الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاسنان

(مسألة 290): لا فرق في ثبوت الدية بين قلع السنّ من أصلها الثابت في اللّثة و بين كسرها منها (1)، وأمّا إذا كسرها أحدٌ من اللّثة وقلعها منها آخر فعلى الأوّل ديتها وعلى الثاني الحكومة (2)(مسألة 291): المشهور بين الأصحاب أنّه لو قلع سنّ الصغير أو كسرت تماماً ينتظر بها سنة، فإن نبتت لزم الأرش، وإلّا ففيها الدية (3)، ولكن دليله غير ظاهر، فلا يبعد ثبوت الدية مطلقاً(مسألة 292): لو زرع الإنسان في موضع السنّ المقلوعة عظماً فثبت فيه ثمّ قلعه قالع فلا دية فيه، ولكن فيه الحكومة (4)الثامن: اللحيان وهما العظمان اللذان يلتقيان في الذقن، ويتّصل طرفاهما بالاُذن من جانبي الوجه وعليهما نبات الأسنان، وفيهما الدية كاملة، وفي كلّ واحدة منهما نصف الدية.(5) هذا فيما إذا قلعا منفردين عن الأسنان، ولو قلعا مع الأسنانففي كلّ منهما ديته (6)

    1. قلنا بان قلع السن مع جذره هو القدر المتيقن من الادلة واما كسر الظاهر فقلنا ايضاً تثبت فيه الدية باعتبار انه يصدق على هذا الظاهر انه سن عرفاً ولغة فتشمله الادلة التي تدل على انه في السن خمسون دينارا مثلاً

واستدل السيد الخوئي بما يرويه الصدوق بسند صحيح الى قضايا امير المؤمنين (عليه السلام) ((فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون ديناراً ..... ، ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً))[1]

حيث عبر فيها بالكسر والكسر غير القلع فالقلع هو اسقاط السن مع جذره بينما الكسر اسقاط السن مع بقاء الجذر فتدل على الحكم في المقام قد يقال ان قوله (حتى يذهب) اي يذهب السن يتمامه وعلى كل حال نحن نكتفي بصدق السن عرفاً ولغة على هذا المقدار الظاهر والادلة تدل على انه تجب فيه الدية كما تجب اذا قلع السن من جذرهلما تقدم من ان ادلة الدية في السن تشمل كسر السن الظاهر مع بقاء الاصل واما من قلع الاصل والسنخ فهذا عليه الحكومة باعتبار ان هذا لا مقدر له شرعاً ففيه الحكومة

3- ما نسبه الى المشهور يستدل على جزء منه بمرسلة جميل ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما (عليهما‌السلام) ((أنه قال في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت ، قال : ليس عليه قصاص ، وعليه الارش))[2]

فاذا نبتت فيها الارش واما اذا لم تنبت ففيها الدية لاطلاق الادلة الدالة على ان السن فيها خمسون ديناراً وفي المقابل هناك من ذهب الى ان دية سن الصبي بعير ممن ذهب الى ذلك جماعة منهم الشيخ في المبسوط واستدلوا على ذلك بروايتين

الاولى رواية مسمع ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((إن عليا (عليه‌السلام) قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا في كل سن))[3] وفي سندها سهل بن زياد وابن شمون والاصم وكل منهم لم تثبت وثاقته

والاثغار مفسر بسقوط سن الصبي ومفسر بنبات سن الصبي، في النهاية (يقال اذا سقطت رواضع الصبي قيل ثغر فهو مثغور فاذا نبتت بعد السقوط قيل اثغر)

الثانية رواية السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) أن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ((قضى في سن الصبي إذا لم يثغر ببعير))[4]

ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين الانبات وعدم الانبات الا ان كل من الروايتين غير تامة سندا فطريق الشيخ الى النوفلي فيه ابن بطة وفيه ابو المفضل الشيباني وكل منهما لم يوثق فالاستدلال بهاتين الروايتين على ثبوت الحكم في محل الكلام مشكل، ومقتضى القاعدة الالتزام بالمطلقات فلم يثبت شيء من روايات الباب فنتمسك بالمطلقات الدالة على ان في السن خمسون ديناراً من دون فرق بين الانبات وعدم الانبات اما انه لا دية فيه فهذا مطلب صحيح لأن أدلة ثبوت الدية في السن تنصرف عن هذا لانها ظاهرة في السن الاصلية، واما ثبوت الحكومة فعلل بأن الحكومة تثبت في كل مورد تصدق فيه الجناية مع عدم وجود مقدر شرعي وهذا السن قلعه جناية لأن فيه شين والم وسلب منافع

والمنقول عن الشيخ الطوسي (قده) انه يقول (لا دية فيه ولا شيء) والظاهر انه يريد ان ينفي الحكومة ايضاً ولعله من جهة ان هذا ليس جزئاً من الانسان بل هو شيء خارجي مزروع في الجسد وأدلة الحكومة تنصرف الى الجناية على بدن الانسان، نعم ما يحدثه قلع هذا السن من أضرار يثبت فيه الارش

على كل حال ان المسالة ليست واضحة ذاك الوضوح ان فيه الحكومة لان ادلة الحكومة تثبت في ثبوت الجناية على الانسان فلا يبعد انصراف ادلة الحكومة الى ما اذا كانت الجناية على بدن الانسانالدليل على هذا الحكم هو الروايات العامة والتي تدل على ان ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية كاملة وما كان فيه اثنان ففي مجموعهما الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية لكن الظاهر ان هذا الحكم مقيد -كما في كلمات الاصحاب وذكره السيد الماتن- بما اذا قلعا منفردين عن الاسنان، وذكروا أن هذا يمكن تصوره في الطفل الذي لا اسنان له او في من لا أسنان له لكبر او مرض قالوا بأنه لا خلاف بين الاصحاب في هذا الحكم بمعنى انه لا يوجد تداخل فلا بد من دفع ديتين دية للحيين ودية للاسنان واستدلو على ذلك بأصالة عدم التداخل ولتوضيح ذلك يقال ان ما دل على الدية في الاسنان مطلق يشمل حتى هذه الحالة لان اذهاب الاسنان تارة يكون بقلعها واخرى بكسرها وثالثة يكون بقلع اللحيين والدليل الدال على الدية في الاسنان مطلق يشمل حتى هذه الحالة، نعم في بعض نصوص دية الاسنان في الاسنان في كل سن خمسون ديناراً وهذا مطلق لا يختص بخصوص قلع السن او كسره، وهذا ذهاب للسن ففيه خمسون دينارا فينبغي العمل بكل من الدليلين لشمولهما لمحل الكلام بعد فرض عدم التداخل بأصالة عدم التداخل وهنا يثار سؤال وهو أنه سيأتي أنه لا حكم للأصابع لو ذهبت بقطع اليد فما الفرق بين المسألتين ففي هذه المسألة هو لم يكسر الاسنان بل قلع اللحيين وحاول بعضهم أن يفرق بأن بعض الادلة الدالة على الدية في الاسنان فيها اطلاق كما في قوله (في السن خمسون ديناراً) وهذا سن وقد اذهبه فالنصوص شاملة لمحل الكلام، وكذلك دليل قلع اللحيين يشمل محل الكلام فلا بد من اعمال كل من الدليلين لأصالة عدم التداخل بينما في الاصابع يختلف الحال لأن ما ورد في الاصابع ورد بعنوان قطع الاصابع وفي محل الكلام هو لم يقطع الاصبع بل قطع اليد، فموضوع الروايات التي تقول ان الاصبع فيها دية هو قطع الاصبع وهذا غير متحقق في المقام فلا تثبت الا دية واحدة وفيه انه في دية الاصابع يوجد ادلة فيها اطلاق يشمل هذه الحالة كما سيأتيوعلى كل حال اذا كان المستند هو الاجماع بان يدعى الاجماع على التداخل في مسالة الاصابع وعلى عدم التداخل في مسالة الاسنان فالاجماع هو الذي يفرق بينهما واما اذا لم نستند الى الاجماع فالتفرقة بينهما لا تخلو من صعوبة وقد يضاف الى هذا الاستدلال بان يقال ان الدليل الذي يقول في قطع اليد الواحدة نصف الدية ظاهر في ان الاصابع ليس فيها دية لأن قطع اليد يستبطن ذهاب الاصابع فنفس الدليل يدل على ان ذهاب الاصابع بقطع اليد ليس له ديةوهذا استظهار لا بأس به الا ان هذا نفسه موجود في ذهاب الاسنان، فان الدليل الدال على ان في ذهاب اللحيين الدية هو يستبطن ذهاب الاسنان فإن الحالة المتعارفة انه اذا اذهب اللحيين تذهب الاسنان، ومقتضى ذلك ان ذهاب الاسنان في ضمن ذهاب اللحيين ليس له دية وهذا المطلب ليس بعيد وهو ان يقال بانه في كل منهما يحصل التداخل استناداً الى ظهور الرواية

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص342-343، أبواب ديات الاعضاء، باب38، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص337، أبواب ديات الاعضاء، باب33، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص338، أبواب ديات الاعضاء، باب33، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص338، أبواب ديات الاعضاء، باب33، ح3، ط آل البيت.