الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الرجلان

(مسألة 308): كلّ ما كان من أعضاء الرَّجُل فيه دية كاملة كالأنف واليدين والرجلين ونحو ذلك، كان فيه من المرأة ديتها، وكل ما كان فيه نصف الدية كإحدى اليدين ففي المرأة نصف ديتها (1)، وكذلك الحال بالنسبة إلى الذمّي، فلو قطعت إحدى يدي الذمّي ففيه نصف ديته، وفي الذمّيّة نصف ديتها، وكذا الحال في العبد، فلو قطع إحدى يدي العبد كان فيه نصف قيمته

 

1_ يتعرض السيد الماتن في هذه المسألة وفي التي بعدها الى قواعد كلية في باب الديات وخلاصة هذه المسألة أن كل ما فيه دية الرجل من اعضاءه ففيه من المرأة ديتها، وكل ما كان فيه نصف الدية من الرجل ففيه من المرأة نصف ديتها، وكذلك الحال بالنسبة الى الذمي، وهكذا في العبد غاية الأمر أن دية العبد قيمته

وهذه القاعدة الكلية استدل عليها السيد الماتن بدليلين:

الاول هو العمومات المتقدمة التي تقول كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية وكل ما كان فيه منه اثنان ففيهما الدية وفي احداهما نصف الدية، وأشرنا سابقاً الى أن المستفاد من الروايات الدالة على القاعدة العامة هو ان قوله (كل ما كان فيه واحد ففيه الدية) اي الدية الكاملة للانسان الذي فيه ذاك العضو، وهذا يختلف باختلاف ذلك الانسان فاذا كان الانسان رجلا وكان فيه منه واحد كالانف ففيه دية الرجل الكاملة واذا كان فيه اثنان ففيهما دية الرجل وفي احدهما نصف ديته، واما اذا كان الانسان امرأة ففي العضو الواحد في بدنها ديتها وهي نصف دية الرجل واذا كان في بدنها عضوان كاليدين والرجلين ففي قطعهما ديتها الكاملة وفي احداهما نصف ديتها، وهكذا الكلام اذا كان ذمياً فاذا قطع من الذمي انفه ففيه ديته الكاملة وهي ثمانمائة درهم بينما اذا قطع يده ففيها نصف ديته، واذا كانت امراة ذمية ففي قطع انفها ديتها وهي اربعمائة درهم وفي قطع احدى يديها نصف ديتها، وهكذا العبد ففي قطع انفه تمام قيمته وفي قطع احدى يديه نصف قيمته

وما نقوله ان موضوع هذه القاعدة هو الانسان كما في صحيحة هشام بن سالم او الجسد كما في صحيحة عبد الله بن سنان وهذا يشمل الجميع ولا داعي لتخصيصه بالرجل الا بتوهم ان المراد بالدية في هذه العمومات هي الدية الكاملة وهي دية الرجل وعلى كل حال نحن نسلم دلالة هذه العمومات على ان المقصود الدية الكاملة ولكن نقول ان المقصود الدية الكاملة للانسان المفروض، فلا موجب لتخصيص ذلك بالرجل نعم هذه العمومات لا تحدد مقدار الدية الكاملة للرجل او المرأة او العبد او الذمي، ومقدار الدية الكاملة لهؤلاء تدل عليها الادلة الاخرى وبناء على هذا يمكن الاستدلال بهذه العمومات في الرجل وفي المرأة وفي الذمي وفي العبد على تعيين الدية في الاعضاء التي يملكون منها واحداً او في ما كانوا يملكون منه اثنين وقد عبر السيد الماتن بما في المتن ونحن كذلك نقول ولكن نقول ان الطريق الصحيح ان العمومات لم يفرض فيها الرجل بل بينت كقاعدة عامة تشمل الرجل وغيره لان موضوعها الانسان او الجسد نعم هذا الدليل يختص بالموارد التي تشملها هذه العمومات أي الاعضاء الاساسية التي يملك الانسان منها واحداً او اثنين لأن الروايات تقول (كل ما كان في الانسان منه واحد ... وكل ما كان فيه نه اثنان) واما كونه من الاعضاء الاساسية فهذا يفهم من قرائن فانه ليس المقصود كل اثنان وإن لم يكونا ملحوظين او منظورين او ليسا من الاعضاء الاساسية ولذا استشكل الفقهاء في تطبيقها في جملة موارد كالشفرين فالاعضاء التي لا تعتبر أساسية كالاجفان والاهداب او الاعضاء التي يملك الانسان منها أكثر من اثنين كالاصابع والاسنان لا تشملها القاعدة ومن هنا يظهر بان الاعضاء التي يملك الانسان منه اكثر من اثنين او الاعضاء غير الاساسية لا يمكن تعيين ديتها حتى بالنسبة الى الرجل بهذه العمومات لانها مختصة بالاعضاء الاساسية التي يملك الانسان منها واحداً او اثنين وظهر مما اخترناه في تفسير هذا الدليل بانه لا يختص بالرجل بل يشمل الجميع، ومن هنا نقول انه من المناسب أن تطرح المسألة بنفس مضمون الروايات بأن يقال كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه ديته الكاملة وكل ما كان فيه منه اثنان ففيهما ديته الكاملة وفي احدهما نصف ديته واما مسألة تحديد الدية الكاملة لذلك الانسان تقوم به الادلة الاخرى وهي موجودة

اما طرح المسألة بالنحو الذي طرحه السيد الماتن او بالنحو الذي طرحه في الشرايع (كل ما فيه دية الرجل من الاعضاء والجراح ففيه من المرأة ديتها ومن الذمي ديته ومن العبد قيمته) ويلاحظ على هذا الطرح انه يفترض في رتبة سابقة ثبوت دية الرجل او نصف دية الرجل في ذلك العضو المقطوع ثم يستدل على انه في ذلك العضو من المرأة ديتها او نصف ديتها وكأن الدليل لا يشمل، الرجل وكأننا بحاجة الى اثبات أن في ذلك العضو من الرجل الدية الكاملة في مرتبة سابقة ثم نثبت أن هذا العضو في المرأة فيه ديتها

في حين انك عرفت أن الدليل يشمل الرجل كما يشمل غيره لأنه قاعدة عامة، ولذا من المناسب أن يعبر عن هذه المسألة بنفس تعبير النصوص الشرعية، فهو ينطبق على كل هذه الموارد الاربعة واما الدية الكاملة لهم فهي تؤخذ من الادلة

الدليل الثاني: ما ورد من أن المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف