الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ ديات منافع الأعضاء/ شلل الاعضاء

السادس عشر: شلل الأعضاء، في شلل كلّ عضو ثلثا دية ذلك العضو ، إلّا الذكر فإنّ في شلله الدية كاملة [1]

(مسألة 360): المشهور أنّ في انصداع السنّ ثلثي ديتها، وهذا هو الأظهر إن وصلت إلى حدّ الشلل و إلّا ففيه الحكومة [2]

    1. ذكرنا ان السيد الماتن تبعاً لكثير من الفقهاء ذكر قاعدة عامة في هذا الباب وهي ان في ايجاد الشلل في كل عضو ثلثا ديته، وقلنا انهم ذكروا بعد ذلك مجموعة من الاخبار التي اعتبروها معارضة للقاعدة مثل صحيحة الحلبي ومعتبرة زرارة وصحيحة يونس وهي واردة في الاصابع واليدين والرجلين وتدل على أن في شلل هذه الاعضاء تمام دية العضو وذكرنا انهم اختلفوا في كيفية الجمع بينها، وذكر في كشف اللثام ان الاولى في رواية الحلبي ومعتبرة زرارة ان تقرأ بالسين المهملة فتكون العبارة (في الاصبع عشر الدية اذا قطعت من اصلها او سلت) اي انتزعت الاصبع فليس فيه دلالة على ان في شلل الاصبع تمام الدية حتى يكون معارضاً للقاعدة

وحمل السيد الماتن هذه الروايات على التقية لانها موافقة للعامة

ويلاحظ على ما ذكروه:

اولاً: ما تقدم سابقاً من ان القاعدة غير تامة ومن هنا يظهر انه لا موضوع للتعارض فلا يمكن القول بأن هذه الاخبار معارضة للقاعدة، نعم يمكن أن تكون معارضة لأخبار اخرى واردة في نفس موردها تدل على ان دية الشلل ثلثا الدية كما في صححية الحلبي وصحيحة زرارة وغيرها الواردة في شلل اليدين والرجلين

فاذا ورد جليل في نفس مورد هذه الروايات وينافيها في الحكم فيكون معارضا لها واما اذا لم يوجد هكذا دليل فلا بد من العمل بهذه الاخبار في مواردها مع افتراض انها واجدة لشرائط الاعتبار

وثانياً: اذا فرضنا تمامية القاعدة التي ذكروها يحصل التعارض بينها وبين هذه الاخبار ولا بد في هذه الحالة من تقديم الاخبار لانها أخص مطلقاً من القاعدة لأن القاعدة غير واردة في هذه الموارد الخاصة وانما هي واردة بعنوان كلي، كما فعل السيد الماتن في العنن حيث ذكر ان الذي يدل على حكم العنن هو صحيحة ابراهيم بن عمر المتقدمة فخصص القاعدة بهذه الرواية والتزم بانه في شلل الذكر تمام الدية وقال بأن هذا خارج من القاعدة بالتخصيص وهنا يأتي السؤال انه لم لا نخرج هذه الموارد بالتخصيص وهي اليدين والرجلين فإنها أخص مطلقاً

الثالثة: على السيد الماتن ان يقدم صحيحة الفضيل ين يسار التي استدل بها على القاعدة الواردة في اصابع الكف والقدم والتي تصرح ان في شللها ثلثا دية اليد او القدم على صحيحة ابراهيم بن عمر المتقدمة باعتبار ان صحيحة ابراهيم بن عمر موافقة للعامة وقد اوقع المعارضة بين صحيحة الفضيل وصحيحة ابراهيم بن عمر

فذكر بأن صحيحة الفضيل معارضة لعدة روايات كصحيحة الحلبي ومعتبرة زرارة ومعتبرة يونس وقال باننا نقدم صحيحة الفضيل على هذه الروايات لأنها مخالفة للعامة بينما الروايات موافقة لهم

اقول كما ان القول بأن الرواية الدالة على ان في شلل اليدين والرجلين والاصبع تمام الدية تكون موافقة للعامة كذلك صحيحة ابراهيم بن عمر الدالة على ان في شلل الذكر تمام الدية تكون موافقة للعامة فمقتضى كلامه ان يقدم صحيحة الفضيل على صحيحة ابراهيم بن عمر؛ لأن العامة يقولون ان فيه تمام الدية

كما نقل عن نهاية المحتاج وعن المغتي بل يظهر من المغني انهم يرون الدية كاملة في ذهاب كل منفعة للعضو قال في المغني (فَصْلٌ: فَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا (اليد) فَأَشَلَّهَا، وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَتَهَا، فَلَزِمَتْهُ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ أَعْمَى عَيْنَهُ مَعَ بَقَائِهَا، أَوْ أَخْرَسَ لِسَانَهُ) [3]

وفي الشرح الكبير (فصل: وان جنى على يديه فأشلهما وجبت ديتهما لأنه فوت منفعتهما فهو كما لو أعمى عينيه أو أخرس لسانه وان اشل الذكر ففيه ديته لانه ذهب بنفعه أشبه ما لو أشل لسانه وكذلك ان اشل انثييه .... وكذلك الاصابع إذا أشلهما لما ذكرنا وسائر الاعضاء الا الاذن والانف)[4] وهكذا كلمات اخرى فهم يقولون بأن في شلل الذكر دية كاملة فنحمل رواية ابراهيم بن عمر على التقية ونلتزم بما تقتضيه صحيحة الفضيل، والسيد الماتن عمل برواية ابراهيم بن عمر، بينما في موارد صحيحة زرارة والحلبي ومعتبرة يونس طرح هذه الروايات لانها موافقة للعامة وعمل بصحيحة الفضيل بن يسار، فيبقى السؤال عن الفرق

وعلى كل حال بعد ان قلنا انه لا توجد قاعدة عامة في المقام فالصناعة تقتضي في المقام أن تلاحظ هذه الروايات الواردة في الموارد الخاصة الدالة على أن في شلل العضو المعين تمام ديته فإن لم يوجد لها معارض في موردها فحينئذ لا بد من العمل بهذه الاخبار كصحيحة الحلبي الواردة في شلل الاصبع، وإن كانت موافقة للعامة لأن الادلة انما دلت على الترجيح بمخالفة العامة في حل التعارض بين الروايات واما حيث يكون الخبر دالا على ان في شلل الاصبع تمام ديته ولا يوجد في مقابله خبر اخر او قاعدة، وكما هو الحال في شلل الذكر اذا بنينا على صحة رواية ابراهيم بن عمر وتماميتها دلالة فإن مفادها ان فيه تمام الدية ولا معارض لها في موردها، واما ان كان للخبر معارض كما في شلل اصابع اليد او القدم حيث دلت صحيحة الفضيل بن يسار المتقدمة على ان فيه ثلثي الدية في حين أن صحيحة الحلبي تقول ان فيه تمام الدية ففي هذه الحالة لا بد ان نرجع الى قواعد باب التعارض وهي تقتضي ترجيح صحيحة الفضيل لأن الخبر الدال على نفي تمام الدية موافق للعامة فلا بد من تقديمها على صحيحة الحلبي ومعتبرة زرارة وحمل صحيحة الحلبي ومعتبرة زرارة على التقية

والسيد الماتن في ذيل هذا البحث استثنى الذكر استناداً الى رواية ابراهيم بن عمر حيث فسر انقطاع الجماع الوارد بالرواية بالعنن وهي تدل على ان فيه الدية لكن ذكرنا ان الرواية غير تامة سنداً فلا يمكن العمل بها وإن لم يكن لها معارض وحينئذ يصار الى الحكومة

    2. انصداع السن فيه ثلاثة احتمالات من حيث الحكم

الاول: ان فيه ثلثا الدية وهو المنسوب الى المشهور والدليل هو وجود رواية مرسلة اشار اليها المحقق في الشرايع والنافع حيث قال (وفي انصداعها ولم تسقط ثلثا ديتها وفي الرواية ضعف) ويفهم منه وجود رواية تدل على الحكم فلم يعبر وفيه ضعف حتى يحمل على ضعف القول

واعترض على هذا بانه لا توجد رواية في ما وصل الينا من الاخبار وعلى تقدير وجودها فهي ليست معلومة السند ولا نحرز دلالتها لعدم وصول المتن الينا، خصوصاً وان الضعف الذي ذكره في الشرايع قد يشمل كلاً من السند والدلالة

 

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص462.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص464.
[3] المغني، ابن قدامة المقدسي، ج8، ص458.
[4] الشرح الکبير، ابن قدامه مقدسی، عبدالرحمن بن محمد، ج9، ص584.