الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الذكر

الثالث عشر: الذكر وفي قطع الحشفة وما زاد دية كاملة ، ولا فرق في ذلك بين الشابّ ‌و الشيخ والصغير والكبير و أمّا من سلت خصيتاه فإن لم يؤدّ ذلك إلى شلل ذكره ففي قطعه تمام الدية، وإن أدّى إليه ففيه ثلث الدية، [1] وكذلك الحال في قطع ذكر الخصي [2]

(مسألة 302): في قطع بعض الحشفة الدية بنسبة دية المقطوع من الكمرة (3)

(مسألة 303): إذا قطع حشفة شخص، وقطع آخر ما بقي من ذكره، فعلى الأوّل الدية كاملة، وعلى الثاني الحكومة[3]

(مسألة 304): المشهور أنّ في قطع ذكر العنّين ثلث الدية (5)، وهو لا يخلو عن إشكال، والأظهر أنّ فيه الدية كاملة[4]

    1. كان الكلام في قطع الذكر وان فيه تمام الدية وقلنا ان مقتضى اطلاق النصوص التي ذكرناها انه لا فرق بين الصغير والكبير ومن سلت خصيتاه اذا لم يكن ذلك موجباً لشلل في ذكره، والا فقطع الذكر يكون فيه ثلث دية العضو الصحيح لما تقدم من ان قطع العضو المشلول فيه ثلث دية العضو الصحيح وقلنا بأن هناك تأمل في الادلة التي استدل بها على ذلك

2- ما يفهم من العبارة ان نفس الكلام الذي قلناه في من سلت خصيتاه نقوله في ذكر الخصي بمعنى أن الخصاء اذا لم يكن موجباً لشلل الذكر ففي قطعه تمام الدية وان اوجب ذلك ففي قطعه ثلث الدية

وظاهر هذا الكلام ان الخصي غير من سلت خصيتاه، كما ان الدليل الذي ذكره يدل على الاختلاف بينهما لانه استدل على وجوب ثلث الدية في من سلت خصيتاه -اذا كان ذلك موجباً لشلل العضو- بما تقدم من ان قطع العضو المشلول فيه ثلث الدية، واستدل على ان قطع ذكر الخصي فيه ثلث الدية بصحيحة بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال ((في لسان الاخرس وعين الاعمى وذكر الخصي وأنثييه ثلث الدية))[5] وهي مطلقة فلا بد من حملها على ما اذا كان الخصاء موجبا لشلل ذكره كما ذكر هذا الفقهاء، واما اذا بقي الذكر سليماً ففي قطعه تمام الدية

ويظهر من المسألة انه يبني على التغاير بينهما كما يظهر ذلك مما استدل به حيث استدل على الاول بدليل وعلى الثاني بدليل آخر

ولكن الظاهر من كلام جماعة انهما شيء واحد، قال في الشرايع (و في الحشفة فما زاد الدية و إن استؤصل سواء كان لشاب أو شيخ أو صبي لم يبلغ أو من سلت خصيتاه) [6] وفي الجواهر (على وجه لا يؤدي الى شلل في ذكره) ثم قال (كما ان ما في صحيح بريد العجلي محمول على من شل ذكره بالاخصاء) [7] وهو ظاهر في ان من سلت خصيتاه هو الخصي

وفي القواعد لم يذكر من سلت خصيتاه بل ذكر الخصي فقط، وهكذا فعل غيره من الفقهاء وذكروا مسألة تقييد هذا بما اذا لم يؤد خصاه الى شلل في ذكره، وقالوا بأن صحيحة بريد بن معاوية محمولة على ما اذا كان الخصاء موجباً لشلل في الذكر وبناء على هذا يكون في كلام الماتن تكرار بلا موجب، كما انه اذا كان من سلت خصيتاه هو نفسه الخصي فيمكن الاستدلال على وجوب ثلث الدية في قطع ذكره بصحيحة بريد بن معاوية اذا كان الخصاء موجباً لشلل في ذكره بعد حملها على من شل ذكره والمهم البحث حول ان الخصاء هل يكون بغير سل الخصيتين او لا؟ فاذا كان الخصاء يتحقق بغير ذلك يكون ظاهر كلام السيد الماتن هو الاقرب فمن سلت خصيتاه نستدل على مقدار الدية في ذكره بالقواعد العامة لانه لا رواية به واما الخصي فيستدل له بصحيحية بريد بن معاوية فالدليل علي وجوب الثلث في من سلت خصيتاه بناء على المغايرة هو ما تقدم من ان العضو المشلول فيه ثلث دية العضو الصحيح، على اننا تأملنا فيه وهذا التأمل يبقى محفوظاً، واما على الاتحاد فالدليل هو الصحيحة الكمرة هي حشقة الذكر، فالمقطوع من الحشفة ينسب مقداره الى الحشفة لا الى مقدار الذكر فلو قطع نصف الحشفة فيؤخذ نصف الدية بينما لو لاحظناها بالنسبة الى الذكر تكون النسبة أقلوالوجه في ذلك هو ثبوت الدية في قطع الحشفة خاصة ففي نصفها النصف لما تقدم من اعتبار المساحة في المقطوع من كل عضو له مقدر اذا قطع بعضه، وأما ملاحظة نسبة المقطوع الى الذكر فهو بلا موجب لأن للحشفة مقدر شرعاً فلا بد من ان ينسب المقطوع الى الحشفة خاصة لا الى تمام الذكر وقيد هذا الحكم في كلمات الفقهاء بما اذا لم ينخرم مجرى البول واما اذا اوجب انخرام مجرى البول، فقال بعضهم بأن هذه جناية جديدة وحيث انه لا مقدر لها شرعاً فتثبت فيها الحكومة وفي المقابل هناك قول ذكر بعنوان الاحتمال وهو ان الواجب اكثرهما ونسب للشيخ الطوسي في المبسوط، باعتبار انهم اعتبروه جناية واحدة تضمنت ذهاب العين وذهاب المنفعة فيكون عليه اكثر الأمرين من المقدر الخاص ومن الحكومة، والزائد على الاكثر يمكن نفيه بأصالة البراءة وهذا نظير ما تقدم من انه اذا قطع نصف اللسان وذهب ربع الكلام او بالعكس، فتقدم النزاع هناك وهل الاعتبار بالمساحة او ان الاعتبار بالحروف التي لا يفصحها وتقدم ان الواجب اكثر الأمرين من ذهاب العين وذهاب المنفعة وفي المقام ايضاً قالوا انها جناية واحدة اوجبت ذهاب العين وذهاب المنفعة لكن السيد الماتن وغيره اختاروا الاحتمال الاول وهو انه يؤخذ بهما جميعاً لانهم اعتبروهما جنايتان ويمكن ترجيح هذا الاحتمال باعتبار الفرق بين ما نحن فيه والمسألة السابقة ففي المسألة السابقة كانت الجناية واحدة على العين واوجبت ذهاب المنفعة بمقدار ما، بينما في محل الكلام هي جناية على عينين فكما ان الجناية على قطع نصف الحشفة جناية على العين كذلك خرم مجرى البول جناية على العين، فهنا جنايتان مستقلتان فكل منهما يثبت فيه الدية، فيكون ما نحن فيه نظير ما لو ضربه بضربة واحدة فقطع انفه واذنه فالصحيح هو ما ذكره السيد الماتن في هذه المسألة لأن الاول قطع الحشفة فيشمله دليل قطع الحشفة، والثاني قطع ما بقي من ذكره وهو لا مقدر له ففيه الحكومة، ولكن لا داعي لتقييد المسألة بما اذا قطع آخر ما بقي من ذكره غير قاطع الحشفة، فالحكم يثبت حتى لو قطع نفس قاطع الحشفة ما بقي من ذكره هذا هو المشهور كما في مجمع الفائدة وكشف اللثام وقال الشيخ في الخلاف دليل ذلك اجماع الشيعة وأخبارهم واختار هذا القول في النهاية وصاحب السرائر والمحقق في الشرايع والنافع والعلامة في الارشاد والتحرير والشهيد في اللمعة والشهيد الثاني في الروضة والمقدس الاردبيلي في مجمع الفائدة وغيرهمفي المقابل ذهب الشيخ الصدوق الى ان فيه الدية التامة كما في المقنع ،ونقل العلامة في المختلف عن ابن الجنيد بانه يرى ان في ذكر العنين الدية كاملة، فهذان من القدماء اختارا قول مخالف لما ذهب اليه المشهور اما القول الاول فالظاهر انه لم يرد به نص وانما دليلهم على ذلك هو ادخاله في الشلل، ولعل الاخبار التي ادعى الشيخ وجودها هي الاخبار الدالة على ان في قطع العضو المشلول ثلث الدية

واما القول الثاني فتدل عليه معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : ((في ذكر الصبي الدية ، وفي ذكر العنين الدية)) [8] وواضح ان المقصود الدية الكاملة كما هو الحال في ذكر الصبي ورواها الشيخ الطوسي وكذلك الشيخ الصدوق في الفقيه

بل يمكن الاستدلال عليه بالادلة العامة المتقدمة من أن كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية

وذكر السيد في الرياض بأن هذا الخبر (وهو ضعيف عن المقاومة لما مرّ) ومقصوده الاجماع المدعى على ثبوت ثلث الدية في ذكر العنين والاخبار (فليطرح ، أو يحمل على بيان إرادة نفي القصاص وثبوت أصل الدية في الجملة لا بيان كمال الدية)[9]


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص388.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص388.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص388.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص388.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص336، أبواب دیات الاعضاء، باب31، ح1، ط آل البيت.
[6] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج4، ص252.
[7] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج43، ص267.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص339، أبواب دیات الاعضاء، باب35، ح2، ط آل البيت.
[9] رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج16، ص330.