الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ ديات الكسر/ بحث الفقه

(مسألة 322): في كسر الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس، وفي كسر إحدى قصبتي الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها مائة دينار، وفي نقبها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، وفي نافذتها خمسون ديناراً، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار (1) [1]

تنبيه يرتبط بالمسألة 314 : ذكرنا رواية ابراهيم بن عمر اليماني وقلنا بانها صحيحة وعلى هذا الاساس وافقنا السيد الماتن في ما ذهب اليه من اثبات ديتان في المسألة احداهما لكسر الظهر والاخرى لذهاب الجماع ولكن بعد ان تبين ضعف سندها فهل يمكن الالتزام بذلك او لا؟في الشرايع طرح مسألة شبيهة بمسألتنا فقال (لو اصيب فتعذر عليه الانزال في حال الجماع كان فيه الدية) وذهب الى ذلك الشيخ في الخلاف، وقال في الرياض بلا خلاف اجده وذكروا في مقام الاستدلال على ذلك امرين:الاول: التمسك بما تقدم من القاعدة القائلة بان كل ما في الانسان منه واحد ففيه الدية والماء في الانسان واحد وليس واضحاً تطبيق الدليل في المقام فإن القاعدة لا تشمل غير الاعضاء ومقامنا ليس من هذا القبيل

واستدل له بموثقة سماعة المتقدمة «وفي الظهر اذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة» [2] والاستدلال بها بناء على ان الدية المذكورة في الرواية لعدم انزال الماء

الا ان الاستدلال بها غير واضح باعتبار انها لا دلالة فيها على لزوم الدية لعدم الانزال وإن لم ينكسر الظهر بل ظاهر الرواية ان الدية على كسر الظهر وان عدم الانزال انما ذكر لكونه ملازماً لكسر الظهر عادة فليس هو قيداً مضافاً الى ان محل الكلام في ما اذا كانت الضربة موجبة لذهاب الجماع بينما الموثقة تتحدث عن عدم الانزال والظاهر انه فرق بينهما فلا يكون الدليل الدال على لزوم الدية على عدم الانزال دليلاً على وجوب الدية في ذهاب الجماع الا اذا قلنا بالملازمة بينهما، الا ان هذه الرواية ليس فيها دلالة على أن عدم الانزال فيه دية كاملة ومن هنا يظهر انه لا يوجد دليل واضح على ثبوت الدية على ذهاب الجماع سوى رواية اليماني فاذا لم يتم تصحيحها تكون مسألة ذهاب الجماع لا مقدر لها شرعاً ومقتضى القاعدة ان تثبت فيها الحكومة نعم اذا فرضنا ان كسر الظهر ملازم لذهاب الجماع ولو بحسب العادة فقد يقال بأن الروايات الدالة على ثبوت الدية كاملة في كسر الظهر تكون دليلاً على عدم ثبوت شيء على ذهاب الجماع اذا كان بسبب كسر الظهر وهذا من قبيل الروايات التي تقول أن في قطع النخاع دية كاملة فاذا فرضنا انه دائماً يسبب الشلل فهذه الروايات عندما افترضت قطع النخاع هي تفترض حصول الشلل وهذا معناه انه ليس هناك ديتان ونفس الكلام يطبق في محل الكلام فاذا فرضنا ان كسر الظهر ملازم لذهاب الجماع او عدم الانزال فلا تتعدد الدية وفي مسألتنا فرض كسر الظهر واوجب ذهاب الجماع فاذا فرضنا التلازم بينهما نستكشف من الادلة الدالة على ان كسر الظهر فيه الدية ان ذهاب الجماع الناشيء من كسر الظهر ليس فيه دية ولكن اذا لم تثبت هذه الملازمة يقال انه اذا كان ذهاب الجماع يشكل نقصاً في الانسان فهذه جناية ليس فيها دية مقدرة فيصار الى الحكومة

    1. الدليل على هذه الدية منحصر بالرواية المروية عن كتاب الفرائض وهناك اختلاف في نقلها واثبتنا ان نسخ الكافي متعددة فحينئذ يقع الكلام في العمل في هذه الحالة، وذهب السيد الماتن وغيره الى أنه يقع التعارض بين النسخ المتعددة للكافي فتتساقط ونرجع الى ما نقله الشيخ في التهذيب والشيخ الصدوق في الفقيه

فلو فرضنا أن صاحب البحار نقل الرواية عن الكافي بما يطابق التهذيب وصاحب الوسائل نقلها عن الكافي ايضاً بنسخة اخرى فيتعارضان ويتساقطان ويبقى ما نقله الشيخ الطوسي لا معارض له، هذا ما فعله السيد الماتن وفي المقابل هناك رأي يقول بأن كل هذه النقولات تدخل في المعارضة وتتساقط واختاره السيد الشهيد (قده) وذكر في مقام توضيحه بأن الرأي الاول في هذه المسألة مبني على مبنى خاص في كيفية تصور حجية الخبر مع الواسطة وهو تطبيق دليل الحجية على المخبر المباشر لنا ثم من بعده وهكذا فلو اخبرنا الشيخ الطوسي بخبر عن المفيد فهو يخبرنا عن خبر المفيد له والشيخ المفيد يخبرنا عن خبر من قبله وهكذا الى الراوي المباشر عن الامام فهو يخبر عن الحكم الشرعي والا فالسلسلة قبله كل واحد يخبر عن خبر من قبله فالشيخ الطوسي يخبرنا عن خبر الشيخ المفيد وشمول ادلة حجية خبر الثقة لخبر الشيخ الطوسي يثبت حجية خبر الشيخ المفيد ثم شمول ادلة حجية الخبر لخبر الشيخ المفيد تثبت خبر من قبله وهكذا الى ان نصل الى الرواي المباشر عن الامام عليه السلام لان خبره ثبت بعد شمول ادلة حجية الخبر لخبر من قبله فيثبت باخباره الحكم الشرعي لانه يخبر عن الحكم، وبناء على هذا المبنى يصح ما ذكروه في محل الكلام لأنه يقال بأن خبر التهذيب يبقى بلا معارض فيمكن الرجوع له باعتبار ان صاحب الوسائل الذي ينقل عن الكافي ما ينافي نقل التهذيب يخبرنا عن خبر من قبله ومن قبله يخبرنا بخبر من قبله الى ان نصل الى الشيخ الكليني ولنفرض ان صاحب البحار ينقل عن الكافي ما يوافق التهذيب وينافي نقل الوسائل عن الكافي فهو يخبرنا بخبر من قبله وتشمله ادلة الحجية فيثبت خبر من قبله وهكذا الى ان نصل الى الشيخ الكليني وحينئذ يقع التعارض بين نقل صاحب البحار وصاحب الوسائل في تعيين ما اخبر به الكليني فيتعارضان قبل ان نصل الى الراوي المباشر فيتساقطان ويصح ما ذكره السيد الخوئي من ان نقل التهذيب يبقى بلا معارض لأن نقل الشيخ الكليني في الكافي فيه تهافت وبعد هذا الاختلاف لا يمكن ان يقال بأن نقل الكليني يعارض نقل الشيخ الطوسي فيصح ان نقول بأن نقل الشيخ الطوسي بلا معارض، واما نقل الوسائل فإنه لا يعارض ما ذكره الشيخ الطوسي، لأنه في التهذيب ينقل بوسائط عن يونس بن عبد الرحمن انه قال في كسر الساعد ثلث دية النفس بينما صاحب الوسائل ينقل عن الكافي انه قال ان يونس قال ان دية كسر الظهر خمس دية اليد وهذان الامران لا تكاذب بينهما بل يمكن ان يصح كل منهما

[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص409.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.