الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاصابع

العاشر: الأصابع المشهور أنّ في قطع كلّ واحد من أصابع اليدين أو الرجلين عشر الدية (1)، وعن جماعة: أنّ في قطع الإبهام ثلث دية اليد أو الرجل، وفي كلّ واحد من الأربعة البواقي سدس دية اليد أو الرجل، وهو الصحيح

(مسألة 297): دية كلّ إصبع مقسومة على ثلاث أنامل، ما عدا الإبهام فإنّ ديتها مقسومة على أنملتين (2)، فإذا قطع المفصل الأوسط من الأصابع الأربع فديتها خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار، وإن قطع المفصل الأعلى‌منها فديتها سبعة وعشرون ديناراً وثمانية أعشار دينار

    1. كان الكلام في التعارض بين الروايات في مسألة دية الاصابع حيث دلت طائفة من الروايات على التسوية بين الاصابع وأن في كل اصبع عشرة من الابل من دون فرق بين الابهام وغيره من الاصابع، وفي المقابل هناك ما يدل على التفاوت بينها وهو يتمثل برواية واحدة

وقلنا بان الشيخ الطوسي حمل اخبار التسوية على ما عدا الابهام، وقلنا بانه يمكن توجيه هذا الجمع بدعوى ان بين الطائفتين عموم وخصوص مطلق فان الاولى تشمل باطلاقها الابهام ومعتبرة ظريف تخرج الابهام من اطلاق تلك الروايات وقلنا بأن هذا التوجيه قد يصح في بعض الروايات وهي التي لا تتعرض للتطبيق اي انها تذكر بشكل عام ان الاصابع سواء في الدية، ولكن بعض الروايات تصرح ان في كل اصبع عشرة من الابل فيشكل حملها على ما عدا الابهام، لانه حتى لو حملناها على ما عدا الابهام فانها تنافي المعتبرة لان المعتبرة تصرح ان في كل اصبع من الاصابع الاربعة سدس الدية اي اقل من العشر بينما هذه تصرح ان فيه عشر الدية فيبقى التعارض بينهما موجوداً ولا يمكن حله بهذه الطريقة

والحاصل ان حمل النصوص المتقدمة الدالة على ان في كل اصبع عشر الدية على الاصابع الاربعة لا يرفع التنافي بينها وبين المعتبرة الدالة على ان فيه سدس الدية، ولعل الشيخ يدرك أن هذا ليس جمعاً عرفياً حينما قال في الاستبصار بعد كلامه المتقدم ( وانما قلنا هذا ليكون العمل على جميع الاخبار دون اطراح شيء منها) وهذا مبني على قاعدة ان الجمع مهما امكن اولى من الطرح

وفي الوسائل حمل نصوص التسوية على التقية باعتبار انها موافقة للعامة بخلاف معتبرة ظريف فانها مخالفة لهم وحينئذ تتقدم المعتبرة على نصوص التسوية وترجيح المعتبرة بمخالفة العامة متعين اذا ثبت ذهاب علماء العامة او المعروفين منهم في زمان الامام الصادق (عليه السلام) الى التسوية فتكون نصوص التسوية موافقة لهم والمعتبرة مخالفة لهم فتتقدم بمخالفة العامة، والظاهر ان هذا ليس ببعيد باعتبار ان الواضح عند العامة هو التسوية وإن نقل عدم التسوية عن بعضهم قال في بداية المجتهد ( في كل اصبع مما هناك عشر من الابل، كل هذا مجمع عليه الا السن والابهام فانهم اختلفوا فيها على ما سنذكره .... وقال جمهور العلماء وائمة الفتوى مالك وابو حنيفة والشافعي والثوري وغيرهم ان في كل اصبع عشر من الابل وان الاصابع في ذلك سواء،.... وروي عن السلف المتقدم اختلاف في عقل الاصابع فروي عن عمر بن الخطاب انه قضى في الابهام والتي تليها بعقل نصف الدية وفي الوسطى بعشر فرائض والتي تليها بتسع وفي الخنصر بست وروي عن مجاهد انه قال في الابهام خمسة عشر من الابل وفي التي تليها عشر من الابل وفي الوسطى عشر وفي التي تليها ثمان وفي الخنصر سبع) فمشهور العامة يقول بالتسوية ونقل عنهم الطوسي في الخلاف انهم يقولون انها متساوية في الديةوفي فقه السنة -وان كان كتاب من المتاخرين- ينقل عنهم ان الدية متساوية في الاصابع من دون فرق بينها وينقل السيد الخوئي (قده) عن صاحب العدة والمغني انهما يقولان ان الثابت عند جمهور العامة هو التسويةومن مجموع هذا يحصل نوع ركون ان علماء العامة يذهبون الى التسوية، ومن هنا يكون ما ذكره صاحب الوسائل ليس بالبعيد وعلى فرض التعارض وعدم الترجيح فتصل النوبة الى التساقط فلا يثبت شيء في الاصابع والظاهر أن الاصول العملية تقتضي الترتيب بهذا الشكل: اذا قطع تمام اصابع اليد الواحدة فلا اشكال في ثبوت نصف الدية على كل الاقوال واما اذا قطع بعض الاصابع فمقتضى الاصل ان يقتصر في الدية على الاقل المتيقن والزائد ينفى بأصالة البراءة فاذا قطع ابهاماً لا يجب عليه الا خمس دية اليد ولا يجب الزائد واما اذا قطع اصبعاً غير الابهام فلا يجب عليه الا سدس دية اليد لأن ما دلت عليه المعتبرة ان في كل اصبع غير الابهام سدس الدية وينفى ما زاد بالبراءة وعلى كل حال فما ذهب اليه الشيخ في الخلاف والتهذيبين لا يبعد انه الاقرب وهناك قولان اخران غير ما تقدم القول الاول: ما ذهب اليه الحلبي (قده) في الكافي من التسوية في اصابع الرجلين وعدم التسوية في اصابع اليدين فكل اصبع من اصابع الرجلين فيه عشر الدية وفي الابهام من اصابع اليدين ثلث الدية وفي الاصابع الاربعة الباقية عشر الدية ويلاحظ عليه انه لا دليل على هذا التفصيل، وايضاً ان كان المقصود بعشر الدية هو عشر دية اليد الواحدة اي خمسون ديناراً ففي الاصابع الاربعة مئتا دينار وفي الابهام ثلث الدية فسوف ينقص مجموع ما ذكر عن الدية واما اذا اريد عشر دية الانسان فعشر دية الانسان مئة دينار ففي الاصابع الاربعة اربعمائة دينار واذا اضفنا اليه دية الابهام سوف يزيد المجموع على الدية مضافاً الى أن مسألة التفريق بين اصابع اليدين والرجلين لا دليل عليه، ولم يقل به أحد القول الثاني: ما ذهب اليه السيد ابن زهرة في الغنية وحكي عن الاصباح من ان دية الابهام ثلث دية اليد وفي الاصابع الباقية العشر من دون فرق بين اليدين والرجلين ويأتي عليه نفس الاشكال السابق فإن كان المقصود عشر دية اليد الواحدة يكون المجموع أقل من الدية الكاملة وإن كان المراد عشر دية الانسان يكون المجموع أزيد من الدية مضافاً الى انه لا دليل عليه لان الاصابع الاربعة ما عدا الابهام فيها ثلاثة فواصل او قل فيها ثلاثة انامل، وفي اللغة: الانملة التي فيها الظفر، ولكن مسامحة يطلق عليها انملة والصحيح في اللغة رواجب، واما الابهام فيقسم على فاصلتين لأن فيه فاصلتين لا ثلاث

والظاهر ان هذا الحكم العام لا خلاف فيه وادعي عليه الاجماع، وتدل عليه رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((أن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) كان يقضي في كل مفصل من الاصبع بثلث عقل تلك الاصبع إلا الابهام فانه كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الابهام ، لان لها مفصلين))[1] وهي تامة سنداً، ودلالتها على القاعدة الكلية واضحة

وواضح ان هذه القاعدة تختلف باختلاف ما نختاره في المسألة السابقة،

فبناء على مختار السيد الماتن من عدم التسوية بين الاصابع قال (فاذا قطع المفصل الاوسط من الاصابع الاربع فديتها خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار) لانه قطع منه انملتين ففيه ثلثا دية ذلك الاصبع ودية الاصبع بنظره 83 دينارا وكسر، واما بناء على الرأي الآخر المنسوب للمشهور والقائل بالتسوية وعدم التفرقة بين الابهام وبين سائر الاصابع فدية كل اصبع مائة دينار فاذا قطع انملتين ففيه 66 دينار وثلثين

فاذا قطع انملة واحدة فالانملة الواحدة فيها 27 دينار وثمانية اعشار اما على راي المشهور ففي كل انملة 33دينار وثلث الدينار وهذا تفاوت بينهما ونفس الكلام في الابهام فلو قطع انملة واحدة ففيه خمسون ديناراً على رأي المشهور بينما على رأي السيد الماتن ففيه سدس الدية ولكن هذا التفاوت لا يعني الاختلاف في الكبرى الكلية فهي مسلمة عند الجميع والتفاوت في التطبيق وليس في القاعدة الكلية

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص350، أبواب ديات الاعضاء، باب42، ح1، ط آل البيت.