الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفقه/ ديات منافع الأعضاء/ الشم

الرابع: الشمّ وفي إذهابه من كلا المنخرين الدية كاملة ، وفي إذهابه من أحدهما نصف الدية، ولو ادّعى المجنيّ عليه ذهابه عقيب الجناية الواردة عليه فإن صدّقه الجاني فهو، وإن أنكره أو قال: لا أعلم، اختبر بالحراق ويدنى‌ََ منه، فإن دمعت عيناه ونحّى رأسه فهو كاذب وإلّا فصادق، وحينئذٍ قيل: إنّ عليه خمسين قسامة، ولكن دليله غير ظاهر، بل الظاهر أنّها من الستّة الأجزاء الواردة في المنافع (1) (مسألة 351): اذا ادعى المجني عليه النقص في الشم فعليه ان يأتي بالقسامة على النحو المتقدم في السمع (2)

    1. قلنا ان هناك خلافان:

الاول في انه هل هناك حاجة الى القسامة مع الاختبار او لا

والثاني في أن القسامة في صورة الحاجة اليها هل هي الخمسين يمين او انها ستة ايمان او انها يمين واحد

اما الخلاف الاول فذكرنا ان هناك روايتان صحيحتان الاولى صحيحة محمد بن قيس التي هي الدليل على الاختبار المذكور في المتن ولم يذكر فيها الحلف اطلاقاً، ومن هنا قد يقال بالاكتفاء بالاختبار دون الحاجة الى القسامة، الثانية صحيحة يونس فهي ظاهرة في القسامة في موارد نقص السمع والبصر ونقلنا استدلال السيد الخوئي (قده) على تعميمها لمحل الكلام بدليل وقلنا انه لا بأس به

اما صحيحة محمد بن قيس فهي ظاهرة في عدم الحاجة الى القسامة لأن الامام فرع استحقاق الدية على ما اذا صدق في دعواه ولم يذكر اليمين والقسامة اصلاً، لكن هذه الصحيحة لا تنفي الحاجة الى القسامة مطلقاً وانما تنفي الحاجة اليها مع تبين صدق المدعي واما مع عدم تبين صدق المدعي فهي لا تدل على نفي القسامة ومن هنا قد يقال باننا نجمع بين الصحيحتين بحمل صحيحة يونس على ما اذا لم يتبين صدقه في الاختبار وبذلك يثبت قول الشهيد في الروضة، غاية الامر انه عبر اذا لم يتبين حاله

ولكن الظاهر أن صحيحة يونس تأبى عن هذا الحمل لأنها تدل على لزوم القسامة مع الاختبار في صورة نجاح الاختبار وثبوت مقدار النقص في الاختبار واستحقاق الدية بمقدار النقص لقوله ((والقسامة مع ذلك على قدر ما اصيب من عينه فان كان سدس بصره حلف هو وحده واعطي الدية)) وفقدان سدس البصر يثبت بالاختبار المتقدم فلا يمكن حمل هذه الصحيحة على ما اذا لم يتبين صدقه

ومن هنا قد تطرح وجوه اخرى للجمع بين الصحيحتين:

الوجه الاول: ان صحيحة محمد بن قيس ليست ناظرة الى باب التداعي والقضاء وانما هي ناظرة الى كيفية صدق المدعي في دعواه ولذا لم يذكر الحلف لأنه ليس باب تداعي

ولكن هذا يعني أن الامام في مقام بيان حكم حاسة الشم وأن فيها الدية وهو خلاف ظاهر قوله ((إن صدق فله ثلاث ديات)) فيظهر أن المقام مقام تداعي ولا يريد ان يقول بأن هذه الدية حكم من ذهب شمه والا فلا معنى لتعليق الحكم على صدق المجني عليه

الوجه الثاني: أن تحمل صحيحة محمد بن قيس على ما اذا ثبت بالاختبار ذهاب حاسة الشم واستناد ذلك الى الجناية فقد يثبت ذلك بقرائن خارجية، واما صحيحة يونس فانها لم يفرض فيها معرفة الاستناد بل ذكر القسامة فيها قرينة على عدم معرفته بالاختبار

فتكون الحاجة الى القسامة في صورة عدم معرفة استناد ذهاب المنفعة او نقص المنفعة الى الجناية واما اذا عرفنا استناد ذهاب المنفعة او نقصها الى الجناية فلا حاجة الى القسامة

فالمراد من عدم تبين حاله من جهة الاستناد المذكور، والظاهر أن هذا اقرب وجوه الجمع بين هاتين الصحيحتين وبناء عليه فالقسامة يحتاج اليها لكن لا مطلقاً وان ثبت بالاختبار استناد ذهاب الشم الى الجناية وانما يحتاج الى القسامة اذا لم يثبت ذلك

واما الخلاف الثاني: فقد ذهب صاحب الجواهر الى أن القسامة هي الخمسين، وليس هذا في محل الكلام فقط بل في مسائل سابقة كما في ذهاب البصر بالجناية او نقصان البصر بها وادعى ان القسامة في موارد اللوث هي خمسون يميناً او نصفها

وقال بأن هذه الموارد من موارد اللوث باعتبار أن الدعوى كانت بعد الضرب الذي يحصل به اللوث غالباً والمراد به ان يكون المدعى عليه متهماً ًوفاسقاً واما لو كان مستقيم الطريقة فلا لوث

واعتبار اللوث في القسامة بمعنى أن يكون المدعى عليه فاسقاً متهماً في الجملة ثابت بلا اشكال بمعنى انه اذا ادعى ولي القتيل القتل على شخص فالمدعى عليه اذا كان مستقيماً فالحكم على القواعد العامة في باب القضاء اي البينة على المدعي واليمين على المنكر، غاية الامر ان المدعى عليه اذا ثبت عليه اليمين ونكل عنه له ان يطلب يمن المدعي، اما لو كان فاسقاً فحينئذ يطالب المدعى عليه بالبينة لإثبات انه لم يقتل هذا الرجل فاذا اقامها فهو، والا فيطلب من المدعي الاتيان بقسامة والقسامة في باب القتل العمدي خمسون رجلاً فاذا لم يأت بالقسامة على المدعى عليه ان يأتي بالقسامة وهي خمسون رجلاً لإثبات انه لم يقتل وهذه القسامة تثبت ايضاً في القتل الخطأ وكذا في الجنايات الاخرى غير القتل بالنسبة الى الدية كما دلت عليه صحيحة يونس، واللوث انما يشترط في القتل العمدي بمعني ان مطالبة المدعى عليه بالبينة يعتبر فيه اللوث، واما اذا ادعى القتل العمدي على شخص مستقيم الطريقة فتطبق عليه القواعد العامة

واما في غير القتل العمدي فالقسامة تطلب من المدعي لا يشترط فيها اللوث وهذه القسامة في الموارد التي دل الدليل على ثبوتها في القتل العمدي هي خمسون يمينا وفي الخطأ وشبه العمد خمسة وعشرون يميناً واما في الجنايات الاخرى غير القتل فقيل بانها خمسون يميناً اذا بلغت دية الجناية الدية الكاملة، والصحيح انها ستة ايمان كما بينتها صحيحة يونس، فالصحيح في الخلاف الثاني هو الرأي المشهور القائل بأن القسامة هي ست ايمان وليست خمسين يميناً

2- وتارة نتصور انه يدعي النقص في شم كلا المنخرين واخرى في احدهما

وتقدم فيما لو ادعى النقص في سمع كلا الاذنين ان الحكم ان يطالب بالبينة والا فعليه القسامة بالنسبة المتقدمة في صحيحة يونس، وفي محل الكلام يمكن تطبيق هذا اذا ادعى نقص حاسة الشم من كلا المنخرين فإن جاء بالبينة فهو، والا يطالب بالقسامة فإن كان النقص بمقدار السدس حلف هو وحده وهكذا على ما تقدم، والدليل هو صحيحة يونس المتقدمة وقلنا بانها وإن كانت واردة في السمع والبصر لكننا عممناها لحاسة الشم بالقرائن التي ذكرناها

واما اذا ادعى نقصان السمع في احدى الاذنين فتقدم انه تقاس هذه الاذن على الاذن الصحيحة بأن تسد الناقصة ويسمع بالصحيحة ويعلّم منتهى سمعه بالصحيحة ثم تسد الصحيحة وينظر منتهى سمعه بالمصابة ثم تمسح المسافتان وتؤخذ الدية من الجاني بنسبة التفاوت وتعطى له الدية بعد القسامة

واما في محل الكلام فلو ادعى نقص الشم في احد المنخرين فتطبيق ما ذكر يحتاج الى تأمل