الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ديات منافع الأعضاء/ تعذر الانزال

الحادي عشر: تعذّر الإنزال المشهور أنّ من أُصيب بجناية فتعذّر عليه الإنزال في الجماع ففيه دية كاملة، وفيه إشكال، فالأظهر أنّ فيه الحكومة (1) [1]

الثاني عشر: دوس البطن من داس بطن إنسان بحيث خرج منه البول أو الغائط فعليه ثلث الدية، أو يداس بطنه حتّى يحدث في ثيابه (2) [2]

الثالث عشر: خرق مثانة البكر المشهور أنّ من اقتضّ بكراً بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها فعليه ديتها كاملة، ولكنّه لا يخلو عن إشكال، فالأظهر أنّ فيه ثلث ديتها (3) [3]

    1. ذكر السيد الماتن بأن المشهور ذهب الى ان فيه الدية كاملة ولكنه استشكل في ذلك وقال ان الاظهر ان فيه الحكومة، وذكرنا انه استدل لرأي المشهور بموثقة سماعة الاولى ونحوها موثقته الثانية وتقدم ذكرهما

واستدل له برواية ابراهيم بن عمر المتقدمة ايضاً

اما موثقة سماعة الاولى وكذا الثانية فقد اشرنا الى الاعتراض عليها وهو انها لا تدل على ثبوت الدية في تعذر الانزال وإن لم يكسر الظهر لأن الرواية تقول ((في الظهر اذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة)) وهي تدل على ثبوت الدية في عدم الانزال اذا حصل بسبب كسر الظهر

وبعبارة اخرى الذي يفهم من الرواية انها في مقام بيان دية كسر الظهر اذا ادى الى عدم الانزال فلا تدل على ثبوت الدية لمجرد عدم الانزال، ولا يمكن الغاء خصوصية كسر الظهر، بل يمكن ان يقال ان قوله عليه السلام فيها ((حتى لا ينزل صاحبه الماء)) ليس قيدا يراد به الاحتراز عما اذا كان كسر الظهر لا يوجب عدم الانزال باعتبار ان كسر الظهر ملازم لعدم الانزال، وهذا من قبيل ما ورد (في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس قال عليه الدية) فإن هذا ليس قيداً احترازياً عما اذا كسر صلبه وتمكن من الجلوس بل هو بيان لما يترتب على كسر الصلب،

ولعل روايتنا من هذا القبيل ايضاً ولذا فمن الصعوبة بمكان بل من غير الممكن ظاهراً الغاء خصوصية كسر الظهر

ويبقى بيان الفرق بين هذه الرواية وبين صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة في كسر البعصوص

فقد الغى السيد الماتن خصوصية كسر البعصوص هناك وذكر ان الدية مترتبة على عدم السيطرة على الغائط بينما في هذه الرواية ذكر انه لا يمكن الغاء خصوصية كسر الظهر

اقول انه يمكن ان يقال بأن كسر البعصوص في الصحيحة ورد في سؤال السائل فيكون نظير ما لو سأله (رجل ضرب رجلاً على رأسه ففقد بصره) فما يفهم من هذا الكلام انه لا خصوصية للضرب على الرأس وانما الخصوصية لفقد البصر فلو ضربه على ظهره يثبت هذا الكلام وهذا ورد في كلام السائل

في حين انه في معتبرة سماعة ورد كسر الظهر في كلام الامام (عليه السلام)

واما رواية ابراهيم بن عمر فالاستدلال بها مبني على ان يكون المراد بانقطاع الجماع هو عدم الانزال، ولكن يلاحظ على الاستدلال بها انها غير تامة سنداً كما تقدم ثم انه من قال بأن المراد بانقطاع الجماع عدم الانزال بل يفهم منها انه اصبح غير قادر على الجماع بمعنى العنن ولا اقل من احتمال هذا

ومنه يظهر بانه لا يوجد دليل صالح للاعتماد عليه يثبت بأن في عدم الانزال مقدر شرعي ومنه يظهر ان ما ذكره السيد الماتن من أن فيه الحكومة هو الأصح

2- ذهب الى هذا الشيخان في المقنعة والنهاية وابن حمزة في الوسيلة على ما حكي، بل عن الخلاف الاجماع عليه، واستدل له بمعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((رفع إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضى عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث ، أو يغرم ثلث الدية)) [4] وبقرينة في ثيابه نفهم ان المراد البول والغائط فالريح مستبعد، ودلالتها واضحة وسندها تام وان كان فيه النوفلي لانه ثقة على الاصح كما ذكر في محله

وخالف في السرائر وقال بان الذي يقتضيه مذهبنا خلاف هذه الرواية لان فيه تغريراً بالنفس فلا قصاص في ذلك بحال، فكأن الرواية مخالفة للقواعد التي تقتضي عدم التغرير بالنفس في باب القصاص وايده في المختلف وقال الاولى الحكومة

وقد يقال للعلامة بأن الاشكال الذي ذكره ابن ادريس وايدته يؤدي الى ان القصاص لا يمكن الالتزام به واما الالتزام بثلث الدية فلا مشكلة فيه ومعه لا مجال للرجوع للحكومة

والظاهر ان هذا رأي كل من ضعف الرواية كالمحقق في الشرايع فإن الظاهر انه لا يفتي بمضمونها وتضعيف الرواية واضح انه ناشيء من وجود النوفلي في السند ولكن الظاهر انه ثقة

فيتعين العمل بالرواية، والظاهر ان ما ذكره ابن ادريس لا يمنع من العمل به فإنه يمكن المنع من التغرير بالنفس بأن يدوس بمقدار يحدث في ثيابه ولا يؤدي الى التغرير بالنفس فبالامكان ضبط هذا

3-لا خصوصية للاصبع والمراد انه افتضها بغير الوطء، وفي المسألة جنايتان الاولى افتضاض البكر بغير الوطء والثانية خرق المثانة الموجب لعدم ملكها بولها وهذا فيه رأيان

الاول: وقيل انه المشهور ان فيه الدية كاملة بل في الفقيه قال ان عليه اكثر روايات اصحابنا وذكر ذلك كثير من الفقهاء واستدل له اولاً بما تقدم من الروايات الواردة في سلس البول وكان عمدتها معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ((أن عليا عليه‌السلام قضى في رجل ضرب حتى سلس ببوله (بوله) بالدية كاملة))[5]

ويؤيدها رواية قرب الاسناد عن جعفر ، عن أبيه ((أن رجلا ضرب رجلا على رأسه فسلس بوله فرفع إلى علي عليه‌السلام فقضى ( منه بالدية ) في ماله))[6]

واستدل له ثانياً بمرسلة الشيخ الطوسي في التهذيب بعد ان نقل الرواية عن امير المؤمنين عليه السلام ((وفي رواية هشام بن ابراهيم عن ابي الحسن عليه‌السلام لها الدية)) [7] واستدل له ايضاً بموثقة إسحاق بن عمار ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ((قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في ذلك الدية كاملة))[8] وتأملنا فيها باعتبار ان ظاهرها ان الدية كاملة في كل منهما لا في كل واحد منهما

القول الثاني: وذهب اليه جماعة ومنهم السيد الماتن ان فيه ثلث ديتها ويستدل له بمعتبرة ظريف، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في رجل افتض جارية باصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها ، فجعل لها ثلث الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثي دينار ، وقضى لها عليه بصداق مثل نساء قومها))[9]

واستدل عليه برواية معاوية بن عمار ، قال : تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضتيه فصار آدر ، فكان بعد ذلك ينكح ويولد له ، فسألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن ذلك ، وعن رجل أصاب سرة رجل ففتقها ، فقال عليه‌السلام : ((في كل فتق ثلث الدية))[10]

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص454.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص456.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص456.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص182، أبواب قصاص الطرف، باب20، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص371، أبواب دیات المنافع، باب9، ح4، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص372، أبواب دیات المنافع، باب9، ح5، ط آل البيت.
[7] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص308.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص371، أبواب دیات المنافع، باب9، ح2، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص335، أبواب دیات الاعضاء، باب30، ح2، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص337، أبواب دیات الاعضاء، باب32، ح1، ط آل البيت.