الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الديات/ديات الأعضاء/دية الاصابع

فصل في ديات الكسر والصدع والرضّ والنقل والنقب والفكّ والجرح في البدن غير الرأس‌

(مسألة 310): المشهور أنّ في كسر العظم من كلّ عضو كان له مقدّر في الشرع خمس دية ذلك العضو، فإن صلح على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضّه ثلث دية ذلك العضو، فإذا برئ على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية رضه، وفي فكّه من العضو بحيث يصبح العضو عاطلاً ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب ولا عثم فأربعة أخماس دية فكّه. ولكن مستند جميع ذلك على الإطلاق غير ظاهر، حيث إنّ دية هذه الأُمور تختلف باختلاف الأعضاء والنسبة غير محفوظة في الجميع كما ستأتي في ضمن المسائل الآتية [1]

(مسألة 311): في كسر الظهر دية كاملة (2)، و كذلك إذا أُصيب فأحدب (3) أو صار بحيث لا يستطيع الجلوس [2]

(مسألة 312): إذا كسر الظهر فجبر على غير عثم ولا عيب، قيل: إنّ فيه ثلث الدية، وهو لا يخلو عن إشكال، والصحيح أنّ ديته مائة دينار، وإن عثم ففيه ألف دينار[3]

    1. ذكر السيد الماتن بأن مستند هذه الاحكام على الاطلاق غير واضح بل الظاهر ان دية هذه الامور المذكورة تختلف باختلاف الموارد ومن هنا هو رجح الدخول في التفاصيل

وهذه الاحكام التي نسبت الى المشهور مذكورة في المقنعة والنهاية والسرائر والغنية وغيرها على ما حكي

وادعي الاجماع على بعض ما ذكر فيها، قال في الروضة (ذلك هو المشهور وانه لم يتوقف في ذلك الا المحقق في النافع حيث نسبه الى الشيخين) وفي المسالك ذكر بأن مستند هذه الاحكام هو الرواية الموجودة في كتاب ظريف، وفيها كثير من الامور التي ترتبط بهذه الاحكام عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ((في العضد إذا انكسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً)) [4] ولكن الحكم بخمس دية اليد في كسر العضد ليس اذا كسر فقط كما في المتن، ثم قال ((وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار ، وذلك خمس دية اليد)) وهذا كما ذهب اليه المشهور

((وفي الساعد إذا كسر ثم جبر على غير عثم ولا عيب فديته خمس دية اليد مائة دينار)) [5]

((ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار)[6] كما هو المذكور في المسألة

((وفي الركبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار))[7] والملاحظ ان المذكور فيها خمس الدية الكاملة ومن هنا حملها الفقهاء على انه اذا كان المقصود كسر كلتا الركبتين.

هذا، ولكن الظاهر ان ذلك لا يصلح مستنداً لجميع الاحكام المنسوبة الى المشهور للاختلاف الواضح بين ما ذكره المشهور وبين المذكور في رواية ظريف

مثلا ان المشهور يرى ان في كسر كل عظم خمس دية العضو الموجود فيه في حين ان الموجود في الرواية تقييد الحكم بخمس دية اليد في كسر العظم اذا جبر من غير عثم ولا عيب فلا يصلح ان يكون مستنداً له

والمشهور يرى ان في رض العظم ثلث دية ذلك العضو في حين ان الرواية تقول في المنكب اذا رض وعثم فديته ثلث دية النفس وتصرح بانه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث

وهكذا المشهور يرى ان في فك العظم من العضو ثلثا دية العضو في حين ان الرواية تقول ان في فك المنكب ثلاثون دينارا

ومن هنا كان المناسب التعرض لكل عضو عضو لا ان تبحث المسألة بشكل عام لانه من الصعوبة ان نحصل على دليل عام

2- في الرياض بلا خلاف اجده، وفي الغنية دعوى الاجماع عليه وتدل عليه العمومات المتقدمة في صحيحة هشام بن سالم الدالة على ان ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية والظهر واحد في الانسان ففي كسره الدية كاملة، بناء على شمول هذه العمومات للظهر

ويدل عليه صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((في الرجل يكسر ظهره ، قال : فيه الدية كاملة))[8] فرتب الحكم على مجرد كسر الظهر

ومعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الصلب الدية))[9]

والصلب هو الظهر

وموثقة سماعة ((وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة ))[10]

ويمكن جعلها من ادلة المقام واما التقييد بالكسر الذي يستوجب عدم الانزال فالظاهر انه بحكم الغلبة لا انه من باب التقييد بل ان كسر الظهر ملازم لعدم انزال الماء وهو لا يعني الاحتراز عن فرد آخر كما يقول السيد الماتن

3- قالوا انه لا خلاف فيه وحكي الاجماع عليه في الخلاف وجعله في قبال الكسر يعطي ان المقصود انه لا كسر فيه

يدل عليه ما رواه في الكافي في كتاب ظريف ((فإن اصيب رجل .... فان أحدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته ألف دينار))[11]

وما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، وعن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، أنه عرض على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام كتاب الديات ، وكان فيه ((والظهر اذا احدب الف دينار)) [12]

لكن المظنون قوياً انها رواية واحدة وان نقلها الكليني في موضعين

4- قالوا بانه لا خلاف افي ان فيه الدية كاملة وحكي الاجماع عن الشيخ الطوسي

ويدل عليه صحيحة بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ((قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أن فيه الدية)) [13]

وقد يلاحظ على جعله عنواناً آخر في قبال العناوين السابقة، فإنه ذكر في الرواية كسر الظهر وقد عرفت ان فيه الدية كاملة واما التقييد بانه لا يستطيع ان يجلس فهذا لا يستوجب اضافة جديدة

وبعبارة اخرى لا نستطيع استفادة ان اصابة الظهر بنحو تمنع من الجلوس من دون كسر الظهر فيها الدية كاملة

ولا يمكن أن نقول في هذه الرواية ما قلناه في موثقة سماعة في ما اذا كسر ظهره ومنعه من الانزال من حملها على الملازمة الخارجية التي لا توجب التقييد،

تنبيه1 / العثم في اللغة -كما في العين- عثمت عظمه اذا اسأت جبره وبقي فيه ورم او اعوج، وفي النهاية عثمت يده فعثمت اذا جبرتها على غير استواء وبقي فيها شيء لم ينحكم

تنبيه2 / في رواية بريد العجلي فيها في سندها ابو سليمان الحمار وهو وان نقل عن بعضهم الاشكال فيه

هو داود بن سليمان كوفي من اصحاب الصادق وثقه النجاشي بعبارة صريحة وقال له كتاب يرويه عدة من اصحابنا منهم الحسن بن محبوب فلا مجال للمناقشة السندية في الرواية


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص400.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص401.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص402.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص300، أبواب دیات الاعضاء، باب10، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص301، أبواب دیات الاعضاء، باب11، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص299، أبواب دیات الاعضاء، باب9، ح1، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص307، أبواب دیات الاعضاء، باب16، ح1، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح4، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص306، أبواب دیات الاعضاء، باب14، ح2، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.
[11] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص311، أبواب دیات الاعضاء، باب18، ح1، ط آل البيت.
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح2، ط آل البيت.
[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص306، أبواب دیات الاعضاء، باب14، ح1، ط آل البيت.