الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:کتاب الدیات/ ديات منافع الأعضاء/ الشم

(مسألة 351): اذا ادعى المجني عليه النقص في الشم فعليه ان يأتي بالقسامة على النحو المتقدم في السمع (1) [1]

    1. تقدم في (مسألة 346) ان السيد الماتن فرض فرضين: الاول دعوى نقصان السمع في كلا الاذنين، والثاني دعوى نقصان السمع في احدى الاذنين وذكر في الاول انه يطلب من المدعي البينة فان اقام بينة على ذهاب السمع من كلا الاذنين يثبت مدعاه ويحكم له، واما اذا لم يقم البينة فقال ان عليه القسامة فإن كان المدعى نقصان سدس السمع حلف هو وحده وإن كان المدعى نقصان ثلث السمع حلف هو ورجل واحد معه وإن كان النصف حلف هو ورجلان وهكذا

وبتطبيق هذا في المقام فإن ادعى نقص الشم في كلا المنخرين فبناء على ما تقدم يطلب منه البينة فإن اقام البينة على نقص الشم في كلا المنخرين يحكم له وإن لم يقم البينة على مدعاه فعليه القسامة بنفس النسبة السابقة فإن كان المدعى هو نقص سدس الشم يطلب منه يمين واحد وإن كان الثلث يطلب منه يمينان يحلف هو ورجل معه وهكذا

ولم يذكر السيد الماتن موضوع الاختبار لا هنا ولا هناك، وعبارته هناك (لو ادعى المجني عليه النقص في سمع كلتا الاذنين فإن ثبت ذلك ببينة فبها والا فعليه القسامة بالنسبة ... ) ولم يذكر الامتحان الذي يكون الغرض منه اثبات ان مقدار النقص الذي طرأ بسبب الجناية

ومن هنا يقع الكلام انه هنا هل يمكن الاختبار او لا؟ وظاهر كلمات بعض الفقهاء انه لا يمكن الاختبار، قال في المبسوط (فإن ادعى نقص شمه كان القول قوله لأنه لا يتوصل إليه إلا من جهته) [2] وصرح العلامة في القواعد [3] وغيره بانه هنا لا يمكن الاختبار، بل قالوا انه لا يمكن اقامة البينة

وعلى كل حال فقد صرحوا انه لا يمكن الاختبار لانه لا طريقة لمعرفة ان هذا نقص شمه بمقدار النصف مثلاً فيصار الى القسامة ويقدم قوله لانه لا يمكن معرفة ذلك الا من جهته ويقضي له الحاكم بما يؤدي اليه اجتهاده

ولكن يظهر من كلمات بعض الفقهاء انه يمكن الاختبار كالمحقق في الشرايع والعلامة في بعض كتبه كالقواعد في دعوى النقصان في السمع من كلا الاذنين معا قال (و لو كان النقصان من الأذنين معا اعتبرناه بالتجربة، بأن يوقف بالقرب منه إنسان يصيح على غفلة منه، فإن ظهر فيه تغيّر أو قال: قد سمعت تباعد عنه و صاح على غفلة إلى أن ينتهي إلى حدّ لا يظهر عليه تغيّر، فإن قال: لم أسمع أحلف، و أعلم على الموضع علامة، ثمّ يزيد في البعد حتّى ينتهي إلى آخر موضع منه يسمع مثل ذلك الصوت من هو سميع لا آفة به، فينظر كم بين المسافتين و يقسّط الدية على المسافة، فيؤخذ بقدر النقصان. و ينبغي اعتباره بالصوت من جوانبه الأربع، فإن تساوت صدّق، و إن اختلفت كذّب) [4]

وذكر المحقق في الشرايع امكان الاختبار بهذا الشكل، وذكروا بأن هذا مأخوذ من دعوى النقص في نظر كلا العينين فقد ذكروا هناك بأنه يقاس بنظر من هو في سنه وكانت هناك رواية في دعوى النقص في نظر كلا العينين وهي صحيحة عبدالله القداح ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) عن أبيه (عليه‌السلام) قال : ((اتي أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل قد ضرب رجلا حتى نقص من بصره ، فدعا برجل من أسنانه ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره)) [5]

وهي وان كانت واردة في دعوى نقصان البصر الا انهم استدلوا بها على دعوى نقصان السمع مع انه لم ترد رواية في دعوى نقصان السمع بالخصوص بمعنى انهم استفادوا منها التعميم

وبناء على هذا يمكن تعميمها في المقام بأن يقال بأنه لا مشكلة في أن نحدد مقدار النقص بهذه العملية بأن نأتي بشخص سليم وننظر مقدار النقص بين منتهى شم الصحيح وبين منتهى شم المصاب ويعطى من الدية بالنسبة ويمكن ان يستفاد هذا من صحيحة القداح وان كانت واردة في نقص النظر من كلا العينين ولكن لا خصوصية للنظر، ولعل السيد الماتن يفترض هذا وإن كان لم يصرح بذلك لا في السمع ولا في الشم وقد صرح به في النظر استناداً الى صحيحة القداح

وعلى كل حال فالظاهر انه يمكن الاختبار وهي طريقة طبيعية لتحديد مقدار النقص الذي يدعيه المدعي

نعم، استناد النقص الى الجناية لا يثبت بالتجربة وانما هو يحتاج الى القسامة بعد تقسيم المنفعة الى ستة اجزاء

واما الفرض الثاني الذي ذكره السيد الماتن في السمع وهو ما اذا ادعى النقص في احد الاذنين، فقد ذكر هناك بانه يقاس الى الاذن الصحيحة بان تسد الاذن المصابة سداً محكماً وتختبر الاذن الصحيحة ثم تسد الصحيحة سداً محكماً وتختبر المصابة ويعطى دية الفرق بينهما

فهل السيد الماتن في محل الكلام ناظر الى هذا؟ بان يقال اذا ادعى نقصان الشم في احد المنخرين يقاس الى الصحيح،

والدليل على هذا في كلا الفرضين هو ادلة حجية البينة بالنسبة الى ما ذكره اذا جاء بالبينة فيثبت بها المدعى بالاضافة الى صحيحة يونس المتقدمة وإن قلنا مراراً بانها واردة في البصر لكنها عممت الحكم الى نقص السمع وقلنا تبعاً للسيد الماتن بانها تشمل حتى الشم (وكذلك القسامة كلها في الجروح) وذكر السيد الماتن بأن المقصود كل جناية توجب ذهاب المنفعة او نقص المنفعة

واما القسامة فدليلها صحيحة يونس، والاختبار بالنحو الذي ذكرناه دليله صحيحة القداح اما بأن يبتعد هذا الشخص الى مسافة لا يتأثر بالحراق ويقترب الى أن يتأثر بالحراق

واما الفرض الثاني فالمدعى انه يقاس المنخر المصاب بالمنخر الصحيح على الطريقة التي ذكرناها والدليل عليه هو صحيحة يونس الواردة في اصابة احدى العينين الشاملة لما اذا كانت الاصابة موجبة لذهاب جميع بصرها او بعضه وهي تثبت ذلك بالاختبار، والقسامة ثابتة بهذه الصحيحة وهي تشمل السمع كما هي تصرح بذلك والشم بالبيان الذي ذكره السيد الخوئي (قده)

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص446.
[2] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج7، ص132.
[3] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص688.
[4] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص687.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص369، أبواب دیات المنافع، باب8، ح4، ط آل البيت.