الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الاذنان

الرابع: الأُذنان‌، وفيهما الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية و في بعضهما بحساب ذلك، وفي شحمة الأُذن ثلث ديتها (1)الخامس: الشفتان وفيهما الدية كاملة (2) و في كلّ منهما نصف الدية (3)

    1. اي ثلث دية الاذن، وتقدم ان دية الاذن الواحدة 500 دينار

وهذا قول المشهور كما ذكره الشهيد في الروضة والمسالك وكذلك في المفاتيح وادعي عليه الاجماع في الخلاف والغنية واستدل له بما رواه في الكافي والتهذيب عن مسمع ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((أن عليا (عليه‌السلام) قضى في شحمة الاذن ثلث دية الاذن))[1]

والكلام في سندها لا من جهة سهل بن زياد فقط الذي لم تثبت وثاقته بل من جهة محمد بن الحسن بن شمون وعبد الله الاصم فلم تثبت وثاقتهم، بل هم من الضعفاء وممن اعترف بضعف الرواية المحقق في الشرايع وذكر بانها تؤيدها الشهرة باعتبار ان الشهرة عندهم جابرة للخبر الضعيف وظاهر كلام المحقق وغيره كالمسالك وكشف اللثام ان الدليل منحصر برواية مسمع ولذا اعتذروا لضعفها بانها مؤيدة بالشهرة القائمة على ان في شحمة الاذن ثلث دية الاذن وهذا عجيب باعتبار ان هناك روايتان تدلان على المطلوب بشكل واضح وهما

الرواية الاولى: رواية غياث التي انتهينا الى اعتبارها سندا غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم‌السلام) ، ((أنه قضى في شحمة الاذن بثلث دية الاذن))[2] فهي صريحة في المطلوب وسندها تام وحتى لو كان هناك كلام في غياث فلا اشكال في انها اصح سنداً من الرواية السابقة

الرواية الثانية: رواية العرزمي عن أبيه ، ( عن عبد الرحمن ) ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما‌السلام) ((أنه جعل في السن السوداء ثلث ديتها، وفي العين القائمة إذا طمست ثلث ديتها ، وفي شحمة الاذن ثلث ديتها))[3] وفي سندها ضعف ففيه يوسف بن الحارث ومحمد بن عبد الرحمن العرزمي فلم تثبت وثاقته

وعلى كل حال لا انحصار في رواية مسمع حتى يقال بانها حتى لو كانت غير تامة سندا هي مجبورة بالشهرة فلا اشكال في الحكم وهو موافق للمشهور

    2. الظاهر ان هذا مما لا خلاف فيه، اجماعاً كما في الشرايع والتحرير والمهذب البارع وفي كشف اللثام اجماعاً منا ومن العامة نقلاً عن مفتاح الكرامة ويستدل له بالعمومات الدالة على ان كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية كاملة واستدللنا لهذه القاعدة بصحيحة هشام بن سالم ، قال : ((كل ما كان في الانسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما نصف الدية ، وما كان فيه واحد ففيه الدية))[4] فهذا يشمل الشفتين كما يشمل العينين والاذنين

وصحيحة عبد الله بن سنان عبدالله بن سنان ايضا من هذا القبيل، واستدل للحكم بالروايات الخاصة الواردة في الشفتين

منها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في الرجل يكسر ظهره ، قال : ((فيه الدية كاملة ، وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وفي الاذنين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية وفي الشفتين الدية))[5]

وهذا نص على انه في قطع الشفتين تثبت الدية

ومعتبرة يونس ، أنه عرض على أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام) كتاب الديات ، وكان فيه : ((في ذهاب السمع كله ألف دينار ... والشفتين إذا استوصلا ألف دينار))[6]

ومن هنا يظهر ان هذا الحكم لا اشكال فيه لا من حيث الفتوى ولا من حيث الادلة ثبوت ان في الشفتين الدية كاملة لا يدل على ان في كل منهما نصف الدية لعدم ثبوت قاعدة التقسيط عندنا وسيأتي ان هناك خلاف حول تساوي دية الشفة السفلى والعليا والسيد الماتن وفاقاً لاحد الاقوال في المسألة قال في كل منهما نصف الدية ولكن المسألة محل خلاف، قال في الشرايع وفي تقدير كل واحدة منهما خلاف ثم ذكر الاقوال في المسألة القول الاول: ان في العليا ثلث الدية في السفى ثلثا الدية وهو مختار المفيد وفي المقنعة بعد ان التزم بهذا القول قال لانها تمسك الطعام والشراب وشينها اقبح من شين العليا

القول الثاني: في العليا اربعمائة دينار وفي السفلى ستمائة دينار اختاره الصدوق في المقنع والهداية والطوسي في الاستبصار والتهذيب وابن حمزة في الوسيلة واستدل له برواية أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((في الشفة السفلى ستة آلاف درهم، وفي العليا أربعة آلاف ، لان السفلى تمسك الماء))[7] والرواية عللت الحكم لان السفلى تمسك الماء، والظاهر ان المفيد اتى بالتعليل من هذه الرواية

وذكر المحقق في الشرايع والعلامة في التحرير ان هذا القول موجود في كتاب ظريف القول الثالث: ان في العليا نصف الدية في السفلى ثلثا الدية وهو المحكي عن ابن الجنيد واستدل له بما في كتاب ظريف القول الرابع: انهما بالسوية ففي كل واحدة نصف الدية ونسب الى ابن ابي عقيل واختاره المحقق في الشرايع والنافع والعلامة في جملة من كتبه

واستدل له بموثقة سماعة ((مثله وزاد : وإذا قطع طرفا منها قيمة عدل ، والعين الواحدة نصف الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية كاملة ، وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة ، والشفتان العليا والسفلى سواء في الدية))[8]

وظاهرها انهما متساويتان في مقدار الدية، وهي معتبرة سنداً واستدل له بالعمومات المتقدمة ففي صحيحة هشام بن سالم كل ما كان في الانسان اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية

وصحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية))[9]

ويمكن الاستدلال بصحيحة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((في اليد نصف الدية ، وفي اليدين جميعا الدية ، وفي الرجلين كذلك ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق ذلك الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي العينين الدية ، وفى إحداهما نصف الدية))[10] وفي سندها القاسم بن عروة وهو وان لم ينص على وثاقته ولكن قلنا بوثاقته باعتبار رواية بعض المشايخ الذين لا يروون الا عن ثقة عنه

اذا ارجعنا قوله ((وفي احداهما نصف الدية)) الى الشفتين والعينين يمكن الاستدلال بالرواية في محل الكلام، نعم اذا قلنا باختصاص هذه العبارة (وفي احدهما نصف الدية) بالعينين لا يمكن الاستدلال بالرواية في محل الكلام ولكن يمكن التأمل في هذه الادلة جميعاً اما ما استدل به للقول الاول فالتأمل فيه واضح فلا يمكن الاعتماد عليه لاثبات الحكم الشرعي فإن هذا التعليل اذا تم يثبت ان بينها وبين العليا فرق ولكن لا يثبت ان العليا فيها ثلث والسفلى فيها ثلثان على ان هذا التعليل اساساً هو استحسان منه لا يمكن به اثبات الحكم الشرعي واما استدل به للقول الثاني فاما رواية ابان بن تغلب ففيها ابو جميلة المعروف بالضعف وهو موجود في كل طرق الرواية ومن هنا تكون الرواية ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها واما ما ذكره المحقق والعلامة من ان هذا القول موجود في كتاب ظريف فالظاهر انه اشتباه لأن الموجود فيه هو القول الثالث لا القول الثاني

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص297، أبواب ديات الاعضاء، باب7، ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص351، أبواب ديات الاعضاء، باب43، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص351، أبواب ديات الاعضاء، باب43، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص287، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح12، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح4، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح2، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص295، أبواب ديات الاعضاء، باب5، ح2، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص287، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح10، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص283، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح1، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح6، ط آل البيت.