الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

دية الشجاج والجراح، الشجاج: هو الجرح المختصّ بالرأس والوجه، وهو على أقسام:

الأوّل: الخارصة وقد يعبّر عنها بالدامية(1)، وهي التي تسلخ الجلد ولا تأخذ من اللحم، وفيها بعير، أي جزء من مائة جزء من الدية

الثاني: الدامية وقد يعبّر عنها بالباضعة(2)، وهي التي تأخذ من اللحم يسيراً، وفيها بعيران

الثالث: الباضعة وقد يعبّر عنها بالمتلاحمة(3)، وهي التي تأخذ من اللحم كثيراً، ولا تبلغ السمحاق، وفيها ثلاثة أباعر

الرابع: السمحاق وهو الذي يبلغ الجلد الرقيق بين العظم واللحم، وفيه أربعة من الإبل

الخامس: الموضحة وهي التي توضح العظم، وفيها خمسة من الإبل

السادس: الهاشمة وهي التي تهشم العظم، وفيها عشرة من الإبل، ويتعلّق الحكم بالكسر وإن لم يكن جرحاً

السابع: المنقلة وهي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه اللَّه تعالى فيه إلى موضع آخر، وفيها خمس عشرة من الإبل والحكم فيه متعلّق بالنقل وإن لم يكن جرحاً

الثامن: المأمومة وهي التي تبلغ أُمّ الدماغ، وفيها ثلث الدية: ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من الإبل، وكذا الحال في الجائفة

الامر الخامس: في ان الدية المذكورة في النصوص هل تختص في ما اذا كان المجني عليه رجلاً حراً مسلماً؟

اما الدليل الثاني الذي استدل به على الاختصاص وهو الاستدلال بالروايتين الواردتين في موضحة العبد

ذكرنا ان الرواية الأولى غير تامة سندا واما الرواية الثانية فقربنا ان يكون من يروي عنه الشيخ الطوسي هو الحسن بن محمد بن سماعة وقد ذكر الشيخ طريقه اليه في المشيخة وهو يمكن ان يروي عن حريز وبناء على هذا تكون الرواية صحيحة

وقد تعرضنا سابقاً الى الاشكال في رواية حريز عن الامام الصادق (عليه السلام) ومنشأه ما ذكر من أن حريزاً لم يرو عن الامام الصادق (عليه السلام) الا روايتين وقد تعرضنا لدفعه في بعض الأبحاث السابقة

وعلى كل حال فالرواية لا بأس بها سنداً وهي تقول إن في موضحة العبد نصف عشر قيمته فاذا التفتنا الى أن قيمة العبد تختلف من عبد الى آخر فنصف عشر قيمته يختلف أيضاً

وهذا يعتبر دليلاً على أن الدية المذكورة في نصوص الشجاج مختصة بالحر واما العبد فدية موضحته نصف عشر قيمته

ولكن يستفاد من الجميع أي الأدلة العامة التي تقول ان في الموضحة خمسة من الإبل ومن هذه الرواية المعتبرة ان الموضحة فيها نصف عشر دية المجني عليه فاذا كان المجني عليه حراً فديته خمسة من الإبل كما صرحت به نصوص الشجاج واما إذا كان عبداً فلا يمكن تحديدها بعدد معين من الإبل لأن قيمة العبد تختلف من عبد الى آخر وانما تذكر النسبة ولذا ذكرت النسبة في رواية حريز

ومن هنا نفهم بأن دية الموضحة هي هذه النسبة أي نصف عشر دية المجني عليه

بل يمكن استفادة هذا المطلب من نفس النصوص السابقة فإننا فسرنا النصوص التي تقول ان الموضحة فيها خمسة من الإبل بان المقصود نسبة معينة من دية المجني عليه وحيث فرض ان المجني عليه حراً فالخمسة من الإبل تمثل نصف عشر الدية فاذا كان المجني عليه عبداً فدية موضحته نصف عشر قيمته فهذا يمكن استفادته من النصوص السابقة

فالمقصود هو ان يدفع نسبة معينة من دية المجني عليه

والتعميم لغير العبد مضافاً الى امكان استفادته من نصوص الشجاج ندعي انه يمكن استفادته من صحيحة حريز بعد الغاء خصوصية الموضحة فيها لأننا لا نحتمل وجود خصوصية في الموضحة تقتضي ان تكون ديتها نسبة معينة من قيمة العبد في حين أن دية سائر المراتب مقدار معين من الإبل او الدينار مساوي لديتها في الحكم

وعلى هذا الأساس يمكن تعميمها الى سائر المراتب الأخرى فيثبت في جميع المراتب أن الدية نسبة معينة من دية المجني عليه فاذا قال النص في الحارصة بعير وكان المفروض في تلك النصوص أن المجني عليه رجلاً حراً مسلماً نفهم ان الدية هي نسبة واحد بالمئة من دية المجني عليه فاذا كان المجني عليه عبداً فدية حارصته هي واحد بالمئة من قيمته وإذا كان ذمياً فدية حارصته هي واحد بالمئة من ديته

نعم الاستثناء الوحيد في هذا هو المرأة فإن دية الشجاج في المرأة ليست هي النسبة بهذا المعنى وانما ديتها مقدار معين لحديث المعاقلة ففي كل مراتب الشجاج لا تبلغ الدية المقدرة الثلث الا في المأمومة فإنها تبلغ الثلث والحديث يقول ان المرأة تعاقل الرجل حتى تبلغ الثلث فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف

ويتلخص من جميع ما ذكرناه

أولاً: ان ما ذكر في النصوص من تحديد دية الشجاج بعدد معين من الإبل يختص بما إذا كان المجني عليه رجلاً حراً مسلماً

ثانياً: ان الدية في جميع اقسام الشجاج وبالنسبة الى كل أحد هي نسبة معينة من دية المجني عليه

ثالثاً: يستثنى من ذلك المرأة فإن ديتها ليست هي النسبة السابقة الثابتة في الرجل والعبد والذمي بل ديتها نفس دية الرجل الثابتة له على أساس النسبة كما يدل على ذلك حديث المعاقلة

رابعاً: ان النسبة المتقدمة تعرف من بعض نصوص الشجاج المصرحة بالنسبة ومن النصوص التي تقدر الدية بعدد معين من الإبل لأن المفروض في هذه النصوص كون المجني عليه رجلاً حراً مسلماً وديته مئة من الإبل وتلحظ نسبة العدد المذكور في النصوص الى المئة من الإبل

1-هذا بناء على وجه ذكره وهو انه في معتبرة السكوني يقول الدامية فيها بعير وفي صحيحة منصور بن حازم يقول الحارصة فيها بعير وكلتا الروايتين ذكرت السمحاق في المرتبة الرابعة ومعناه ان قبله ثلاث مراتب ومنه نفهم ان الدامية في معتبرة السكوني هي الحارصة في صحيحة منصور بن حازم، ونحن لم نقبل هذا وقلنا ان الظاهر ان بينهما تعارض خصوصاً وأن صحيحة منصور تصرح بأن الدامية فيها بعيران، وقد رجحنا أن التفسير الصحيح للحارصة انها التي تشق الجلد ولا تأخذ في اللحم

2-والوجه فيه هو ان صحيحة منصور بن حازم ذكرت الدامية وقالت ان فيها بعيران ومعتبرة السكوني ذكرت الباضعة في المرتبة الثانية وقالت ان فيها بعيران، ولم نقبل هذا

3- لأن معناهما عرفاً ولغة واحد مضافاً الى استفادة ذلك من النصوص