الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

 

الامر الثالث: في احكام اقسام الشجاج

تكلمنا عن الدامية وقلنا بأن فيها بعيرين وفاقاً للمشهور وقلنا بأن الروايات وإن كانت متعارضة لأن معتبرة السكوني تدل على أن فيها بعيراً واحداً وصحيحة منصور بن حازم تدل على أن فيها بعيرين وذكرنا في علاج هذا التعارض بأن الصحيحة نص او اظهر من المعتبرة لأنها صريحة في المغايرة بين الحارصة والدامية وأن الحارصة فيها بعير واحد، وكونها نص في المغايرة يجعل ظهورها أوضح وأظهر من المعتبرة إذ أن المغايرة بين الحارصة والدامية تقتضي ذلك لأنه لو كان في الدامية بعير واحد فلا مغايرة بين الحارصة والدامية، فالصحيحة أظهر في المغايرة وما يقابلها وهي المعتبرة لا ظهور لها في الاتحاد،

وقلنا بان هذا هو الموافق للمشهور

القسم الثالث: المتلاحمة، وفيها ثلاث من الابل والذي يدل على ذلك هي معتبرة السكوني ورواية مسمع بن عبد الملك المتقدمتين

اما معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، ((أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قضى في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة))[1]

ورواية مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((قال أمير المؤمنين ( عليهالسلام ) : قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المأمومة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الابل ، وفي الموضحة خمسا من الابل ، وفي الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة))[2]

وذهب الى ذلك معظم الفقهاء كالشيخ في النهاية والمبسوط والسرائر والشرائع والنافع وفي الرياض ذكر لا أجد فيه خلافاً،

نعم في بعض الكتب كالكافي والغنية والجامع ذكروا ان فيها عشر عشر الدية وخمسه، وهو ثلاثة من الإبل لما سيأتي انه لا يشترط إخراج الدية من الإبل فقط

نعم وقع كلام في المتلاحمة وهل هي متحدة مع الباضعة او انهما متغايران؟ وهذا خلاف بين الشيخ واتباعه وبين آخرين وقد أشرنا سابقاً الى أن مسألة اتحاد الباضعة مع المتلاحمة او تغايرهما متفرعة على مسألة اتحاد الحارصة مع الدامية او تغايرهما فكل من قال بأن الحارصة والدامية متحدان في الحكم على الأقل لا بد أن يقول بتغاير الباضعة مع المتلاحمة لأنهم يسلمون أن المتلاحمة فيها ثلاث من الابل فاذا قلنا أن الباضعة هي نفس المتلاحمة، والدامية متحدة مع الحارصة يلزم أن تكون المرتبة الثانية فارغة فاذا قلنا باتحاد الدامية مع الحارصة فلا بد من تغاير الباضعة مع المتلاحمة وتكون في المرتبة الثانية

اما إذا قلنا بتغاير الحارصة مع الدامية فإن هذا يستلزم اتحاد الباضعة مع المتلاحمة وقلنا بأن هذا تساعد عليه الأدلة ويساعد عليه معنى الالفاظ

وعلى كل حال فالأدلة التي تقول بأن في الباضعة ثلاث من الإبل كثيرة

منها صحيحة عبد الله بن سنان عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال: ((في الباضعة ثلاث من الإبل))[3]

وصحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل))[4]

ومنها معتبرة زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((في الموضحة خمس من الابل ، وفي السمحاق أربع من الابل ، وفي الباضعة ثلاث من الابل))[5]

وصحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في الخرصة شبه الخدش بعير، وفي الدامية بعيران ، وفي الباضعة وهي ما دون السمحاق ثلاث من الابل ، وفي السمحاق وهي دون الموضحة أربع من الابل))[6] فيمكن الاستدلال بهذه الادلة على أن المتلاحمة فيها ثلاثاً من الإبل بناء على الاتحاد بينهما

القسم الرابع: السمحاق، والظاهر انه لا خلاف بينهم في أن فيها اربعة من الابل بل ادعي الاجماع بقسميه على ذلك ويدل عليه روايات

منها صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل))[7]

و معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، ((أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قضى في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعرة))[8]

و معتبرة زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((في الموضحة خمس من الابل ، وفي السمحاق أربع من الابل ، وفي الباضعة ثلاث من الابل))[9]

وصحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في الخرصة شبه الخدش بعير، وفي الدامية بعيران ، وفي الباضعة وهي ما دون السمحاق ثلاث من الابل ، وفي السمحاق وهي دون الموضحة أربع من الابل))[10]

نعم في مقابل هذا يوجد مرسلة ارسلها ابن الجنيد عن امير المؤمنين (عليه السلام) -حسب نقل العلامة في المختلف- على أن في السمحاق حقة وجذعة وابنة مخاض

ولكونها مرسلة فلا تصلح لمعارضة الروايات السابقة الصحيحة والمعتبرة

وهناك مرسلة يرويها الشيخ الكليني في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : ((في السمحاق ، وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم))[11] وهي لا تعادل اربعة من الابل فإن ما يعادل اربعة من الابل من الدراهم هو اربعمائة درهم، الا انها لإرسالها لا يمكن العمل بها فيتعين العمل بالروايات الصحيحة

القسم الخامس: الموضحة وفيها خمس من الابل والظاهر انه لا خلاف في ذلك ويدل عليه

صحيحة الحلبي المتقدمة حيث ورد فيها في الموضحة خمسة من الابل

ومنها معتبرة زرارة، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((في الموضحة خمس من الإبل))[12]

وصحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الشجة المأمومة ، فقال : ((ثلث الدية ، والشجة الجائفة ثلث الدية. وسألته عن الموضحة؟ فقال : خمس من الابل))[13]

وصحيحة ابي مريم ((وفي الموضحة خمس من الابل))[14]

وصحيحة منصور بن حازم المتقدمة

وفي المقابل ورد في معتبرة ظريف ما بظاهره المنافاة لما تقدم ((دية الشجة اذا كانت توضح اربعون دينارا))[15] فإن خمسة من الابل تمثل نصف عشر الدية وما يعادله خمسون ديناراً اذا كان الحساب بالدنانير

ولكن الكلام في الشجاج بينما هذه الرواية تقول (وديه الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الخد)

والعبارة بهذا الشكل موجودة في الكافي لكن الموجود في الفقيه والتهذيب هو (اذا كانت في الجسد)

خصوصا وان الرواية نفسها تقول ((وفي موضحة الرأس خمسون دينارا))

فلا يكون هذا منافياً لما تقدم

وذكر السيد الخوئي[16] (قده) قرائن على صحة ما في التهذيب و الفقيه وهي ان نفس الرواية ذكرت بان في موضحة الوجه خمسون دينارا في موردين منها: أحدهما: قوله(عليه السلام): «فإن كانت موضحة في شي‌ء من الوجه فديتها خمسون ديناراً»، والآخر: قوله(عليه السلام): ((فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتّى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون ديناراً، جعل منها خمسون ديناراً لموضحتها))

ولا بأس بهاتين القرينتين لترجيح ما في الفقيه والتهذيب على ما في الكافي

فالصحيح ان في الموضحة خمس من الابل

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص379، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح8، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص379، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح6، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة: 29/378/ ح1.
[4] وسائل الشيعة: 29/379، ح4.
[5] وسائل الشيعة: 29/381، ح11.
[6] وسائل الشيعة: 29/382، ح14.
[7] وسائل الشيعة: 29/379، ح4.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص379، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح8، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة: 29/381، ح11.
[10] وسائل الشيعة: 29/382، ح14.
[11] وسائل الشيعة: 29/380، ح9.
[12] وسائل الشيعة: 29/381، ح11.
[13] وسائل الشيعة:29/381، ح12.
[14] وسائل الشيعة: 29/381، ح13.
[15] وسائل الشيعة: 29/296، الباب السادس من أبواب ديات الأعضاء ح1.
[16] موسوعة السيد الخوئي: 42/469.