الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية اللسان

(مسألة 284): المشهور بين الأصحاب أنّ حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، وفيه إشكال، والأظهر أنّها تسعة وعشرون حرفاً (1)(مسألة 285): لا اعتبار بالمساحة في المقدار المقطوع من اللسان الصحيح فيما إذا أوجب ذهاب المنفعة، لما عرفت من أنّ العبرة فيه بحروف المعجم، فلو قطع ربع لسانه وذهب نصف كلامه ففيه نصف الدية، ولو قطع نصفه وذهب ربع كلامه ففيه ربع الدية (2)(مسألة 286): لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه بقطع بعض لسانه أو بغير ذلك فأخذ الدية ثمّ عاد كلامه، قيل: تستعاد الدية، ولكنّ الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان العود كاشفاً عن أنّ ذهابه كان عارضيا ولم يذهب حقيقةً، وبين ما إذا ذهب واقعاً، فعلى الأوّل: تستعاد الدية، وأمّا على الثاني: فلا تستعاد (3)

    1. كان الكلام في ادلة القول الاول القائل بأن حروف المعجم هي ثمانية وعشرون حرفاً، وقلنا استدل برواية السكوني على ذلك وفيها مشكلة سندية ولم نستطع تصحيح سندها

والدليل الثاني: صحيحة عبد الله بن سنان، وهناك اختلاف في نقلها حيث نقلها الشيخ الكليني والشيخ الطوسي على ان الموجود فيها هو انها تسعة وعشرون حرفاً ونقلها الشيخ الصدوق على ان الموجود فيها ثمانية وعشرون حرفاً قد يقال بتقديم نقل الشيخ الكليني باعتبار انه اضبط فيثبت الرأي الآخر في المسألة واذا لم يتم هذا فيتساقط النقلان ويرجع الى الاصل وهو يوصلنا الى نفس النتيجة لأن الاقل ان نقسم الدية على تسعة وعشرين حرفاً والزائد يمكن دفعه باصالة البراءة وهذا يشبه نتيجة القول بان حروف المعجم هي تسعة وعشرون حرفاً نعم اذا تمت رواية السكوني سنداً يتعين الرجوع اليها بعد تساقط النقلين، ولا مانع من الرجوع اليها لانها لا تدخل طرفاً للمعارضة بين ما نقله الكليني والصدوق فهي رواية مستقلة لكن عرفت انها غير تامة سنداً فلا وجه للرجوع اليها بعد تساقط النقلين فلا بد من الرجوع الى الاصل العملي وهو يثبت نتيجة القول بأن حروف المعجم تسعة وعشرون حرفاً ومن هنا يظهر ان دليل القول الآخر ايضاً ليس تاماً والنتيجة اذا قلنا بما قيل من أن الكليني اضبط ويقدم على غيره اذا وقع التعارض فنلتزم بما في المتن من ان حروف المعجم تسعة وعشرون حرفاً واما اذا لم نقل بذلك فتصل النوبة الى الاصل العملي وهو يثبت نتيجة مشابهة لذلك، نعم قد يقال بأن رواية التسعة والعشرين ساقطة عن الحجية بإعراض المشهور عنها لأننا بينا أن المشهور ذهب الى أن حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، بناء على كبرى ان اعراض المشهور عن رواية يوجب سقوطها عن الحجية اذا كانت صحيحة -ونحن نبني عليها- ولكن الكلام في الصغرى وهو ان يكشف الاعراض عن خلل في الرواية، ويشترط فيه ان لا يكون الاعراض مدركياً والا فنحن نحاسب المدرك فان وافقنا على المدرك فنثبت المطلب على اساس المدرك وان لم نؤمن بالمدرك فاعراضهم استند الى مدرك لا نؤمن به، والمشهور في محل الكلام قدم رواية الثمانية والعشرين على رواية التسعة والعشرين ومدركه ان رواية التسعة والعشرين معارضة برواية الثمانية والعشرين والتقديم لرواية الثمانية والعشرين مضافاً الى ان التعارض في محل الكلام ليس بين روايتين بل التعارض بين نقلين فالتعارض تارة يكون بين نسختين كما في رواية مروية في الكافي تعددت النسخ بنقلها واخرى يكون التعارض بين النقلين كما هو في محل الكلام، ووثالثة يكون التعارض بين روايتين وهو التعارض المعروف والتعارض في محل الكلام بين نقلين، ولعل المشهور افترض التعارض بين النقلين واسقط النقل ثم رجعوا الى رواية السكوني، بل صرح كثير من الفقهاء بأن مستند ما ذهبوا اليه هو رواية السكوني فيكون الاعراض مدركياً والاعراض المدركي لا يكون له اثر في اسقاط الرواية عن الحجية والنتيجة ان قلنا بتقديم نقل الشيخ الكليني على اساس ما تقدم فهو، والا فنرجع الى الاصل وهو يقتضي الى ان يصار الى ان الاعتبار بالتسعة والعشرين حرفاً لا بمعنى ان حروف المعجم تسعة وعشرون حرفاً بل نحكم بتقسيم الدية على التسعة والعشرين لان ما ينتجه تقسيم الدية على التسعة والعشرون هو الاقل وهو القدر المتيقن فنأخذ به وننفي الزائد بالبراءة وهذه المسألة تكرار لما تقدم سابقاً في موثقة سماعة وهي في ما اذا قطع بعض لسانه وذهب الكلام فقالت بان الاعتبار بالحروف نعم يوجد بحث سيشير اليه المصنف في المسألة القادمة وهو ان المقدار المقطوع من اللسان الصحيح اذا لم يوجب ذهاب المنفعة اصلاً، ونظير هذه المسالة تقدم في لسان الاخرس وذهب العلامة في القواعد الى الحكومة ففي هذا الفرض قال لا بد من الارش لأن القاعدة تقول (كل ما لا مقدر له شرعاً نرجع فيه الى الحكومة) وقطع جزء من لسان الصحيح الغير مؤدي الى ذهاب المنفعة لا مقدر له شرعاً، لأن النصوص في المقام قسم منها يدل على ان قطع اللسان فيه الدية كاملة وهذه الطائفة واضح انها تفترض ذهاب تمام الكلام لانه بهذا لا يتمكن من ان ينطق باي حرف من حروف المعجم، ولا يمكن استفادة الحكم في محل الكلام من هذه النصوص وهناك طائفة ثانية تمثلها موثقة سماعة المتقدمة وهي اذا قطع بعض اللسان وأدى الى ذهاب بعض النطق فالرواية تقول الاعتبار بحروف المعجم، ولا يمكن استفادة الحكم في محل الكلام من الموثقة لانه في محل الكلام افترض بقاء المنفعة فيمكن القول بان محل الكلام لا مقدر له شرعاً فلا بد ان نرجع الى الارش والى الحكومة وهذا ما ذهب اليه العلامة في القواعد، لكن العلامة نفسه خالف ذلك في المختلف والتحرير وذهب الى ان الاعتبار يكون بالمساحة واشاروا الى احتمال ان يكون هذا قياساً له على لسان الاخرس باعتبار ان لسان الاخرس واللسان في محل الكلام يشتركان في قطع العضو وعدم ذهاب النطق وتقدم ان دية المقطوع من لسان الاخرس تعتبر بالقياس الى كل المساحة فاذا قطع نصف اللسان ففيه نصف الدية، فيثبت ذلك في محل الكلام مع الالتفات الى ان دية لسان الصحيح دية كاملة بخلاف دية لسان الاخرس فانها ثلث الدية كما تقدموالظاهر ان الصحيح هو القول الاول الذي ذهب اليه العلامة في القواعد لأن هذا لا مقدر له شرعاً

3- القائل باستعادة الدية هو الشيخ الطوسي في المبسوط لكنه فرض المسألة ما اذا جني على لسانه وذهب الكلام واللسان صحيح بحاله، بينما السيد الماتن عمم المسألة (بقطع بعض لسانه أو بغير ذلك) وقال الشيخ الطوسي في مقام تعليل ما حكم به بأنه لما نطق بعد ان لم ينطق علمنا ان كلامه ما كان ذهب ولو كان ذاهباً ما عاد لأن انقطاعه بالشلل والشلل لا يزول وليس كذلك اذا نبت لسانه اي لو كان ذهاب الكلام بقطع اللسان ثم نبت اللسان فإنا نعلم انه هبة مجددة من الله تعالى ولهذا لم ترد الدية