الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاسنان

(مسألة 289): إذا ضربت السنّ انتظر بها سنة واحدة، فإن وقعت غرم الضارب ديتها، وإن لم تقع واسودّت غرم ثلثي ديتها، وفي سقوطها بعد الاسوداد ثلث ديتها على المشهور (1)، و فيه إشكال، والأظهر أنّ فيه ربع ديتها(مسألة 290): لا فرق في ثبوت الدية بين قلع السنّ من أصلها الثابت في اللّثة و بين كسرها منها (2)، وأمّا إذا كسرها أحدٌ من اللّثة وقلعها منها آخر فعلى الأوّل ديتها وعلى الثاني الحكومة

    1. قلنا ان الاقوال في المسألة متعددة

القول الثالث: ان فيه ربع دية السن الصحيحة واستدل له برواية عجلان وبمعتبرة ظريف المتقدمة حسب نقل الشيخ الكليني والطوسي ((فان سقطت بعد وهي سوداء فديتها اثنا عشر دنيارا ونصف دينار))[1] ،

وهذا ربع دية السن الصحيحة باعتبار ان المفروض في الرواية الخمسين دينار فكأنه يتحدث عن دية المقاديم فاذا فرضنا ان السن كانت من المواخير فاذا سقطت وهي سوداء ففيها ربع الخمسة والعشرين

اما رواية عجلان فهي غير تامة سنداً، وأما معتبرة ظريف فقد نقلت بنحوين النحو الاول ما نقله الشيخ الطوسي والكليني وهو مورد الاستدلال ولكن رواها الشيخ الصدوق والموجود فيها (فان سقطت بعد وهي سوداء فديتها خمسة وعشرون دينارا) اي ان ديتها نصف دية السن الصحيحة

فيقع التعارض بين النقلين، والقاعدة تقتضي التساقط حيث لا مرجح وحينئذ لا يصخ الاستدلال بكل منهما، هذا هو مقتضى الصناعة، لكن تقدم ان طريق الشيخ الصدوق الى الرواية غير تام (روى الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن عبد الله بن أيوب قال : حدثني الحسين الرواسي ، عن ابن أبي عمر الطبيب) بينما طريق الشيخ الطوسي والكليني اثبتنا صحته سابقاً فهنا لا ينبغي ان يقال بالتساقط بل لا بد ان يعمل على ما في التهذيب فيثبت القول بالربع ولا يعارضه نقل الشيخ الصدوق لان طريقه ضعيف

اللهم الا أن يقال بأن الشيخ الصدوق له طريق صحيح الى ما ينقله متفرقاً من قضايا امير المؤمنين عليه السلام فاذا امكن ادراج الرواية في قضايا امير المؤمنين يثبت ان طريقه صحيح ولكن الملاحظ انه ينقل هذه القضايا بعنوان وقضى امير المؤمنين (عليه السلام) بينما هنا ذكر سنداً لهذه الرواية فمن الصعوبة القول بأن الطريق الذي ذكره في المشيخة لما ينقله من قضايا أمير المؤمنين يشمل هذه الرواية ويظهر من السيد الخوئي (قده) انه فرض التعارض بين النقلين وكأنه بنى على صحة نقل الشيخ الصدوق للرواية، ولعله ادرجه فيما اشرنا اليه من قضايا امير المؤمنين

ففرض التعارض بين النقلين فقال (بأنّ التعارض إنّما هو في المقدار الزائد على الربع، وأمّا مقدار الربع فهو المتفق عليه بين النقلين، ويثبت ذلك لا محالة، ويدفع الزائد بالبراءة)

وقلنا بأن هذا غير واضح لأن ما نقله الصدوق وإن كان يتفق مع ما نقله الكليني في الربع لكنه يثبته في ضمن النصف أي انه يدل على أن الدية هي مجموع الخمسة والعشرين وينفي أن تكون اثنا عشر ونصف ومن هنا لا مجال لأن نقول بانهما يتفقان على الربع ويختلفان في ما زاد على ذلك فالصحيح أن كون الدية الربع ليس أمراً متفقاً عليه بين النقلين بل هما يختلفان في ذلك فيتعارضان ويتساقطان وتصل النوية الى الحكومة، هذا بناء على صحة طريق الشيخ الصدوق، وأما على القول بعدم صحته فيثبت الربع ولا تصل النوبة الى الحكومة على انه قد يشكك في ما ذكره من الطريقة في انها تمنع من الرجوع الى الحكومة فإنها لا تثبت أن الربع مقدر شرعاً فإنه وان كان نقل الشيخ الصدوق يتفق مع نقل الشيخ الكليني في الربع ولكن لا على انه الدية بل على أن الربع جزء من الدية لا أنه الدية فهما لا يتفقان على ان الدية هي الربع، نعم من ناحية عملية في مقام الامتثال فالمكلف لا بد أن يدفع الربع وما زاد ينفيه بالبراءة فما ذكره من الوجه بالرغم من أنه غير تام في حد نفسه لا يمنع من الرجوع الى الحكومة فالصحيح في المقام انه بناء عل عدم صحة طريق الشيخ الصدوق الى هذه الرواية فالدية هي الربع واذا قلنا بامكان تصحيح طريق الشيخ الصدوق يقع التعارض بين النقلين ونرجع الى الحكومة

 

عبر الفقهاء عن هذا المطلب بالسن المقلوعة مع سنخها والمراد به أصل السن الثابت في اللثة، والظاهر أن ثبوت الدية الكاملة في قلع السن من أصلها مما لا خلاف فيه بل هذا هو القدر المتيقن لما دل على أن في السن خمسون ديناراً او خمسة وعشرون ديناراًوأما في كسر السن مع بقاء أصلها ففيه خلاف في الشرايع قال ولو كسر ما برز عن اللثة ففيه تردد، ومنشأ التردد من جهة صدق السن على المكسور لغة وعرفاً، قال في المبسوط السن هو ما شاهدته زائداً من اللثة والسنخ أصلهوفي العين ذكر إن السنخ أصل السن، ومن جهة اخرى أصل البراءة وأن السن واحد وهو المجموع والأدلة تقول في قلع السن خمسون ديناراً، أما لو كسر السن فلا تشمله الأدلة ولكن ذكروا أن الاقرب هو الاول اي انه لا فرق بين قلع السن مع اصله وبين كسر الظاهر منه مع بقاء الأصل في ان في كل منهما الدية المذكورة والسر في ذلك هو صدق السن عليهما عرفاً فاطلاق السن على الجزء الظاهر من السن كافي في شمول الادلة له وكأن السنخ وأصل السن تابع للسن، وعبر بعض الفقهاء كأصل الاصبع فلا اشكال في انه تترتب الدية على قطع الظاهر من الاصبع، والظاهر أن هذا هو الاقرب

والسيد الخوئي استدل بدليل غير موجود في كلماتهم وهو الرواية التي يرويها الشيخ الصدوق باسناده الى قضايا امير المؤمنين (عليه السلام) ((فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون ديناراً ..... ، ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً))[2]

الكسر الوارد في الرواية غير القلع فالقلع هو عبارة عن اخراج السن مع سنخه من جذوره فلا بد ان يراد بالكسر ما هو محل الكلام في كسر السن الظاهر مع بقاء الجذر، فتكون الرواية دليلاً على شمول الدية لكل منهما

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص297، أبواب ديات الاعضاء، باب8، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص342-343، أبواب ديات الاعضاء، باب38، ح1، ط آل البيت.