الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الانف

الثالث: الأنف إذا استؤصل الأنف أو قطع مارنه ففيه الدية كاملة و في قطع روثته نصف ديته (1)(مسألة 283): في دية قطع إحدى المنخرين خلاف، قيل: إنّها نصف الدية، وقيل: ربع الدية، والصحيح: أنّها ثلث الدية (2)

    1. كان الكلام في قطع روثة الانف وذكر السيد الماتن ان فيه نصف الدية وهذا هو القول المشهور على ما قيل، نعم خالف الشهيدان في ذلك وتبعهم المحقق الكركي فذهبوا الى ان فيها ثلث الدية

وذكرنا انه استدل لقول المشهور بالرواية المروية في التهذيب والكافي والفقيه

في الكافي: ((الْأَنْفُ : فَإِنْ قُطِعَ رَوْثَةُ الْأَنْفِ ـ وَهِيَ طَرَفُهُ فَدِيَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ))[1]

وفي الفقيه (عرضت هذه الرواية على ابي عبد الله (عليه السلام).... ((وان قطعت روثة الانف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية))[2]

وفي التهذيب ((فان قطعت روثة الانف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية))[3]

القول الثاني: ان فيها ثلث الدية وهو قول الشهيدين والمحقق الكركي، واستدل له بالاصل فاذا وصلت النوبة الى الشك وشككنا ان الثابت هو الثلث او النصف ينفى الزائد بالاصل

واستدل له بالقاعدة وهي تقسيط الدية على اجزاء العضو فاذا كان العضو ثلاثة اجزاء تقسط الدية على الاجزاء ويكون في كل جزء ثلث الدية وتقدم ان المارن الذي دل الدليل على ان فيه الدية كاملة يشتمل على الروثة والمنخرين فتقسط الدية على اجزائه الثلاثة ويكون للروثة الثلث وطبق الشهيد الثاني في الروضة القاعدة على الانف فذكر بان الانف الموجب للدية يشتمل على حاجز ومنخرين والحاجز هو الروثة فتقسم الدية على هذه الثلاثة فيكون للحاجز ثلث الدية، ومن هنا يظهر بان الاخير مبني على تفسير الروثة بالحاجز بين المنخرين والذي قبله مبني على تفسير الروثة بطرف الانف ويلاحظ على ما استدل به للقول الثاني اما القاعدة فالظاهر ان هذه القاعدة ليست ثابتة بدليل فمجرد ثبوت الدية في المارن لا يقتضي تقسيمها على اجزاءه والا لاتفق الفقهاء على ان في احد المنخرين الثلث بينما هم لم يتفقوا على ذلك ووقع بينهم الخلاف فيههذا اذا سلمنا بان المارن يشتمل على ثلاثة اجزاء واما اذا قلنا بانه يشتمل على اربعة اجزاء -كما ادعاه بعضهم- وهي الروثة والحاجز والمنخرين فينبغي ان يكون في الروثة ربع الديةومن هنا يظهر ان الصحيح هو ما ذهب اليه المشهور من ان الثابت نصف الدية استناداً الى الرواية نعم هناك اختلاف في كلمات الاصحاب في تحديد المراد من الروثة فقد فسرها بعضهم بالحاجز بين المنخرين كما عن المحقق في الشرايع والعلامة ويحيى بن سعيد وفسرها الصدوق في الفقيه بقوله (الروثة من الانف مجمع مارنه) ، وفي كنز الفوائد للكراجكي وايضاح الفوائد انها مجمع المارن والانف، وفي الكافي ذكر عندما نقل الرواية (فان قطع روثة الانف وهي طرفه) فهي مفسرة بطرف الانف وهو غير الحاجز بين المنخرين اما اهل اللغة ففي العين فسرها بطرف الارنبة حيث يقطر الرعاف، وفي الصحاح عرفها بانها طرف الارنبة وقال يقال فلان يضرب بلسانه طرف انفه، فجعلها طرف الارنبة لا انها الارنبة، وفي نهاية ابن الاثير هي طرف الانف من مقدمه وهي الارنبة، فجعلها الارنبة

وعلى كلا التقديرين -سواء كانت هي الارنبة او طرف الارنبة- ليست هي الحاجز بين المنخرين وهذا يقارب ما في الكافي

فان كان التفسير في الكافي من الرواية -كما هو غير بعيد وفهمه بعضهم- يتعين العمل به ولا بد من البناء على ان الروثة هي طرف الانف خصوصاً مع موافقته لما ذكره اهل اللغة، بل الامر كذلك حتى اذا لم يكن من الرواية بان اضافها الكليني للتوضيح او من احد الرواة لما عرفت من انه المعنى اللغوي للروثة مؤيداً بتفسيره بذلك من احد الرواة او من الشيخ الكليني (قده)واما تفسير الروثة بالحاجز بين المنخرين فلا اساس له من اللغة، واعترف في كشف اللثام بانه لا اعرف لهم موافقاً من اهل اللغة، بل يظهر عدم صحة هذا التفسير من نفس الرواية المتقدمة لانه قال (وان كانت نافذة في احدى المنخرين الى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية روثة الانف) ويفهم منها ان الحاجز بين المنخرين غير روثة الانف فتفسير روثة الانف بانها الحاجز بين المنخرين خلاف ظاهر هذه الرواية خصوصاً انه يقول ان دية الحاجز بين المنخرين عشر دية روثة الانف، هذا بناء على ان الخيشوم هو الحاجز بين المنخرين والظاهر ان هذا ثابت وهذا يقرب ان تفسير روثة الانف في بدايتها بانها طرفه الظاهر انه من الرواية واما ما في الفقيه من انها مجمع المارن فيمكن ان يكون موافقاً لما ذكره اهل اللغة وما ذكره في الكافي بان يراد به راس المارن فيبدو ان الاصح هو تفسير الروثة بانها طرف الانف كما هو موجود في الرواية

2- القول الاول انها نصف الدية وهو منقول عن الشيخ الطوسي في المبسوط وابن حمزة وابن ادريس في السرائر والعلامة في الارشاد والتحرير

واستدل عليه في المبسوط والسرائر بان فيه ذهاب نصف الجمال والمنفعة ففيه نصف الدية وبعضهم ايد ذلك بتطبيق قاعدة ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية وفي احدهما نصف الدية في المقامويلاحظ عليه اما ما ذكره في المبسوط فهو اشبه بالاستحسان واعمال الذوق في الاستدلال خصوصاً اذا التفتنا الى انه في قطع احد المنخرين اذهاب لكل الجمال لا نصف الجمال وعلى كل حال لا دليل على ان العضو اذا كان فيه الدية كاملة ففي نصفه اذا كان يذهب نصف الجمال والمنفعة نصف الدية

ويلاحظ على ما ذكره من التأييد بتطبيق القاعدة ان تطبيقها في المقام ليس صحيحاً لان الانسان له عضو واحد وهو الانف وفيه الدية تامة ولا يوجد منه اثنان فالقاعدة لا تنطبق في محل الكلام

القول الثاني: فيه ربع الدية واختاره جماعة منهم السيد ابن زهرة ولا دليل واضح عليه الا بناء على ما اشرنا اليه من ان الانف يشتمل على اربعة اجزاء المنخران والمارن والقصبة فالدية الثابتة في الانف تقسط على هذه الاجزاء وهذا الدليل كما عرفت ليس تاماً

القول الثالث: ان فيه ثلث الدية


[1] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج14، ص434.
[2] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص81.
[3] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص298.