الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ديات منافع الأعضاء/ كسر البعصوص

السابع: كسر البعصوص‌، و فيه بحيث لا يملك استه الدية كاملة (1) [1]

الثامن: سلس البول وفيه دية كاملة (2) إذا كان مستمرّاً (3) [2]

    1. ذكرنا بانه لا ثمرة عملية تترتب على تحديد المراد من البعصوص في الصحيحة بناء على رأي السيد الماتن الذي يرى ان كسر البعصوص لا دخل له في الحكم بالدية

وذكرنا بأن الظهور الاولي للرواية ان كسر البعصوص له دخل في الحكم بالدية في الرواية لانها تقول اذا كسر البعصوص فلم يملك استه، فلكل منهما الدخل في الحكم، ولكن الظاهر ان الفقهاء يرون ان كسر البعصوص وامثاله مما ذكر في باقي الروايات في مسائل متقدمة لا مدخلية له في الحكم بل الدية على ذهاب المنفعة كما في قوله اذا ضرب على رأسه فذهب سمعه، فلا يفهمون خصوصية لما ذكر في الروايات خصوصاً اذا ذكر ذلك في كلام السائل كما في روايتنا وانما يكون موضوع الحكم هو ذهاب السمع او ذهاب البصر او عدم السيطرة على الغائط

ومن هنا لا يبعد ان يكون ما ذكره السيد الماتن هو الصحيح وبناء عليه لا ثمرة تترتب على تحديد معنى البعصوص ففرض في ما تقدم من الروايات وجود جناية من الجنايات ولم يفهموا وجود خصوصية للجناية ولعل السر في هذا هو ظهور عرفي في امثال هذه الروايات هو ان هذه لا دخالة لها في الحكم وان الدخيل هو ذهاب تلك المنفعة

2- المراد بسلس البول ترشح البول لضعف القوة الماسكة في المسالك ان ثبوت الدية فيه هو المشهور بين الاصحاب واستدل له بمعتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ((أن عليا عليه‌السلام قضى في رجل ضرب حتى سلس ببوله (بوله) بالدية كاملة)) [3] وهي تامة سندا فانه تقدم الكلام عن غياث بن ابراهيم وانتهينا الى وثاقته وهي تدل على ثبوت الدية كاملة في سلس البول

ويستدل له برواية قرب الاسناد عن جعفر ، عن أبيه ((أن رجلا ضرب رجلا على رأسه فسلس بوله فرفع إلى علي عليه‌السلام فقضى ( منه بالدية ) في ماله)) [4] وفيها شاهد على ما قلناه من ان الفقهاء لا يفهمون خصوصية وانما الدخيل هو سلس البول، الا انها غير تامة سنداً بابي البختري

ويظهر من المحقق التردد في هذا الحكم لأنه نسبه الى القيل وضعف المستند، بل نقل عن الشيخ في الخلاف فيما (اذا افضاها واسترسل بولها ان عليه للافضاء دية الافضاء وفي استرسال البول حكومة) فيظهر انه لا يرى الدية لاسترسال البول

وعلى كل حال فالحكم يستدل له بمعتبرة غياث ويؤيده رواية قرب الاسناد

واستدل السيد الماتن للحكم بمعتبرة اسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام) يقول : ((قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في ذلك الدية كاملة)) [5]

والاستدلال بها غير واضح لان من الواضح ان الدية في الرواية مترتبة على عدم استمساك الغائط والبول معاً

واستدل له بمعتبرة اسحاق الثانية التي نقلها في الوسائل عن التهذيب والموجود فيه هو عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سأله رجل ـ وأنا عنده ـ عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله ، فقال له : ((إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية لانه قد منعه المعيشة ، وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية ، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية ، وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية))[6] وهو الموجود في الكافي ايضاً ولكن كلامنا في سلس البول لا في قطع البول، وفي الفقيه نقلها (فلم ينقطع بوله) وهو عبارة عن سلس البول فما في الفقيه هو الانسب لمحل الكلام وفيها دلالة على ثبوت الدية، والمراد بقوله (يمر الى الليل) اي يستمر الى الليل فالرواية لا تخلو من ثبوت الدية في سلس البول ولكن سندها غير واضح وإن عبر عنها السيد الماتن بالمعتبرة، فقد رواها المشايخ الثلاثة والطريق في التهذيب متحد مع الطريق في الكافي وهو الذي يذكره في الوسائل (محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن إسحاق بن عمار) ومحمد بن اسماعيل المراد به محمد بن اسماعيل بن بزيع الذي لا اشكال في وثاقته بقرينة رواية محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عنه والمشكلة في صالح بن عقبة وهو مردد بين صالح بن عقبة ابن خالد وصالح بن عقبة بن قيس والظاهر ان المراد به في المقام هو الثاني بقرينة ان صالح بن عقبة بن خالد عده الشيخ من اصحاب الامام الباقر عليه السلام فالظاهر ان المناسب بحسب الطبقة ان يكون المراد به بن قيس وهو لا دليل واضح على وثاقته نعم ورد في كامل الزيارات وتفسير القمي لكن من لا يبني على ذلك لا يرى كفايته

بل ضعفه ابن الغضائري وقال غالي كذاب فلم تثبت وثاقته

والشيخ الصدوق بدأ السند باسحاق بن عمار وذكر ان طريقه اليه هو ابوه عن الحميري عن علي بن اسماعيل عن صفوان بن يحيى عن اسحاق بن عمار والمشكلة فيه في علي بن اسماعيل وهو مردد بين جماعة والظاهر ان المراد به في هذه الطبقة ليس هو علي بن اسماعيل بن شعيب الميثمي المتكلم المعروف الثقة لأن الشيخ الصدوق ذكر في المشيخة طريقه الى علي بن اسماعيل الميثمي وهو ابوه عن سعد عن ابن ابي الخطاب عن صفوان بن يحيى عن علي بن اسماعيل الميثمي فصفوان يروي عن الميثمي في هذا الطريق بينما في طريقه الى اسحاق بن عمار علي بن اسماعيل يروي عن صفوان بن يحيى فمن البعيد ان سيكون الرواي عن صفوان في طريق الشيخ الصدق الى اسحاق بن عمار هو علي بن اسماعيل الميثمي فالميثمي متقدم بحسب الطبقة على علي بن اسماعيل الوارد في طريق الشيخ الصدوق الى اسحاق بن عمار

ويطرح احتمال ان المراد به علي بن اسماعيل بن عيسى باعتبار ان الشيخ ذكر ابن عيسى في طريقه الى زرارة وحريز وحماد بن عيسى والراوي عنه فيها هو عبد الله بن جعفر الحميري فاذا ضممنا الى ذلك ان الرواي عن علي بن اسماعيل في سند الشيخ الصدوق الى اسحاق بن عمار هو الحميري، فيثبت ان علي بن اسماعيل في هذا الطريق هو علي بن اسماعيل بن عيسى

بل ذكر السيد الماتن في المعجم انه في هذه الطبقة ينصرف الى علي بن اسماعيل بن عيسى

وعلى كل حال فالظاهر انه لا دليل على وثاقة علي بن اسماعيل بن عيسى سوى انه ورد في اسانيد كامل الزيارات مع ان ابن قولويه لا ينقل عنه مباشرة نعم نقل الكشي عن نصر بن الصباح انه قال انه ثقة وانه علي بن السندي لقب اسماعيل بالسندي ولعله على هذا الاساس ادعى الوحيد اتحاد علي بن اسماعيل بن عيسى مع السندي، او لاتحاد الرواي والمروي عنه كما ذكر

وعلى كل حال فاذا بنينا على عدم الاتحاد فنقول انه لا دليل على وثاقة علي بن اسماعيل بن عيسى وتوثيق نصر بن الصباح لا يعتمد عليه فإن نصر بن الصباح لا دليل على اعتباره ووثاقته

وعلى تقدير الاتحاد فإن ابن السندي ايضا لا دليل على وثاقته

ومن هنا يظهر ان الرواية حتى بطريق الشيخ الصدوق لا تخلو عن اشكال في السند ولعله على هذا الاساس حكم المجلسي في ملاذ الاخيار بانها ضعيفة، والسيد الماتن اعتمد ظاهرا على طريق الصدوق وعلي بن اسماعيل شخص انه بن عيسى وهو عنده ثقة لوقوعه في اسانيد كامل الزيارات وان عدل عنه

اما من لا يرى ذلك فالظاهر ان الرواية لا تكون تامة سندا

3- لعل المستند هو رواية اسحاق بن عمار الثانية باعتبار انها تدل على ثبوت الدية اذا كان يمر الى الليل ولكنها تدل على اشتراط الاستمرار الى الليل لا مطلقاً، نعم يمكن ان يقال ان الدليل هو ان سلس البول لا يصدق على فقدان السيطرة على البول في يوم واحد او يومين بل هو يصدق على من يفقد السيطرة على البول لمدة بحيث يصدق عليه انه مسلوس، مضافاً الى ان الدية تثبت اذا ذهبت المنفعة بالكلية دون ما اذا ذهبت ثم عادت فان فيه الحكومة، فمن هنا يكون اشتراط الاستمرار في محله

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص451.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص425.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص371، أبواب دیات المنافع، باب9، ح4، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص372، أبواب دیات المنافع، باب9، ح5، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص371، أبواب دیات المنافع، باب9، ح2، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص371، أبواب دیات المنافع، باب9، ح3، ط آل البيت.