الإبل (2)

(مسألة 367): لو جرح عضواً ثمّ أجافه، مثل: أن يشقّ الكتف إلى أن يحاذي الجنب ثمّ يجيفه، لزمه دية الجرح ودية الجائفة (3)

(مسألة 368): لو أجافه كان عليه دية الجائفة، ولو أدخل فيه سكّيناً ولم يزد عمّا كان عليه فعليه التعزير (4)، وإن زاد باطناً فحسب أو ظاهراً كذلك ففيه الحكومة (5)، ولو زاد فيهما معاً فهو جائفة أُخرى فعليه ديتها

لاخلاف بينهم في أن الاول عليه دية الموضحة، وانما الخلاف في ما يجب على الثاني والثالث والرابع

وهنا قولان:

القول الاول: إن على الثاني خمسة من الابل وعلى الثالث خمسة من الابل وعلى الرابع ثمانية عشر بعيراً، لأن دية الهاشمة انما تجب بشيئين بالهشم مع الايضاح ولذا لو اوضح وهشم فليس عليه الا عشرة من الإبل ومن الواضح ان للايضاح خمسة من الابل ولازمه أن يبقى للهشم خمسة من الابل، ونفس الكلام في الثالث فإن دية المنقلة وهي خمسة عشر بعيراً انما تجب بنقل العظام بالاضافة الى كسرها وايضاحها بدليل ان الشخص لو اوضح العظم وهشمه ونقله من مكانه فعليه خمسة عشر من الإبل ولازم هذا أن يكون على الثالث الذي جعلها منقلة خمسة من الإبل ونفس الكلام يقال في الرابع فإن ثلث الدية انما تجب فيما اذا اوصلها الى الدماغ مع النقل والهشم والايضاح فاذا اثبتنا خمسة لكل واحد من الايضاح والنقل والهشم يبقى من ثلث الدية ثمانية عشر بعيراً

والخلاصة انهم يفترضون أن الهاشمة في محل الكلام ليست من فعل الثاني فقط وانما حصلت بفعل الاول والثاني فتكون مسألتنا من قبيل ما لو قام شخص واحد بالهاشمة فلا اشكال في أن عليه عشرة من الإبل ونستفيد من هذا انه في محل الكلام حيث ان العمل لم يقم به شخص واحد وانما احدهم كشف عن العظم والاخر هشم العظم فالهاشمة نتيجة لفعل شخصين فدية الهاشمة توزع عليهما

ونفس الكلام يقال في الثالث فإن المنقلة ليست من فعله وحده وانما هي من فعل الاول والثاني والثالث، وهكذا

القول الثاني: إن على الثاني دية الهاشمة وهي عشرة من الابل وعلى الثالث دية المنقلة، وعلى الرابع دية المأمومة

 

وقد لوحظ على أدلة القول الاول بملاحظتين:

الاولى: ما تقدم من أن الحكم في الهاشمة يتعلق بالكسر وإن لم يكن جرح فليس المأخوذ فيها الجرح، فإذا قلنا بهذا فلا بد أن نقول بأن الثاني عليه عشرة من الابل فإن الحكم في الهاشمة يتعلق بكسر العظم وإن لم يكن مسبوقاً بالايضاح ، فالالتزام بأن عليه خمسة من الابل يتنافى مع ما تقدم في الهاشمة

ونفس الكلام يقال في المنقلة فتقدم بأن الدية تتعلق بنقل العظام وإن لم تكن مسبوقة بكسر العظم، فالقول بأن الثالث عليه خمسة من الابل يتنافى مع ما تقدم في المنقلة

 

الثانية: لو سلمنا وقلنا بأن الحكم في الهاشمة يتعلق بالكسر المسبوق بالجرح فالهاشمة المسبوقة بالجرح فيها خمسة عشر من الابل

فهذا لا يعني توزيع الدية على الايضاح والهشم وانما الذي يقوله الدليل ان العشرة على الهشم فإن الحكم في الادلة يتعلق بالعنوان المذكور فيها، غاية الامر ان الهشم اذا كان مسبوقاً بالايضاح بضربة واحدة فلا دية للايضاح وانما تكون الدية للهشم

وانما نقول هذا لصحيحة ابي عبيدة الحذاء المتقدمة فانها تتحدث عن جنايتين حصلتا بضربة واحدة وبينهما ترتب وطولية وكانت دية احدهما اغلظ من الاخرى فتؤخذ دية الاغلظ منهما، وهذا معناه أنه فيما اذا كانت الجنايتان بضربة واحدة فان دية الايضاح تلغى

وهذا لا يعني ان العشرة توزع بينهما في محل الكلام إذ لا يمكن القول بالتداخل في محل الكلام لتعدد الضربة بل حصل الايضاح بضربة شخص والهشم بضربة شخص آخر

ومن هنا يظهر بأن الدليل الذي استدل به على القول الاول ليس تاماً، والصحيح هو القول الثاني

تقدم الكلام حول الجائفة مفصلاً والظاهر أن النتائج التي وصلنا اليها موافقة لما يذكره السيد الماتن في هذه المسألة

وهذا على القاعدة لأنهما جنايتان

سواء أكان الجاني من أدخل السكين او غيره فعليه التعزير فقط لأنها ليست جناية، والتعزير باعتبار انه ارتكب محرماً للظلم والتعدي على الغير لما دل على أن التعزير من صلاحيات الحاكم الشرعي عندما يرتكب الانسان محرماً من المحرمات وتقديره متروك الى رأي الحاكم الشرعي في ما يتحقق به الردع عن الحرام

لانها جناية ليس لها تقدير شرعي فعليه الحكومة