الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الذكر

(مسألة 301): في كلّ واحد من الحلمتين من الرجل ثُمن الدية و كذلك الحال في قطع حلمة المرأة [1]

الثالث عشر: الذكر وفي قطع الحشفة وما زاد دية كاملة (2)، ولا فرق في ذلك بين الشابّ ‌و الشيخ والصغير والكبير (3) و أمّا من سلت خصيتاه فإن لم يؤدّ ذلك إلى شلل ذكره ففي قطعه تمام الدية، وإن أدّى إليه ففيه ثلث الدية (4)، وكذلك الحال في قطع ذكر الخصي[2]

    1. ما ذكرناه في حلمتي المرأة هو اننا رجحنا قول السيد الماتن في حلمتي المرأة وأن الثابت فيهما نفس ما ثبت في حلمتي الرجل بدليل الاشتراك، وهذا الاستدلال تام سواء قلنا بعدم شمول القاعدة لمحل الكلام او قلنا بشمولها لمحل الكلام

توضيح ذلك انه في المقام يوجد دليلان احدهما القاعدة والآخر دليل الاشتراك فالقاعدة بناء على شمولها لحلمتي المرأة تقتضي أن يكون فيهما الدية وفي احداهما نصف الدية بينما دليل الاشتراك يقتضي ان يكون فيهما ربع الدية وفي احداهما ثمن الدية نقول ان ما ذكره السيد الماتن تام اما بناء على عدم شمول القاعدة لمحل الكلام فواضح لأنه لا يصح الاستدلال بالقاعدة وحينئذ يستدل بدليل الاشتراك واما اذا قلنا بشمول القاعدة لمحل الكلام فالذي يقدم هو دليل الاشتراك لأنه كما قدمنا الدليل المعتبر في حلمتي الرجل على قاعدة الاشتراك باعتبار أن هذه الرواية تكون مخصصة للقاعدة كذلك في حلمتي المرأة فإن الدليل المعتبر الوارد في الرجل بضميمة ما دل على اشتراك المرأة مع الرجل في ما لا يبلغ الثلث يكون دليلاً على أن في حلمتي المرأة الربع وفي احداهما الثمن وهذا الدليل يخصص القاعدة فنخرج عن القاعدة بهذا الدليل غاية الامر ان هذا الدليل في الرجل هو عبارة عن المعتبرة وحدها وفي المرأة هو المعتبرة بضميمة دليل الاشتراك وهذا معناه تقديم دليل الاشتراك على القاعدة

    2. انتهى الكلام الى معتبرة يونس ((انه عرض على ابي الحسن (عليه السلام) كتاب الديات .... والذكر إذا استوصل ألف دينار)) [3]

فاذا قلنا بانه لا مفهوم له فيثبت مضمونه ولا يكون منافياً للنصوص السابقة فيعمل بكل هذه النصوص فيلتزم بأن قطع الحشفة فيه الدية كاملة وقطع الحشفة مع بعض الذكر فيه تمام الدية وكذلك قطع الحشفة مع تمام الذكر فيكون حال الحشفة مع الذكر حال الاصابع مع الكف فكما انه اذا قطعت الاصابع فيها دية كاملة واذا قطعت الكف بتمامها فيها دية كاملة والاصابع لا حكم لها مع قطع الكف، كذلك الحال في محل الكلام

واما اذا قلنا بان لها مفهوم يكون مفهومها وهو (انه اذا لم يستأصل فليس فيه الف دينار) منافياً للنصوص السابقة وحينئذ نقول إن امكن تخصيص المفهوم بهذه النصوص فهذا هو المتعين كما هي القاعدة العامة في كل عام مع ما هو أخص منه، فاذا امكن التخصيص في محل الكلام بأن نخرج قطع الحشفة منه ونخرج قطعها مع شيء من الذكر ولم يكن في التخصيص محذور بان بقي في المفهوم بعض المصاديق المختصة به نخصص المفهوم بهذه النصوص ونعمل بكل هذه النصوص

واما اذا كان التخصيص لا يبقي للمفهوم شيئاً او يبقى شيء نادر بحيث يكون التخصيص مستهجناً، فاذا اخرجنا من (اذا لم يستاصل الذكر فليس فيه الف دينار) القطع من الحشفة وقطع الحشفة مع بعض الذكر فلا يبقى مورد للمفهوم فيكون التخصيص مستهجناً، واذا لم يمكن التخصيص نقول ان هذه النصوص تكون قرينة على الغاء المفهوم في هذه المعتبرة، وبالتالي تثبت الدية التامة في جميع هذه الموارد

    3. لاطلاق النصوص، ويضاف الى ذلك ما ورد في بعض الروايات من قبيل صحيحة بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : ((في ذكر الغلام الدية كاملة)) [4]

ومعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : ((في ذكر الصبي الدية ، وفي ذكر العنين الدية))[5] وظاهره انه لا فرق بين الصبي وبين الكبير ففي كل منهما تثبت دية كاملة

حكم بمن تمام الدية لاطلاق النصوص المتقدمة وان ادى الى شلل الذكر فحكم بقطع الذكر فيه بثلث الدية والدليل ما تقدم من في قطع العضو المشلول ثلث دية العضو الصحيح وذكرنا هناك بان الادلة المستدل بها على القاعدة هي ثلاث روايات كل واحدة منها محل اشكال، اما رواية الحكم فقلنا بانها غير تامة سنداً مضافاً الى احتمال انها ناظرة الى شل العضو الصحيح لا قطع العضو المشلول واما رواية الحسن بن صالح ففي سندها اشكال من جهة الحسن بن صالح فقلنا بانه لا توثيق له والاستدلال على توثيقه برواية محمد بن احمد بن يحيى عنه كما في التهذيب بناء على كبرى وثاقة من روى عنه محمد بن احمد بن يحيى ولم يستثنه ابن الوليد، ليس بتام لاستبعاد ان يروي محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن صالح الذي يروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، مضافاً الى انه لا يظهر من رواية التهذيب ان محمد يروي عنه في نوادر الحكمة لانه لم يبتدأ السند في التهذيب بمحمد بن احمد بن يحيى، والتوثيق مختص بما يرويه محمد بن احمد بن يحيى عن الاشخاص مباشرة وفي كتاب نوادر الحكمة نعم ذكرنا انه يوجد مجال للقول بوثاقة الحسن بن صالح اذا نقحنا توثيقه من قبل العامة فان هذا التوثيق من باب أن وثاقته كانت واضحة بحيث لا يمكن انكارها والا لانكروها لأنه متهم بالتشيع كما ذكروا مع افتراض أن مباني التوثيق عندهم وعندنا واحدة، وهذا يحتاج الى مراجعة أكثر، والى الآن هذا ليس واضحاً ولا يمكن التعويل عليه لإثبات وثاقته مضافاً الى ان المفروض في الرواية قطع اليد مع الاصابع وتقدم ان الاصابع لا حكم لها مع قطع اليد ولذا قلنا بأن المفروض في المقام ان يقال بأن فيها دية كاملة والاصابع لا حكم لها، فلا يصح الاستدلال بالرواية في محل الكلام واما صحيحة ابي بصير فقلنا بأن فيها اجمال وانه اذا اردنا الاستدلال بها على ثبوت ثلث الدية في العضو المشلول بلا تفصيل بين الشلل الاصلي والعارضي فهو خلاف ظاهر الرواية جداً لأنها ظاهرة في التفصيل بين الحالتين وقد اعترف بظهورها في التفصيل جملة من الفقهاء كصاحب الجواهر والمحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة كما ان الاستدلال بها مع التفصيل فيه مشاكل اخرى تنتج عن اختلاف النقل بين الفقيه وبين الكافي والتهذيب وايضاً اختلاف تفسير الدية الواردة في الكافي والتهذيب ويزيد الاشكال في الاستدلال بها في محل الكلام هو ان الملاحظ عدم وجود قائل بالتفصيل بين الشلل الاصلي والشلل العارضي لا في مورد الرواية وهو الخرس ولا في غيره من الموارد، بل صرح جماعة منهم بعدم الفرق بين الحالتين، والوحيد الذي خالف هو المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ذكر (بان القاعدة تقتضي حمل ما دل على الثلث في لسان الاخرس مطلقاً على هذه الصحيحة) ويقصد حمل ما دل على ان لسان الاخرس مطلقاً فيه ثلث الدية كصحيحة بريد بن معاوية على التفصيل الوارد في صحيحة ابي بصير وظاهره العمل بهذا التفصيبل، بل قال ويمكن حمل كلامهم على ذلك اي انه حاول حمل كلامهم على هذا التفصيل، لكن الظاهر أن هذا غير مقبول ولذا رده صاحب الجواهر وغيره، فالظاهر انهم يتفقون على عدم التفصيل ومن هنا قد يقال بأن ظهور الصحيحة في التفصيل لا عامل به كما صرح به بعضهم كما في الجواهر وغيره وانها رواية شاذة تقصر عن تقييد المطلقات كصحيحة بريد وحينئذ قد يقال بأن عدم عملهم بها يوجب اعراضهم عنها فلا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام.

[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص385.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج42، ص386.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب دیات الاعضاء، باب1، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص339، أبواب دیات الاعضاء، باب35، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص339، أبواب دیات الاعضاء، باب35، ح2، ط آل البيت.