الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:کتاب الديات/ديات الأعضاء/دية الاصابع

(مسألة 300): في الإصبع الزائدة في اليد أو الرجل ثلث دية الإصبع الصحيحة(1) و في قطع العضو المشلول ثلث ديته (2)

    1. الكلام في قطع العضو المشلول وان فيه ثلث دية العضو الصحيح

قلنا استدل على ذلك بثلاث روايات

الاولى: رواية الحكم بن عتيبة او عيينة وقلنا ان فيها مشكلة في السند وفيها مشكلة في الدلالة فهي ليست صريحة ولا ظاهرة في قطع العضو المشلول بل يحتمل انها ناظرة الى شل العضو الصحيح

والثانية: رواية الحسن بن صالح وقلنا بأن فيها مشكلة سندية من جهة الحسن بن صالح فقد ذكرت عدة عناوين ترتبط بهذا الاسم وقلنا بان السيد الخوئي (قده) ذهب الى اتحاد هذه العناوين فهو شخص واحد من اصحاب الامام الباقر والامام الصادق والامام الكاظم (عليهم السلام)

قد يقال بأنه يمكن توثيقه باعتبار رواية محمد بن احمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة عنه كما في التهذيب وقلنا بأن الطريق صحيح وإن كان فيه احمد بن محمد وهو هنا ابن الوليد وهو وان لم يرد فيه توثيق لكنه ثقة على الظاهر كما يذكر في محله

وقد ناقش في ذلك السيد الخوئي حتى مع التسليم بالكبرى لانه لا يمكن ان يروي محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن صالح لاختلاف الطبقة لان محمد بن احمد بن يحيى في طبقة متأخرة ولا يمكن ان يروي عن اصحاب الامام الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام)، والحسن بن صالح في روايتنا يروي عن الامام الصادق (عليه السلام) بل قلنا ان الشيخ عده من اصحاب الامام الباقر (عليه السلام) فكيف يروي عنه صاحب النوادر الذي هو في طبقة محمد بن يحيى العطار ووفاته بحدود سنة 300 كما يستفاد من بعض القرائن

ووفاة الامام الكاظم (عليه السلام) سنة 183 فبين وفاتيهما ما يقرب من 117 سنة فعادة لا يمكن ان يروي عمن هو من هذه الطبقةومن هنا يبرز احتمال أن من يروي عنه صاحب النوادر في التهذيب هو شخص آخر غير الحسن بن صالح المعروف الذي يروي عن الامام الصادق والكاظم (عليهما السلام)ويؤيد هذا الاحتمال أن من يروي عنه صاحب النوادر والمذكور في التهذيب هو الحسن بن صالح بن محمد في حين ان المعروف والذي يروي عن الامام الصادق (عليه السلام) هو الحسن بن صالح بن حي وهذا يقوي احتمال ان هذا غير ذاك وهناك احتمال آخر وهو أن توجد واسطة بينهما سقطت وحينئذ تكون الرواية مرسلة فلا يمكن التعويل عليها في إثبات رواية صاحب النوادر عنه فالامر يدور بين ان يكون شخصاً آخر وبين ان تكون هناك واسطة ساقطة وعلى كلا التقديرين لا يمكن التعويل على هذا السند لاثبات وثاقتهيضاف الى هذا انه ليس واضحاً من الرواية التي ذكرها الشيخ في التهذيب ان محمد بن احمد بن يحيى يروي عن الحسن بن صالح في كتاب نوادر الحكمة والظاهر أن التوثبق يختص بمن روى عنه محمد بن احمد بن يحيى في نوارد الحكمة مباشرة ولم يستثنه ابن الوليد لان القضية مرتبطة بكتاب نوادر الحكمة الذي استثنى منه ابن الوليد واصحابه الروايات غير الصحيحة ولذا قلنا أن الطريق الوحيد لاثبات روايته عنه هو الاعتماد على مثل التهذيب في روايته عنه ففي التهذيب اذا بدأ الشيخ السند بمحمد بن احمد بن يحيى يقال بانه روى عنه محمد بن احمد بن يحيى في نوادر الحكمة لان المعروف ان الشيخ عندما يبدأ السند باسم الشخص يكون اخذ الرواية من كتابه والكتاب المعروف لمحمد بن احمد بن يحيى هو نوادر الحكمة واما في مثل هذه الرواية التي بدأ الشيخ السند فيها بالشيخ المفيد فلعلها رواية شفهية رواها محمد بن احمد بن يحيى لاحمد بن ادريس

واما الدلالة فالملاحظ فيها أن المفروض في الرواية هو قطع اليد التي فيها اصابع مشلولة لا قطع الاصابع المشلولة الذي هو محل الكلام، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن عبد قطع يد رجل حر وله ثلاث أصابع من يده شلل ، فقال : وما قيمة العبد؟ قلت : اجعلها ما شئت ، قال : ((إن كانت قيمة العبد أكثر من دية الاصبعين الصحيحتين والثلاث الاصابع الشلل رد الذي قطعت يده على مولى العبد ما فضل من القيمة وأخذ العبد ، وإن شاء أخذ قيمة الاصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل ، قلت : وكم قيمة الاصبعين الصحيحتين مع الكف والثلاث الاصابع الشلل؟ قال : قيمة الاصبعين الصحيحتين مع الكف ألفا درهم ، وقيمة الثلاث أصابع الشلل مع الكف ألف درهم لانها على الثلث من دية الصحاح)) فقول السائل (كم قيمة الاصبعين الصحيحتين مع الكف) وكذلك في جواب الامام كأنه يريد ان يؤكد مورد السؤال وهو قطع الاصابع مع الكف، وكأن المفروض فيها هو ان الاصابع لم يرد القطع عليها وانما ورد القطع على اليد لا ان الاصابع قطعت وحدها كما هو محل الكلام، وقد تقدم انه لا حكم للاصابع مع قطع اليد لاطلاق ما دل على ان في قطع اليد نصف الدية وإن استلزم ذهاب الاصابع كما هو عادة هكذا، من دون فرق بين أن تكون الاصابع صحيحة جميعها او شلاء جميعها او بعضها صحيحة والبعض شلاء، بل الحكم بعدم الدية يثبت في الاصابع الشلاء من باب اولى اذا كان هذا الحكم ثابتاً في الاصابع الصحيحة

وعليه كان المناسب ان يحكم في مورد الرواية بنصف الدية ولا حكم للاصابع مع قطع اليد، فالمذكور في الرواية يكون منافياً لما تقدم ولا بد من علاجه، ولا يمكن الاستدلال بالرواية على محل الكلام لأن مورد الرواية غير محل الكلام

الرواية الثالثة: صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال : ((إن كان ولدته امه وهو أخرس فعليه ثلث الدية ، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فان على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، قال : وكذلك القضاء في العينين والجوارح))[1]

والوارد في الكافي والتهذيب (ان كان ولدته امه وهو اخرس فعليه ثلث الدية) بينما نقلها الصدوق (فعليه الدية)

وجعلها السيد الخوئي دليلاً في محل الكلام بتقريب أن الرواية وإن كان موردها الشلل في اللسان لكن ذيل الروية يستفاد منه الحكم العام وذكرناها مفصلاً في مسألة 281 في خسف العين العوراء وذكرناها في قطع لسان الاخرس وذكرنا الاختلاف في نقل الرواية وقلنا بأنها ظاهرة ظهوراً واضحاً لا يمكن رفع اليد عنه في التفريق بين الخرس الاصلي والخرس العارضي وهذا التفصيل يستلزم الاختلاف في الحكم لأن التفصيل قاطع للشركة فلا يمكن القول في الخرس الاصلي وفي الخرس العارضي ثلث دية اللسان فلا بد ان نلتزم باختلاف الحكم وقال السيد الخوئي لا مانع من ان نلتزم بأن الحكم واحد فيهما والتفصيل لغرض التوضيح ومقصوده لغرض توضيح عدم الفرق بين الحالتين الا ان هذا غير مقبول لأن التعبير المتعارف -اذا كان الغرض توضيح عدم الفرق بينهما- أن يقول من البداية في لسان الاخرس ثلث دية اللسان الصحيح سواء كان الخرس اصلياً او عارضياًفالرواية ظاهرة في التفصيل وهذا يقتضي ان يكون الحكم مختلفاً في الحالتينوالرواية فيها احتمالات ثلاثة بحسب نقل الرواية

الاحتمال الاول: ان تكون الدية في الشلل الاصلي دية العضو الصحيح وفي العارضي ثلث دية الصحيح، وهذا موافق لما نقله الشيخ الصدوق في الفقيه

والمشكلة فيه أن الرواية التي ينقلها الشيخ الصدوق ليس فيها هذا الذيل الذي هو موضع الاستدلال في محل الكلام من تعميم الحكم الثابت في لسان الأخرس للاصابعوالآخر استبعاد أن يكون في قطع العضو الصحيح وفي قطع العضو المشلول دية واحدة

الاحتمال الثاني: أن يكون في الاصلي ثلث الدية الكاملة للانسان وفي العارضي ثلث دية العضو الصحيح وهذا الاحتمال يوافق ما نقله الشيخ الكليني والشيخ الطوسي في التهذيب، بأن نفسر ثلث الدية في قوله فعليه ثلث الدية اي الدية الكاملة

والمشكلة فيه انه لا يصح في مورد الرواية فيلزم منه اخراج المورد لأن الدية الكاملة ودية اللسان واحدة فلا معنى لأن يقول فعليه ثلث الدية إن كان الشلل اصلياً، وإن كان عارضياً فعليه ثلث دية اللسان الصحيح فلا فرق بينهما في مورد الرواية، نعم هذا يصح في مثل العين وفي مثل اليد، فلا مشكلة بأن يقال بأن اليد إن كان شللها أصلياً ففيها ثلث الدية الكاملة وإن كان عارضياً ففيها ثلث دية اليد الصحيحة، إذ الفرق محفوظ بينهما

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص336، أبواب ديات الاعضاء، باب31، ح2، ط آل البيت.