الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية اليدان

التاسع: اليدان وفيهما الدية كاملة، وفي كلّ واحدة منهما نصف الدية (1)، ولا حكم للأصابع مع قطع اليد (2)(مسألة 293): لا ريب في ثبوت الدية بقطع اليد من الزند (3)، وأمّا إذا قطع معها مقدار من الزند ففيه خلاف، والمشهور بين الأصحاب أنّ فيه دية قطع اليد والأرش لقطع الزائد، وفيه إشكال، بل لا يبعد الاقتصار فيه على الدية فقط (4)

    1. هذا مما لا اشكال فيه ولا خلاف وادعي عليه الاجماع في كلماتهم بلا خلاف في المبسوط وللاجماع والنصوص في كشف اللثام، والنصوص الدالة على ذلك مستفيضة

منها صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ، مثل اليدين والعينين)[1]

وصحيحته الاخرى عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) (وفي اليد نصف الدية)[2]

وصحيحة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (في اليد نصف الدية ، وفي اليدين جميعا الدية)[3]

وموثقة سماعة ، قال : سألته عن اليد ، قال : (نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها)[4]

وموثقته الاخرى (مثله وزاد : وإذا قطع طرفا منها قيمة عدل)[5]

وغيرها من النصوص فالنصوص الدالة على ذلك كثيرة وبعضها يتطرق الى كلا الحكمين وبعضها يذكر احد الحكمين ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين اليد اليمنى واليسرى بالرغم من ان اليد اليمنى اكثر منفعة من اليسرى وذلك لاطلاق النصوص كما انه لا فرق بين اليد الواحدة خلقة او الواحدة بعلة وبين ما اذا كان للانسان يدان ففي اليد نصف الدية، ومن هنا لا يلتفت الى ما يقال بأن اليد الواحدة خلقة بمنزلة اليدين كما تقدم في عين الاعور، ولا يمكن ان نقيسها على عين الاعور لورود النص فيها، والقياس ليس من مذهبنا

    2. استدل لذلك بأن دليل الدية في الاصابع ورد بعنوان قطع الاصابع وهو لا يشمل المقام لاختصاصه بما اذا كان القطع وارداً على الاصابع لا على اليد

واشرنا الى ان هذا الدليل لا يبرر الفرق بينه وبين ما تقدم من ذهاب الاسنان بقلع اللحيين حيث انهم ذهبوا الى عدم التداخل في مسألة الاسنان فقالوا اذا قلع اللحيين وذهبت الاسنان ففيه ديتان، بينما في قطع اليد ذهبوا الى عدم تعدد الدية أقول ان الدليل الذي ذكروه لعدم التعدد في قطع اليد لا يمكنه أن يكون فارقاً بينه وبين ما تقدم في مسألة قطع اللحيين لأن نفس هذا الدليل يمكن الاتيان به في دية الاسنان فنقول بأن الدليل الوارد في دية الاسنان ورد بعنوان كسر الاسنان وقلع الاسنان وهو لا يشمل محل الكلام ففي محل الكلام هو اذهب الاسنان بقطع اللحين فلا يشمله الدليل الدال على قلع الاسنان فلا يوجد الا دية واحدة

وبعبارة اخرى: ان دليل دية الاصابع في بعض نصوصه ورد بعنوان قطع الاصابع ولكن في بعض نصوصه ورد بعنوان (في الاصبع) فهذا كما هو موجود في الاصابع موجود في الاسنان

فاذا اردنا الاخذ بالنصوص التي ورد فيها عنوان القلع والكسر فينبغي ان نقول في كل منهما بان الدليل الدال على الدية في قلع الاسنان والدليل الدال على الدية في قطع الاصبع لا يشمل محل الكلام لانه ظاهر في ما اذا ورد القلع والكسر والقطع على نفس الاسنان والاصابع وفي محل الكلام الاسنان ذهبت بالتبع ولم يرد الكسر عليها وكذلك الاصابع ذهبت بالتبع ولم يرد القطع عليها فينبغي ان نلتزم بوحدة الدية فيهما معاً واما اذا لاحظنا النصوص التي فيها اطلاق فينبغي ان نلتزم بالتعدد فيهما معاً، فالتفرقة بينهما ما هو وجهها؟ والصحيح هو عدم تعدد الدية، اما في محل الكلام في قطع اليد المستلزم لذهاب الاصابع فنستدل لذلك بما تقدم الاشارة اليه وهو اطلاق الاخبار المستفيضة الدالة على ان في قطع احدى اليدين نصف الدية وفي قطع اليدين الدية كاملة ومقتضى اطلاقها ان هذه هي الدية اللازمة في قطع اليدين او قطع اليد الواحدة حتى اذا استلزم قطع اليد ذهاب الاصابع وهذا معناه ان ذهاب الاصابع في ضمن قطع اليد لا دية فيه ونفس هذا الكلام نجريه في الاسنان حيث دلت الادلة على ان في قلع اللحين الدية كاملة وفي قلع احدهما نصف الدية ومقتضى اطلاق ذلك ان في قلع احدى اللحيين نصف الدية لا غير وان استلزم ذهاب الاسنان وهذا معناه ان ذهاب الاسنان في ضمن قلع اللحين لا دية له وهذا معناه عدم تعدد الدية وهذا معناه ان نساوي بينهما في الحكم فكما قال (ولا حكم للاصابع مع قطع اليد) كان اللازم ان يقول هناك (اذا قلع الاسنان في ضمن قلع اللحيين فلا دية لها) اللهم الا ان يقوم اجماع على تعدد الدية في مسألة الاسنان فيكون هو الفارق بين المقامين لكن لم اجد من يدعي الاجماع على التعدد في الاسنان وانما الموجود في كلماتهم الاستدلال على ذلك بالاصل اي اصالة عدم التداخل وهو اصل معتبر لكن انما يؤخذ به حيث لا يكون دليل على التداخل وهو ظهور الروايات كما بيناه فاذا لم يثبت الاجماع فيمكن ان يقال بان مقتضى الصناعة الالتزام بعدم التعدد فيهما معاً

    3. هذا المقطع يتضمن امرين:

الامر الاول: بين فيه حد اليد التي يكون قطعها موجباً للدية وعبر عنه بالزند وهو مفصل بين الذراع والكف

عرفه في كتاب العين بأنه موصل طرف الذراع بالكف ويعبر عنه بالمعصم والكوع وبعض الفقهاء عبر بانه موضع السوار وادعي الاجماع عندنا على كون اليد التي ثبتت الدية بقطعها حدها المفصل وقالوا بأن الاجماع هو القرينة على المراد بالنصوص ولولا هذا الاجماع لأشكل الحكم إما للإجمال -لأن اليد تطلق على اطراف الاصابع والكف ومجموع الكف والذراع ومجموع الكف والذراع والمنكب- وإما لتبادر العضو الى المنكب عند الاطلاق، وكأن القضية منوطة بالاجماع والغريب أن دعوى الاجماع لم تصدر الا من الفاضل الهندي في كشف اللثام كما هو ظاهر عبارته والسيد المرتضى ادعى الاجمال في اليد وانه لا يمكن تحديد المراد باليد في نصوص الدية

الامر الثاني: إن قطع اليد فيه الدية وتقدمت النصوص على ذلك وهي مستفيضة فثبوت الدية فيها واضح

    4. ذكر بعضهم انه لا فرق في فرض المسألة بين ما اذا قطع مقداراً من الزند وبين ما اذا قطع مقداراً من الذراع

وفي المسألة اقوال متعددة:

القول الاول: وهو المشهور أن فيها دية اليد وفيها الارش على الزيادة، أما دية اليد فلأنه قطع اليد وأما الارش فلأن ما قطعه من الذراع لا مقدر له شرعاً فتثبت فيه الحكومة

القول الثاني: وهو المنقول عن الشيخ ابن ادريس انه لا بد من اعتبار المساحة لأنه اذا قطع شيئا من الذراع فالادلة تقول ان في الذراع الواحدة نصف الدية فنعتبر بالمساحة فاذا قطع عشر الذراع فعليه ان يدفع عشر دية الذراع واذا قطع نصف الذراع فعليه ان يدفع دية نصف الذراع بالاضافة الى دية اليد

ولكن اذا استلزم قطع اليد قطع الزند او جزئاً منه فلا بد من الالتزام بالحكومة لأنه لا مقدر له شرعاً، فكلام الشيخ ابن ادريس يأتي لو قطع شيئاً زائداً من الذراع، وهناك كلام في انه اذا قطع شيئاً زائداً على اليد فلا بد أن يكون الزائد من الذراع لأن الزند هو مجرد موصل يوصل بين الذراع والكف فاذا التزمنا بهذا التفسير فكلام ابن ادريس يصح مطلقاً

القول الثالث: انه ليس في ذلك الا دية قطع اليد فاذا كان القطع في يد واحدة ففيه نصف الدية لا أكثر من ذلك وإن استلزم قطع شيء من الزند او من الذراع

والسر فيه هو ان اليد اسم موضوع للجامع بين اطراف الاصابع وبين الكف وبين الكف والذراع وبين الكف والذراع والعضد فيطلق على هذه كلها والكف هو اقصر الافراد ولكن هذا لا يعني انه اذا قطع الكف مع نصف الذراع لا يصدق عليه انه قطع اليد بل هو قطع اليد فتشمله الادلة الدالة على دية قطع اليد وان فيها نصف الدية لا اكثر من ذلك فكلها يد لان اليد موضوعة للجامع

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص283، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح6، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح9، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح10، ط آل البيت.