الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاذنان

الخامس: الشفتان وفيهما الدية كاملة و في كلّ منهما نصف الدية (1) و ما قطع منهما فبحسابهما (2).السادس: اللسان وفي استئصال اللسان الصحيح الدية كاملة (3)، وفي قطع لسان الأخرس ثلث الدية، وفيما قطع من لسانه فبحسابه‌

    1. كان الكلام في قطع احدى الشفتين، وهل هما متساويتان في الدية او هما مختلفتان؟ وذكرنا ان الاقوال في المسألة اربعة

وانتهى الكلام الى ما استدل به للقول الثالث وهو انه في العليا نصف الدية وفي السفلى ثلثان وقد استدل له برواية ظريف ((وإذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار ، فما قطع منها فبحساب ذلك .... ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، فما قطع منها فبحساب ذلك))[1]

وهذا تام لا يمكن المناقشة فيه لا من حيث السند ولا من حيث الدلالة واما ما استدل به للقول الرابع فقد يستشكل بأن يقال اما صحيحة زرارة فانها ليست صريحة ولا ظاهرة في الشمول لمحل الكلام فان قوله ((وفي الشفتين الدية وفي العينين الدية في احداهما نصف الدية)) يحتمل ان يكون قوله (في احداهما) راجعاً للعينين ففي احدى العينين نصف الدية ولا تشمل الشفتين واما موثقة سماعة (( والشفتان العليا والسفلى سواء في الدية)) فيأتي فيها احتمال ما ذكره الشيخ الطوسي (قده) في التهذيب من ان المراد انهما سواء في وجوب الدية لا في مقدارها فكما تجب الدية في الشفة السفلى تجب في الشفة العليا، اما ماذا يجب في قطع السفلى وماذا يجب في قطع العليا فغير مذكور في الرواية فلا تكون دليلاً على القول الرابع فاذا جاء هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال بها مضافاً الى ان هذه الروايات اذا تمت دلالتها على القول الرابع فهي معارضة برواية ظريف التي استدل بها للقول الثالث والترجيح لمعتبرة ظريف لانها محالفة للعامة، فانهم ذهبوا الى القول الرابع والظاهر ان المناقشة بالنسبة الى صحيحة زرارة واردة فان الصحيحة مجملة بالنسبة الى الشفتين والسر في هذا ان العبارة تنسجم مع شمولها للشفتين ومع عدم شمولها للشفتين فلا يمكن استظهار شمولها لكل منهما خصوصاً انه في صحيحة الحلبي المتقدمة ذكر فيها ((وفي العينين الدية وفي احداهما نصف الدية وفي الاذنين الدية وفي احداهما نصف الدية)) فلم يكتف في بيان ان في احدى العينين نصف الدية وفي الاذن نصف الدية بان يقول في احداهما نصف الدية بعد ذكر الجميع فكرر في كل منهما (ان في احداهما نصف الدية)وهذا يكون مؤشراً على ان في احداهما في روايتنا ترجع الى خصوص العينين ولا ترجع الى الشفتين واما المناقشة في موثقة سماعة فالظاهر انها ليست واردة فاحتمال ان يكون المراد انهما سواء في وجوب الدية بعيد باعتبار ان لها ظهور في التسوية في المقدار، باعتبار ان معنى عدم التسوية في الوجوب هو ان احداهما تجب فيها الدية دون الاخرى وهذا غير محتمل بخلاف عدم التسوية في المقدار فهو احتمال وارد فنبه عليه الامام (عليه السلام)لكن تبقى حالة التعارض بين الموثقة وبين معتبرة ظريف الدالة على القول الثالث وصاحب الاشكال كان يقول ان الترجيح لمعتبرة ظريف لانها مخالفة للعامة بينما القول الرابع موافق للعامة ومن زاوية اخرى ذكر السيد الخوئي (قده) بأن موثقة سماعة وإن كانت موافقة للعامة لكنها موافقة للسنة، ومعتبرة ظريف وان كانت مخالفة للعامة لكنها مخالفة للسنة، فيكون في احدى الروايتين مرجح وفي الاخرى مرجح آخر فيقع التعارض بين هذين المرجحين، فإن موثقة سماعة موافقة للعمومات المتقدمة الدالة على (ان ما كان فيه اثنان ففيهما الدية وفي احداهما نصف الدية) فاذا ثبت انها موافقة للسنة تترجح على موثقة ظريف لما ثبت في التعارض من وجود طولية بين هذين المرجحين بمعنى ان موافقة السنة مقدمة على مخالفة العامة وما يمكن ان يقال في المقام هو ان تمامية ما ذكره تتو قف على الالتزام بامرين الاول: تعميم السنة التي دلت مقبولة عمر بن حنظلة على الترجيح بموافقتها الى سنة الائمة (عليهم السلام) والا فمع تخصيصها بسنة النبي (صلى الله عليه واله) فلا يتم ما ذكر لأن العمومات المذكورة مروية عن الائمة (عليهم السلام) الثاني: لا بد ان نلتزم بأن هذه العمومات تمثل سنة قطعية لأن الصحيح اختصاص السنة التي تكون موافقتها من المرجحات بالسنة القطعية نظير الكتاب دون السنة الظنية لانها كاحد الدليلين المتعارضين ولا تزيد عليه بشيء، فالسنة الظنية تدخل طرفاً في المعارضة فلا تصلح ان تكون مرجحاً لترجيح احد الدليلين ولا يخفى ان الامر الاول قد يمكن تتميمه بالادلة التي تدل على رجوع سنة الائمة (عليهم السلام) الى سنة النبي (صلى الله عليه واله)اقول ان تم الامر الاول فان الامر الثاني ليس كذلك لان هذه العمومات تتمثل في روايتين ليس اكثر من ذلك، وهما وان كانتا صحيحتين سنداً الا ان ذلك لا يلحقهما بالسنة القطعية فالعمومات في المقام ليست سنة قطعية حتى تكون موجبة لترجيح احد الدليلين على الآخراللهم الا ان يقال ان التطبيقات الكثيرة لهذه العمومات في الموارد العديدة لا يبعد انها توجب وصول درجة الاحتمال في صدور هذه العمومات الى درجة الاطمئنان واليقين فيمكن ان يدعى بان هذه سنة قطعية مضافاً الى ان هذا الحكم مسلم في العينين والرجلين والاذنينفلا يبعد ان هذا يوجب وصول درجة احتمال الصدور في هذه العمومات الى درجة الاطمئنان بالصدور فتكون موجبة لترجيح موثقة سماعة على معتبرة ظريف وان كانت مخالفة للعامة وما يدعم هذا التقديم ان معتبرة ظريف هي بنفسها ذكرت انه في الشفتين الدية والروايات الدالة على ان في الشفتين الدية كثيرة فاذا ثبت ان في الشفتين الدية فكيف يلتئم هذا مع ما هو مذكور في معتبرة ظريف انه في الشفة العليا نصف الدية وفي السفلى ثلثا الدية فان هذا يزيد على الدية، فهذا يؤيد صعوبة الالتزام بما في معتبرة ظريف من القول الثالث وهذا هو الوارد في معتبرة ظريف وذكرنا ان معناه انه اذا قطعت نصف الشفة ففيها نصف دية تلك الشفة وهكذا اذا قطع ربع الشفة الظاهر انه لا اشكال عندهم انه في قطع اللسان واستئصاله الدية كاملة وتدل عليه العمومات المتقدمة وان كل ما كان في الانسان واحد ففيه الدية

مضافاً الى الروايات الخاصة فقد ورد في معتبرة ظريف ((واللسان إذا استوصل ألف دينار))[2]

ومعتبرة سماعة ((وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة))[3]

والظاهر ان هذا الحكم لا اشكال فيه عندما يكون اللسان صحيح وانما يقع الكلام في لسان الاخرس

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص294، أبواب ديات الاعضاء، باب5، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح3، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.