الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ديات الشجاج والجراح / أقسام الشجاج

الامر الثالث: في احكام اقسام الشجاج

 

القسم الاول الخارصة بالمعنى المتقدم لها وذهب المشهور الى أن فيها بعير واحد، وفي الرياض أن عليه عامة المتأخرين ولم يحكَ الخلاف الا عن الاسكافي حيث ذهب الى أن فيها نصف بعير وهو قول شاذ ولا يعلم مستنده

اما ما ذهب اليه المشهور فتدل عليه صحيحة منصور بن حازم التي يرويها الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن ظريف ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في الخرصة شبه الخدش بعير، وفي الدامية بعيران))[1]

وسند الشيخ الى محمد بن علي بن محبوب صحيح على ما في المشيخة، والمراد باحمد بن محمد في هذه الطبقة هو ابن عيسى، والمراد بالحسن بن علي الحسن بن علي الوشاء

والخَرَصة بمعنى الخارصة وهي على وزن عَرَصَة

القسم الثاني الدامية، وتوجد روايتان تدلان على أن فيها بعيراً واحداً وهما روايتا مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((قال أمير المؤمنين ( عليهالسلام ) : قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المأمومة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الابل ، وفي الموضحة خمسا من الابل ، وفي الدامية بعيرا))[2]

ومعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، ((أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قضى في الدامية بعيرا))[3]

اما الرواية الاولى ففي سندها سهل بن زياد ومحمد بن الحسن بن شمون وعبد الله بن عبد الرحمن الأصم وكل هؤلاء اما لم تثبت وثاقتهم او ثبت ضعفهم

فالعمدة هي الرواية الثانية فهي تامة سندا بناء على وثاقة النوفلي كما هو الصحيح

وفي المقابل توجد صحيحة منصور بن حازم وهي تدل على أن في الدامية بعيرين

ومن هنا يقع التعارض بين معتبرة السكوني وصحيحة منصور بن حازم وقد يقال بأنه لا بد من تقديم صحيحة منصور بن حازم على معتبرة السكوني بإعتبار أن المعتبرة موافقة للعامة بناء على دعوى أن الإتجاه السائد عند العامة هو أن الدامية فيها بعير واحد

أما كون الإتجاه السائد عندهم هو ان فيها بعير واحد فيحتاج الى اثبات نعم نقل عن زيد بن ثابت وبعضهم ذهب اليه لكن كونه الاتجاه السائد غير واضح بل يبدو ان مشهور العامة لا يذهب الى ذلك بل يقول ان الحارصة والدامية فيها الحكومة

بل المشهور يذهب الى ان فيها الحكومة

قال في بداية المجتهد (2/ 445) (واتفقوا على انه ليس في ما دون الموضحة خطأ عقل وانما فيها الحكومة (وهذا يشمل محل الكلام) والجمهور من فقهاء الامصار على ما ذكرنا لان الاصل في الجراح الحكومة الا ما وقتت فيه السنة حدا)

وحكي عن كتاب جواهر العقول (2/219) (ان الجروح الخمسة ليس لها مقدر شرعي باتفاق الاربعة الا ما روى احمد ان زيدا حكم بالدامية ان فيها بعير)

ومن هنا يظهر انه لا يمكن تقديم الصحيحة على المعتبرة بمخالفة العامة لأن كل منهما يبدو انه مخالف للعامة

والتعارض بين الروايتين في الدامية مبني على إعتبار سند رواية السكوني كما هو الصحيح بنظرنا

والظاهر ان المشهور عندما ذهب الى أن في الدامية بعيرين استناداً الى عدم تمامية رواية السكوني

والمشكلة عندما نلتزم بصحة رواية السكوني فيقع التعارض بينهما

وقد يقال بأن صحيحة منصور بن حازم نص في تغاير الدامية مع الحارصة في حين أن رواية السكوني ليست صريحة في اتحاد الدامية مع الحارصة بل ولا ظاهرة في ذلك

نعم ادعي الظهور في الاتحاد بناء على ملاحظة صحيحة منصور بن حازم معها بالتقريب المتقدم

نعم المعتبرة فيها ظهور بأن الدامية فيها بعير واحد وهذا الظهور يعارض ظهور الصحيحة في أن الدامية فيها بعيران، ولكن ظهور الصحيحة في المغايرة بل كونها نصاً في المغايرة يجعل ظهور الصحيحة في أن دية الدامية بعيران أقوى من ظهور المعتبرة في أن في الدامية بعيراً واحدً، لأن المغايرة بينهما تستلزم ذلك اي ان تكون دية الدامية غير دية الحارصة

وببيان آخر إن الصحيحة صريحة في أن الدامية التي فيها بعيران غير الحارصة التي فيها بعير واحد

وأما المعتبرة فيحتمل بمقتضى الظهور الاولي أن يكون المراد بالدامية فيها هي الدامية بالمعنى المتقدم

وهذا الاحتمال بعيد لأن لازمه أن يراد بالحارصة في صحيحة منصور التي تقول أن فيها بعيراً واحداً الدامية بالمعنى المتقدم ووجه بعده أن نفس الصحيحة تقول أن الدامية فيها بعيران

مضافاً الى أن إطلاق الحارصة على الدامية مستهجن لأنه أخذ في مفهوم الحارصة عدم النفوذ في اللحم وعدم سيلان الدم ومن البعيد اطلاقها على الدامية التي أخذ فيها النفوذ في اللحم وسيلان الدم

والاحتمال الثاني أن يقال إن المراد بالدامية في معتبرة السكوني الحارصة واطلق عليها الدامية مسامحة لأن شق الجلد يوجب خروج الدم ولو بمقدار قليل

وبناء على هذا الاحتمال ترتفع المنافاة بين الروايتين، وهذا ما يفهم من كلام السيد الخوئي (قده)

وبهذا الاحتمال يتحقق ما ذكرناه من ان الصحيحة صريحة في أن الدامية فيها بعيران في حين أن المعتبرة ليست صريحة في أن الدامية فيها بعير واحد لإحتمال أن يكون المقصود بالدامية فيها الحارصة

ومن هنا يظهر أن الصحيح هو المغايرة بين الحارصة والدامية وأن الحارصة هي المرتبة الاولى وفيها بعير واحد وأن الدامية هي المرتبة الثانية وفيها بعيران

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص382، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح14، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص379، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح6، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص379، أبواب ديات الشجاج، باب2، ح8، ط آل البيت.