الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الانف

(مسألة 283): في دية قطع إحدى المنخرين خلاف، قيل: إنّها نصف الدية، وقيل: ربع الدية، والصحيح: أنّها ثلث الدية (1)

الرابع: الأُذنان‌، وفيهما الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية (2) و في بعضهما بحساب ذلك (3)، وفي شحمة الأُذن ثلث ديتها

    1. كان الكلام في دية قطع احدى المنخرين، وذكرنا ما استدل به على انها نصف الدية وناقشنا الادلة

القول الثاني: ان فيها ربع الدية وذهب اليه الحلبي في الكافي والكيدري في اصباح الشيعة وابن زهرة في الغنية على ما حكي عنهم، وما استدل له بدليل واضح سوى ما ذكره الشهيد في غاية المراد بأن المارن الذي فيه الدية كاملة له اربعة اجزاء المنخران والحاجز والروثة فتقسط عليها الدية فيكون للمنخر الواحد ربع الدية، مضافاً الى اصالة البراءة عن الزائد اي ما زاد على الربع

وتقدم ان قاعدة التقسيط غير ثابتة فلا يتم هذا القول لعدم وجود ما يدل عليه، نعم البراءة جيدة لكن حينما لا يكون دليل على ما زاد على الربع

القول الثالث: ان فيه ثلث الدية وهو القول المشهور كما في المسالك وفي مجمع البرهان وكشف اللثام، ويستدل له مضافاً الى الاصل بقاعدة التقسيط باعتبار ان الانف يشتمل على المنخرين والحاجز فتقسم الدية اثلاثاً، وتقدمت مناقشة هذين الدليلين

واستدل له بمعتبرة غياث التي يرويها الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محمد بن يحيى، عن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم‌السلام) ((أنه قضى في شحمة الاذن بثلث دية الاذن ، وفي الاصبع الزائدة ثلث دية الاصبع ، وفي كل جانب من الانف ثلث دية الانف))[1]

ورواية الشيخ الطوسي عن يوسف بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي عن أبيه، عن جعفر ، عن أبيه (عليهم‌‌السلام) ((أنه جعل في السن السوداء ثلث ديتها ، وفي العين القائمة إذا طمست ثلث ديتها ، وفي شحمة الاذن ثلث ديتها ، وفي الرجل العرجاء ثلث ديتها ، وفي خشاش الانف كل واحد ثلث الدية))[2]

اما الرواية الاولى ففي سندها حسب نقل الوسائل الحسن بن محمد بن يحيى وهو في هذه الطبقة بحيث يروي عنه العباس بن معروف وهو يروي عن غياث مجهولوالظاهر ان الاشكال من هذه الجهة محلول لان الموجود في التهذيب المطبوع هو ان بين العباس بن معروف وبين غياث واسطتان فيكون السند هكذا (عن العباس بن معروف ، عن الحسن عن محمد بن يحيى، عن غياث)فلفظة ابن مصحفة (عن)، وبطبيعة الحال هو موجود في بعض النسخ الخطية للتهذيب لان المطبوع مأخوذ من نسخ خطية والظاهر ان هذا هو الصحيح باعتبار انه لا وجود لشخص في هذه الطبقة بعنوان الحسن بن محمد بن يحيى وهناك روايات عديدة يروي فيها محمد بن يحيى وهو الخزاز الثقة المعروف عن غياث بل هو راوي كتاب غياث واما العباس بن معروف فهو يروي عن الحسن بن محبوب وعن الحسن بن علي بن فضال والحسن بن محمد الحضرمي ولا يوجد رواية يروي فيها عن الحسن بن محمد بن يحيى غير هذه الرواية، بل في مشتركات الكاظمي ذكر انه يعرف الحسن بانه ابن محبوب اذا روى عنه العباس بن معروف ومن هنا يظهر ان الظاهر صحة ما في التهذيب المطبوع وبناء على ذلك يكون السند صحيحاً من هذه الجهة واما غياث ففيه كلام فلدينا غياث بن ابراهيم الاسدي التميمي وهو منصوص على وثاقته ونص بعض الرجاليين بانه بتري، ومن هنا نشأ احتمال التعدد فإن غياث بن ابراهيم المنصوص على وثاقته نصوا على انه تميمي اسدي وهو غير البتري الذي حين ترجموه لم ينصوا على وثاقته ولم ينصوا على انه اسدي تميميوهناك غياث بن كلوب في نفس الطبقة وهو ثقة وما يقال في المقام انه يمكن تشخيص غياث في المقام انه التميمي الاسدي المنصوص على وثاقته بقرينة رواية محمد بن يحيى الخزاز عنه ولكن الظاهر ان الامر يحتاج الى تامل اكثر من هذا فينبغي التحديد اساس انه هل هناك تعدد او لا وان غياث بن ابراهيم واحد وهو منصوص على وثاقته وليكن بترياًومن هنا اذا تم انه غياث بن ابراهيم فالرواية تامة سنداً وهي تدل على ان في احد المنخرين ثلث الدية ويؤيد ذلك رواية العبدلي لانها ضعيفة السند بيوسف بن الحارث المجهول ومحمد بن عبد الرحمن العرزمي فلم تثبت وثاقته وخشاش الانف حسب ما يقول في الجواهر عويد يجعل في انف البعير يشد به الزمام وكان المراد محل الخشاش تسمية للمحل باسم الحال ويحتمل الحشاش باهمال الحاء ويراد به الجانب وفي الجواهر بعد ان ذكر هذين الاحتمالين قال وعلى كل حال هي ظاهرة في المطلوب لان المراد به هو منخر الانف فتدل على المطلوب لكنها ضعيفة سنداًومنه يظهر ان القول الثالث هو الصحيح كما ذهب اليه السيد الماتن الظاهر انه لا خلاف في ذلك وفي الجواهر الاجماع بقسميه عليه ويستدل له بالروايات العامة المتقدمة الدالة على ان كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية

ويستدل له ايضا بالروايات الخاصة مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في الرجل يكسر ظهره ، قال : ((فيه الدية كاملة ، وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وفي الاذنين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية وفي الشفتين الدية))[3]

وموثقة سماعة عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((في الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها ، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل ، وفي الانف إذا قطع الدية كاملة ، وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة ، وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة ، وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة))[4]

وموثقة سماعة قال : سألته عن اليد ، قال : ((نصف الدية ، وفي الاذن نصف من الدية إذا قطعها أصلها))[5]

وهناك روايات اخرى قد يكون سندها ليس تاماً كما في رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((إذا قطع الانف من المارن ففيه الدية تامة ، وفي أسنان الرجل الدية تامة ، وفي اذنيه الدية كاملة ، والرجلان والعينان بتلك المنزلة))[6] ففيها محمد بن سنان، وقلنا بان التقسيط ليس واضحاً وان كان هو اوضح منه في قضية المارن لان الاجزاء هناك مختلفة الحاجز والمنخرين والروثة وهنا الاذنان متشابهان

فاذا قطع ثلث الاذن ففيه ثلث دية الاذن الواحدة واذا قطع الخمس ففيه خمس دية الاذن وهكذا

ولكن الظاهر انه هنا لا بد ان نستثني الشحمة لان فيها مقدر كما سياتي ، والظاهر ان الحكم لا خلاف فيه ويستدل له بالرواية التي تروي قضاء امير المؤمنين (عليه السلام) والتي يعبر عنها بكتاب الفرائض التي ذكرناها سابقاً فان هذا المعنى موجود في ما يرويه الشيخ الكليني من الرواية ((في الاذنين اذا قطعت احداهما فديتها خمسمائة دينار وما قطع منها فبحساب ذلك))[7] والمقصود من الاسناد الاول قد يقال بالاسناد المذكور في الحديث الخامس الذي قبله فكانها رواية لمسمع بالسند السابق ومن هنا ذكر في بعض الكلمات انها رواية مسمع

وفي المقابل يوجد احتمال ان المراد بالاسناد الاول هو اسناد الرواية الاولى في الباب وفي باب الشفتين حين يقول بالاسناد الاول من الواضح انه يقصد اسناد الحديث الاول المتقدم فالظاهر ان المقصود بالاسناد الاول هو اسناد الحديث الاول المذكور قبل ذلك ثم يقول في باب الترقوة رجع الى الاسناد الاول فهو بعد ان يذكر احاديث متعددة يرجع الى الاسناد الاول الذي ينقل كتاب الفرائض فالظاهر ان المقصود هو الاسناد الاول ومن هنا يمكن الاعتماد على هذا النص المذكور فتكون الرواية تامة سنداً

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص351، أبواب ديات الاعضاء، باب43، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص351، أبواب ديات الاعضاء، باب34، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح4، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح9، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح8، ط آل البيت.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص333.