الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کتاب الديات/ديات الأعضاء/دية الاصابع

(مسألة 309): كلّ جناية كانت فيها دية مقدّرة شرعاً سواء أ كانت بقطع عضو أو كسره أو جرحه أو زوال منفعته، فإن كانت الدية أقلّ من ثلث دية الرجل فالمرأة تعاقله فيها، و إن كان بقدر الثلث أو أزيد صارت دية المرأة نصف دية الرجل [1]

فصل في ديات الكسر والصدع والرضّ والنقل والنقب والفكّ والجرح في البدن غير الرأس‌

(مسألة 310): المشهور أنّ في كسر العظم من كلّ عضو كان له مقدّر في الشرع خمس دية ذلك العضو، فإن صلح على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضّه ثلث دية ذلك العضو، فإذا برئ على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية رضه، وفي فكّه من العضو بحيث يصبح العضو عاطلاً ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب ولا عثم فأربعة أخماس دية فكّه. ولكن مستند جميع ذلك على الإطلاق غير ظاهر، حيث إنّ دية هذه الأُمور تختلف باختلاف الأعضاء والنسبة غير محفوظة في الجميع كما ستأتي في ضمن المسائل الآتية [2]

    1. كان الكلام في النتيجة التي انتهينا اليها من أن دية المرأة تساوي دية الرجل الى ان تبلغ الدية المقدرة في الرجل الثلث، ويقع الكلام في أن هذا الحكم بالتساوي هل يختص بما اذا كان الجاني على المرأة رجلا او هو أعم من كون الجاني رجلاً او امرأة

والتعميم هو المشهور ولذا تجد تعبيرهم المرأة تعاقل الرجل الى الثلث سواء كان الجاني على المرأة رجلاً او امرأة وهناك رأي يقول باختصاص التساوي في ما اذا كان الجاني على المرأة رجلاً والوجه في التخصيص هو ان مقتضى القواعد الاولية هو التنصيف لا التساوي من دون فرق بين أن يكون الجاني رجلاً او امرأة وسواء كانت الدية المقررة على الرجل أقل من الثلث او بمقداره او ازيد منه فاذا تمت دلالة القواعد الاولية على التنصيف مطلقاً وفي جميع الحالات فهذا يعني أن الحكم بالتساوي قبل بلوغ الثلث والتنصيف بعده حكم على خلاف القواعد اما القواعد النقلية التي تقتضي التنصيف فمنها العمومات المتقدمة وان ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية وهذا معناه انه في يد المرأة نصف ديتها وهي تقسم على الاصابع ففي كل اصبع خمسة من الابل فاذا قطع اصبعاً من اصابع المرأة ففيه خمسة من الابل وان يكون فيه عشرة على خلاف القاعدة فالقواعد التي تقتضي أن يكون في المرأة نصف الدية لا يفرق فيها بين أن يكون الجاني على المرأة رجلاً او امرأة كما لا يفرق فيها بين ان يكون الدية المقررة على الرجل اقل من الثلث او ازيد منه او مساوية له واما القواعد العقلية فإنها لا تقبل بان نحكم بانه اذا قطع اصبعاً من اصابع المرأة ففيه عشرة واذا قطع اثنان ففيه عشرون واذا قطع ثلاثة ففيه ثلاثون بينما اذا قطع اربعة ففيه عشرون، فالعقل لا يقبل ان تكون دية اربع اصابع اقل من ثلاثة اصابع فعلى الاقل ان لا تنقص عن دية الثلاثة اصابع ومن هنا يظهر بأن الحكم بالتساوي في ما كان اقل من الثلث على خلاف القواعد النقلية المتقدمة لانها تقتضي ان يكون في اصبع الرجل عشرة من الابل وفي اصبع المرأة خمسة كما ان الحكم بالتنصيف بعد بلوغ الثلث على خلاف القاعدة العقلية التي تقتضي ان لا تزيد دية قطع الثلاث اصابع من المرأة على دية قطع الاربعة فالحكم المذكور في هذه الروايات من أن المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت النصف على خلاف القواعد، وحينئذ يقال باننا لا نرفع اليد عن هذه القواعد الا بمقدار ما يدل عليه الدليل المخالف فلا بد من الاقتصار في مخالفة القواعد على مقدار ما يدل عليه الدليل واذا لاحظنا نصوص المسألة سنجد انها مختصة بما اذا كان الجاني رجلاً واما في غيره فيرجع فيه الى مقتضى القواعد

مثلاً صحيحة ابن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل قطع اصبع امرأة؟ قال : ((تقطع اصبعه حتى ينتهي إلى ثلث المرأة ، فاذا جاز الثلث اضعف الرجل) [3]

وصحيحة أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : ما تقول في رجل قطع اصبعا من أصابع المرأة ، كم فيها؟ قال : عشرة من الابل ، قلت : قطع اثنتين ؟ قال : عشرون ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون ، قلت : قطع أربعا؟ قال : عشرون ، قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان ، فقال : مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فاذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان انك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست محق الدين))[4]

ولعله لأجل ذلك تردد العلامة في القواعد فيما اذا كان الجاني امرأة ووجه التردد كما ذكروا عنه عموم الفتاوى وكثير من النصوص من ان الاصل في ديات جراحاتها واعضائها ان تكون على النصف وانما علم استثناء ما قبله (الثلث) اذا كان الجاني رجلا لاختصاص اكثر الاخبار به والمقدس الاردبيلي قال انه لا وجه لهذا التردد اي ينبغي الجزم بالتنصيف مطلقاً قبل بلوغ الثلث وبعد بلوغه اذا كان الجاني امرأة القول الاخر انه لا فرق بينهما بمعنى ان التساوي في الدية بين المرأة والرجل قبل بلوغ الثلث لا يفرق فيه بين ان يكون الجاني رجلاً او امراة وكذلك التنصيف بعد بلوغ الثلث فالحكم بالتساوي والحكم بالتنصيف مطلق ودليله هو اطلاق بعض النصوص

منها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ـ في حديث ـ قال : ((جراحات الرجال والنساء سواء : سن المرأة بسن الرجل ، وموضحة المرأة بموضحة الرجل ، واصبع المرأة باصبع الرجل حتى تبلغ الجراحة ثلث الدية ، فاذا بلغت ثلث الدية ضعفت دية الرجل على دية المرأة)) [5]

فلا الحكم بالتساوي مقيد بما اذا كان الجاني رجلاً ولا الحكم بالتنصيف مقيد به

ومنها معتبرة أبي بصير ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن الجراحات؟ فقال : ((جراحة المرأة مثل جراحة الرجل حتى تبلغ ثلث الدية ، فاذابلغت ثلث الدية سواء اضعفت جراحة الرجل ضعفين على جراحة المرأة)) [6]

فليس فيها ما يشير الى تقييد الحكم بالتساوي قبل بلوغ الثلث بما اذا كان الجاني رجلاً ولا تقييد الحكم بالتنصيف بعد بلوغ الثلث كذلك

وبموثقة سماعة ، قال : سألته عن جراحة النساء ، فقال : ((الرجال والنساء في الدية سواء حتى تبلغ الثلث ، فاذا جازت الثلث فانها مثل نصف دية الرجل)) [7]

وموثقة أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((جراحات المرأة والرجل سواء إلى أن تبلغ ثلث الدية ، فاذا جاز ذلك تضاعفت جراحة الرجل على جراحة المرأة ضعفين))[8]

ومن الواضح بأن صحيحة ابان وصحيحة ابن ابي يعفور المتقدمتين لا تقيدان هذا الاطلاق باعتبار انه لا دلالة فيهما على الاختصاص فإن القيد لم يرد في كلام الامام بل هو مورد السؤال فلا دلالة فيها على اختصاص الحكم بالتساوي قبل بلوغ الثلث بما اذا كان الجاني رجلاً وبناء عليه فالظاهر ان الصحيح هو ما ذهب اليه المشهور من انه لا فرق في الحكم بالتساوي قبل بلوغ الثلث وبالتنصيف بعد بلوغ الثلث بين ما اذا كان الجاني على المرأة رجلاً او امرأة كما هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع في السرائر

 

فصل: في ديات الكسر والصدع والرضّ والنقل والنقب والفكّ والجرح في البدن غير الرأس‌

    2. العثم هو الالتواء

والموضحة هي الجروح التي تكشف عن العظم ويظهر بياض العظم فيها وذكر السيد الماتن بأن ما ذكر ليس ثابتاً في كسر عظم كل عضو حيث ان دية هذه الامور تختلف باختلاف الاعضاء والنسبة غير محفوظة في الجميع، والسيد الماتن رجح أن يدخل في التفاصيل والادلة متوفرة فيها ولا نستنبط من هذا قواعد عامة وإن كان معتبرة ظريف فيها اشارة الى هذا في الجملة.

[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص395.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص400.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص164، أبواب قصاص الطراف، باب1، ح4، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص352، أبواب دیات الاعضاء، باب44، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص163، أبواب قصاص الطراف، باب1، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص163، أبواب قصاص الطرف، باب1، ح2، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص253، أبواب دیات الاعضاء، باب44، ح2، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب دیات الجراح والشجاج، باب3، ح1، ط آل البيت.