الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الرجلان

(مسألة 308): كلّ ما كان من أعضاء الرَّجُل فيه دية كاملة كالأنف واليدين والرجلين ونحو ذلك، كان فيه من المرأة ديتها، وكل ما كان فيه نصف الدية كإحدى اليدين ففي المرأة نصف ديتها (1)، وكذلك الحال بالنسبة إلى الذمّي، فلو قطعت إحدى يدي الذمّي ففيه نصف ديته، وفي الذمّيّة نصف ديتها، وكذا الحال في العبد، فلو قطع إحدى يدي العبد كان فيه نصف قيمتهكان الكلام عن مسألة تساوي اصابع الرجلين في الدية بعد ان فرغنا عن تفاوت اصابع اليدين في الدية، وقلنا يبدو انها متفاوتة في الدية ايضاً خلافاً لما كنا نعتقد، فإن التفاوت كما ذكر في الرواية في اصابع اليدين كذلك ذكر في اصابع الرجلين وقرأنا العبارة في معتبرة ظريف والملاحظ ان الدية المذكورة للإبهام في اصابع اليدين في المعتبرة تختلف عن دية الابهام في اصابع الرجلين فيها، فقد صرح ان دية ابهام الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث اي ما يعادل ثلث الدية الكاملة بينما في دية ابهام اليد صرح بأنها مائة وستة وستون ديناراً وثلثا دينار، وهذا غير ما صرح به السيد الماتن فقد ذكر بأن دية ابهام الرجل هي نفس دية ابهام اليد ولا توجد مشكلة في العمل بهذه المعتبرة وإن كانت معارضة لما دل على التساوي فإنها تقدم عليها على أساس انها مخالفة للعامة بينما روايات التساوي موافقة للعامة -على ما ذكروا- ولكن لا بد من الالتزام بمضمونها في دية ابهام الرجل اي ان فيه ثلث الدية الكاملة

وقلنا بأن الالتزام بذلك مشكل لأن الباقي من دية اصابع الرجل بعد استثناء دية الابهام هو ثلث دية الرجل واذا اردنا تقسيمها على الاربعة اصابع الباقية سوف يكون حصة كل اصبع احدى واربعون ديناراً وكسر

وهذا خلاف ما تصرح به المعتبرة من أن في كل واحد من الاصابع ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث وإن اخذنا بما صرحت به المعتبرة من دية باقي الاصابع مع الأخذ بما ذكرته من أن دية الابهام ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث فسوف تزيد دية الرجلين على الدية الكاملة، وهذا يصعب الالتزام به والملاحظ ان ما ذكره السيد الماتن من أن ابهام الرجل فيه ثلث دية الرجل كابهام اليد هو مختار الشيخ الطوسي في الخلاف والسيد في الغنية وفي اصباح الشيعة -كما في مفتاح الكرامة- فقد صرحوا ان ما ذكرناه في اليد يجري في الرجل وما ذكروه ان في ابهام اليد ثلث دية اليد ومن هنا يثار هذا السؤال انه كيف ثبت ذلك في الرجل والمستند هو معتبرة ظريف وهي صريحة بان الثابت فيها ثلث دية الرجلين وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ديناراً وثلث، وهي ثلث الالف دينار وهذا شيء غريب، واحتمال أن يكون المستند وهو معتبرة ظريف وصل اليهم بنحو غير ما وصل الينا بعيد، بل إن الشيخ الطوسي روى المعتبرة وهو يلتزم بأن في ابهام الرجل مائة وستة وستون ديناراً وثلثا دينار بل ان بعضهم يستدل بالمعتبرة بالمقطع الثاني بالنحو الواصل الينا على أن في ابهام الرجل ثلث دية الرجل كما ان في ابهام اليد ثلث دية اليد ولعلهم فهموا أن الدية المذكورة في المعتبرة في المقطع الثاني منها هي دية كلا الابهامين في الرجلين وحينئذ يرتفع الاشكال اذ تكون دية ابهام الرجل الواحدة كدية ابهام اليد الواحدة لأن المعتبرة تقول للابهام ثلث دية الرجلين، فنقول ان الابهام يراد به اسم الجنس خصوصاً انه يقول بعدئذ في الرجلين، والابهام في الرجلين اثنين، هذا ما يمكن توجيه به ما ذكروه في المقام والا تكون المسألة ليست واضحة

    1. قلنا بانه استدل على القاعدة بدليلين تقدم الاول منهما

وهو الاستدلال بالعمومات الدالة على ان كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية كاملة وكل ما كان فيه منه اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية

وقلنا بأن المناسب لهذا الدليل ان تطرح المسألة بمضمون النص لا بالنحو الذي طرحه السيد الماتن تبعاً للشرايع

وهذا موجود في عبارات الفقهاء كما في الوسيلة (وكل ما يكون في نفس الإنسان واحد ففيه دية كاملة، إن كان من الرجل ففيه دية الرجل، وإن كان من المرأة ففيه دية المرأة، .... وكل ما يكون فيه اثنان ففيهما دية كاملة، وفي أحدهما نصف الدية) [1] ، لا ان نجعل موضوع القضية ما ثبت فيه الدية او نصف الدية

الدليل الثاني: ما دل على أن المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف وسيأتي التعرض لهذه الروايات، ومفاد هذه القاعدة أن كل دية تثبت في جناية على الرجل أية جناية كانت بقطع او كسر اوجرح وحتى بذهاب منفعة فالمرأة تشاركه فيها، لكن بشرط أن لا تبلغ الثلث او لا تتجاوز الثلث على الخلاف الأتي في المسألة فإذا بلغت الثلث او تجاوزت الثلث ترجع الى النصف، فاذا دل دليل على انه في قطع انف الرجل دية كاملة نستدل به على انه في قطع انف المرأة نصف الدية الكاملة

وهذا الدليل وإن كان يختص بالمرأة بمعنى اننا لا يمكن أن نستدل به على تحديد الدية في الذمي وفي العبد لكنه فيه جهة عموم اخرى وهو انه يشمل جميع الاعضاء الاساسية وغيرها بل الجراحات بل كل جناية على الرجل فيها دية معينة حتى اذا كانت بذهاب منفعة العضو مثلا اذا دل الدليل على أن في قطع انف الرجل او لسانه الدية كاملة أمكن الاستدلال بهذا الدليل على أن في هذه الاعضاء من المرأة نصف هذه الدية لأن ما ثبت للرجل ازيد من الثلث ويمكن التمسك بالدليل الاول لإثبات هذا المطلب لأنه يقول كل عضو يثبت فيه الدية من الرجل ففي ذلك العضو من المرأة ديتها الكاملة فيمكن أن نتمسك بذاك الدليل لإثبات أن في قطع أنف المرأة خمسمائة دينار مثال آخر اذا دل الدليل على انه في عين الرجل الواحدة او رجله او يده الواحدة نصف الدية الكاملة أمكن الاستدلال بهذا الدليل لإثبات أن في هذه الاعضاء من المرأة نصف الدية الثابتة على الرجل لأن الثابت في قطع اليد من الرجل خمسمائة دينار وهي اكثر من ثلث الدية الكاملةويمكن الاستدلال على هذا الفرع بالدليل الاول لأنه يقول كل ما كان فيه من الرجل نصف ديته ففيه من المرأة نصف ديتها ففي قطع اليد الواحدة من المرأة نصف دية المرأة فكلا الفرعين بامكاننا ان نستدل عليه بكلا الدليلين والنتيجة واحدة

مثال ثالث: اذا دل الدليل على ان في فصل الضفر من اصابع يد الرجل خمسة دنانير فيمكن ان نستدل بنفس هذا الدليل على انه في فصل اضفر المرأة خمسة دنانير لأن الثابت للرجل أقل من الثلث فتشاركه المرأة

مثال رابع: ان الدليل الدال على ان في شحمة اذن الرجل ثلث دية الاذن الواحدة وهي لا تبلغ ثلث الدية الكاملة فالمرأة تشاركه فيه

مثال خامس: ان الثابت في قطع الاصبع الواحدة من الرجل عشرة من الابل وفي قطع اصبعين عشرين من الابل وقطع ثلاثة فيه ثلاثون من الابل والمرأة تشارك الرجل في كل هذه الامور لأنه لا يبلغ الثلث واذا قطع اربعة من أصابع الرجل بضربة واحدة ففيها اربعون من الابل فلا تشارك المرأة الرجل في هذه الدية لأنها أكثر من الثلث فتكون المرأة على النصف فيثبت في قطع اربعة من اصابع المرأة بضربة واحدة عشرون من الابل

 


[1] الوسيلة، ابن حمزة الطوسي، ج1، ص443.