الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:ديات منافع الأعضاء

الثاني: السمع وفي ذهابه كلّه دية كاملة ، و في ذهاب سمع إحدى الأُذنين كلّه نصف الدية (1)، وإذا جنى على رجل فادّعى ذهاب سمعه كلّه قبل قوله إن صدّقه الجاني (2)، وأمّا إذا أنكره أو قال: لا أعلم ذلك، أُجّل إلى سنة ويترصّد واستغفل بسؤاله، فإن انكشف الخلاف وبان أنّه يسمع أو شهد شاهدان بذلك فليس له مطالبة الدية (3) و إلّا فعليه أن يأتي بالقسامة بأن يحلف هو وخمسة أشخاص إن وجدوا وإلّا حلف هو ستّ مرّات، فعندئذٍ يستحقّ الدية [1]

    1. ذكروا ان الدليل على ذلك هو نفس الادلة الدالة على ان في ذهاب السمع الدية كاملة باعتبار ان السمع يكون من الاذنين جميعا وهذا معناه ان نصف السمع يكون من احدى الاذنين فيفهم من الدليل الدال على ان في ذهاب السمع الدية كاملة ان ذهاب السمع من احدى الاذنين الذي يشكل نصف السمع فيه نصف الدية وقلنا بأن التقسيط بهذا الشكل يكون واضحاً عندما يكون الذاهب والباقي متساويان في المقدار والفائدة وهذا متحقق في محل الكلام لأنه لا يوجد تفاوت بين الذاهب والباقي في المقدار نعم قد يكون هناك تفاوت متعارف كالتفاوت في حدة السمع وقلته والظاهر انه لا يمنع من التقسيط بالنحو المتقدم ولذا صرح الفقهاء بثبوت نصف الدية بذهاب سمع احدى الاذنين من دون فرق بين ان تكون احدى الاذنين احد من الاخرى او لا؛ لأن هذا التفاوت متعارف فإنه في معظم الحالات لا يكون تساو بين سمع هذه الاذن وتلك الاذن

وذكر الفقهاء اطلاقاً آخر وهو من دون فرق بين أن يكون له ما سواها او لا فاننا تارة نفترض ان الاذن الاخرى يسمع بها واخرى لا يسمع بها لسبب ما فالجناية على هذه الاذن فيها نصف الدية على كل حال وعلى التقدير الثاني اي اذا لم يكن له ما عداها لم يفرق المشهور بين ان يكون ذهاب سمع الاخرى بآفة سماوية او بجناية جان

وهذا الاطلاق الاخير يخالفه ابن حمزة في الوسيلة فقد فصل في صورة ما اذا لم يكن له ما عداها بين ما اذا كان ذهاب سمع الاخرى بافة سماوية من الله تعالى ففي اذهاب سمع الباقية بالجناية الدية كاملة اما اذا كان اذهاب الاخرى بالجناية ففي اذهاب سمع الباقية نصف الدية واشكل عليه بانه لا دليل على هذا التفصيل، وذكروا انه يحتمل أن يكون دليله قياس ما نحن فيه بالعين الصحيحة للاعور وتقدم الكلام عنه في مسألة 281 وقلنا بانه يوجد روايات صحيحة تدل على ان في عين الاعور الدية كاملة

ذكرنا هناك ان المشهور قيد الحكم بالدية الكاملة في صحيحة الاعور بما اذا كانت الذاهبة ذهبت بافة سماوية من الله سبحانه واما اذا كان العور لا بافة سماوية ففقأ العين الصحيحة للاعور فيها نصف الدية

وحاول ابن حمزة ان يسحب هذا التفصيل في محل الكلام فقاس محل الكلام على عين الاعور

وواضح ان هذا مجرد قياس لا يمكن التعويل عليه، ولو سلمنا به فلا بد ان نحكم بالدية الكاملة في كلا الفرضين سواء كانت الاذن الاخرى ذهب سمعها بجناية او بافة سماوية، وانما التفصيل من المشهور والا فالنص مطلق

    2. لأن الجاني اذا صدق المجني عليه في دعواه حينئذ يكون مقراً على نفسه واقرار العقلاء على انفسهم جائز فيصدق على القاعدة وتثبت هذه الدعوى، ونفس الكلام نقوله فيما لو احرزنا صدقه في دعواه مع عدم احتمال عود سمعه اليه من دون فرض تصديق الجاني له، نعم اذا احتملنا عوده فهنا لا يمكن ان نقول ان الدية تستقر عليه بل لا بد في هذه الحالة من ان ينتظر مدة كما سيأتي

    3. وتثبت الحكومة هنا لانه اعتداء عليه وكل اعتداء فيه ارش واما اذا مضت السنة ولم ينكشف الحال ولم يعد اليه سمعه يستحق المجني عليه الدية واما اذا عاد اليه سمعه بعد مضي السنة فهذا لا اثر له لان الرواية تقول لعل هذا هبة من الله سبحانه

في كل مورد حكمنا فيه باستحقاق الدية خلال السنة فعود السمع اليه بعد السنة لا يؤثر في هذا الاستحقاق وفي كل مورد حكمنا فيه بعدم استحقاق الدية يصار فيه الى الحكومة

والدليل هو صحيحتا سليمان بن خالد عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال في رجل ضرب رجلا في اذنه بعظم فادعى أنه لا يسمع ، قال : ((يترصد ويستغفل وينتظر به سنة ، فان سمع أو شهد عليه رجلان أنه يسمع ، وإلا حلفه وأعطاه الدية ، قيل : يا أمير المؤمنين فان عثر عليه بعد ذلك أنه يسمع؟ قال : إن كان الله رد عليه سمعه لم أر عليه شيئا)) [2] وهي صريحة في ان اعطاء الدية له اذا لم ينكشف انه يسمع ولم يشهد الشاهدان بانه يسمع فاستحقاق الدية بعد الحلف،

وصحيحته الاخرى عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل وجأ اذن رجل بعظم فادعى أنه ذهب سمعه كله؟ قال : ((يؤجل سنة ويترصد بشاهدي عدل ، فان جاءا فشهدا أنه سمع وأنه أجاب على سمع فلا حق له ، وإن لم يعثر على أنه سمع استحلف ثم اعطى الدية ، قلت : فانه سمع بعد ما اعطى الدية؟ قال : هو شيء أعطاه الله إياه))[3] وهذه الروايات وان قالت ان اعطاء الدية يكون بعد استحلافه لكنها لا تبين كيفية الاستحلاف والسيد الماتن بين كيفية الاستحلاف،


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص432.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص362، أبواب دیات المنافع، باب3، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص362، أبواب دیات المنافع، باب3، ح3، ط آل البيت.