الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ديات منافع الأعضاء/ الصوت

التاسع: الصوت وفي ذهابه كلّه من الغنن والبحح دية كاملة (1) [1]

العاشر: أدرة الخصيتين وفيها أربعمائة دينار، وإن فحج أي تباعد رجلاه بحيث لا يستطيع المشي النافع له فديته أربعة أخماس دية النفس (2)

الحادي عشر: تعذّر الإنزال المشهور أنّ من أُصيب بجناية فتعذّر عليه الإنزال في الجماع ففيه دية كاملة، وفيه إشكال، فالأظهر أنّ فيه الحكومة (3)

    1. مسألة ان ذهاب الصوت فيه دية كاملة ذكره العلامة في بعض كتبه والشهيدان في اللمعة والروضة وبعض من تأخر عنهم واستدل له بالقاعدة والمقصود القاعدة المتقدمة ان كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية وتقدم مراراً التأمل في الاستدلال بالقاعدة في باب المنافع واحتمال اختصاصها في الاعضاء قوياً والتشكيك في شمولها للمنافع

واستدل له بمعتبرة يونس ، أنّه عرض على الرضا عليه‌السلام كتاب الديات ، وكان فيه : ((في ذهاب السمع كله ألف دينار ، والصوت كله من الغنن والبحح ألف دينار)) [2]

واستدل له بما رواه الشيخ والكليني والصدوق باسانيدهم السابقة ونقلها في الوسائل عن الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه ، عن ابن فضال ، وعن محمد بن عيسى ، عن يونس جميعا ، عن الرضا عليه‌السلام وعن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن ابن ظريف بن ناصح ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، عن عبدالله بن أيوب ، عن أبي عمر المتطبب قال : عرضت على أبي عبدالله عليه‌السلام ما أفتى به أمير المؤمنين عليه‌السلام في الديات فمما أفتى به ((في الجسد وجعله ست فرائض : النفس ، والبصر ، والسمع ، والكلام ونقص الصوت من الغنن والبحح والشلل من اليدين والرجلين ، ثم جعل مع كل شيء من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية ، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر ، وما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر)) [3] فالدية كاملة والقسامة تكون على الاجزاء الستة كما تقدم، وذكرنا ان الطريق الثاني ضعيف ولكن الاول صحيح كما تقدم

والموجود في الكافي وفي الفقيه هو ما نقلناه عن الوسائل واما في التهذيب فهو البحح فقط فلا يمكن الاستدلال به في محل الكلام لانه يتكلم عن البحح وهو الخشونة في الصوت وكلامنا في ذهاب الصوت كله واما ما في الكافي والفقيه فالموجود هو نقص الصوت لا ذهاب الصوت الذي هو محل الكلام ولعله هو المناسب لقوله من الغنن وهو صدور الكلام من الانف والبحح، وهذا بقطع النظر عما يقال من أن الرواية اذا دلت على أن في نقص الصوت الدية فمن باب اولى يكون في ذهاب الصوت الدية

ومن هنا يظهر ان العمدة في المقام هي معتبرة يونس وهي التي استدل بها السيد الماتن، وفسر قوله (الصوت كله من الغنن والبحح) في كلمات بعض الفقهاء بانه اذا ذهب الصوت كله فصار مبحوحاً او صار يغن فكأن البحح والغنن يلازمان ذهاب الصوت ولكن الظاهر أن العبارة لا يفهم منها هذا المعنى فما نفهمه من معناها حتى الغنن والبحح يكون قد ذهب خصوصاً وأن الغنن لا يلازم ذهاب الصوت كله فالاغن له صوت يخرجه

وما ذكر من التفسير معقول لكن كيف يفهم من العبارة

وما ذكره السيد الماتن ان كان يقصد منه ذهاب الصوت حتى على مستوى الغنن والبحح فهذا يمكن الاستدلال عله بمعتبرة يونس واما ان كان المقصود ذهاب الصوت بأن صار اغن او ابح فمن الصعوبة استفادة ان فيه الدية كاملة من معتبرة يونس

    2. ادرة الخصيتين يعني انتفاخ الخصيتين والفحج هو تباعد الرجلين عقباً وتدانيهما صدراً او هو تباعد الفخذين، وكون في ادرة الخصيتين اربعمائة دينار وان فحج ففيه اربعة اخماس دية النفس ذكره الشيخ الطوسي في النهاية وتبعه المتأخرون عنه، وفي الشرايع والمسالك والروضة دعوى الشهرة عليه، وفي كشف اللثام ان الاول مما قطع به الاصحاب والثاني قطع به اكثرهم والمستند لذلك هو ما ورد في كتاب ظريف ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: ((فان اصيب رجل فأدر خصيتاه كلتاهما فديته أربعمائة دينار ، فان فحج فلم يستطع المشيء إلا مشيا لا ينفعه فديته أربعة أخماس دية النفس ثمانمائة دينار))[4]

وهي تامة سندا ودلالتها على المطلوب واضحة

نعم في رواية معاوية بن عمار ، قال : تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضتيه فصار آدر ، فكان بعد ذلك ينكح ويولد له ، فسألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن ذلك ، وعن رجل أصاب سرة رجل ففتقها ، فقال عليه‌السلام : ((في كل فتق ثلث الدية)) [5] ولكن هذه الرواية غير تامة سنداً باعتبار صالح بن عقبة، ويحتمل ان يكون المقصود ان في الفتق ثلث الدية فإن استلزم الادرة يلزم خمسا الدية

    3. الحكم بأن فيه الدية كاملة ذكره الشيخ في النهاية وتبعه جماعة، وفي الرياض بلا خلاف اجده، واستدل له بالقاعدة المتقدمة وتقدمت المناقشة في ذلك، واستدل له بموثقة سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها ، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل ، وفي الانف إذا قطع الدية كاملة ، وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة)) [6]

ونظير هذه الرواية موثقة اخرى لسماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قال : ((في الظهر الدية إذا كسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة)) [7]

والثالثة رواية ابراهيم بن عمر المتقدمة مرارا، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه ، وبصره ، ولسانه ، وعقله وفرجه ، وانقطع جماعه وهو حيّ ، بست ديات)) [8] وانقطاع الجماع يراد به عدم الانزال

وذكر في الجواهر ومفتاح الكرامة تأمل بالاستدلال قال في الجواهر روايتا سماعة لا تقتضي وجوب الدية لعدم الانزال حتى اذا لم يكسر ظهره

وكأنه يريد أن يقول ان الذي يفهم من الرواية ان كسر الظهر دخيل في ثبوت هذا الحكم

ووجه ما ذكره بانه يمكن أن يقال إن الرواية اساساً هي مسوقة لبيان دية الظهر خصوصاً الرواية الثانية لسماعة

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص453.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص283، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص159، أبواب القتل وما یثبت، باب11، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص311، أبواب دیات المنافع، باب18، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص337، أبواب دیات الاعضاء، باب32، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص376، أبواب دیات المنافع، باب14، ح1، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص365، أبواب دیات المنافع، باب6، ح1، ط آل البيت.