الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

الامر الثالث: في احكام اقسام الشجاج

تنبيهان يرتبطان بالدروس السابقة:

التنبيه الاول: ذكرنا أن الدليل على أن في الهاشمة عشرة من الإبل هو روايتا السكوني المتقدمتين وكان الاشكال في سنديهما هو أن السكوني لم يذكر الواسطة في الرواية عن قضاء امير المؤمنين (عليه السلام)

وقلنا اجيب عنه بان المعهود في روايات السكوني عن قضاء امير المؤمنين (عليه السلام) هو بواسطة الامام الصادق (عليه السلام) ويؤيد هذا هو ان الروايات التي يرويها عن قضاء امير المؤمنين (في كتاب الوسائل ج29) تبلغ حدود اثنين واربعين رواية، منها تسعة وثلاثون بواسطة الامام الصادق وثلاثة منها يرويها مرسلة ومنها الروايتين محل الكلام فلا يبعد ان يكون المعهود في روايات السكوني عن قضاء علي هو ما ينقله عن الامام الصادق

التنبيه الثاني: يرتبط بما ذكر من ان المعتبر في دية الهاشمة اسنان معينة وان يلاحظ فيها ما يثبت في الدية الكاملة وقلنا بان هذا لا دليل واضح عليه سوى ما ذكرناه من ان الدليل اذا دل على ان عشر الدية في الهاشمة يفهم منه عشر الدية الكاملة فلا بد ان يراعي في العشر ما يعتبر في الدية الكاملة فاذا راعينا فيها تقسيمها الى ارباع او الى اثلاث بالنحو المتقدم فلا بد ان يراعى ذلك في العشر التي في الهاشمة والا فلا اشكال في ان اطلاق ما دل على ان في الهاشمة عشرة من الابل ينفي ذلك، وهذا الاطلاق لا نرفع اليد عنه الا بدليل واضح ولا يوجد في المقام دليل واضح يوجب رفع اليد عن هذا الاطلاق لان الوارد في الدليل ان الهاشمة فيها عشرة من الابل وليس الوارد ان فيها عشر الدية

ومن هنا لا محيص ظاهراً عن التمسك بالإطلاق وعدم اعتبار هذه الأمور، نعم لا اشكال انه أحوط

المرتبة الثامنة: المأمومة وحكمها ان فيها ثلث الدية والظاهر أن هذا مما لا خلاف فيه، نعم اختلف الفقهاء في تحديد الثلث بالعدد فيما إذا دفعه من الإبل وهل يدفع ثلاثة وثلاثون او ثلاثة وثلاثون وثلث بعير

ويدل على هذا الحكم روايات

الأولى رواية ابي بصير (( وفي المأمومة ثلث الدية ))[1]

وفي سندها ارسال الا أن يدعى بأن المرسل في المقام هو إبراهيم بن هاشم وإذا أحصينا مشايخه ووجدنا أن الثقات في مشايخه يشكلون نسبة كبيرة من مجموعهم قد تصل الى نسبة تسعون في المئة، وبحساب الاحتمالات قد يحصل اطمئنان بأن هذا البعض الذي يروي عنه من الثقات

الثانية: رواية ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال ((وفي المأمومة ثلث الديه))[2] وقد رواها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عنالقاسم بن محمد ، عن سعيد بن محمد ، عن علي ، عن أبي بصير

ورواها الشيخ الصدوق بإسناده عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة

والظاهر انه يوجد مشكلة في سندها بكلا طريقيها ففي التهذيب يوجد سعيد بن محمد وهو مجهول وإن كان هناك غرابة في رواية القاسم بن محمد عن علي بواسطته لأن المتعارف روايته عنه بلا واسطة فإن رواية الجوهري عن البطائني عن ابي بصير متعارفة

واما سند الشيخ الصدوق فروايه القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن ابي حمزة لا مشكلة فيها عندنا لأنا نرى وثاقة القاسم لرواية بعض المشايخ الذين لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة عنه، وعلي بن ابي حمزة ثقة الا أن المشكلة في هذا السند هو أن الشيخ الصدوق لم يذكر طريقه الى القاسم بن محمد الجوهري

نعم إذا كان وثوق واطمئنان بأن سعيد المذكور في طريق الشيخ زيادة لأنه لم يعهد رواية القاسم عن علي بواسطة فلا يبعد أن يكون طريق الشيخ في التهذيب صحيح

الثالثة صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الشجة المأمومة ، فقال : ((ثلث الدية ، والشجة الجائفة ثلث الدية))[3]

الرابعة رواية مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين ( عليهالسلام ) : قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المأمومة ثلث الدية))[4] وتقدم ان سندها ضعيف من جهات متعددة ففيه سهل بن زياد ، و محمد بن الحسن بن شمون ، و عبدالله بن عبد الرحمن الاصم وهؤلاء اما ثبت ضعفهم او لم تثبت وثاقتهم

الخامسة: رواية زيد الشحام ورواية الكناني والتي رواها في الكافي عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالا سَأَلْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الشَّجَّةِ الْمَأْمُومَةِ فَقَالَ ((فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَ فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَ فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ‌))[5] والطريق الأول لا مشكلة فيه الا في محمد بن الفضيل وقد توقفنا في وثاقته لتعارض التوثيق والتضعيف فيه، واما الطريق الثاني فالمشكلة في المفضل بن صالح وهو أبو جميلة الضعيف ومن هنا تكون هذه الرواية بكلا طريقيها ضعيفة

وقد رواها الشيخ في التهذيب[6] وفي طريقيها عنده نفس الاشكال في طريقي الكليني

وقد اشتبه صاحب الوسائل حين قال ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، وعن عمرو بن عثمان، والاصح ان يقول وعمرو بن عثمان لانه معطوف على ابي الصباح

السادسة: رواية العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال (( والجائفة ثلث الدية ، والمأمومة ثلث الدية))[7] ولا مشكلة في سندها الا من جهة محمد بن سنان ونحن من المتوقفين فيه

السادسة معتبرة ظريف ((وفي موضحة الرأس خمسون دينارا فان نقل العظام فديتها مائة دينار وخمسون ديناراً ، فان كانت ثاقبة في الرأس فتلك المأمومة ديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار))[8]

السابعة صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : في الموضحة خمس من الابل ، وفي السمحاق أربع من الابل ، والباضعة ثلاث من الابل ، والمأمومة ثلاث وثلاثون من الابل ، والجائفة ثلاث وثلاثون))[9] وثلث الدية الحقيقي يكون ازيد مما ذكرته الرواية

معتبرة زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : في الموضحة خمس من الابل ، وفي السمحاق أربع من الابل ، وفي الباضعة ثلاث من الابل ، وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الابل ، وفي الجائفة ثلاث وثلاثون من الابل))[10] فقد سكت عن الثلث المكمل لثلث المئة

ومعظم هذه الروايات الوارد فيها ثلث الدية ولا اشكال في انه إذا أردنا التمسك بهذه الروايات فلا بد ان نقول ان فيها ثلث الدية

لكن المشكلة تواجهنا إذا دفع من الإبل لوجود روايات معتبرة ظاهرها الاكتفاء بثلاثة وثلاثين وهذا معناه انه لا يعتبر الثلث الدقي

واما الفقهاء فمعظمهم تبعاً للروايات قال فيه ثلث الدية كما في الخلاف والمقنع والغنية والمراسم والإرشاد وغيرها، ومقتضاه ان يدفع ثلاثة وثلاثين بعيراً وثلث بعير كما انه اذا دفعها من الدنانير لا بد ان يدفع ثلاثة وثلاثين دينارا وثلث دينار

وقد صرح بهذا في الابل العلامة في القواعد ويفهم من كلام الشيخ في المبسوط حيث قال (فأما المأمونة فهي التي تبلغ أم الرأس، و أم الرأس الخريطة التي فيها الدماغ لأن الدماغ في خريطة من جلد رقيق، و الدامغة تزيد على المأمومة بأن يخرق الخريطة و اتصل إلى جوف الدماغ، و الواجب فيهما سواء ثلث الدية بلا خلاف، لقوله (عليه السلام) في المأمومة ثلث الدية، و المجني عليه بالخيار بين أن يعفو عن قود الموضحة و يأخذ كمال ديتها ثلث الدية، و بين أن يقتص من الجاني موضحة و يأخذ ما بقي إلى المأمومة ثمانية و عشرين بعيرا و ثلث بعير)[11]

 


[1] وسائل الشيعة: 29/380، ح9.
[2] وسائل الشيعة: 29/380، ح10.
[3] وسائل الشيعة: 29/381، ح12.
[4] وسائل الشيعة: 29/379، ح6.
[5] الكافي: 7/326، ح2.
[6] تهذيب الاحكام: 10/291.
[7] وسائل الشيعة: 29/382، ح16.
[8] وسائل الشيعة: 29/296، الباب السادس من ابواب ديات الاعضاء ح1.
[9] وسائل الشيعة: 29/379، ح4.
[10] وسائل الشيعة: 29/381، ح11.
[11] المبسوط: 7/122.