الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ ديات منافع الأعضاء/ خرق مثانة البكر

الثالث عشر: خرق مثانة البكر، المشهور أنّ من اقتضّ بكراً بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها فعليه ديتها كاملة، ولكنّه لا يخلو عن إشكال، فالأظهر أنّ فيه ثلث ديتها (1) و فيه أيضاً مثل مهر نساء قومها [1]

الرابع عشر: الإفضاء

(مسألة 358): في إفضاء المرأة دية كاملة إذا كان المفضي أجنبياً (2)، وأمّا إذا كان المفضي زوجها فإن أفضاها ولها تسع سنين فلا شي‌ء عليه، وإن أفضاها[2]

    1. قلنا ان الجناية الثانية هي الافتضاض بمعنى ازالة غشاء البكارة وذكر السيد الماتن ان فيها مثل مهر نساء قومها واستدل على ذلك برواية عبد الله بن سنان وقلنا ان فيها مشكلة سندية سواء كان من يروي عنه ابراهيم بن هاشم هو محمد بن سليمان او هو سليمان المنقري

والثاني ما ورد في كتاب الديات المنقول عن امير المؤمنين (عليه السلام)، ((وقضى عليه‌السلام في رجل اقتض جارية باصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها فجعل لها ثلث الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثي دينار ، وقضى عليه‌السلام لها عليه صداقها مثل نساء قومها)) [3]

وهي تامة سندا فيمكن الاستناد اليها لاثبات هذا الحكم

واستدل عليه ايضا بمعتبرة النوفلي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((أن علياعليه‌السلام رفع إليه جاريتان ادخلتا الحمام فافتضّت إحداهما الاخرى باصبعها ، فقضى على التي فعلت عقلها)) [4] وهي تامة سنداً لاننا اثبتنا وثاقة النوفلي، والاستدلال بها مبني على ان يكون المراد بالعقل المهر وقد ذكر هذا التفسير جماعة من الفقهاء ولكنهم ذكروا احتمالاً آخر وهو أن يكون المقصود به الدية كما هو المنقول عن مجمع البحرين فقد فسر العقل في هذه الرواية بالدية، كما يحتمل أن يكون المقصود بالعقل ارش البكارة، ومع هذه الاحتمالات يكون الاستدلال بالرواية صعباً وإن كانت تامة سنداً

    2. اختلفوا في تفسير الافضاء على قولين:

التفسير الاول هو ازالة الحاجز بين مخرج البول ومخرج الحيض وهو مختار الشيخ في المبسوط وابن ادريس في السرائر والعلامة في القواعد والشهيدين في اللمعة والروضة وعن كشف الرموز نسبته الى الفقهاء وعن المهذب البارع وجامع المقاصد انه المشهور بين العلماء

التفسير الثاني ازالة الحاجز بين القبل والدبر وتوحيد مسلكي الحيض والغائط وهو مختار المحقق في النافع ويحيى بن سعيد في الجامع، وفي المبسوط نسبه الى كثير من اهل العلم ولعل مقصوده العامة لانه المعروف بين العامة وفي كشف الرموز نسبه الى اهل اللغة على ما نقل

والذي يبعد التفسير الثاني هو ما ذكره البعض من ان الحاجز بين القبل والدبر عصب قوي يتعذر ازالته بالاستمتاع غالباً فيشكل حمل النص عليه بخلاف الحاجز بين مدخل الذكر ومخرج البول فانه رقيق وربما ينقطع بالتحامل عليه ولعله على هذا الاساس قال الشيخ الطوسي بانه غلط، وقال في السرائر بانه غلط عظيم

ولا يبعد صدق الافضاء على كل من التفسيرين فان الافضاء بمعنى ايصال احد الشيئين المنفصلين بالآخر

فاذا رجحنا التفسير الاول فحينئذ كل الاحكام المترتبة على الافضاء تترتب على الافضاء بالتفسير الثاني بالاولوية

واما اذا رجحنا التفسير الثاني فقد تكون صعوبة في ترتيب الاحكام المترتبة على الافضاء بالتفسير الثاني على الافضاء بالتفسير الاول الذي هو اخف منه

ولكن يمكن ان يقال بانه يمكن ترتيبها باعتبار ان الافضاء موجب لذهاب منفعة الوطء التي هي من اهم المنافع وقد اشير الى ذلك في رواية نوادر الحكمة (بانها لا تصلح للرجال) وصحيحة حمران بن اعين الاتيتين

ومن هنا يظهر بانه لا ثمرة مهمة في تحقيق ان الافضاء الوارد في الروايات هل يراد به المعنى الاول او الثاني

وعلى كل حال فالظاهر ان الصحيح هو التفسير الاول

ويفهم من كلام المصنف ان هناك فروضاً في المسألة لأن المفضي تارة يكون اجنبياً واخرى يكون هو الزوج وهو تارة يفضي ولها من العمر تسع سنين فصاعداً واخرى قبل تسع سنين وعلى الثاني فتارة يطلقها زوجها واخرى يمسكها

اما الفرض الاول وهو ما اذا كان المفضي اجنبيا فذهب السيد الماتن تبعاً للمشهور الى ان فيه دية كاملة واستدل له بصحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه ، ما فيه من الدية؟ فقال : الدية كاملة، وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد؟ فقال : ((الدية كاملة)) [5] والاستدلال بها اما بدعوى انها مختصة بالاجنبي بدعوى ان تعبير وقع بجارية لا يقال عندما يكون المفضي هو الزوج،

وان قلت بان الرواية مطلقة فنقول ان الزوج يخرج بما سيأتي من ان المفضي اذا كان هو الزوج فليس عليه الدية بل حتى اذا افضاها لاقل من تسع سنين وامسكها ولم يطلقها فذكر السيد الماتن بانه لا دية عليه

ثم الظاهر ان الجارية في هذه الصحيحة لا يراد بها الامة وذلك بقرينة ان الامام حكم بان فيها الدية كاملة وافضاء الامة فيه الارش كما سيأتي

كما في رواية نوادر الحكمة ، أن الصادق عليه‌السلام قال في رجل أفضت امرأته جاريته بيدها ؛ فقضى ((أن تقوّم الجارية قيمة وهي صحيحة وقيمة وهي مفضاة فتغرمها ما بين الصحة والعيب وأجبرها على إمساكها لانها لا تصلح للرجال)) [6] والظاهر ان الرواية تامة سنداً وهي تصلح ان تكون شاهداً على ان افضاء الامة فيه الارش

والموجود في الفقيه وفي نوادر الحكمة ان الصادق (عليه السلام) قال في رجل افتضت امرأته جاريته بيدها

وفرق بين الافضاء والافتضاض فلعل الافتضاض فيه الارش ولكن الافضاء لعل فيه الدية كاملة

والظاهر ان ما ينقله في الوسائل هو الاصح لان الامام حكم بالتفاوت بين قيمة الجارية وهي صحيحة وقيمتها وهي مفضاة، فالمفروض في المقام هو الافضاء، وبقرينة ان الباب في الفقيه هو باب ما يجب في الافضاء، فالظاهر ان ما في الفقيه المطبوع اشتباه

ومن هنا يمكن ان يقال بان الرواية حيث تحكم بالدية كاملة فليس فيها نظر الى الأمة فالمراد بالجارية هو المرأة الشابة وهذا تعبير متعارف ومن هنا يظهر ان الرواية ليست مختصة بالصغيرة ويشهد له مضافاً الى ان الجارية لا تختص بالصغيرة صحيحة حمران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك فلما دخل بها اقتضها فأفضاها ، فقال : ((إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين اقتضها فإنّه قد أفسدها وعطلها على الازواج فعلى الامام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شيء عليه)) [7]

والشاهد فيها انه افترض انه تزوج جارية والامام فصل ان دخل بها ولها تسع سنين او لم تبلغ التسع وهذا معناه ان الجارية اعم من ان تكون بالغة او غير بالغة، وخصوصية التسع سنين هو ان المرأة تبلغ بالتسع سنين كما هو المعروف، فالمراد تسع سنين فصاعداً، فالجارية تشمل الصغيرة والبالغة ايضاً وعلى هذا الاساس جائت عبارة المتن مطلقة فلم يفصل -في ما اذا كان المفضي اجنبياً- بين ما اذا كان لها تسع سنين او لا، فلها دية كاملة سواء كانت لها تسع سنين او اقل

والظاهر ان دليله هو ان الجارية في صحيحة سليمان بن خالد لا تختص بالصغيرة ومقتضى اطلاقها ان فيه الدية الكاملة تثبت في كل منهما اذا كان المفضي اجنبياً


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص456.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص457.
[3] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص308.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص354، أبواب دیات الاعضاء، باب45، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص370، أبواب منافع الاعضاء، باب9، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص330، أبواب دیات الاعضاء، باب26، ح2، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج20، ص493، أبواب یحرم بالمصاهرة، باب34، ح1، ط آل البيت.