الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الذكر

(مسألة 305): في قطع الخصيتين الدية كاملة، وقيل: في قطع اليسرى ثلثا الدية، وفي اليمنى ثلث الدية، وفيه إشكال، والأظهر ما هو المشهور من التساوي (1)

الرابع عشر: الشفران وهما اللحمان المحيطان بالفرج، وفي قطعهما دية كاملة، وفي قطع واحد منهما نصف الدية (2)، ولا فرق في ذلك بين المرأة السليمة وغيرها كالرتقاء والقرناء والكبيرة الصغيرة والثيّب والبكر (3)

    1. ذكرنا في بحث الخصيتين الخلاف في انهما متساويان في الدية او انهما متفاوتان فيها بمعنى ان في اليسرى ثلثي الدية وفي اليمنى الثلث، وقلنا بأن ما يدل على التساوي روايات كثيرة وعمدتها في الدلالة معتبرة ظريف فانها تعتبر نصاً في ان في الخصية الواحدة خمسمائة دينار واما الروايات الاخرى فهي قابلة للتصرف في ظهورها، فإن صحيحة هشام بن سالم الدالة على الحكم العام يمكن تخصيصها بصحيحة ابن سنان الدالة على التفاوت بين الخصيتين، كما ان معتبرة يونس وصحيحة الحلبي وان كان لهما ظهور اولي في التساوي الا ان هذا الظهور يرفع اليد عنه عندما يدل دليل معتبر على التفاوت وتحملان على انهما في مقام بيان ثبوت تمام الدية في مجموع الخصيتين

والمشكلة في معتبرة ظريف فانها نص في أن في الخصية الواحدة خمسمائة دينار فتعارض صحيحة عبد الله بن سنان الدالة على التفاوت تعارضاً مستقراً ولا جمع عرفي بينهما وحينئذ يتساقطان ويمكن الرجوع الى العمومات الفوقانية وهو صحيحة هشام بن سالم القائلة بان كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية وهذا معناه التساوي، وهذه العمومات لا تخصص بصحيحة عبد الله بن سنان لانها مبتلات بالمعارض في موردها فليس لها قابلية تخصيص العام

2- الظاهر ان هذا الحكم لا خلاف فيه كما صرح به في كلمات بعض الفقهاء وفسروا الشفرين باللحم المحيط بالفرج احاطة الشفتين بالفم كما في المبسوط والشرايع والتحرير والمسالك والروض والروضة ومجمع البرهان بل في مجمع البحرين كذلك على ما حكي

ذكر الشيخ في المبسوط (الأسكتان و الشفران عبارة عن شيء واحد، و هو اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم، و هما عند أهل اللغة عبارة عن شيئين، قال بعضهم: الأسكتان هو اللحم المحيط بشق الفرج، و الشفران حاشيتا الأسكتين كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما، و شفرهما هي الحاشية التي تنبت فيها أهداب العين، فالإسكتان كالأجفان و الشفران كشفري العين) [1]

ثم انه في السرائر بعد أن نقل كلام الشيخ في المبسوط في انهما عبارة عن شيء واحد وعند اهل اللغة عبارة عن شيئين قال (و الصحيح ما قاله أهل اللغة فالمرجع في ذلك إليهم) [2]

وفي كشف اللثام ان (الفرق الذي نقله الشيخ عن بعضهم هو المعروف عند اللغويين)[3]

وعلى كل حال فالظاهر انه لا تترتب ثمرة عملية على هذا الخلاف لأن ما استدل به على الحكم في المسألة هو عبارة عن العمومات المتقدمة مثل صحيحة هشام بن سالم ومعتبرة عبد الرحمن بن سيابة وهي مروية في الوسائل عن الكافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (( إن في كتاب علي (عليه‌السلام) لو أن رجلا قطع فرج امرأته لاغرمته لها ديتها ،وإن لم يؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك)) [4]

ورواها المشايخ الثلاثة والراوي المباشر عن الامام هو عبد الرحمن بن سيابة في كل الطرق وهو الكوفي البجلي البزاز والظاهر انه لم ينص على وثاقته ذكره الشيخ في رجاله في اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وذكره البرقي في اصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، وله ذكر في كتاب الكشي، ومن هنا قد يقال بأن الرواية غير معتبرة سنداً من جهته ولكن استدل على وثاقته ببعض الروايات

الاولى ما رواه الشيخ الصدوق في الامالي بسند صحيح الى عبد الرحمن بن سيابة، قال: (دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ألف دينار، وأمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي (عليه السلام) فقسمتها) [5] ويبدو منها انه محل ثقة الامام واعتماده بل ذكر المجلسي الاول أن فيها دلالة على عدالته.

الثانية: رواية الكشي في كتابه

الثالثة ما رواه في الكافي واثنان منهما تامتان سنداً وفيهما دلالة على ما نقوله من انه مورد ثقة الامام (عليه السلام)، والان نؤجل هذا البحث الرجالي وعلى كل حال فالنتيجة انه لا بأس به ويمكن الاعتماد عليه فتكون الرواية تامة سنداً وهي ظاهرة ان في فرج المرأة دية كاملة

أقول إن الخلاف السابق ليس له ثمرة عملية اما بالنسبة الى العمومات فانها تصدق على اللحم المحيط بالفرج فهو عبارة عن اثنين وهما عضوان متميزان فتشمله الادلة العامة، وهي لا تصدق على اطراف اللحم اي لا يمكن الاستدلال بالادلة العامة على طرفي هذا اللحم الذي هو بمنزلة طرفي الجفن التي ينبت عليها الاهداب فإنه كحاشية الجفن ولا يمكن تطبيق الادلة العامة على حاشية الجفن

واما المعتبرة فالوارد فيها فرج المرأة والمراد به على الظاهر هو الشفران بمعنى اللحم المحيط بالفرج لا حاشية هذا اللحم خصوصاً مع التعبير بالقطع، والحاصل ان الشفرين لم يردا في الادلة حتى يكون للنزاع في معناهما ثمرة

نعم في صحيحة ابي بصير دلالة على ان في قطع الفرج نصف الدية، ورواها في الوسائل نقلاً عن الكافي في موضعين الاول: في الباب التاسع من ابواب قصاص الطرف، الحديث الاول، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : (قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في رجل قطع فرج امرأته ، قال : أغرمه لها نصف الدية)

الثاني: الباب السادس والثلاثون من ابواب ديات الاعضاء الحديث الثاني، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال: (قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في رجل قطع فرج امرأته ، قال : إذن اغرمه لها نصف الدية)

ولكن يبدو ان هنا اشتباه في نقل الرواية، لأن الموجود في المصدر (ثدي امراته) لا (فرج امراته) وهو اجنبي عن محل الكلام، بل في التهذيب ايضا نقل هذه الرواية باسناده عن ابن محبوب بعنوان (ثدي امراته) ومن هنا يقوى احتمال الاشتباه في نقل الرواية ويوجد احتمال ان المقصود نصف دية الرجل التي تكون مساوية لدية المرأة ويحتمل أن المراد قطع أحد الشفرين وعلى كل حال فالظاهر انه يوجد اشتباه فلا تكون هذه الصحيحة منافية لما تقدم

    1. لاطلاق ما دل على هذا الحكم في محل الكلام


[1] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج7، ص149.
[2] كتاب السرائر، ابن إدريس الحلي، ج3، ص392.
[3] كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، الفاضل الهندي، ج11، ص398.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص171، أبواب قصاص الطراف، باب9، ح2، ط آل البيت.
[5] الأمالي، الشيخ الصدوق، ج1، ص416.