الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ ديات منافع الأعضاء/ تقلص الشفتين

الرابع عشر: الإفضاء

(مسألة 359): إذا أكره امرأة فجامعها فأفضاها فعليه الدية والمهر معاً، وهل يجب عليه أرش البكارة إذا كانت بكراً زائداً على المهر؟ قيل: يجب، وهو ضعيف، فالصحيح عدم وجوبه [1]

الخامس عشر: تقلّص الشفتين قال الشيخ: إنّ فيه دية كاملة، وهو لا يخلو عن إشكال، والأظهر أنّ فيه الحكومة [2]

السادس عشر: شلل الأعضاء، في شلل كلّ عضو ثلثا دية ذلك العضو (3)،

    1. بينا ان القول بوجوب ارش البكارة بالاضافة الى المهر صرح به في الشرايع والقواعد والايضاح والمهذب البارع وغيرها من الكتب على ما حكي وفي المبسوط (وقال قوم لا يجب ارش البكارة فانه يدخل في دية الافضاء ومنهم من قال يجب ارش البكارة وهو مذهبنا لأنه لا دليل على دخوله في ارش الافضاء)[3] ويستدل لهذا القول باصالة تعدد المسببات بتعدد الاسباب بضميمة أصالة عدم التداخل

وطريقة أخذ ارش البكارة بان تفترض المرأة امة وتقوم وهي بكر وتقوم وهي ثيب ويؤخذ بالتفاوت

وقال السيد الماتن بأن هذا القول ضعيف وان الصحيح هو عدم وجوب أرش البكارة وهذا هو مختار جماعة منهم العلامة في التحرير والشهيد في الدروس في باب الغصب على ما حكي واختاره صريحاً في كشف اللثام واستدل له بامور الاول دعوى دخول الارش في مهر المثل لأن المهر الذي نقول بوجوب دفعه هو مهر مثلها والمفروض انها باكر فالبكارة لوحظت في تحديد المهر وكان لها قسط من المهر وعلى اساس ملاحظة ذلك يزداد مهر المرأة البكر اذا ما قورنت بمهر الثيب

ففي المقام ارش البكارة داخل في المهر فلم نهمل ارش البكارة، فالقول بانه يجب عليه مهر المثل ومع ذلك يجب عليه ارش البكارة هذا لا وجه له ويستدل له برواية عبدالله بن سنان ، قال : ((قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال : يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها ، فان نبت اخذ منه مهر نسائها ، وإن لم ينبت اخذ منه الدية كاملة ، قلت : فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال : يا ابن سنان إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال ، فاذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملا)) [4]

رواية طلحة ، بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : ((إذا اغتصب الرجل أمة فاقتضها فعليه عشر قيمتها ، وإن كانت حرة فعليه الصداق)) [5]

والاستدلال بهاتين الروايتين يكون باعتبار انهما في مقام بيان ما يترتب على اذهاب العذرة ولم يذكر فيهما الا المهر فيكون سكوتهما عن ارش البكارة قرينة على عدم وجوبه بالاضافة الى مهر المثل

وفي الرواية الاولى مشكلة سندية تقدم التعرض لها ولكن رواية طلحة بن زيد تامة سنداً، ومن ذلك يظهر ضعف القول الاول باعتبار ان أصالة عدم التداخل التي استدل بها انما تقتضي وجوب الارش اذا لم تلحظ البكارة في المهر ولكن اذا لوحظت في المهر واضيف اليه شيء بلحاظ ازالة البكارة فأصالة عدم التداخل وتعدد الاسباب لا تقتضي وجوب ارش البكارة بالاضافة الى مهر المثل

ومن هنا يتبين ان ما ذكره السيد الماتن تبعاً لبعض المحققين هو الصحيح وهو عدم وجوب ارش البكارة لدخوله في مهر المثل

2- ذكر في المبسوط (فأما إن جنى عليها جان فيبستا حتى صارتا مقلصتين لا تنطبقان على الأسنان أو استرختا فصارتا لا يتقلصان عن الأسنان إذا كشر أو ضحك ففيهما الدية لأنهما في حكم المتلفتين، و لا يبقى فيهما منفعة بجمال) [6] ويفهم منه انه يرى ثبوت الدية الكاملة في تقلص الشفتين لأن ذلك بحكم اتلاف الشفتين، ولكن قال في الشرايع بعد ان ذكر ما ذكره الشيخ (ان الاقرب الحكومة) وعلله في الجواهر (بان التقلص ليس اتلافاً قطعاً بل هو عيب لا مقدر له شرعاً ففيه الحكومة) وهذا الكلام يستبطن ان التقلص لو كان اتلافاً لثبتت الدية الكاملة لما دل على ان في الشفتين الدية،

والذي يمكن أن يقال انه تقدم في الموضع الخامس ان في الشفتين الدية كاملة ومن جملة الادلة التي استدل بها على ذلك صحيحة يونس ((والشفتين إذا استوصلا ألف دينار))[7] وهذا الدليل لا ينفع الشيخ لإثبات الدية في محل الكلام لوضوح ان الدية في هذه الصحيحة مترتب على استئصال الشفتين وهو لا يصدق على التقلص

ولكن الوارد في صحيحة الحلبي ((وفي الشفتين الدية))[8] وهكذا الادلة الشاملة للمورد بالعمومات منها صحيحة هشام بن سالم ((كل ما كان فيه اثنان ففيهما الدية))

والظاهر ان الشيخ يستند الى هذه الروايات لإثبات الدية الكاملة بدعوى ان الفعل المقدر الذي تترتب عليه الدية ليس هو القطع والاستئصال فقط بل هو معنى يشمل حتى الاتلاف بأن يكون المراد هو تعطيل العضو عن وظائفه المقررة وهذا يتحقق بقطعهما وباتلافهما وتعطيلهما عن اداء وظائفهما المقررة وعلى هذا الاساس ادعى الشيخ ان في تقلص الشفتين الدية خصوصاً بعد ان أضاف في عبارته قيوداً كما في قوله (فيبستا حتى صارتا مقلصتين لا تنطبقان على الأسنان ....)

ويبدو من صاحب الجواهر والسيد الماتن انه يسلم ان الفعل المقدر في هذه الروايات هو الاعم لا خصوص القطع ولذا ناقشوا في الصغرى وان التقلص ليس اتلافاً بينما الشيخ يراه اتلافاً وبذلك لا مجال للرجوع الى الحكومة،

ولا يبعد صدق الاتلاف على التقلص بالقيود التي ذكرها الشيخ الطوسي (قده)، واما لو كان مجرد تقلص فلا يبعد صدق ما ذكره صاحب الجواهر من انه عيب ليس له مقدر شرعاً فتثبت به الحكومة

3- هناك قاعدة مذكورة في كلمات الفقهاء وهي (كل عضو له دية مقدرة ففي شلله ثلثا ديته، وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته) وقد تكلمنا عن الشق الثاني من القاعدة في (مسألة 300) واستشكلنا في ثبوت قاعدة عامة يمكن الاستدلال بها في الموارد الخالية من النص وكلامنا هنا في الشق الاول وهو في ايجاب شلل العضو ثلثا ديته

ولا اشكال في ثبوت هذا الحكم في بعض الموارد كما في شلل اصابع اليد وشلل الاصبع الواحدة ففيه ثلثا دية الاصبع وشلل الانف وشلل الرجل وشلل اليد

والاشكال في ثبوت قاعدة عامة بمضمون ان في شلل كل عضو ثلثي دية ذلك العضو بحيث يمكن تطبيقها على كل عضو وان لم يرد فيه نص وذكروا ان الشيخ وابن زهرة ادعوا الاجماع على القاعدة، وفي الرياض انه الحجة واستدلوا بالاضافة الى الاجماع بالنصوص الدالة عل الحكم في الموارد الخاصة بضميمة القول بعدم الفصل بين الطائفة، وفي كشف اللثام الاستدلال له الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الذراع إذا ضرب فانكسر منه الزند ، قال : فقال : ((إذا يبست منه الكف فشلت أصابع الكف كلها فان فيها ثلثي الدية دية اليد ، قال : وإن شلت بعض الاصابع وبقي بعض فان في كل أصبع شلت ثلثي ديتها ، قال : وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم)) [9] وفي سندها في التهذيب اشكال من جهة سهل بن زياد ولكنها صحيحة بحسب نقل الشيخ الصدوق والشيخ الكليني

والاستدلال بها باعتبار ان ظاهر قوله وكذلك الحكم في الساق والقدم عدم اختصاص الحكم بعضو دون عضو وانه لا يختص بمورده

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص460.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص462.
[3] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج7، ص150.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص334، أبواب دیات الاعضاء، باب30، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص304، أبواب المهور، باب45، ح2، ط آل البيت.
[6] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج7، ص132.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص283، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح2، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح4، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص347، أبواب دیات الاعضاء، باب39، ح5، ط آل البيت.