الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

الامر الخامس: في ان الدية المذكورة في النصوص هل تختص في ما اذا كان المجني عليه رجلاً حراً مسلماً؟

احتمال الاختصاص مبني -بحسب كلماتهم- على أن يراد من الدية المذكورة في النصوص نسبة معينة من دية المجني عليه وبطبيعة الحال هذا يختلف باختلاف المجني عليه من حيث كونه رجلاً او امرأة او عبداً او ذمياً وهذا معناه دية الشجاج

واما احتمال عدم الاختصاص فهو مبني على أن يكون المراد بالدية في النصوص دية الرجل، فالمقدر في النصوص نسبة معينة من دية الرجل، ودية الرجل ثابتة فالمقدر ثابت من دون فرق بين أن يكون المجني عليه رجلاً او امرأة

وهذا الاحتمال الثاني يمكن أن يستدل له بادلة

الدليل الاول: إطلاق الادلة فإن النصوص مطلقة وليس فيها ما يقتضي الاختصاص بما اذا كان المجني عليه رجلاً

الثاني: ما اشرنا اليه من دعوى أن المراد من الدية التي تضاف اليها النسبة في النصوص -بان يقال ثلث الدية مثلا- سواء صرح بالنسبة بالنصوص كما ورد في المأمومة او لم يصرح بها كما في روايات الدامية والحارصة، هي دية الرجل وهذا لا يختلف باختلاف دية المجني عليه

الدليل الثالث: حديث المعاقلة المتقدم وأن المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف، وهذا الدليل يختص بالمرأة فهو يثبت التعميم بلحاظ المرأة فان الدية المقدرة إذا كانت أقل من ثلث دية الرجل تشارك المرأة الرجل فيها

وهذا الدليل يقتضي أن تشترك المرأة مع الرجل في دية الحارصة والدامية والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة لأن دية هذه الأمور في الرجل أقل من ثلث الدية

فهذا الدليل لا يشمل العبد والذمي ،كما انه لا يشمل المأمومة من أقسام الشجاج لأن ديتها بالنسبة الى الرجل تبلغ الثلث

الا إذا قلنا بأن الميزان في رجوع دية المرأة الى النصف هو تجاوز الثلث، ولكن الصحيح ان الميزان هو بلوغ الثلث على ما ذكرناه في محله

واما الوجوه التي يمكن أن يستدل بها على الاختصاص وأن الدية المذكورة في النصوص لا تشمل ما إذا كان المجني عليه امرأة فهي:

الدليل الأول: ما تقدم من أن المراد بالدية في النصوص هي دية المجني عليه وهي تختلف باختلاف المجني عليه ولازم هذا الاختصاص، فالمقصود بالدليل الذي يقول ان الموضحة فيها خمسة من الإبل هو أن فيها نصف عشر دية المجني عليه فكأن النصوص افترضت أن المجني عليه رجلاً فذكرت أن دية موضحته خمسة من الإبل فاذا كان المجني عليه امرأة ففي موضحتها بعيران ونصف وإذا كان عبداً فنصف عشر قيمته

فما ذكر في النصوص من أن الموضحة فيها خمسة من الإبل يختص بما إذا كان المجني عليه رجلاً حراً مسلماً

والوجه في ذلك هو ما تقدم من القاعدة المستفادة من صحيحة هشام بن سالم من أن (كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية كاملة وما كان فيه منه اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية)، ولا اشكال فقهياً في أن دية العين الواحدة للمرأة هي مئتان وخمسون ديناراً، في حين أن دية العين الواحدة للرجل خمسمائة دينار، وإذا كان عبداً ففي عينه نصف قيمته

وانما نقول هذا باعتبار أن الموضوع في تلك الأدلة هو الانسان كما في قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام بن سالم ((كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية)) وفي صحيحة عبد الله بن سنان ((ما كان في الجسد منه اثنان ....)) ومن الواضح ان الانسان لا يختص بالرجل، فكل انسان في جسمه عضو واحد ففيه الدية كاملة وإذا كان فيه اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية، والظاهر من ذلك أن المقصود هو ذلك الانسان الذي فرض في الدليل قطع العضو منه فاذا كان فيه اثنان ففي قطع أحدهما نصف ديته لا نصف دية الرجل

وبناء على هذا فالذي نقوله في المقام هو إن المراد بالدية الكاملة ونصف الدية هو دية المجني عليه وهي تختلف باختلاف المجني عليه وهذا معناه الاختصاص اي ان نصوص الشجاج عندما تقول المأمومة فيها ثلث الدية المقصود ثلث دية المجني عليه

 

الدليل الثاني ما ورد في موضحة العبد من ان فيها نصف عشر قيمته، وهما روايتان:

الاولى رواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في رجل شج عبدا موضحة ، قال : ((عليه نصف عشر قيمته))[1] وهي صريحة في اختلاف الدية عما اذا شج حراً فإن الروايات تقول أن فيه خمسة من الإبل وهذه اذا جمعناها مع الروايات التي تقول أن في الموضحة خمسة من الابل نعرف أن في الموضحة نصف عشر الدية فاذا كان المجني عليه عبداً ففيه نصف عشر قيمته وهذا معناه الاختصاص وأن الدية المقدرة في النصوص مختصة بالحر

الثانية: رواية حريز ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في رجل شج عبداً موضحة ، فقال : ((عليه نصف عشر قيمة العبد لمولى العبد ، ولا تجاوز بثمن العبد دية الحر))[2]


[1] وسائل الشيعة: 29/388، ح1.
[2] وسائل الشيعة: 29/389، ح5.