الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

الامر الثالث: في احكام اقسام الشجاج

انتهي الكلام الى الهاشمة وهي المرتبة السادسة من الشجاج وفيها عشرة من الابل والظاهر انه لا خلاف في ذلك كما نص بعض فقهائنا وفي كشف اللثام ورد التعبير بالاتفاق على ذلك والدليل على ان فيها عشر من الابل هو روايتان للسكوني

الاولى: ما رواه الشيخ الصدوق باسناده عن السكوني ، ((أن عليا عليه‌السلام قضى في الهاشمة بعشر من الابل))[1] وطريقه الى السكوني صحيح

الثاني ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، ((أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى في الهاشمة بعشر من الابل))[2]

وسندها تام سواء كان الموجود ابراهيم بن هاشم او علي بن ابراهيم بن هاشم لان كلا منهما ثقة ونحن نوثق النوفلي،

نعم هناك تشكيك في سندها باعتبار ان هاتين الروايتين مرسلتان فان السكوني لم يذكر الواسطة بينه وبين من حدثه عن علي (عليه السلام)

وهذا الاشكال يتكرر في روايات من هذا القبيل ودفعه -كما ذكروه- هو أن المعهود في روايات السكوني انه يروي قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بواسطة الامام الصادق (عليه السلام)

وهذا الوجه اذا أوجب نوع من الوثوق بأن الواسطة هي الامام الصادق (عليه السلام) في هاتين الروايتين فحينئذ يتم سند هاتين الروايتين، والا فالاشكال وارد

ولا يبعد حصول الوثوق في ذلك وإن كان تحقيقه يحتاج الى سبر روايات السكوني وملاحظة نسبة رواياته التي ينقلها عن قضاء امير المؤمنين بواسطة الامام الصادق الى التي ينقلها بواسطة غير الامام الصادق او من دون واسطة، فيحصل بذلك نوع من الوثوق في ان الرواية التي يرويها بواسطة الامام الصادق (عليه السلام)

وذكر السيد الماتن تبعاً للفقهاء أن الحكم في الهاشمة يتحقق بمجرد كسر العظم وإن لم يكن جرح كما في الشرايع وغيره

فإنّ كسر العظم أعم لانه قد يكون بالجرح وقد يكون بغيره وحيث أن المأخوذ في الدليل هو الهاشمة، فالموضوع للحكم هو الكسر سواء كان مع الجرح او من دون جرح

ولم يذكروا هذا المطلب في المراتب الخمسة المتقدمة وسيأتي في المرتبة السابعة أن بعضهم ذكره فيها

والظاهر أن الهاشمة تختلف عما تقدم فإن معناها يتحقق وإن لم يكن جرح بينما المراتب السابقة لا يتحقق معناها الا بافتراض وجود جرح

نعم قد يقال في المقابل بأن جميع هذه الاقسام مأخوذ فيها أن تكون شجة فاذا فسرناها بالجرح الذي يكون في الوجه او الرأس كما في الصحاح ولسان العرب فمعناه أن الجرح معتبر في جميع هذه الاقسام حتى الهاشمة

ولكن هذا موقوف على أن نفسر الشجة بالجرح، وهذا ليس واضحاً لأن صاحب العين عرف الشج بكسر الرأس فلم يأخذ فيها عنوان الجرح، وعليه يتم ما ذكروه من أن الحكم في الهاشمة يثبت وإن لم يكن هناك جرح

ولم يشر السيد الماتن الى انه في الهاشمة هل هناك اعتبار لأسنان معتبرة في هذه الابل او لا؟ وتقدم أن الاسنان معتبرة في دية النفس اذا اختار الجاني أن يدفعها من الابل

وكلامنا في الهاشمة التي فيها عشرة من الابل فهل يعتبر فيها ان تكون ذات اسنان معينة او لا؟

كثير من الفقهاء ومنهم المحقق في الشرايع اعتبروا ذلك، بأن تكون الدية أرباعاً في الخطأ واثلاثاً في شبه العمد

والمقصود هو أن الدية توزع على نسبة ما توزع عليه الدية الكاملة فاذا فرضنا أن دية النفس في الخطأ المحض توزع اربعان عشرون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وعشرون ابن لبون

فالعشرة توزع بنسبتها فيكون فيها اثنان بنت مخاض واثنان ابن لبون وثلاثة بنت لبون وثلاثة حقة

واذا قلنا بان الدية ثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون واربعون خلفة ففي المقام ثلاثة حقة وثلاثة بنت لبون واربعة خلفة، وما ذكروه وإن كان احوط الا انه لا دليل عليه فما دل على التوزيع بهذا الشكل الظاهر انه مختص بدية النفس واستفادة التوزيع في الهاشمة من الدليل الذي دل على التوزيع في دية النفس غير واضح

اللهم الا أن يقال اننا نستفيد ذلك من الدليل الدال على أن في الهاشمة عشر الدية اي عشر الدية الكاملة فيمكن أن يقال انه يستفاد من هذا الدليل انه يعتبر في هذا العشر أن يكون على غرار الدية الكاملة بحسب النسبة

القسم السابع: المنقلة وحكمها أن فيها خمسة عشر بعيراً، والظاهر انه لا خلاف في ذلك كما صرحوا به وتدل عليه روايات

منها صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل ... والمنقلة خمس عشرة من الابل))[3]

ومعتبرة ابي مريم ((وفي المنقلة خمس عشرة، وفي الموضحة خمس من الابل))[4]

ورواية أبي حمزة : في الموضحة خمس من الابل ، وفي السمحاق دون الموضحة أربع من الابل وفي المنقلة خمس عشرة من الابل عشر ونصف عشر))[5] وهذا يمكن ان يستفاد منه انه لا يجب دفعها من الابل وانما يمكن أن يدفعها من الدراهم والدنانير بالنسبة

والمشكلة أن هذه الرواية مقطوعة لأن ابي حمزة لا يرويها عن الامام، والظاهر أن ابي حمزة هو الثمالي

وذكر السيد الماتن نفس ما ذكره وذكره الفقهاء في الهاشمة وهو أن الحكم يتحقق بنقل العظام من مكان الى آخر وإن لم يكن جرح، وبعض الفقهاء لم يذكروا هذا في المنقلة والظاهر أن الوجه في ذلك أن ما ذكرناه من الدليل على الحكم في الهاشمة يجري في المنقلة فإن معناها لا يتوقف على وجود جرح وهذا يمكن تطبيقه في المنقلة فمعنى المنقلة لا يتوقف على افتراض وجود جرح وحيث أن العنوان في الروايات هو المنقلة فالحكم للمنقلة يثبت سواء كان هناك جرح او لا

 


[1] وسائل الشيعة: 29/378، ح2.
[2] وسائل الشيعة/ 29/382، ح15.
[3] وسائل الشيعة: 29/379، ح4.
[4] وسائل الشيعة: 29/381، ح13.
[5] وسائل الشيعة: 29/383، خ18.