الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الديات/ديات الأعضاء/دية الاصابع

(مسألة 311): في كسر الظهر دية كاملة، و كذلك إذا أُصيب فأحدب أو صار بحيث لا يستطيع الجلوس [1]

(مسألة 312): إذا كسر الظهر فجبر على غير عثم ولا عيب، قيل: إنّ فيه ثلث الدية [2] ، وهو لا يخلو عن إشكال، والصحيح أنّ ديته مائة دينار، وإن عثم ففيه ألف دينار [3]

    1. استدلوا له بصحيحة بريد العجلي والملاحظة انه لا يصح الاستدلال بهذه الصحيحة على ما ذكر لانها تدل على ان في كسر الظهر الموجب لعدم القدرة على الجلوس الدية كاملة بينما محل الكلام اصابة الظهر المانعة من الجلوس والمفروض ان كسر الظهر وان لم يوجب ذلك فيه الدية كاملة كما تقدم

وحينئذ ذكر عدم الجلوس في هذه الصحيحة حاله حال ذكر عدم الانزال في موثقة سماعة فلا يستفاد منه التقييد فكيف نستدل بهذه الصحيحة على ان في اصابة الظهر على نحو يوجب المنع من الجلوس وان لم ينكسر الدية كاملة اختار ذلك الشيخ في النهاية وابن ادريس في موضع من السرائر وابن سعيد في الجامع للشرائع والمحقق في النافع والشرائع، وفي مجمع القائدة والروضة نسبته الى المشهور، الا انه لا يعرف له مستند واضح كما صرح بذلك المقدس الاردبيلي في مجمع القائدة وفي كشف اللثام وفي الرياض صرح بانه ليس له مستند وفي كشف اللثام ذكر (ويمكن ان يكونوا حملوه على اللحية اذا نبتت او على الساعد ففي كتاب ظريف ان فيه اذا كسر فجير على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس بناء على ان المراد به الساعدان جميعاً ولذا قال السيد الماتن بانه لا يخلو عن اشكال لانه ليس له مستند واضح، ونحن لا نقول بالقياس، والتعدي من اللحية والساعد الى محل الكلام قياس

نعم في مفتاح الكرامة ذكر بأن الظاهر أن المستند وصل الى القائلين بالثلث ولم يصل الى غيرهم ولذا افتوا على طبقه ويعلله بأن كتاب النهاية التي افتى الشيخ فيها بالثلث هو متون اخبار فلا بد انه عثر على خبر يدل على ان فيه الثلث ويشهد لذلك ما ذكره في ديباجة المبسوط (و كنت عملت على قديم الوقت كتاب النهاية، و ذكرت جميع ما رواه أصحابنا في مصنفاتهم و أصولها من المسائل و فرقوه في كتبهم، و رتبته ترتيب الفقه و جمعت من النظائر .... أوردت جميع ذلك أو أكثره بالألفاظ المنقولة حتى لا يستوحشوا من ذلك)

مضافاً الى ان ذهاب ابن ادريس الى الثلث دليل على انه يوجد مستند لأن ابن ادريس لا يعمل الا بالقطعيات كما هو المعروف تبعا للسيد المرتضى فلا بد من رواية وصلت اليه اوجبت له العلم فأفتى بمضمونها اما بالنسبة الى ابن ادريس فالظاهر ان له قولان في المسألة

القول الاول: ان فيه الثلث (كما في السرائر ضمن موسوعة ابن ادريس 13/97

القول الثاني: ان فيه مئة دينار (كما في السرائر ضمن الموسوعة الكاملة 13/122) وهو القول الثاني في المسالة الذي سيأتي الحديث عنه

وقد يقال بانه حيث انه ذكر هذا القول بعد أن ذكر ان فيه الثلث قد يعتبر هذا عدول عن الرأي الاول ويحتمل احتمالاً لا بأس به ان الشيخ ابن ادريس عندما أفتى بالثلث ذكر كسر الظهر وعندما افتى بالمئة دينار ذكر الصلب ولعل الشيخ ابن ادريس يرى الفرق بين الظهر وبين الصلب كما ستأتي الاشارة اليه، كما هو ظاهر العلامة بل صريح عباراته الفرق بينهما فكأنه في كسر الظهر أخذ بالمشهور وفي كسر الصلب أخذ برواية ظريف فلا تهافت واما ما ذكره من انه لعل المستند وصل اليهم، فعلى تقدير انه وصل اليهم فنقول انه لا يمكن ان نعتمد نحن على هذا المستند فعندما نريد ان نقيم هذا القول نقول لا نعلم له مستند فيصح ما ذكره الفقهاء من ان هذا القول لا يعلم له مستند

3- القول الثاني: ان فيه مئة دينار، واختاره المفيد وابن زهرة وقطب الدين في الاصباح وابن ادريس في موضع من السرائر، ويدل عليه ما رواه الشيخ الكليني والطوسي بسند صحيح الى كتاب الفرائض او الديات (وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار) [4]

لكن ظاهر العلامة في الارشاد وفي التحرير التفريق بين الصلب والظهر ففي اللارشاد قال: (وفي الظهر اذا كسر او احدودب او تعذر القعود الدية وان صلح فالثلث ولو كسر الصلب فجبر على غير عثم فمئة دينار)

وفي التحرير (في الظهر الدية كاملة .... وكذا الصلب)

وهو محتمل في عبارة ابن ادريس ايضاً كما ذكرنا وبناء على ان هناك فرق بين الظهر والصلب فالرواية المعتبرة مختصة بالصلب فلا يمكن ان نستدل بها على ان في كسر الظهر مئة دينار ولكن هذا التفريق اذا صح فهو لا يصحح لا القول الاول في الظهر ولا القول الثاني إذ لا دليل على أن في كسر الظهر الثلث ولا ان فيه المئة دينار لانها وان ذكرت في رواية ظريف لكن المذكور فيها هو الصلب لا الظهر وانما هذا التفريق يصحح القول الثاني في الصلب استناداً الى رواية ظريف المتقدمةوالصحيح انه لافرق بينهما على ما صرح به كثير من اللغويين كما في العين والصحاح والنهاية الاثيرية ومجمع البحرين ولسان العرب على ما نقل بل هو ظاهر كلمات الاصحاب في العين الصلب الظهر وهو عظم الفقار المتصل به من وسط الظهر وكذا في النهاية وفي مجمع البحرين وفي الصحاح الصلب هو الظهر وكل شيء من الظهر فيه فقار فذلك الصلب وعلى تقدير ان يكون فرق بينهما حينئذ نقول انه لا بد ان يراد من الظهر ما يشتمل على العمود الفقري ولنفترض ان الصلب هو العمود الفقري كما يظهر من عبارة الصحاح، وبناء على هذا يكون كسر الصلب ملازماً لكسر الظهر فاذا كسر صلبه فقد كسر ظهره فاذا فرض كسر الصلب فلا بد ان نفترض بانه كسر الظهر بل في الحقيقة لا يمكن ان يطلق الكسر على غير العمود الفقري فان اللحم لا يكسر ولا يمكن ان نتصور ان كسر الظهر بغير كسر الصلب وعلى كل حال يكون كسر الصلب ملازما لكسر الظهر فيثبت المئة دينار على كل حال يظهر من كلمات اللغويين ومعظم الفقهاء انه لا فرق بينهما فيصح الاستدلال على القول الثاني برواية ظريف وهناك قولان اخران في المسألة

القول الاول: ان فيه الحكومة كما في المبسوط وهذا مبني على انه لا يوجد تقدير شرعي على كسر الظهر اذا جبر وقد عرفت ان فيه تقدير شرعي وانه مئة دينار بناء على معتبرة ظريف

القول الثاني: ان فيه خمس الدية كما عن الوسيلة

في كشف اللثام ولعله حمله على المرفق والرسغ والعضد ففي كتاب ظريف انه في كل من هذه الثلاثة انه اذا كسر وجبر من غير عثم ولا عيب فيه خمس دية اليد الواحدة فاذا طبقناه على الظهر لا بد ان نقول ان فيه خمس دية الظهر وقصبة الابهام كذلك ففي كتاب ظريف انها اذا كسرت وجبرت كذلك ففيها خمس دية الابهام ويرده انه قياس ولا يمكن التعدي من هذه الموارد الى محل الكلام

4- يدل عليه معتبرة ظريف فانه بعد ما ذكرناه منها قال (وإن عثم فديته ألف دينار)

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص401.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص401.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص401.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص305، أبواب دیات الاعضاء، باب13، ح1، ط آل البيت.