الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

(مسألة 361): في ما ذكرناه من المراتب تدخل المرتبة الدانية في المرتبة العالية إذا كانتا بضربة واحدة، وأمّا إذا كانتا بضربتين فلكلّ منهما ديته (1)، من دون فرق بين أن تكونا من شخص واحد أو من شخصين

(مسألة 362): لو أوضح موضحتين فلكلّ منهما ديتها(2)، ولو أوصل آخر إحدى الموضحتين بالأُخرى بجناية ثالثة فعليه ديتها، ولو كان ذلك بفعل المجنيّ عليه فهي هدر، وإن كان ذلك بفعل الجاني أو بالسراية فهل هذا يوجب اتحاد الموضحتين، أو هو موضحة ثالثة، أو فيه تفصيل؟ وجوه، بل أقوال، والأقرب أنّه موضحة ثالثة إذا كان بفعل الجاني، ولا شي‌ء عليه إذا كان بالسراية

تقدم في (مسألة 343) و(مسألة 345) اذا اجتمع بعض ما فيه الدية المقدرة شرعاً مع بعضها الآخر تتعدد الدية فلكل منهما ديته، وفي مسألة ما اذا اوجب قطع الاذنين ذهاب السمع

وقلنا بأن المستفاد من صحيحة ابي عبيدة الحذاء في حالات من هذا القبيل أن التداخل وعدم تعدد الدية له شروط ثلاثة واذا اختل أحد هذه الشروط فالقاعدة تقتضي عدم التداخل وتعدد الدية، مع وضوح أن القاعدة الاولية عدم تداخل المسببات مع تعدد السبب

نعم دلت صحيحة ابي عبيدة الحذاء على تداخل المسببات بالرغم من تعدد السبب بشروط

اولاً: أن تكون الجنايتان بضربة واحدة

الثاني: أن يكون بين الجنايتين طولية وترتب كما لو قطع اذنيه فذهب سمعه، في مقابل أن تكونا في عرض واحد كما لو ضربه على رأسه فذهب بصره وذهب سمعه

الثالث: أن تكون دية احدى الجنايتين أغلظ من دية الجناية الاخرى، كما لو قطع احدى اذنيه فذهب سمعه

فاذا اجتمعت هذه الشروط فيكتفى بالدية المغلظة، واما اذا اختل أحد هذه الشروط فلا بد من تعدد الدية كما لو ضربه بضربتين وقطع اذنه باحدهما واذهب سمعه بالاخرى، او لم يكن طولية بين الجنايتين كما لو ضربه على رأسه فاذهب سمعه وبصره او اذا كانت دية احدى الجنايتين مساوية للاخرى في الدية كما لو قطع اذنيه فذهب سمعه

واذا طبقنا هذا الكلام في هذه المسألة تدخل الدانية في العالية اذا كانتا بضربة واحدة كما اذا ضربه بضربة واحدة فشق الجلد الا ان الضربة لم تقف على الجلد فنزلت الى اللحم وأخذت منه كثيراً ونزلت الى العظم وأظهرت بياضه فلانه بضربة واحدة فيدفع دية واحدة للموضحة وهي الاغلظ دية فإن الشروط الثلاثة للاكتفاء بدية واحدة متوفرة فالضربة واحدة والترتب موجود فلا يمكن افتراض الموضحة الا بتحقق المراتب التي قبلها، كما ان دية الموضحة اشد من المراتب التي قبلها

واما اذا اختل أحد هذه الشروط كما اذا ضربه بضربتين احداهما شقت جلده والاخرى اوضحت العظم

وبهذا يصح كلام السيد الماتن

قبل الدخول في فروع المسألة لا بد من التنبيه على أمرين :

الاول: ما تقدم في المسألة السابقة من انه اذا جنى جنايتين بضربة واحدة فاذا فرضنا عدم الترتب والطولية بين الجنايتين فلا تداخل فتثبت دية في كل منهما نعم اذا كان بينهما ترتب واجتمعت الشروط الاخرى يكون تداخل في الدية

وفي مسألتنا نقول اذا جنى عليه بموضحتين في رأسه فتثبت عليه ديتان حتى اذا فرضنا أن ذلك كان بضربة واحدة لأنه لا يوجد ترتب وطولية بين الجنايتين فلا بد من تعدد الدية حتى اذا كانتا بضربة واحدة

الثاني: ما ذكره الفقهاء من أن الدية المقدرة لا تختلف بصغر الجرح وكبره بلحاظ العرض والطول؛ والسبب في ذلك هو صدق الاسم

نعم تختلف الدية في النزول -بحسب تعبير الفقهاء- اي في العمق فالنزول اذا أوجب صدق اسم آخر على الجناية ستكون الدية مختلفة كما اذا أوجب الجرح في الجناية الاولى شق الجلد بينما أوجب الآخر شق الجلد والنزول في اللحم فاذا كان نزول الجرح يستوجب الخروج عن الاسم الاول والدخول في الاسم الثاني من مراتب الشجاج ففي هذه الحالة تختلف الجنايتان في الدية

فبشكل عام نقول ان الجنايتين لا تختلفان في الدية اذا اختلفتا في طول الجرح وعرضه واما اذا اختلفتا في النزول فمع صدق اسم جناية اخرى عليه لها دية اخرى، فالاختلاف في النزول في هذه الحالة يكون موجباً لاختلاف الدية والا فلا يوجب الاختلاف في الدية

الفرع الاول في المسالة: لو اوضح موضحتين فلكل منهما ديته، وحكمه يظهر من المسألة السابقة لعدم الترتب والطولية بين الموضحتين حتى اذا كانتا بضربة واحدة

الفرع الثاني: اذا فرضنا ان احدى الموضحتين اتصلت بالاخرى فهنا عدة فروض

الاول: اذا كان الاتصال حصل بسبب جناية شخص آخر

الثاني: اذا كان الاتصال حصل بفعل المجني عليه

الثالث: اذا حصل الاتصال بجناية من الجاني نفسه

الرابع: اذا حصل الاتصال بالسراية

وقبل الكلام لا بد من الالتفات الى أن مسألة الاتصال بين الموضحتين عادة يكون بموضحة ثالثة لا بما هو دون الموضحة