الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الدیات/ ديات الأعضاء/ ديات الكسر

(مسألة 322): في كسر الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس، وفي كسر إحدى قصبتي الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها مائة دينار، وفي نقبها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، وفي نافذتها خمسون ديناراً، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار (1)

    1. اختلف نقل الرواية وانتهى الكلام الى ما ذكره السيد الماتن من ان التعارض يقع بين نسخ الكافي ويتساقط النقلان ونرجع الى نقل التهذيب وقلنا بان هذا الكلام مبني على تصور في حجية خبر الواحد مع الواسطة بأن يقال بأن الخبر المباشر لنا خبر ثقة تشمله ادلة الحجية وبشمولها له يثبت خبر من قبله وتشمله ادلة الحجية ايضاً ويثبت به خبر من قبله وهكذا حتى نصل الى الراوي المباشر عن الامام وتشمله ادلة الحجية فيثبت باخباره الحكم الشرعي الواقعي وبهذا يثبت ما ذكره السيد الماتن فإن التعارض يقع بين نسخ الكافي اي بين نقل صاحب الوسائل وبين نقل صاحب البحار مثلاً عن الكافي لأن كلاً منهما يخبر عن الكافي ويتعارضان في تعيين خبر الكافي ويتساقطان وبهذا نستطيع ان نقول ان خبر الشيخ الطوسي في التهذيب لا معارض له فنرجع اليه لانه لم يثبت لنا ماذا قال الشيخ الكليني وخبر الوسائل لا يعارضه لانه لا تكاذب بينهما اصلاً فكل منهما صادق

واما بناء على التصور الآخر الذي يبدأ من الراوي المباشر عن الامام ولنفرض انه يونس بن عبد الرحمن ونقول بانه ينقل لنا حكما واقعيا سواء كان في علم الله يونس ينقل ان الدية هي ثلث دية النفس او انه ينقل انها خمس دية اليد ونقل يونس للحكم الواقعي يقع موضوعا لحكم ظاهري وهو الحجية لان موضوع الحجية هو خبر الثقة عن الحكم الواقعي وهذا الحكم الظاهري هو الذي ينجز الواقع علينا فاذا فرضنا تعدد الوسائط مثلا لو اخبر يونس محمد بن عيسى بن عبيد فهذا ينقل موضوع الحكم الظاهري فان الحكم الظاهري الاول موضوعه خبر يونس ومحمد بن عيسى بن عبيد ينقل موضوع ذاك الحكم الظاهري فهو حين ينقل خبر يونس فهو ينقل لنا موضوع الحكم الشرعي الظاهري فيشمله دليل الحجية

 

محمد بن عيسى بن عبيد يخبرنا عن موضوع الحكم الظاهري الاول اي موضوع الحجية التي ثبتت لخبر يونس فهو ينقل لنا موضوع حكما شرعيا فتشمله ادلة الحجية ويكون خبره بنفسه موضوعاً لحكم ظاهري آخر لكونه خبر ثقة فتشمله ادلة الحجية فيكون مشمولاً لأدلة الحجية فيكون حكماً ظاهرياً ينجز الحكم الظاهري الذي قبله المنجز للواقع ونفس الكلام يطبق لو كان هناك واسطة ثالثة ورابعة وهكذا نتسلسل وننزل الى أن نصل الى الرواي المباشر لنا وكل حكم ظاهري من هذه الاحكام المتسلسلة ينجز الحكم الظاهري الذي قبله فاذا وصلنا الى المخبر المباشر يشمله دليل الحجية لأنه ينقل لنا موضوعاً لحكم ظاهري فتشمله ادلة الحجية والحجية الثابتة لخبره تنجز الحكم الظاهري الذي قبله وهكذا الى أن نصل الى خبر يونس فيتنجز علينا وحينئذ يثبت مفاده فيتنجز علينا الواقع وبناء على هذا التصور لا يصح ما ذكره السيد الماتن لأن التعارض حينئذ يقع لا محالة بين نقل الشيخ الطوسي وبين نقل صاحب الوسائل لأن نقل الشيخ الطوسي موضوع لحكم ظاهري وهذا الحكم الظاهري ينجز الحكم الظاهري الذي قبله اي الحجية الثابتة لخبر الشيخ المفيد وهكذا الى ان يتنجز الحكم الواقعي وهو ان الدية في كسر الساعد هي ثلث دية النفي واما نقل الوسائل فهو موضوع لحكم ظاهري وهو ينجز لنا الاحكام الظاهرية التي قبله الى أن نصل الى الراوي المباشر وهو ينجز الواقع وهو ان الدية عبارة عن خمس دية اليد وهذان امران متعارضان فما يتنجز بنقل الشيخ الطوسي حكم واقعي مخالف للحكم الواقعي الذي يتنجز بما ينقله صاحب الوسائل غاية الامر ان ما ينقله في الوسائل يعارضه نقل صاحب البحار ايضا فكلها تدخل في المعارضة وتتساقط فلا يصح ما ذكره السيد الخوئي من ان نسخ الكافي تسقط ويرجع الى نقل الشيخ الطوسي والفرق بين التصورين وما ينتجانه في محل الكلام هو انه في التصور الاول المشهور يكون الثابت بشمول ادلة الحجية للخبر المباشر لنا هو خبر من قبله وبشمول ادلة الحجية لخبر من قبله يثبت خبر من قبله وهكذا ولولا شمول ادلة الحجية للخبر الاول لم يثبت لنا خبر من قبله وبناء على هذا التصور يتضح ان ما ذكره السيد الماتن يكون صحيحاً فإنه بتطبيق هذا التسلسل على خبر صاحب الوسائل نصل الى ان الشيخ الكليني اخبر بان يونس قال ان في كسر الساعد خمس دية اليد وهذا له معارض بحسب الفرض فان صاحب البحار يخبر عن الكليني انه اخبر بان يونس قال ان دية كسر الساعد ثلث دية النفس فلا يمكن اثبات خبر الشيخ الكليني كخبر معارض لما ذكره في التهذيب فان النقلين عن الكافي يتعارضان ويتساقطان قبل ان نصل الى رواية يونس بن عبد الرحمن واما على التصور الثاني فإن ما يثبت بشمول دليل الحجية للخبر المباشر عن الامام هو ان الناقل عن يونس يصدق عليه انه ناقل لموضوع الحكم الشرعي الظاهري، والمخبر عن يونس يخبرنا عن موضوع لحكم شرعي ظاهري فتشمله أدلة الحجية فيثبت أن خبره موضوع لحكم شرعي ظاهري آخر والناقل الثالث عنه يكون ناقلاً لموضوع حكم ظاهري وهكذا وبناء على هذا تدخل جميع النقولات في المعارضة ولا يسلم شيء منها وبعبارة اخرى ان كل منهما يكون مثبتا لحكم ظاهري مخالف لما يثبته الآخر والسيد الشهيد لم يذكر برهاناً على تعين التصور الثاني على التصور الاول فقد يقال ان تصور المشهور اقرب الى الذوق والواقع فنحن لا نعلم بأن الشيخ المفيد اخبر الشيخ الطوسي الا بتطبيق دليل الحجية على الراوي المباشر لنا فنطبق دليل الحجية على المخبر المباشر لنا لانه هو الذي نملكه ونحسه فالطريقة الطبيعية هذه، غاية الامر انه بالرغم من ان الظاهر والاقرب هو ان نبدأ من الراوي المباشر لنا لكن لا نقول بذلك وانما نقول بان الراوي المباشر لنا حينما يخبرنا كلاماً تشمله ادلة الحجية لأنه ثقة ويحدثنا عن شيء يرتبط بالحكم الشرعي فادلة الحجية تشمله وتنزل كل ما اخبر به منزلة الواقع، والواقع يقول ان الدية هي ثلث دية النفس بحسب نقل الشيخ الطوسي وهذا ينافي البناء على ان خبر صاحب الوسائل هو الواقع تعبداً فالنتيجة التي وصلها السيد الشهيد هي الأصح بمعنى ان جميع النقولات تدخل في المعارضة وتتساقط جميعاً ولا يبقى شيء يسلم من المعارضة حتى نرجع اليه خلافا لما يقول السيد الخوئي (قده)وبناءً على هذا يكون كسر الساعد لا مقدر له فنرجع فيه الى الحكومة