الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ ديات منافع الأعضاء/ خرق مثانة البكر

الثالث عشر: خرق مثانة البكر، المشهور أنّ من اقتضّ بكراً بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها فعليه ديتها كاملة، ولكنّه لا يخلو عن إشكال، فالأظهر أنّ فيه ثلث ديتها (1) و فيه أيضاً مثل مهر نساء قومها

    1. واضح من المسألة انها تفترض وجود جنايتين الاولى خرق المثانة الموجب لفقد السيطرة على البول، والاخرى افتضاض البكر

والكلام في تحديد ما يجب في الجناية الاولى وهنا يوجد قولان:

القول الاول: ان فيها دية المرأة ونسب الى المشهور، وذكر في الفقيه ان اكثر رواية اصحابنا على ذلك، ويستدل له بما تقدم في سلس البول من الروايات الدالة على ان فيه الدية كاملة وعمدتها معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام ((أن عليا عليه‌السلام قضى في رجل ضرب حتى سلس ببوله (بوله) بالدية كاملة))[1]

وذكر السيد الماتن انها تدل على ان في سلس بول المرأة ديتها الكاملة بضميمة ما تقدم من ان المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف، ويظهر من كلامه ان هذه الضميمة لا بد منها لإثبات ان في سلس بول المرأة الدية كاملة لأن الرواية واردة في الرجل فاذا كان سلس البول في الرجل فيه دية كاملة اي الف دينار فقد تجاوزت ثلث الدية فتكون الدية في المرأة خمسمائة اي تمام ديتها

واستدل له ايضاً بمرسلة الشيخ الطوسي في التهذيب ((وفي رواية هشام بن ابراهيم عن ابي الحسن عليه‌السلام لها الدية))[2]

اما المرسلة فانه لا يعتمد عليها لإرسالها مضافاً ان هشام بن ابراهيم غير معلوم حتى يحكم بوثاقته فالعمدة هو الدليل الاول

ونحن نرى ان معتبرة غياث بن ابراهيم كما تشمل الرجل تشمل المرأة وذكر الرجل فيها على غرار ذكر الرجل في روايات كثيرة جداً فهناك روايات كثيرة فوق حد الاحصاء ورد فيها لفظ الرجل الا ان الفقهاء يعممونها لكل مكلف، ومعتبرة غياث من هذا القبيل فالرجل فيها لا يراد به الرجل في قبال المرأة بل ما يساوق الانسان والشخص وجرت عادتهم على التعبير عن ذلك بالرجل ومفادها أن سلس البول فيه الدية الكاملة للمجني عليه فان كان المجني عليه رجلاً ففيه الدية الكاملة للرجل وتحديد الدية الكاملة للرجل نأخذها من ادلة اخرى وإن كان امرأة ففيه الدية الكاملة للمرأة وتحدده الروايات التي تقول ان دية المرأة نصف دية الرجل فكما نحدد الدية الكاملة للرجل بغير هذه الرواية كذلك نحدد الدية الكاملة للمرأة بغير هذه الرواية

نعم اذا قلنا بأن الرواية تختص بالرجل فنحتاج الى الاستعانة بحديث المعاقلة،

والظاهر ان الصحيح هو ما ذكرناه من أن هذه الروايات كما تشمل الرجل تشمل المرأة والمراد بالرجل المذكور فيها هو ما يساوق الانسان وما يساوق الشخص كما في قوله سألته عن الرجل يجعل على نفسه نذراً ولا يسميه، فهذه الرواية يثبت الحكم المذكور فيها للمرأة كما يثبت للرجل

وقوله (عن الرجل يحلف لصاحب العشور يحرز بذلك ماله)

وقوله (الرجل يشك بين الاثنين والثلاث)

وقوله (الرجل يصلي وهو يمشي تطوعا)

وقوله (الرجل يصلي على ابي قبيس)

وقوله (رجل نام عن العتمة فلم يقم)، فالروايات كثيرة في هذا المجال وما نفهمه من معتبرة غياث انها تدل على ان في سلس البول الدية الكاملة للمجني عليه فإن كان رجلاً فدية الرجل او امرأة فدية المرأة او عبد فدية العبد او ذمي فديته، وتحديد ما هي الدية الكاملة لهؤلاء يلتمس من ادلة اخرى

فتفسير الدية الكاملة بهذا التفسير من لوازم التعميم للمرأة والا فلا يمكن التعميم مع البناء على أن الدية الكاملة في الرواية هي الالف دينار اذ عليه تثبت هذه الدية في العبد والذمي

ويشهد لذلك ان هذه الروايات التي ورد فيها ذكر الرجل تضمنت احكاماً كثيرة لا يلتزم الفقهاء باختصاصها بالرجل، فعلى القول باختصاص الروايات بالرجل لابد من اقامة الدليل على تعميم الاحكام التي فيها للمرأة

وهذا نواجهه في كثير من الروايات المتقدمة كما في صحيحة محمد بن قيس التي ورد فيها الاختبار فتعميم الاختبار الى المرأة يكون على الرأي الذي يرى اختصاص الرواية بالرجل لانه مذكور فيها بحاجة الى دليل

وهكذا الروايات الواردة في من ضرب على رأسه فادعى ثقل اللسان وانه تعرض عليه حروف المعجم، فالوارد فيها الرجل

وكذلك الروايات في دعوى ذهاب البصر وذهاب بعضه، وصحيحة يونس المعروفة التي ذكرت فيها القسامة وكيفيتها ففيها لفظ الرجل

والروايات الواردة في السمع وغيرها ففيها جملة من الاحكام التي لا يلتزم الفقهاء باختصاصها بالرجل وبناء على الاختصاص يحتاج تعميمها الى المرأة الى دليل

ومن هنا يتبين بأن معتبرة غياث بن ابراهيم تشمل باطلاقها المرأة وان في سلس بولها ديتها الكاملة

القول الثاني: ان فيها ثلث دية المرأة وهو مختار ابن حمزة في الوسيلة وابن فهد في المهذب وهو احد قولي الشيخ على ما حكي واستدل له بما في كتاب قضايا امير المؤمنين عليه السلام المنقول في التهذيب بطريق عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في رجل افتض جارية باصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها ، فجعل لها ثلث الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثي دينار ، وقضى لها عليه بصداق مثل نساء قومها))[3]

وهذه الرواية رواها الشيخ الطوسي في موضعين من التهذيب الاول في صفحة 308 وهي تامة سندا في هذا الموضع فذكر لها عدة طرق وما يهمنا منها ما ذكره عن (علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن فضال ، ومحمد بن عيسى عن يونس جميعا عن الرضا عليه السلام قالا عرضنا عليه الكتاب ....))[4] ، ورواها في موضع اخر[5] بطريق اخر ولكن هذا الطريق ليس تاماً على الاقل بالرواي المباشر وهو ابو عمرو الطبيب وقد نقلها في الوسائل عن الموضع الثاني

 


[1] وسائل الشيعة: 29/372، الباب التاسع من ابواب ديات المنافع ح4.
[2] تهذيب الاحكام: 10/308.
[3] وسائل الشيعة:29/335، الباب الثلاثون من ابواب ديات الاعضاء ح2.
[4] تهذيب الاحكام: 10/342.
[5] تهذيب الاحكام: 10/262.