الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاسنان

السابع: الأسنان وفيها دية كاملة و تقسّم الدية على ثماني وعشرين سنّاً: ستّ عشرة في مواخير الفم، واثنتي عشرة في مقاديمه. ودية كلّ سنّ من المقاديم إذا كسرت حتّى يذهب خمسون ديناراً فيكون المجموع ستمائة دينار، ودية كلّ سن من المواخير إذا كسرت حتّى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً فيكون ذلك أربعمائة دينار والمجموع ألف دينار (1) فما نقص فلا دية له، وكذلك ما زاد عليها، وفيه الحكومة إذا قلع منفرداً (2)

    1. كان الكلام في الاسنان وان فيها دية كاملة وقلنا بأن المعروف تقسيم الدية على الاسنان بالطريقة المذكورة في المتن

وقلنا ان التقسيم بهذا الشكل تدل عليه صحيحة محمد بن قيس المروية في الفقيه عن قضايا امير المؤمنين (عليه السلام) لأنه وإن رواها عن قضايا امير المؤمنين الا انه ذكر سنده اليها في المشيخة وطريقه صحيحوتؤيدها رواية الحكم بن عتيبة المتقدمة وقلنا بأن فيها مشكلة سندية وفي المقابل قلنا توجد روايات تدل على التسوية بين الاسنان ذكرنا ثلاثة منها، ونضيف الى الروايات المعارضة

معتبرة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((في السن خمسة من الابل أقصاها وأدناها سواء ، وفي الاصبع عشرة من الابل))[1]

فهي ظاهرة في التسوية، وخمسة من الابل تمثل نصف العشر من الدية فتكون نفس نسبة الروايات القائلة بان في السن خمسون دينار، والظاهر ان سندها لا بأس به وان كان فيه علي بن ابي حمزة البطائني والقاسم الجوهري

صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((السن إذا ضربت انتظر بها سنة ، فان وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودت اغرم ثلثي ديتها))[2]

وهي ظاهرة في التسوية فيقع التعارض بين هاتين الطائفتين من الروايات وذكروا لعلاج هذا التعارض الحمل على التقية بترجيح روايات التفاوت على روايات التسوية باعتبار ان روايات التسوية موافقة للعامة بينما روايات التفاوت مخالفة للعامة، ونقل عن المجلسي الاول اتفاق العامة على التسوية بين المقاديم والمواخير، وهذا ينتج قول المشهوروالشيخ في التهذيب بعد ان ذكر روايتين من هذه الروايات ذكر بانها محمولة على التساوي بين الثنايا والمقاديم دون المواخير، ولعل عبارته تشير الى ان منشأ هذا الحمل هو رواية ظريف ((وفي الاسنان في كل سن خمسون دينارا والاسنان كلها سواء)) ومن ذكر خمسون دينارا نجعله قرينة على حملها على المقاديم لأننا علمنا من رواية اخرى ان الخمسين ديناراً ثابتة في المقاديم فقطوالملاحظ ان الخمسون ديناراً او ما يعادلها مذكورة في كل الروايات المعارضة ما عدا رواية واحدة وهي موثقة سماعة فلا تنصيص فيها ((سألته عن الاسنان فقال هي سواء في الدية))

واما رواية علي بن ابي حمزة وهي من الروايات المعارضة، والمذكور في طريقها في الوسائل طريف والظاهر انه اشتباه، والمعروف ظريف بن ناصح فلا مشكلة في السند ظاهراً، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((في السن خمس من الابل أدناها وأقصاها وهو نصف عشر الدية ، وإن كانت دنانير فدنانير ، وإن كانت دراهم فدراهم ، وإن كانت بقرا فبقرا ، وإن كانت غنما فغنما ، وإن كانت إبلا فابلا ، على الدية مائتا بقرة ، وفي السن عشرة من البقر ، وفي الاصبع عشر الدية عشر من الابل))[3] وخمس من الابل بمثابة خمسون ديناراً فهو ذكر دية المقاديم وهو خمس من الابل

وهكذا معتبرة ابي بصير، وصحيحة عبد الله بن سنان والمذكور فيها خمسمائة درهم وخمسمائة درهم تمثل نصف العشر من الدية فالشيخ حمل الروايات على المقاديم لاننا نعلم بان المقاديم فيها خمسون دينارا باعتبار رواية الحكم بن عتيبة ويلاحظ عليه ان القرينة غير موجودة في موثقة سماعة مضافاً الى انه في الرواية الاولى رواية ظريف المذكور فيها الضرس وهو ليس من المقاديم فذكر الضرس ينافي حمل الرواية على خصوص المقاديم حتى بلحاظ صدرها وعلى كل حال فالاقرب والتخريج الفني هو الحمل على التقية وعلى كل حال لا بد من حمل الطائفة الثانية على احد هذه المحامل لانها شاذة باطلاقها فلا عامل بها اصلاً لان الاصحاب اتفقوا على التفرقة بين المقاديم والمواخير، مضافاً الى انها تقتضي ان تكون دية الاسنان اكثر من الدية الكاملة اي تكون الدية الفاً واربعمائة ديناراً فالاقرب هو ما ذكره المشهور من الحمل تطبيقاً لقواعد باب التعارض وهناك رواية اخرى يمكن جعلها معارضة للروايات التي تمسك بها المشهور

معتبرة السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال: ((قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام): الاسنان احدى وثلاثون ثغرة ، في كل ثغرة ثلاثة أبعرة وخمس بعير))[4] وظاهرها ينافي الروايات السابقة فإن ظاهرها التساوي

والشيخ الطوسي قال هي موافقة لمذهب بعض العامة ولسنا نعمل به والعمل على ما قدمناه من الاخبار ويقصد رواية الحكم بن عتيبة وذكر السيد الخوئي لم اجد من العامة من يقول بذلك وعلى كل حال الرواية ضعيفة لما تقدم من ضعف طريق الشيخ الطوسي الى النوفلي الذي بدأ السند به ففيه ابن بطة وابو المفضل الشيباني وكل منهما لم تثبت وثاقته مضافاً الى انه غير واضح المقصود بها فتارة نفسر الثغرة بالفرجة الموجودة بين الاسنان تكون اقل من واحد وثلاثين حتى اذا قلنا بان الاسنان تكون ثلاثين فضلا عما اذا كانت ثمانية وعشرين وان اريد بها نفس السن فهي ليست احدى وثلاثين حتما مضافاً الى ان ما ذكر فيها من الدية لا يبلغ الدية كاملة بل يكون أقل من الدية باعتبار الابل بمقدار اربعة اخماس بعير، على كل حال الرواية غير تامة سنداً وضعفها السندي يرفع المشكلة فرق الاصحاب في الزائد من الاسنان بين قلعه منظماً الى الباقي وبين قلعه منفرداً فاتفقوا على عدم الدية في الاول واختلفوا في الثاني فذهب جماعة الى ان فيه ثلث دية السن الاصلي فإن كان في المقاديم فثلث الخمسين وان كان في المواخير فثلث الخمسة والعشرين، هذا هو المحكي عن الفقيه والنهاية والخلاف وادعى عليه فيه الاجماع والسرائر والجامع ليحيى ابن سعيد واصر عليه ابن ادريس في السرائر وذهب آخرون الى ان فيه الحكومة وهو المحكي عن المقنعة ونكت النهاية والغنية والكافي والاصباح وغيرهمومنشأ الخلاف ان الزائد من الاسنان هل له مقدر شرعاً او لا؟فإن لم يكن له مقدر شرعاً ففيه الحكومة على القاعدة

القائل بالقول الاول يستدل على التقدير بعد وضوح أن التقدير لم يرد في خصوص السن الزائد بما ورد في الاصبع الزائدة حيث دلت النصوص على أن فيها ثلث دية الاصبع الصحيحة، منها صحيحة غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((في الاصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة))[5]

ورواية غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم‌السلام) ، ((أنه قضى في شحمة الاذن بثلث دية الاذن ، وفي الاصبع الزائدة ثلث دية الاصبع))[6]

واستدلالهم بها اما انهم قاسوا ما نحن فيه على الاصبع الزائدة، او لاستظهار قاعدة عامة من هذه النصوص لا تختص بالاصبع بل تشمل كل زائد ويظهر ان هذا كان واضحاً عندهم، قال المقدس الاردبيلي هذا ما تقرر عند الفقهاء، لكن لا يخفى ما في هذا الكلام اما الاول فإن القياس ليس من ديننا ومذهبنا واما الثاني فإن استفادة القاعدة صعب جداً من هذه النصوص فانها مختصة بالاصبع والتعميم صعب ومن هنا يظهر بأن الصحيح في المقام هو الحكومة غاية الامر انه لا بد من بيان الفرق بين ما اذا قلع منضماً وما اذا قلع منفرداً

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص348، أبواب ديات الاعضاء، باب39، ح7، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص348، أبواب ديات الاعضاء، باب40، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص344، أبواب ديات الاعضاء، باب38، ح6، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص344، أبواب ديات الاعضاء، باب32، ح5، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص346، أبواب ديات الاعضاء، باب29، ح2، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص351، أبواب ديات الاعضاء، باب43، ح1، ط آل البيت.