الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية النخاع

الحادي عشر: النخاع المشهور أنّ في قطعه دية كاملة، وهو لا يخلو عن إشكال، بل لا يبعد فيه الحكومة (1)الثاني عشر: الثديان وفي قطعهما الدية كاملة، وفي كلّ منهما نصف الدية (2)

_1قلنا انه استدل على ان في قطع النخاع الدية الكاملة

اولاً: بعمومات ان (كل ما كان فيه اثنان ففيهما الدية وما فيه واحد ففيه الدية)وثانياً: ان قطع النخاع يستلزم الموت فتثبت فيه دية القتل وقلنا انه لا اشكال في ثبوت الدية اذا كان يستلزم الموت وانما الكلام فيما لو كان لا يستلزم الموت فهل يمكن الاستدلال بهذه العمومات؟واعترض السيد الخوئي (قده) على الاستدلال بالعمومات بجهتين اما الجهة الثانية التي ذكرها من أن الادلة ظاهرة في قطع الشيء وفصله عن البدن ولا يشمل قطعه وهو في محله وقلنا ان العمومات لا ظهور فيها في هذا المعنى ومناسبات الحكم والموضوع تقتضي ان يكون المقدّر هو اتلاف العضو وتعطيله عن وظائفه وهذا لا يفرق فيه بين قطعه وفصله عن البدن وبين قطعه وبقاءه فيه واما الجهة الاولى التي ذكرها وهي ان الرواية ظاهرة في ازالة العضو المستقل بحيث يعد من اعضاء الانسان بنفسه ولا تشمل ما كان تابعاً لأحد الاعضاء والنخاع تابع للفقرات ولا يعد من اعضاء البدن بنفسهففيه ان مجرد كون النخاع موجوداً في داخل الفقرات لا يكفي في عده تابعاً، فإن اللسان موجود في داخل الفم ولا اشكال في انه عضو مستقل والقلب موجود في داخل الصدر مع كونه عضواً رئيسياً به قوام الانسان وكذلك النخاع، فليس هذا ميزان في التبعية فعلى تقدير تسليم أن هذه العمومات ظاهرة في العضو المستقل بحيث يعد من اعضاء الانسان بنفسه فإن النخاع يمكن أن يعد من اعضاء الانسان على كل حال يبدو -والله العالم- ان ما ذهب اليه الفقهاء من الاستدلال بهذه العمومات في ثبوت الدية في النخاع مقبول وهذه النقاشات ليست واضحة حتى تمنع من الاستدلال بالرواية والامر لا يخلو من تأمل

    1. في مفتاح الكرامة بلا خلاف اجده، بل في الغنية والتحرير والروضة الاجماع عليه ويستدل له بالعمومات المتقدمة من ان كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي كل واحد منهما نصف الدية

ويستدل له ايضا بصحيحة ابي بصير عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال:(قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في رجل قطع ثدي امرأته ، قال : إذن اغرمه لها نصف الدية) [1]

وهذه الرواية نقلها في الوسائل عن التهذيب كما هو هنا وهذا هو الموجود في الكافي ج7 ح17 ص314 فالموجود في الكافي والتهذيب قطع ثدي امراته لكن صاحب الوسائل نقلها بلفظ (في رجل قطع فرج امراته)[2] [3] في موضعين من الوسائل عن الكافي

والظاهر -كما نبه عليه السيد الماتن (قده)- انه اشتباه من صاحب الوسائل لاتفاق نسخ الكافي على أن الموجود في الكافي هو ثدي امرأته، ومن هنا يقرب أن يكون هذا اشتباه من صاحب الوسائل، فقد عنون الباب بقطع فرج المرأة، وذكر هذه الرواية فيه

ومن هنا يصح الاستدلال بهذه الرواية الظاهر ان اصل الحكم لا اشكال فيه بمعنى انه في قطع ثديي المرأة الدية كاملة وفي قطع أحد الثديين نصف الدية وإنما يقع الكلام في امرين:

الاول: ان هذا الحكم هل يختص بالمرأة او يشمل الرجل، أساساً هل الرجل له ثديان او لا؟

الثاني: ان الدية في هذا الحكم بالنسبة للمراة هل هي دية المرأة او دية الرجل؟

اما الامر الاول فالدليل الاول وهو العمومات قد يقال بانه يقتضي التعميم -بناء على ان الرجل له ثديان- لكن الدليل الثاني صحيحة ابي بصير واضح انها مختصة بالمرأة وعبارة السيد الماتن كعبارة بعض الفقهاء لا اختصاص فيها، لكنه استدل على الحكم بصحيحة ابي بصير وقد عرفت انها واردة في المرأة، وقد يقرب هذا انه لا يقصد التعميم

وبعض الفقهاء خص الكلام بالمراة ولم يتعرض للرجل كما في كلام المحقق في الشرايع والعلامة في التحرير، وبعضهم اطلق من قبيل السيد الماتن، وهكذا في الغنية والشهيد في الروضة ذكر (الثديان وهما للرجل والمرأة) فكانه يؤمن بان الرجل له ثديان (ولكن ذكر هنا (اي في اللمعة) حكمهما لها خاصة) وهو ان في كل واحد منهما نصف دية المرأة

والذي يبدو من مجموع كلامهم انهم يرون أن الرجل ليس له ثديان ولذا لم يتعرضوا لثديي الرجل

ويشهد لذلك: اولاً انهم تعرضوا لحكم حلمتي الرجل حين ذكروا دية حلمتي المرأة وسكتوا عن ثدييه

ثانياً: انهم استدلوا بصحيحة ابي بصير الواردة في المرأة والتي لا يصح الاستدلال بها في ثديي الرجل ومعناه ان حتى من يطلق كلامه هو قاصد لثديي المرأة

ثالثاً: ان هناك قول معروف في حلمتي المرأة وان فيهما الدية كاملة وفي أحدهما نصف الدية وهذا الحكم في حلمتي المرأة استشكل فيه بعض الفقهاء انه كيف يحكم بأن الثديان فيهما الدية كاملة وفي أحدهما نصف الدية والحلمتان اللتان هما بعض الثديين فيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية، فان نصف الدية في أحد الثديين لا بد ان يوزع على ابعاض الثدي فكيف يكون في الحلمة نصف الدية،

وأما حلمتي الرجل فهناك رأي أن فيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية وهنا لم يستشكل أحد بهذا الاشكال المتقدم في حلمتي المراة لأنه ليس للرجل ثديان فلا مانع من أن يحكم بحلمتي الرجل بهذا الحكم وقد صرح السيد في الرياض بأن الاشكال الذي يأتي في حلمتي المرأة لا يأتي في حلمتي الرجل لأن الرجل ليس له ثديان وبناء على هذا فبعض الكلمات المطلقة الظاهر انها تحمل على المرأة لأن الرجل ليس له ثديان

واما الامر الثاني فاذا نظرنا الى الدليل الاول وهو العمومات فالظاهر أن المقصود بقوله (كل ما كان فيه اثنان ففيهما الدية) هو ان فيهما دية الانسان الذي فيه هذان الاثنان ففي الاذنين الدية وفي العينين الدية اي دية ذلك الانسان الذي فيه هذان الاثنان وقطعا فاذا كان رجل ففي قطع اذنيه دية الرجل واذا كان امرأة ففيهما دية المرأة

والشاهد على هذا هو انهم استدلوا بهذا الدليل على (أن في ثديي المرأة ديتها وفي أحدهما نصف ديتها) كما في الشرائع ومعناه انه يفهم من هذا الدليل ان كل بحسبه

وأما الصحيحة فالوارد فيها هو نصف الدية فقد يقال بأن المقصود نصف الدية الكاملة لكن هذا لا يمكن الالتزام به لأن معناه أنه اذا قطع ثديي المرأة يكون فيها ضعف ديتها فالظاهر أن المقصود هو دية من قطع ثديه فإذا كانت امرأة فدية المرأة واذا كان رجلاً وقلنا بأن الرجل له ثديان ففيهما دية الرجل وفي أحدهما نصف دية الرجل لكن الصحيحة تتكلم عن المرأة فالمقصود دية المرأة، ومن هنا يتبين ان المقصود بالثديين ثديي المرأة والمقصود من أن فيهما الدية يعني دية المراة

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص345، أبواب ديات الاعضاء، باب46، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص171، أبواب قصاص الطرف، باب9، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص340، أبواب ديات الاعضاء، باب36، ح2، ط آل البيت.